اعتمد قانون المخدرات الصادر في 1998 مبدأ “العلاج كبديل عن الملاحقة” بالنسبة الى المدمنين. فاذا تعهد المدمن بالعلاج، توقفت الملاحقة ضده مؤقتاً وأحاله القاضي الى “لجنة مكافحة الادمان” (وهي لجنة استحدثها القانون وأناط بها مهمة مواكبة المدمن في علاجه وصولا الى اصدار افادة بشفائه)، وتتوقف الملاحقة نهائيا عنه اذا ثابر على العلاج حتى شفائه بشهادة اللجنة المذكورة. وتاليا، وبدل أن تؤدي ملاحقة المدمن الى معاقبته وسجنه ووصم سجله العدلي بالادمان، فانها تؤدي الى تحريره من الادمان والى تجديد حظوظه في حياته الاجتماعية والاقتصادية. وللأسف، فإن هذه الأحكام قد بقيت حبرا على ورق لما يزيد عن 15 عاما، فالمدمن ما زال يعاقب بمعزل عن استعداده للعلاج، وذلك لوجود عائق أساسي مفاده أن وزارة الصحة لم تنشئ أو تعتمد مراكز للعلاج المجاني طوال هذه المدة. وقد أدى هذا العائق المادي الى عائق آخر مفاده تعطيل الآليات المنصوص عليها قانونا لتفعيل هذا الحق، وذلك تبعا لتعطيل لجنة مكافحة الادمان بحكم غياب مراكز العلاج المجانية. فأي علاج عساها تواكب في حال عدم وجود هكذا مراكز؟ وقد أدى كل ذلك الى وضع القاضي أمام مدمن يعلن عن ارادته بالعلاج من دون أن يكون العلاج متوفرا، أي في ما يشبه المأزق الضميري: فإما أن يوقف الملاحقة على أساس التعهد بالعلاج عملا بنص القانون وبروحيته، من دون أن يتلقى المدمن أي علاج؛ واما أن يعاقب المدمن دون ايلاء أي اعتبار لتعهده بالعلاج لغياب فرصه. وازاء ذلك، اجتهد بعض القضاة في سعيهم للتجاوب مع روحية القانون، فطور بعضهم أسس تعاون مع مراكز علاج غير حكومية في سبيل معالجة المدمنين الراغبين بذلك وهي أسس قد تصلح كتجارب أولية أي تنسيق لاحق بين لجنة مكافحة الادمان أو القضاء ومراكز العلاج (وهذا ما نتبينه من خلال التجربة بين القاضية نازك الخطيب ومركز سكون التي ننشرها أدناه). لكن، هذه التجارب بقيت غير كافية لتفعيل مبدأ العلاج كبديل عن المعاقبة بشكل كامل: فباستثناء القاضي المنفرد في البترونمنير سليمان، الذي أبطل الملاحقة تماما في حال التزام المدمن بتدابير العلاج (وهذا ما أشرنا اليه في ملحق العدد السابع)، فان غالبية القضاة اكتفوا بوقف تنفيذ العقوبة في هذه الحالات. بالمقابل، فان قضاة آخرين تعاملوا مع الادمان وكأنما لا خصوصية له بحجة أن الحكومة لم تفعل بعد الآليات القانونية المنصوص عليها فيه، وهم لا يزالون في هذا التوجه رغم اعلان وزارة العدل عن بدء تفعيل اللجنة. وفي موازاة ذلك، وتبعا لنشاط حقوقي مميز بدفع عدد من مراكز العلاج والمحامين، تؤكد وزارة العدل بدء تطبيق المبدأ المشار اليه أعلاه على صعيد النيابة العامة ابتداء من كانون الثاني/يناير 2013 مما يفرض متابعة ورصدا للتحقق من حسن نفاذ ذلك في مختلف النيابات العامة والمحاكم وان ظهرت مؤشرات على محدودية هذا الاجراء حتى اليوم (يراجع لجنة الإدمان فُعِلت.. ولم تُفعّل).
واذا علمنا أن مجموع المدمنين الذين يتم ملاحقتهم سنويا يقارب 2000 شخص، فان السؤال الأكثر بداهة يصبح: من يتحمل مسؤولية التنكر لحقوق آلاف من هؤلاء والامعان في تهميشهم من خلال وصم سجلاتهم العدلية أو أيضا تهجيرهم؟ وهل يكفي الحكومة التحجج بقصور موازنتها للتحرر من عبء هذه المسؤولية؟ قصة أخرى من قصص الحقوق الاجتماعية التي رفستها الحكومات المتعاقبة (المحرر).
القاضية نازك الخطيب تكتب عن تجربتها في ارساء تعاون بينها وبين مركز علاج، تجاوزا لتقاعس الدولة
كانت المحكمة تسعى، من خلال الأدوات والآليات القانونية التي يمكنها استعمالها، الى محاولة مساعدة المدمن وحثّه على العلاج. ولكنها وفي الحقيقة، تخبطت في العديد من الإجراءات التي لم تؤدِ الى النتيجة المرجوة بشكلٍ تام، ألا وهي الوصول الى معالجة المدمن وثبوت توقفه عن التعاطي. وقد ترواحت الإجراءات التي اتخذتها المحكمة بين اللجوء الى جمعيات غير حكومية متخصصة في موضوع معالجة الإدمان، والتي لم تتجاوب مع أي من طلبات المحكمة التي لا تملك أي سلطةٍ عليها، لا سيّما لجهة إعلامها عن وضع المدمن ومتابعة علاجه لديها، وصولاً الى إجراءات الفحوصات المخبرية التي كانت تكلّف المحكمة مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي بإجرائها بصورة فورية وفجائية تاركةً أمر العلاج النفسي وحتى الجسماني على عاتق المدمن نفسه.
ولأن هذه الإجراءات لم تكن تؤدي الى الغاية المرجوة وهي تأمين العلاج الى المدمن الذي يبدي اهتماما بذلك، سعت المحكمة الى اعتماد اجراءات بديلة سنعمد الى تفصيلها أدناه، وهو أمر ما كان ليتحقق لولا التعاون مع مراكز علاج غير حكومية جدية وجاهزة لمعالجة الأشخاص الذين تحيلهم المحكمة اليها. وفي هذا الاطار، وبمبادرتين شخصيتين نشأ التعاون بين المحكمة وأحد هذه المراكز (مركز “سكون”)، انطلاقا من قناعة مشتركة بينهما بأن مساعدة ومساندة الشخص المدمن على المخدرات على الصعيدين الصحي والقانوني هي الطريقة الأسلم من دون أدنى شك. ولكن تجربة التعاون هذه لم تكن بالأمر السهل أو البديهي حسبما نفصل أدناه.
المحور الأول: كيف يبني القاضي علاقة ثقة مع المدمن؟
غالبا ما يحال المدمن على المخدرات الى المحكمة موقوفا ليحاكم عما أسند إليه. ومن الممكن أن يكون قد صدر قرار بإخلاء سبيله أمام حضرة قاضي التحقيق وأحيل الى المحكمة حرا طليقا ليحاكم بموجب القرار الظني بجرم تعاطي المخدرات. وفي الحالتين، تحاول المحكمة بناء جسر من الثقة بينها وبين الشخص المدمن. فمن جهة أولى، يجب أن تثق المحكمة بأن المدعى عليه سيلتزم بالموجبات التي ستفرضها عليه. ومن جهة ثانية، يجب أن يثق المدمن بأن المحكمة سوف تعفيه من العقاب ولن تحكم عليه بالحبس أو بالغرامة إذا التزم بهذه الموجبات.
وبناء هذا الجسر من الثقة يمر بعدة مراحل تتلخص بالآتي:
المرحلة الأولى: قيام المحكمة باستجواب المدمن
سواء أكان موقوفا أو غير موقوف، يتم عموما استجواب المدمن في مكتب القاضي، وليس في قاعة المحاكمات، وذلك من أجل ايجاد جو من الخصوصية يمنح المدعى عليه شعورا بالمزيد من الأمان بعيدا عن سمع ونظر العامة، فيصبح أكثر قدرة على الكلام والتعبير عن ذاته وعن حالته. وهذا لا يعني بأن المحكمة تقوم بجلسة الاستجواب بصورة سرية، بحيث يبقى باب غرفة القاضي مفتوحا.
وفي سياق سياسة المحكمة ببناء جسر من الثقة بينها وبين المدعى عليه المدمن، يبدأ الاستجواب من خلال طرح أسئلة تتناول بعض الجوانب الشخصية من حياته مثل وضعه العائلي (هل هو متزوج أم لا؟ هل عنده أولاد؟ هل هو مسؤول عن اعالة أهله أو اخوته؟)، أو أيضا وضعه العلمي والمهني. وبعد طرح هذه الأسئلة على المدعى عليه، تنتقل المحكمة الى طرح الأسئلة المتصلة بإدمانه (كيف بدأ بالتعاطي؟ أين؟ بأي دافع؟ ما هو سبب إدمانه؟ لماذا استمر في التعاطي؟).
وهذه الأسئلة تمنح المحكمة معرفة أفضل بجوانب عن هوية الشخص الذي تتعامل معه.
المرحلة الثانية : قيام المحكمة بالتعاقد مع المدمن – عقد الثقة
بعد الانتهاء من الاستجواب، تقدم المحكمة للمدعى عليه عرضا للتعاقد معها: فهي تعرض عليه إجراء عقد، تطلق عليه تسمية “عقد الثقة” بينهما. وفي هذا الاطار، تبدأ المحكمة بمقدمة توضح فيها للمدعى عليه بأنها لا تهدف الى معاقبته بل لديها الرغبة والإرادة في مساعدته من خلال تأمين العلاج له. ولكن هذا الهدف لا يمكنها أن تصل إليه لوحدها، بل فقط في حال تجاوبه معها. فعليه:
-أن يبدي رغبة بالعلاج، اي أن تتجه إرادته نحو الإقلاع عن التعاطي والتوقف عن الإدمان.
-وأن يلتزم بتدابير العلاج التي ستفرضها عليه المحكمة ، لا سيّما اللجوء الى مركز سكون والخضوع لجميع تدابير العلاج الصحية والنفسية التي يفرضها عليه هذا المركز.
-وأن يتعهد امام المحكمة بعدم تكرار فعل التعاطي مرة أخرى.
في الكثير من الأحيان، يكون عقد الثقة المعقود بين المحكمة والمدمن هو عقد إذعان، لأن المدمن يكون في هذه الحالة عمليا مخيّرا ما بين العلاج وما بين تنفيذ العقوبة التي ستصدر بحقه، فيختار منطقيا العلاج.
ولكن حصل أن صرح أحد الموقوفين بعدم رغبته بالخضوع لأي نوع من أنواع العلاج. وكان هذا الشخص ملاحقا بعدة ملفات قضائية ومنها جرائم من نوع الجنايات، وكان سيبقى في السجن لمدة أطول من المدة القصوى لعقوبة الإدمان.
المرحلة الثالثة: سهر المحكمة على حسن تنفيذ عقد الثقة مع الشخص المدمن
في حال وافق المدعى عليه على إجراء عقد الثقة بينه وبين المحكمة، ووافق على اللجوء الى مركز العلاج للخضوع لتدابير العلاج، تقوم المحكمة بإجراءات خاصة (بالنسبة لباقي أنواع الملفات) من أجل السهر على حسن تنفيذ المدمن لهذه التدابير.
فهي تقوم بتأجيل موعد الجلسات لفترات تتراوح ما بين عشرين يوما وشهر على حد أقصى، وذلك بحسب حالة كل شخص وتطور حالة علاجه من الإدمان وسرعته والمدة التقريبية المتوقعة لعلاجه.
وتنعقد هذه الجلسات في مكتب المحكمة وتكون مخصصة للأمور التالية:
-تذكير المدمن على المخدرات بأن المحكمة تقوم بمراقبة علاجه، وهي وإن أحالته الى مركز سكون لتلقي العلاج، إلا أنه لا يزال لها دور أساسي في المراقبة والسهر على ملف علاجه.
-الاطلاع على التقارير الدورية المُرسلة من قبل مركز سكون الى المحكمة والتي من شأنها أن تعكس مدى التزام المدمن بتدابير العلاج المفروضة عليه.
-سماع المدمن وسماع وجهة نظره بشأن العلاج الذي يتلقاه والشكاوى من طريقة العلاج أو المركز، في حال وجودها. وهو أمر ضروري وأساسي، بحيث أن المحكمة تتصل بحضوره بالمركز وتنقل إلى العاملين فيه هذه الشكاوى، وهم بدورهم يحاولون إيجاد الحلول لها، وذلك بهدف الوصول الى علاج ناجح للمدمن.
ولكن وفي بعض الأحيان تبرز مشكلة قانونية من شأنها أن تعيق إجراءات المحكمة في تأمين العلاج للمدمن، أو تجعل منها إجراءات غير مفيدة، وهي تتمثل بوجود عدة ملفات قضائية عالقة بحقه أمام عدة محاكم بدرجات مختلفة وفي أماكن متعددة. ومن هنا كان لا بد من اللجوء الى تقنية ضم الملفات القضائية لبعضها البعض إذا كان ذلك ممكنا، أما إذا لم يكن ذلك ممكنا من الناحية القانونية، فتنظم المحكمة للشخص المدعى عليه إفادة تبيّن فيها بأنه ملتزم بتدابير العلاج التي فرضتها عليه وملتزم بحضور جميع الجلسات أمامها، وهي تقوم بمراقبة إلتزامه بالعلاج وتدابيره.
وتبقى جلسات المحاكمة قائمة وتؤجل لفترات متقاربة إلى أن يرسل مركز سكون للمحكمة تقريره بانتهاء العلاج بنجاح أو بانقطاع المدمن عنه، فتتخذ حينها المحكمة قرارا باختتام المحاكمة وتعيّن موعدا لإفهام الحكم بحق المدعى عليه.
المرحلة الرابعة: الحكم
عند اختتام المحاكمة، تصدر المحكمة حكمها بالاستناد الى جميع الإجراءات التي اتخذتها، ولكن وبصورة أساسية بالاستناد الى التقرير النهائي الذي يرسله اليها مركز العلاج.
فإما أن يكون المدعى عليه تخلّف أو انقطع عن الحضور الى المركز، من دون أي عذر مقبول، وهو في هذه الحالة غالبا ما يتخلّف أيضًا عن الحضور أمام المحكمة. وتعتبر المحكمة في هذه الحالة بأنه أخلّ بموجباته العقدية الناشئة عن عقد الثقة بينهما، وتصدر حكما بمعاقبته بالحبس وبالغرامة. فإما أن يكون المدعى عليه قد تابع جميع تدابير علاجه، والتزم بجميع المواعيد وأنهى علاجه الطبي والنفسي، فتوقف المحكمة تنفيذ العقوبة من حبس أو غرامة بحقه.
وبالطبع، هذا الحكم لا يؤدي الى تأمين حماية كاملة ومساعدة شاملة للمدمن على المخدرات، ذلك لأنه سوف يتم إدراجه على بيان السجل العدلي للمدعى عليه.
ومن هنا يتبيّن بأن التعاون بين مركز سكون والمحكمة، أنتج مفاعيل إيجابية على صعيد تأمين العلاج النفسي والصحي للمدمن، وساعده على الصعيد القانوني من خلال عدم تنفيذ أي عقوبة جزائية بحقه، ولكن هذه المساعدة على الصعيد القانوني كانت محدودة لأن المدعى عليه الذي خضع لتدابير العلاج وتعهد بعدم التكرار أمام المحكمة، لا يزال معرّضا لإدراج الحكم بإدانته ووقف تنفيذ العقوبة على بيان السجل العدلي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي الى إعاقة تطوره وإعادة اندماجه في المجتمع.
وهنا وضمن هذا الإطار، يجب الإشارة الى صدور حكم قضائي عن حضرة القاضي المنفرد الجزائي في البترون بتاريخ 7-5-2012، ذهب باجتهاده أبعد من اجتهاد هذه المحكمة، وأصدر حكما قضى بإبطال التعقبات بحق المدعى عليه الذي التزم باجراءات العلاج وليس فقط بوقف تنفيذ العقوبة بحقه، معتبرًا بأن عدم قيام الدولة بإنفاذ واجباتها لجهة إنشاء لجنة الإدمان وتفعيل عملها، جعل عناصر الجرم غير متوافرة بحق المدعى عليه الذي أبدى استعداده للخضوع للعلاج.
وما يثنينا عن تبني هذا التحليل القانوني، هو قناعتنا بوجوب الالتزام بالنص القانوني الذي فرض لإبطال التعقبات آلية محددة في القانون، لا تأتلف بالضرورة مع الآلية المحددة من قبل المحكمة وتدابير علاجها.
المحور الثاني : علاقة القاضي بمركز العلاج- سكون
ومن أجل أن يكون التواصل فعالا ويأتي النتيجة المرجوة منه، ألا وهي تأمين العلاج والمساعدة للمحالين بموجب قرار قضائي، على مراكز العلاج تحمّل مسؤولية كبيرة تتلخّص بالآتي:
-تأمين العلاج الطبي والنفسي الملائم لكل حالة.
-احتراف العاملين من ذوي الاختصاص في معالجة الإدمان.
-تأمين سهولة وسرعة التنسيق مع المحكمة بشأن تطور وضع الشخص الصحي ومدى التزامه بتدابير العلاج. بمعنى أن تكون لديها قدرة مادّية لاستيعاب المدمنين المُرسلين إليها بموجب قرار قضائي. هذا كله فضلاً عن أن بعض الجمعيات غير الحكومية لم يكن يؤمن إلا نوعا واحدا من العلاج، ألا وهو العلاج الداخلي، بحيث يلزم المدعى عليه بالبقاء داخل الجمعية لفترة زمنية طويلة نسبيًا، الأمر الذي لا يناسب أغلبية المدعى عليهم الذين يبدون استعدادهم للعلاج ولكنهم يكونون بحاجة الى إكمال حياتهم بصورة طبيعية، إن لجهة العمل أو لجهة الحياة الشخصية.فالمدعى عليهم بجرم التعاطي بحاجة الى جميعة جدية تؤمن لهم العلاج الخارجي، وتساعدهم في تحسين وضعهم القانوني من خلال التنسيق مع الجهة القضائية الساهرة على ملفهم القضائي.
ولكن حصول تعاون بين القاضي ومركز العلاج لا يكون ممكنا من دون توفر عامل الثقة، الذي يتولد بالواقع لدى المحكمة بفعل التجربة ولا سيما اذا اتسمت بسهولة وسرعة التنسيق والشفافية الكاملة في الأداء. والواقع أن توفر هذا العامل أساسي في نجاح أي تعاون مماثل، ذلك لأن المحكمة لا تملك حق استعمال أي أداة قانونية من أجل إلزام الجمعية بتأمين العلاج للمدمن وبالتنسيق معها حول حالته الصحية وإلزامه بتدابير العلاج، وأيضا لأنه يفترض أن يكون للتقارير المقدمة للمحكمة مصداقية معينة طالما أنها تؤخذ بعين الاعتبار عند اصدار القرار القضائي.
وانطلاقا من هذه الثقة، تقوم المحكمة بالتنسيق مع المركز من خلال مستندات خطية ولكن أيضا عبر الهاتف، لا سيّما وأن التنسيق بحاجة الى تواصل سريع وفوري في بعض الأحيان.
ويتجلى هذا التنسيق من خلال تقديم مركز سكون للمحكمة تقارير دورية مختلفة وفقا للآتي:
-أول تقرير يقدمه المركز الى المحكمة يتمثل بإفادة يبيّن فيها مسألة ذهاب المدعى عليه الى مركز سكون وإبداء استعداده للخضوع للبرنامج الذي سيحدده له بالنظر الى حالته ووضعه الصحي، أو عدم ذهابه إليه في المهلة المحددة له من قبل المحكمة،
-التقرير الثاني يتثمل بإفادة المحكمة عن حالة المدعى عليه الصحية، والمدة التقريبية المتوقعة للعلاج،
-تقارير دورية شهرية تبيّن للمحكمة كيفية تطور حالة المدعى عليه الصحية ومدى التزامه بالعلاج،
-تقرير طارئ وفيه يقوم المركز بإبلاغ المحكمة فورا إذا ما أذعن المدعى عليه في الخضوع لتدابير العلاج التي رأتها مناسبة له أو إذا تخلف أو تلكأ عن الامتثال لأي مرحلة من مراحله.
ويقوم المركز بتزويد المحكمة بهذه التقارير بالاستناد الى قرار تتخذه هذه الأخيرة وتقوم بإبلاغ المدعى عليه والمركز بصورة عنه، علما أنه لا يوجد أي موجب قانوني يلزم المركز بالقيام بهذه المهمة، ولا تملك المحكمة أي وسيلة قانونية لمراقبته ومحاسبته في حال أخلّ بتنفيذ طلبات المحكمة المحددة بموجب القرار القضائي.
*قاضية لبنانية
نُشر في العدد الثامن من مجلة المفكرة القانونية