أحراج لبنان “ورشة تحطيب ماشية”: الأشجار المعمّرة للبيع والاستعمالات متعدّدة


2022-11-29    |   

أحراج لبنان “ورشة تحطيب ماشية”: الأشجار المعمّرة للبيع والاستعمالات متعدّدة
غابة المورغان في القبيات

اتصل ابن إحدى العشائر في جرود الهرمل، م.ع. (53 عاماً) بابن عمه وقال له “رح بيع بيتي وفل من المنطقة”. يُعتبر الرحيل عن منطقة العشيرة، في الأعراف العشائرية، من الكبائر، وهو أحد تعابير الاحتجاجات العلنية عن تصرّفات غير مقبولة، ويسجّل نقطة سلبية في ملعب مسبّبي هذا الرحيل. كان م.ع. يعترض، عبر تبليغ أبناء عمومته في العشيرة نيّته بالرحيل، على قطع اللزاب والسنديان والأرز المعمّر في أحراج منطقة العشيرة في جرود الهرمل. استنفر ابن عم م.ع. وتدخّل لدى أخوته لوقف قطع الأشجار قائلاً لهم “جرصتونا بين أولاد عمنا، أنا بشتري لكم مازوت، وقفوا قطع اللزاب، هودي الشجرات من إيام جدودنا وما قطعوهن بدهن آلاف السنين ليرجعوا يكبروا”.

حبل قطع ما تبقى من أشجار لبنان فالت على غاربه من دون حسيب أو رقيب ليس فقط للتدفئة بل لبيع الحطب في وقت يراوح فيه سعر طن السنديان وطبعاً اللزّاب والأرز وكلها أشجار معمّرة ممنوع قطعها في القانون ما بين 200 و250 دولاراً، في أسوأ أزمة تشهدها البلاد، وفيما لامس سعر صفيحة المازوت التي يمكن أن تُفدي الأحراج، مليون ليرة.

الهجوم على أحراج لبنان يعمّ كل المناطق اللبنانية من دون استثناء، ويأتي على خلفية انهيار سعر صرف الليرة في مقابل الدولار الأميركي، وفقدان رواتب الموظفين أكثر من 90% من قيمتها، وعجز الغالبية العظمى من سكان الأرياف والجبال عن تدفئة عائلاتهم وتحمّل كلفة شراء المازوت. ومن أبرز مؤشرات توجّه الناس نحو الحطب ارتفاع مبيعات مواقده، حيث أبلغ أحد أصحاب المعامل “المفكرة” أنّ 80% من نسبة مبيعاته هذا العام كانت لصالح مواقد الحطب على حساب مواقد المازوت. كل ذلك تزامناً مع ضعف مؤسسات الدولة والهيئات الرقابية ومعها الأجهزة الأمنية ودور مأموري الأحراج الذين، غير إمكانية شراء ذمم البعض من بينهم، كما بعض عناصر القوى الأمنية، لا تتوفر لهم في معظم مراكزهم سيارات صالحة للسير ولا حتى ثمن الوقود اللازم.

غابات عكار ورشة حقيقية ولا من يوقف المعتدين

والنتيجة مجزرة بيئية حقيقية تتعرّض لها غابات وأحراج لبنان من تعدّياتٍ وقطعٍ وتشحيلٍ عشوائي، إذ لم يعد الحطب وسيلة للتدفئة فقط، بل تعزز الاعتماد عليه في الاستعمالات المنزلية الأخرى كالطبخ والغسيل وتسخين مياه الاستحمام (حوّل معظم سكان الجبال قازانات تسخين المياه من الكهرباء إلى الحطب) وغيرها. كما صار التحطيب مهنة من لا مهنة له، ومهنة من لا يكفيه مردود مهنته، حتى أنّ “المفكرة” عاينت في مناطق عدة عناصر من العسكر (جيش وقوى أمن وأمن عام وأمن دولة) يمتهنون قطع الحطب بعد دواماتهم لبيعه وتأمين دخل إضافي، وعليه، من يراقب من؟ ومن ينظم محاضر مخالفات بمن؟ وبالتالي انضم إلى كبار تجّار الحطب، تجّار صغار رمتهم أزمة البلاد في حضن مخالفة القوانين التي من المفترض أن يسهروا على تطبيقها.

وقد عكست المقابلات التي أجرتها “المفكرة” مع سكان وخبراء بيئين ورؤساء بلديات وحرّاس أحراج وغيرهم، أن غابات وأحراج لبنان تحوّلت من مساحات بعضها “محمي” إلى “ورش قطع” حقيقيةٍ، تعجّ بالعمّال وتجّار الحطب والكميونات وغالبيته العظمى مخالف للقوانين. حتى عند الاستحصال على رخصة تشحيل، فإن الأمر يتحوّل إلى تجاوز الرخصة والتمدّد خارج المنطقة المرخصة وعدم مراعاة التشحيل البيئي الذي يؤمن عودة الحرج للتفريخ والتجدد.

كل هذا يشكل خطراً على الثروة الحرجية وانحسار المساحة الخضراء التي كانت تتراوح بين 13% غابات و11% “أراضي حرجية أخرى” بحسب مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة، شادي مهنا، ولم يتمّ رصد مدى انحسارها الإضافي بعد. وإذا كان تأمين مواد التدفئة من الأولويات (في ظلّ الظروف الراهنة)، إلّا أنّ الضريبة (البيئية والصحية والخطر على السلامة العامة) التي سيدفعها المواطنون أنفسهم، ستكون تكلفتها أعلى، من حيث دور الغابات في منع انجراف التربة وتخزين المياه الجوفية وغيرها، بحسب ما صرّح  الخبير البيئي ناجي قديح لـ”المفكرة”. واللافت أنّ هذه الجرائم البيئية تحدث على مرأى ومسمع من الجهات الرقابية كافة العاجزة عن ضبط التعديات.

وبحسب مهنا سُجّلت أبرز التعديات في قضائي عكار والهرمل، حيث تجاوزت 20% في أحراج وغابات عكار، الغنية بالشوح والعذر والأرز. أما في الهرمل فرُصد في جرودها حالات قطعٍ لعشرات أشجار اللزاب المعمّرة. وفي محمية وادي الحجير قطعت أكثر من 20  شجرة سنديان.

وتعود مسؤولية حماية الأحراج بشكلٍ رئيسي إلى وزارة الزراعة، حيث يتقدّم المواطنون من مراكز الوزارة المنتشرة في المناطق بطلبات للحصول على تراخيص تشحيل. يتمّ بعدها تكليف حرّاس الأحراج بإجراء عمليات الكشف والمراقبة وتسطير المخالفات وتحويلها إلى النيابة العامة. وتؤدّي البلديات واللجان الإدارية للمحميات المعيّنة من قبل وزارة البيئة دوراً مسانداً عبر تعيين نواطير من قبلها، إلّا أنّه وبحسب مهنّا فإنّ وزارة الزراعة تعاني من نقصٍ في عدد مأموري الأحراج حيث لا يتجاوز 140 حارساً فيما الوزارة تحتاج إلى أكثر من 330 مأموراً للقيام بالواجبات المنوطة. ويأتي إضراب القضاة ليزيد الطين بلّة ويؤخر من محاكمة المخالفين الذين يستمرون بمخالفاتهم من دون محاسبة.

كذلك يواجه حراس الأحراج عقبات لوجستية للقيام بوظائفهم، فمعظم آليات المراكز إما معطلة وإما بسبب عدم توفر الوقود، ما يحول دون قيامهم بأعمالهم الرقابية، وبحسب أحد حراس الأحراش فغالباً ما تتدخل الجهات السياسية والعشائرية والعائلية بمنع تغريم المخالفين ما يساهم في إضعاف هيبة حراس الأحراج، وإمعان المخالفين في اعتداءاتهم.

وبحسب مهنا فقد بلغ عدد طلبات التراخيص للعام 2022 حوالي 1422 طلباً، في حين تمّ تسطير أكثر من 1000 مخالفة في العام 2022. ولم تتوفّر أرقام العام الماضي للمقارنة، علماً أنّ المخالفات هي أقلّ بكثير ممّا يرتكب بحق الأحراج والغابات حسب المعلومات التي جمعتها “المفكرة”.

قتل الغابات

تجدون أدناه جدولا للعناوين (يمكنكم التوجّه مباشرةً إلى العنوان الذي تريدون قراءته من خلال الضغط عليه).

العناوين
الناس تقاوم “البرد” بالفأس “الحطب أولى من المازوت”
 80% من مبيعات محلّات وسائل التدفئة لمواقد الحطب 
تعدّيات عابرة للمناطق: الحاجة واحدة والأزمة عالجميع
.. والتداعيات كارثية على البيئة 
هيئات رقابية بلا موظفين ولا وقود للآليات
ناقلو الحطب كيف يتخطّون الحواجز الأمنية؟
القوانين التي ترعى تنظيم الأحراج كثيرة وكلّها ضُربت عرض الحائط   

الناس تقاوم “البرد” بالفأس “الحطب أولى من المازوت”

أسقطت الأزمة جميع المحظورات، فتجرأ المزارعون على قطع أشجار بساتينهم “العزيزة” والتي لطالما كان المسّ بها بمثابة “ارتكاب الفاحشة”، واعتدى المواطنون والعساكر ورجال الأمن وبعض موظفي الدولة وطبعاً العاطلين عن العمل على الغابات والأحراج طمعاً بالدفء من جهة وإيجاد مدخول عبر بيع الحطب من جهة ثانية.

تقول زينب  لـ”المفكرة” من إحدى قرى قضاء مرجعيون إنّها اضطرت لقطع بستان من الأشجار المثمرة الذي زرعه والدها، بهدف تأمين مورد إضافي لها هذا العام، “كنت آخذة عهد إنّه ما إقطع ولا شجرة لأنهم ذكرى من بيّي، بس حتى الشجر بده ميزانية للاعتناء فيه من هيك فضلت اقطعه واستفيد بمصرياته، شو رح ينفعوني إذا متت من البرد والجوع”.

ويعرض علي من إحدى قرى قضاء بعلبك على فيسبوك بشكلٍ علني أشجار سنديانٍ للبيع، ويوكل للمشتري مهمة قطعها وتحميلها، وقد أكد في اتصالٍ مع “المفكرة” أنه يقوم ببيع سنديانه لحاجته إلى المال، “شو بدي بالقوانين بدي دفّي أولادي”.

يعترف محمد من بلدة عرسال في حديثٍ مع “المفكرة”، أنّه قبل حوالي شهر أمّن حاجته من الحطب، حيث اتجه وأولاده نحو أحد الأحراج وقطعوا وخزّنوا حوالي 5 أطنان من الحطب هي حاجته لفصل الشتاء. ويضيف “الخمسة طن حقهم 500 دولار يعني أكثر من 25 مليون، أي بيت اليوم قادر يأمّن هالمبلغ؟”، ويقرّ محمد بذنبه في التعدّي على الحرج إلاّ أنه يحمّل مؤسسات الدولة مسؤولية ما وصلت إليه البلاد.

 وإذا كان هؤلاء قد تمكنوا من تأمين حطبهم بأنفسهم، فهناك آلاف العائلات اضطرت إلى شراء الحطب بالملايين، بخاصة أنّ استعماله ما عاد محصوراً بالتدفئة، فكثير من العائلات باتت تستخدمه للطبخ والغسيل والاستحمام.

دفعت الأزمة الاقتصادية بمنال التي تقطن في أحد وديان الهرمل، هذا العام إلى تقليص مخزونها من الحطب، فرغم أنّ حاجتها من الحطب لفصل الشتاء تتجاوز أربعة أطنان، إلّا أنّ قدرتها الشرائية لن تسمح لها سوى بتخزين طنّين، ما سيحرمها وأطفالها من الدفء لساعاتٍ طوال، “السنة بدنا ندبّر حالنا بس بـ 2 طن وما بعرف كيف”. وغالباً ما كانت منال تعتمد على مدفأتين في المنزل (واحدة على الحطب والثانية على المازوت)، إلّا أنها هذا العام ستكتفي بموقد واحد على الحطب، فشراء المازوت بات مستحيلاً نظراً إلى عدم ثبات سعره وارتفاعه “المازوت سعره غالي ويمكن ينقطع الحطب كمان، الحطب مش رخيص بس بيدفّي أكثر وعمره بالصوبيا أطول”. وتحاول منال قدر المستطاع التحايل على الوضع والبرد، فهي لا تشعل الصوبيا إلا بوجود الأطفال في المنزل، أما عند ذهابهم إلى المدرسة فلا تزوّد الموقد بالحطب. وفي النهارات “المشمسة” تدفع بأطفالها للوقوف في الشمس لالتماس الدفء بدلاً من البقاء في المنزل واضطرارها لإشعال الموقد، “يعني لما يكون في شمس ما بدوّر الصوبيا، وأكثر شي بعتمد على الحرامات والملابس الثقيلة”.

أما ريما (60 عاماً) التي تسكن وشقيقتها من منطقة حاصبيا، فتعبّر في اتصالٍ مع “المفكرة” عن خوفها وقلقها من الشتاء الذي غالباً ما يكون قاسياً جداً في منطقتها، وهي عاجزة عن توفير الأموال للحطب كما المازوت، وقد حاولت خلال الصيف جاهدة لملمة بعض أغصان الشجر اليابس والقش. تقول إنّها ستعتمد الأغطية والحرامات آلية للتدفئة، وأنّها ستخلد إلى النوم باكراً وتظلّ في فراشها لأطول وقت ممكن في الصباح، وأنها ما زالت آملة أن تصلها بعض المساعدات من مواد التدفئة تعينها على هذا الفصل.

بدورها عائشة التي تقطن في بلدة الهبارية، فقررت ترك منزلها في شبعا والسكن مع ابنتها في بيروت لحين انتهاء فصل الشتاء، لعدم قدرتها على شراء الحطب أو المازوت “أنا أول مرة رح اترك بيتي بشبعا، لقينا إنّه الأوفر ترك المنزل”. وفاطمة أيضاً قررت هي وزوجها وهما من سكّان الهرمل عدم شراء المازوت هذا العام و”الرحيل” إلى بيروت على حد تعبيرها، “منبقى هالكم شهر عند الولاد، منوفّر حق المازوت”.

ورفعت الحاجة إلى الحطب من حجم التعديات على أرزاق الغير، فيقول حسن إن هناك من قام بقطع أشجار كرمه من الزيتون من أسفل جذعها وسرقتها. وعلى الرغم من معرفته بالفاعل، إلّا أنّه لم يتقدّم بشكوى بحقه كونه محسوب على جهةٍ سياسيةٍ نافذة، على حد قول حسن، وهذا ما حدث أيضاً مع أمين غانم من الهبارية، حيث قام أحدهم بالتعدّي على أرضه وقطع أكثر من سبع سنديانات خضراء من دون إذن أو ترخيص، وقد رفع غانم شكوى لدى النيابة العامة في حاصبيا.

يباع الحطب بالطن وأما بالمتر، وتختلف أسعاره سواء كان أخضر أو يابساً، إذ غالباً ما يزيد سعر الحطب الأخضر كونه أثقل من الحطب اليابس الذي يكون أخفّ. كما تختلف الأسعار بحسب نوع الشجر إذ يفضّل الناس حطب السنديان على غيره كونه يدفئ أكثر من غيره ويدوم اشتعاله لفترةٍ أطول. 

 80% من مبيعات محلّات وسائل التدفئة لمواقد الحطب 

من مؤشرات توجّه الناس نحو الحطب ارتفاع مبيعات مواقد الحطب. وبحسب أحمد الشامي صاحب مصنع الشامي للمدافئ، فإنّ 80% من نسبة مبيعاته هذا العام كانت لصالح مواقد الحطب على حساب مواقد المازوت، “السنة كان الطلب جنوني أكثر من السنة الماضية”. ويضيف أنّ أسعار الصوبيات تتراوح من 20 دولار (بدون فرن) إلى  100 دولار للموقد المزوّد بفرن، وهو الموقد الذي فضّلها الكثيرون بحسب الشامي رغم غلاء سعرها كونها متعددة الاستعمالات، “الناس رغم أن صوبيا لي فيها فرن غالية بس عم تشتريها بتقول بطبخ عليها وبوفّر غاز”.

ويؤكد صاحب أحد محطات المشتقات النفطية في منطقة مرجعيون، أنّ مبيع المازوت هذا العام سجّل تراجعاً بنسبة 90% عما كانت عليه في السنوات الماضية، “هالسنة مستوى بيع المازوت كثير خفيف، قبل كانت الناس أول الشتوية تشتري برميل أو برملين، اليوم لحد هلق ما في بيع”. وهذا ما يؤكده أيضاً أحد موزعي مشتقات النفط، الذي يقول لـ”المفكرة”، إنّه في السنوات الماضية كان يوزّع أكثر من 90 ألف ليتر من المازوت في الأسبوع الواحد، أما اليوم فلا تتعدى حمولته 10 آلاف ليتر، “بالشتاء أقل شي كنت انقل 3 نقلات مازوت بالأسبوع  كل نقلة فيها 30 الف ليتر”.

ويبلغ الفارق بين سعر طن الحطب متعدد الأنواع البالغ 150 دولاراً وبرميل المازوت سعة عشرة صفائح البالغ 220 دولاراً، 120 دولاراً تقريباً يعجز معظم الناس عن تأمينه. بالإضافة إلى ذلك يفضّل الناس الحطب لأنه يدفئ أكثر من المازوت ومدة اشتعاله أطول. ولكن في حسبةٍ أخرى (عدا عن الكلفة البيئية والصحية) فإنّ طنّ الحطب يحتاج، كي يصبح جاهزاً للاستعمال، إلى حوالي صفيحة مازوت بالحد الأدنى، فالمنشار يعمل على المازوت وآلية النقل على المازوت، كذلك الأمر بالنسبة لأداة قصّه ليصبح بحجم الموقد أو سخّان المياه.

الحطب المخزّن للشتاء في الجنوب

تعدّيات عابرة للمناطق: الحاجة واحدة والأزمة عالجميع

يقول الخبير الحرجي جون اسطفان إنّه عاين قضم أحراج أكثر من 25 قرية لبنانية، كان من مفترض العمل تنميتها مع بلدياتها “بس الناس سبقتنا.. الواقع المزري أقوى من أي سياسات”، علماً أنّ القانون رقم 1991/85 يمنع قطع الأشجار الحرجية المعمّرة مثل اللزاب والأرز والشوح وغيرها. وبحسب شادي مهنا سُجّلت أبرز التعدّيات في قضائي عكار والهرمل كما سُجّل قطع 25 شجرة سنديان في محمية وادي الحجير.

أ – غابات عكار أبرز الضحايا: نسبة التعديات 20%

يفيد رئيس بلدية عكار العتيقة محمد خليل، في اتصال مع “المفكرة”، أنّ التعديات طاولت أكثر من 20% من مساحة غابات عكار التي تمتد لأكثر من 40 كلم مربع، فالمخالفين يقومون بقطع اشجار “الشوح والأرز واللزاب” التي لطالما كانت محيدة، بحسب قوله. ويشير إلى أنّه على الرغم من تسطير عشرات الشكاوى بحق عدد من التجار “المعروفين” إلّا أنّهم ما زالوا طلقاء يواصلون ممارساتهم. ويضيف أنّ أكثر التعديات تحصل خلال الليل، معتبراً أنّ المشكلة الأساس هي في “هيبة الدولة”، “المعتدون معروفون بس مين بحاكمهم إذا ما في قضاء”.

أما رئيس بلدية فنيدق السابق، أحمد عبدو البعريني، فيعتبر في اتصال مع “المفكرة”، أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة أجبرت السكان على التعدّي على الأحراج بهدف تأمين التدفئة لعائلاتهم. “طن الحطب بيوصل لـ 4 مليون لي معاشو مليون كيف بدو يدفي أولادوه”، وأنه تم رصد تعديات على أشجار الأرز. وقد حاولت البلدية جهدها الحفاظ على الغابات المليئة بأشجار الأرز والشوح واللزاب واللبان والعفص والسنديان والعذر وهي أشجار نادرة، فقامت بتعيين النواطير ووضع نقاط حراسة ثابتة في الليل والنهار وتسكير جميع المخارج والمداخل المؤدية للغابات. ولكن بقي من كانوا يدخلون خفيةً سيراً على الأقدام وينقلون الحطب فوق رؤوسهم وعلى أكتافهم.

وكانت غابات عكار قد تعرّضت العام الفائت لحريقٍ قضى على حوالي 3000 هكتاراً من غابات القموعة ومشمش وتكريت والقبيات، بحسب البعريني. ونتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، غضت البلدية والجهات المعنية الطرف عن سكان منطقة القبيات (6 آلاف وحدة سكنية)، الذين اقتحموا الغابة وقاموا بجمع الحطب الناتج عن الحريق بهدف تأمين حاجتهم للشتاء. ويضيف البعريني أنّ البلدية كانت عاجزة عن الإشراف على العملية، ما حرم العديد من العائلات الفقيرة، بخاصة الأرامل والعجزة الذين لا يملكون قوّة بدنية للصعود إلى الأحراج وجمع الحطب ونقله، من الحصول على حصتهم من التدفئة من الملك العام. ويروي أحد تجار الحطب في القبيات أنّ البلدية لم تجر مناقصة لجمع الحطب المحروق إفساحاً للمجال أمام السكان لتأمين حاجاتهم، إلّا أنّ ما جرى كان عكس ذلك، فقد هجم التجار على الغابة وقطعوا الأشجار بشكلٍ عشوائي.

يشير الدكتور أنطوان ضاهر، رئيس مجلس البيئة -القبيات، بدوره إلى أنّ ما حدث في غابات عكار هو إجرام بحق الطبيعة، وأنّ تجّار الحطب غالبيتهم من القوى النافذة الذين ينفذون اعتداءاتهم على الطبيعة بقوّة السلاح، ويقومون بقطع جميع أنواع الأشجار. ويضيف أنّ الجهات الأمنية تتهرّب من القيام بواجباتها لجهة توقيف هؤلاء، “كل جهاز بديرها على الثاني وما منعرف مين مسؤوليته ملاحقة المخالفين وتوقيفهم”.

ويفيد ضاهر أنّهم تمكّنوا كجمعية ومأموري أحراج وبلديات، بعد الحريق، من حماية الغابات لمدة عامٍ كامل، وكان هناك مخطّط واضح لكيفية تنظيف الحرج وتشحيل الأشجار المحروقة على جنب الطرقات بطريقةٍ علمية وبدعم من قبل منظمة الأغذية العالمية WFP، حيث تدخل مجموعة صغيرة من المتخصّصين إلى الغابات لتشحيلها وتوزيع الحطب على المواطنين، إلّا أنّ التجار قاموا بتنفيذ هجمةٍ على الغابة، بالتواطؤ وغض الطرف من قبل البلديات والقوى الأمنية والجهات النافذة في المنطقة لأهداف انتخابية، ولم يكتفوا بقطع الشجر المحروق بل تعدّوا على الشجر الأخضر أيضاً، وقد تمكّن تجار الحطب من قطع كامل غابات القبيات المحروقة بنسبة 100%  و80% من  غابات عكار العتيقة وأكروم وعودين، ولم يسلم من فؤوسهم إلّا الأشجار البعيدة وصعبة المنال. ولم يتمكنوا بحسب ضاهر كمجلس بيئي وحراس أحراج من ضبط المسألة، “فاتت الآليات والكميونات على الغابات حلقوها حلق”. ويضيف ضاهر أنّ ما حصل هو جريمة ضد الطبيعة والإنسان على حد سواء، “نحن انتظرنا سنتين لأن ما بيسوى ينشال الشجر المحروق لأن إله دور كبير باعادة  إحياء الغابة”. ويفسّر أنه “كان يمكن للغابة أن تنمو من جديد خلال عشرة أعوام في حال تم ضبط المسألة، أما اليوم فيحتاج شجر الصنوبر والبطم إلى 20 عاماً تقريباً، الأشجار المحروقة تستقطب الحشرات التي بدورها تجذب الطيور الصغيرة لأكلها، كذلك تأتي الطيور الكبيرة للانقضاض على الصغيرة ما يعيد للمجالين النباتي والحيواني حياته ودوره الطبيعي في النمو، أما اليوم فهذه المساحة باتت عارية تماماً، عدا عن أن الأشجار تحمي المنازل والسكان من الريح العاصفة والبرد”.

القطع العشوائي

ب ـ لزاب الهرمل المعمّر للبيع

وبحزنٍ شديدٍ يروي أحد السكان الذين يعيشون في  جرد الهرمل، معاينة الجريمة البيئية التي يمارسها تجار الحطب بالتعدّي على أشجار “اللزاب المعمرة” والتي يعاقب عليها القانون، “أقل شجرة من شجرة اللزاب عمرها شي 3000 سنة، لتطوَل كم سنتم بدها شي 140 سنة”. ويضيف أنّ الكميونات تخرج من الجرد محملةً بالحطب ومنها اللزاب الأخضر، مناشداً البلديات للحد من هذه الكارثة البيئية. ويؤكد أنّ كثر من المعتدين يحصلون على أذونات التشحيل  من البلدية والمخاتير بشكل مخالفٍ للقانون الذي حصر التراخيص بوزارة الزراعة. وكانت عشيرة آل دندش قد أصدرت بياناً تحذّر من التعدّي على جرد العشيرة وقطع أشجاره.

ويفيد الخبير الحرجي جون اسطفان أنّ جرد عشيرة بيت جعفر في الهرمل قد لحق به الحريق العام الفائت وتمّ قطع اشجاره “جرد بيت جعفر انقصّ كله”.

كذلك يفيد أحد سكان مدينة الهرمل أنّه يمكن لَحظ حجم “الجريمة” عبر المقارنة بين الأراضي السورية المتاخمة التي تغزوها الأشجار، والأراضي اللبنانية التي نادراً ما تظهر فيها شجرةً.

ج ـ سنديانات محمية وادي الحجير حجبها الاحتلال وهزمتها الأزمة

التعديات طاولت أيضاً المحميات الطبيعية التي تشرف عليها لجان إدارية يتم تعيينها من قبل وزارة البيئة، ومنها محمية وادي الحجير السلوقي الطبيعية التي تمتد لأكثر من 21 كلم مربع، ويشكّل السنديان المعمرة نسبة 80% من أشجارها، إضافة إلى أشجار البطم، والغار، والخرّوب البري، والملول. ويفيد مدير المحمية أحمد زراقط في اتصالٍ مع “المفكرة”، أنّ الحرّاس (وعددهم على ثلاثة في حين أن المحمية تحتاج لأكثر من ستة حراس كحدٍ أدنى لتغطية 24 ساعة مراقبة) تمكنوا من معاينة عمليات قطع لأكثر من 20 شجرة سنديان، وأنّ الاعتداءات تحدث غالباً في ساعات المغيب أو عند الشروق، حين لا يوجد حراس. ويضيف أنّ المحمية تمتد لأكثر من 21 كلم بالتالي فإنّه من المستحيل لحارس واحد أن يتمكّن من ضبط عملية المراقبة.

يشار إلى أنّ معظم الأودية في محمية وادي الحجير تقع ضمن النطاق الأمني لحزب الله والتي يفترض أنّ الدخول إليها يقتصر على العناصر المفرغين، إلّا أنّ علي الزين المكلّف من قبل حزب الله متابعة الأحراج في مناطق مرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا يوضح لـ”المفكرة”، أنّ المعتدين يتسللون خفية إلى الحرج ويقطعون الشجر بحذر ” بينزلوا 2 بيقصّوا وبدقّوا للكميون، دغري بيحمّلوا وبيفلوا ما حدا بيلحّق يشوفهم”.

ويؤكد أنّ حزب الله يعتبر الثروة الحرجية جزءاً من الأمن القومي للمنطقة، وأنّ ما يحصل في الأحراج مخالف لقوانين المحمية.

الحطب للتدفئة في جرود جبيل

.. والتداعيات كارثية على البيئة 

وطبعاً لكلّ هذا القطع العشوائي أثر بيئي ينبئ بكوارث. ويشرح الخبير البيئي ناجي قديح، في اتصالٍ مع “المفكرة” أنّ ما يحصل هو بمثابة إعدام للثروة الحرجية، فللغابة دورها في استجلاب المطر وتؤدي جذورها دوراً مهماً في امتصاص المتساقطات وبالتالي تأمين تغذية أفضل للأحواض الجوفية.

من جهة ثانية تحافظ الأشجار على تماسك التربة وتمنعها من الانزلاق عند هطول الأمطار الغزيرة، وتقوم بتغذية التربة من خلال أوراقها المتساقطة التي تتحوّل إلى سماد. كما تشكل موئلاً أساسياً للتنوّع الحيوي النباتي والحيواني على حد سواء. كما تقوم بتنقية الهواء عبر توليد الأوكسجين وامتصاص الكربون. ويضيف أنّه “لما نتعدّى على الغابة بشكل غير منظّم منكون عم نعبث بالمنظومات الأخرى”.

وبالتالي فإنّ قطع الأشجار بهذا الشكل العشوائي يهدد الثروة الحيوانية والثروة المائية كما يهدد بحصول انجرافات للتربة ويقلّص الهطولات المطرية ومن شأنه أن يؤثر على جودة التربة.

جزء أجرد من غابة المرغان نتيجة الحرائق والقطع

هيئات رقابية بلا موظفين ولا وقود للآليات

 يدعو مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة، شادي مهنا، عبر “المفكرة” إلى دق ناقوس الخطر للحد من الفلتان والتعديات الحاصلة. ويعتبر أنّ صعوباتٍ عدة تواجه وزارة الزراعة أبرزها: النقص في عدد حراس الأحراج الذي لا يتجاوز 140 حارساً، فيما الحاجة لا تقل عن 360 حارساً. وبينما يتوجب تأمين 8 حراس كحد أدنى في كل مركز لتغطية دوام 24 ساعة طيلة سبعة أيام، يقتصر العدد في معظم المراكز على 3 عناصر أو عنصرين. ويفسّر أنّ التوظيف الجديد توقّف منذ العام 2000، وعلى الرغم من نجاح حوالي 106 حرّاس في امتحانات مجلس الخدمة المدنية في العام 2016 ، “إلّا أنّ رئيس الجمهورية السابق ميشال عون رفض توقيع مرسوم التوظيف في حينها بحجة وجود خلل في التوازن الطائفي”، بحسب مهنا. وهذا ما عبّر عنه الوزير جبران باسيل في سجالٍ مع وزير التربية في حينها مروان حمادة،  خلال جلسة مجلس الوزراء في تشرين الأول عام 2017. وبالتالي أجبرت الوزارة على إقفال تسعة مراكز من أصل 43 مركزاً منتشرة في كل لبنان.

من جهةٍ أخرى، ونتيجة الأزمة الإقتصادية، يقتصر تزويد كل مركز بحوالي ثلاث صفائح مازوت شهرياً فقط، يستخدمها الموظفون للتنقل بالآليات والقيام بعمليات المراقبة وكشف التعديات، هذا وتتعدى نسبة أعطال الآليات في المراكز 50%.

ويضيف مهنا أنّ المشكلة الأساس تكمن في الجسم القضائي فبعض المحاضر لم يتم البت بها رغم مرور عشرات السنين على تسطيرها. ويشدد على أهمية استقلالية القضاء إذ غالباً ما تلعب التدخلات السياسية دوراً في حماية المعتدين ما يضعف من هيبة حراس الأحراج. كذلك يشير مهنا إلى الخلل في الآلية المتبعة من القضاء لمحاسبة المعتدين، يتم استدعاء حراس الأحراج للمثول أمام القاضي والتحقيق معهم وطلب النشرة لهم، مثلهم مثل “المعتدين”، ما يضعف من هيبتهم  أمام المواطنين.

وصرّح أحد حرّاس الأحراش في أحد المناطق الأكثر عرضة للانتهاكات لـ “المفكرة”، أن التعديات في منطقتهم لا تعد ولا تحصى، وأن جميع عمليات التشحيل والقطع تتم بلا تراخيص، وأنهم كمركز عاجزين عن القيام بأعمال الرقابة بسبب تعطل آليتهم منذ العام 2019 ولم يجر تصليحها إلى اليوم، وأن الحارس يحتاج إلى ضبط المعتدي بالجرم المشهود كي يحق له تسطير المخالفة، وأضاف أن القوى الأمنية تهمل ملاحقة المعتدين وتوقيفهم في حال تم تبليغها، بسبب التدخلات العائلية والعشائرية والسياسية.

مركز رصد الحرائق التابع لمجلس البيئة في القبيات وتبدو جذوع الأشجار المحروقة والمقطوعة

ناقلو الحطب كيف يتخطّون الحواجز الأمنية؟

وإذا كان حرّاس الأحراج والبلديات عاجزين عن ضبط المعتدين بسبب العقبات التي ذُكِرت، فكيف يتمّ نقل أطنان من الحطب من منطقة إلى أخرى من دون توقيفها من قبل الجهات الأمنية والعسكرية؟ علماً أنّ القرار رقم 1/705 ينص “على نقل الأحطاب بموجب إجازات قانونية خاصة صادرة عن مركز الأحراج المختص، مرفقة بترخيص الإستثمار الصادر عن وزير الزراعة”. وفي اتصالٍ مع “المفكرة” يفيد أحد ناقلي الحطب أن توقيف الآليات ومصادرة الحطب نادر الحدوث، إذ غالباً ما يتمّ رشوة العناصر على الحواجز العسكرية بخاصة في ساعات الليل للسماح لهم بالتنقل.

لكن ناقل حطبٍ آخر يعبّر عن سخطه جراء مصادرة الجيش لحمولته على الرغم من حيازته الأوراق اللازمة على حد زعمه، ويضيف أنّ عناصر الجيش عند حاجز النقطة الرابعة في منطقة بعلبك أجبروه على تفريغ حمولته وكانت عبارة عن 18 طنّاً من حطب الليمون. ويشرح أنه على الرغم من أنّ معظم الحواجز تطلب الرخص، إلّا أن مسألة المصادرة غالباً ما تخضع لمزاجية العنصر أو الضابط، وأنّ ناقلي الحطب غالباً ما يتحاشون العبور على الحواجز فيسلكون طرقاً فرعية. 

القوانين التي ترعى تنظيم الأحراج كثيرة وكلّها ضُربت عرض الحائط   

كثيرة هي القوانين التي ترعى عملية تنظيم الأحراج، وينص قانون الغابات الصادر في العام 1949 ، على أنه “لا يرخص في قطع الشجر في غابات الدولة على مستوى الأرض إلا إذا اقتضى هذا الأمر ظرف قاهر، ويكون الترخيص في مثل هذه الحال بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء”.

كذلك تمنع المادة الأولى من القانون رقم 85 الصادر في العام 1991، والرامي إلى المحافظة على الثروة الحرجية والأحراج ” قطع واستثمار وتصنيع جميع الأشجار الصمغية من أنواع الصنوبر الجوي والصنوبر الحلبي وأرز لبنان واللزاب والشربين والسرو والشوح وسائر الأشجار الصمغية الاخرى الموجودة ضمن الاحراج ملك الدولة او ملك البلديات والقرى أو ملك الأفراد…..”.

وورد في القرار رقم 1/705 الصادر عن وزيرة الزراعة الأسبق حسين الحاج حسن بتاريخ 12-8-2012 والمتعلق “بتنظيم قطع الأشجار واستثمار الأحراج والغابات”، فإنّ عمليات قطع الأشجار الحرجية تحتاج إلى تراخيص من وزارة الزراعة وتتم وفق شروط محددة منها: “القطع بداعي تأهيل الأراضي الزراعية المتروكة أو رفع الضرر عن الأشجار المثمرة”، “القطع أو التشحيل بداعي إظهار حدود/ شق طرقات داخلية / وضع شقالت”، “قطع الأشجار الحرجية بداعي البناء المرخص”، “قطع الأشجار الحرجية بداعي مشاريع الأشغال العام”، “قطع الأشجار الحرجية بداعي الحفاظ على السلامة العامة”، “قطع الأشجار صادات الرياح”، وقطع الأشجار المحروقة”.

ويحتاج كل من يريد تشحيل أو قطع الأشجار حرجية أن يتقدم بطلب لوزارة الزراعة للحصول على ترخيص، حيث يقوم حراس الأحراج بالكشف على قطعة الأرض وتحديد عدد الأشجار وإعطاء الترخيص للمستثمر. ويحتاج ناقل الحطب أيضاً إلى ترخيص من قبل وزارة الزراعة، ولا يحق له نقل الحمولة دون حيازة رخصة القطع ورخصة النقل، تحت تهديد مصادرة الحمولة من قبل جميع حواجز القوى الأمنية والعسكرية.  كذلك يمنع قطع الأشجار ذات الساق الواحدة. وتمتد فترة التشحيل من “من 15 أيلول إلى 15 نيسان من كل عام ويتم استقبال طلبات التشحيل في مراكز الأحراج من تاريخ 1 تموز إلى 15 شباط من كل عام”.

أطلال الأشجار في جرود الهرمل

وبحسب الخبير الحرجي جو اصطفان، فإن الكثير من القوانين تحتاج إلى تعديل، كالقانون رقم /1991/85 الذي لم يلحظ “تطوّر الغابة”، فتزايد أعداد الأشجار وعدم قطعها يؤدي إلى تدهور وضع الغابة، فتتزاحم الأشجار الكثيرة النامية على مساحة الغابة وعلى موارد التربة ومصادر الغذاء، كذلك تصبح الغابة عرضة لمزيد من الحشرات ما يساهم في قتل الأشجار “الضعيفة” وتكاثر اليباس. وهذا ما يعرّض الغابة لخطر انتشار الحرائق والقضاء على الغابة بشكل أسرع. ويفيد اسطفان أنّ تزايد عدد الأشجار يحجب وصول ضوء الشمس إلى التربة، وبالتالي يحد من النمو الحيوي والنباتي فيها، وهو يعرقل من عمل الدفاع المدني. “في كثير غابات إذا شبّ فيها الحريق، الدفاع المدني ما بيقدر يوصلها قد ما صارت مشربكة على بعضها”، من هنا يشدد اسطفان على ضرورة تعديل القوانين والسماح للقطع ولكن طبعاً بطريقة منظمة. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

بيئة ومدينة ، تحقيقات ، أملاك عامة ، حقوق المستهلك ، لبنان ، مقالات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني