مهنة فقدت روحها وقضاة فقدوا إيمانهم: الإحباط القضائي الكبير

،
2024-04-10    |   

مهنة فقدت روحها وقضاة فقدوا إيمانهم: الإحباط القضائي الكبير
رسم رائد شرف

قضاة لبنان محبَطون، وعواقب هذا الإحباط مقلقة لنا جميعا. وكيف لا يصيبهم الإحباط، وهم يعيشون أوضاعا صعبة في بيوتهم بسبب تدهور أحوالهم المادية كسائر موظفي القطاع العام، وأوضاعا كارثية في محاكمهم بسبب انعدام مقوّمات العمل في قصور العدل. وفيما قد يمرّ بعض القضاة فرديا بحالات الإحباط كأيّ شخص آخر، إلا أن تفشّيها بشكل كبير بينهم اليوم يجعل المسألة مهنيّة بنيويّة بامتياز، تتعدّى مشاعر وحالة كلّ قاضٍ على حدة. يُظهِر عملنا الميداني بشكل واضح أنّ وضع المهنة القضائيّة بحدّ ذاته اليوم أصبح عاملا سلبيًّا كبيرًا وثقيلا ينخر معنويات القضاة وعلاقة عدد كبير منهم بمهنتهم، كما بمسألة العدالة بشكل عام. وجدنا هذا الإحباط عند معظم الذين التقيناهم بين عام 2021 واليوم، ووجدناه في كل زوايا المحاكم وقصور العدل، وإن أخذ ألوانا مختلفة بين قاضٍ وآخر، وبين محكمة وأخرى. ولا شكّ أن هذا التحول يلفت الانتباه ويسبّب القلق، بالنسبة لطبيعة الظاهرة بحدّ ذاتها ومعناها ضمن التاريخ القضائي الحديث، كما بالنسبة لمفاعيلها الخطيرة على العمل القضائي اليوم وفي السنوات المقبلة.

ظاهرة نادرة وخطيرة

تبدو أولا ظاهرة الإحباط الجماعي هذه استثنائيةً في تاريخ المهنة المعاصر في لبنان، إذا استثنينا ربما فترة بداية التسعينات عندما قدّم بعض القضاة استقالتهم بسبب تدهور أوضاعهم المادية آنذاك. ما عدا ذلك، بقيت المهنة القضائية لعقود عديدة مصدر اعتزاز لدى معظم أعضائها لأسباب مختلفة. كانت من أكثر المسارات المهنية المرغوبة في المجتمع اللبناني، الذي لطالما اعتبر أن القضاء يشكّل مسارا ملكيا في الوظيفة العامة، عندما كانت هذه الأخيرة من أهمّ مساحات الارتقاء الاجتماعي للعديد من اللبنانيين بجميع طبقاتهم الاجتماعية. كان أولاد الطبقات العليا يدخلون القضاء لا بل يحتكرون الدخول إليه على الأقلّ حتى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما بدأ حينها يدخله أولاد الطبقتين الوسطى والفقيرة بعد انفتاح كليات الحقوق على الطبقات الشعبية، لا سيما مع تطور الجامعة اللبنانية والكليات الأخرى. وفي جميع الحالات، كان الانتماء إلى الجسم القضائي مصدر فخر وسلطان اجتماعيين (بغض النظر عن مشروعية هذا الشعور)، كما تدلّ على ذلك الاحتفالات المتنقّلة سابقا بين القرى والأحياء عندما كان ينجح أحد أبنائها أو بناتها بمسابقة القضاء. كان القضاة يعوّضون عن ضعف قدرتهم على مراقبة السلطة السياسية والمالية مع تعثّر بناء دولة القانون، ببريستيج اجتماعي سمح لهم، وحتى بدايات هذا القرن، بالتربّع في مراكز الهيمنة الاجتماعية، ما ربط المهنة في ذهن ممارسيها بشعور إيجابي كبير، وإن لم يكن ذلك دائما للأسباب الصحيحة. وقد انقلب هذا الشعور منذ سنوات عدة رأسا على عقب كما سنرى فيما يلي، إذ أصبح احتلال مركز قضائي مصدر قلق واستياء كبيرين.

ثانيا، لا شكّ أنّ لهذا الشعور بالإحباط مفاعيل خطيرة. إذ أنّه يضرب نظرة القضاة إلى أنفسهم وإلى دورهم الاجتماعي، مع ما يستتبع ذلك من آثار سلبيّة على الوظيفة القضائية التي يؤدونها اليوم، إن كان من ناحية الاهتمام بالعمل وبشؤون الناس، أو من ناحية الإنتاجية، كميا ونوعيا، كما سنرى في مقالنا اللاحق، أو بالنسبة للجرأة في الحكم والاجتهاد. ولهذا الإحباط نتائج في علاقة القضاء مع المجتمع أيضا: إذ لم يغِبْ هذا الشعور عن العموم، فأصبح معظم الناس ينظرون إلى قضاة لبنان نظرة لا تخدم الثقة بالمؤسسة القضائية وقدرتها على ضمان حقوقهم، أو طبعا على محاسبة السلطة السياسية. فهم يرون أغلب القضاة مرهقين يائسين، يحاولون ترك المهنة متى استطاعوا أو متى سنحت لهم الفرصة، أو راضخين لواقع باتوا يكرهونه. قضاة يقنعون من أصغر منهم سنا، من شباب وطلاب حقوق، بعدم التفكير حتى بدخول السلك القضائي لما أصبحت تحمله هذه المهنة من صعوبات وتضحيّات لم يعد لها معنى بالنسبة إليهم. قضاء لم يعد يثق بنفسه، فكيف يثق به الناس، ونحن نعرف ماذا يحدث عندما تنهار ثقة الشعب بمؤسساته العامة.

إنها فعلا أزمة معنى تهزّ القضاء اللبناني وقضاته. معنى الوظيفة، معنى “الرسالة” كما قيل لهم يوما، معنى الذهاب كل يوم إلى محكمة لا يعمل فيها شيء، للقيام بعمل يبدو زهيدا مهما بلغ حجمه أمام هول وتشعّب الأزمة في البلد. وفيما نتناول في المقالات اللاحقة أثار هذا الإحباط القضائي الكبير، سنحاول وصفه فيما يأتي لتبيان مزاياه وأشكاله المتعدّدة وأسبابه المتفرّعة ومكانته في يوميات القضاة. وما نأمله من ذلك هو أن يساهم هذا الوصف أولا برسم صورة دقيقة لقضاء الأزمة، وإن كانت صورة حزينة، كما أنه قد يسمح بابتكار حلول ومعالجات موضعية أو شاملة أكثر نجاعةً في المستقبل.

ونُظهِر فيما يلي كيف يكمن محرّك هذا الإحباط القضائي الكبير في مجموعة من المقارنات يقوم بها القضاة، صباحا ومساء، منذ سنتين أو ثلاث سنوات على الأقلّ. وكلّ مقارنة من هذه المقارنات تغذي الإحباط وتنعشه كل يوم. أولا، وثّقنا مقارنة يقوم بها القضاة مع الماضي، ماضي القضاء في العقود السابقة كما ترسمه ذاكرة ما قبل الأزمة. ثانيا، مقارنة صعبة مع أنفسهم ومع طموحاتهم وأحلامهم عندما دخلوا المهنة. ثالثا، مقارنة مع الآخرين من مؤسسات عامة وخاصة وسلطات ومهن قضائية أخرى، تشعرهم كم أصبحت حالتهم صعبة ومتدنية في السلّم السياسي والاجتماعي. وأخيرا مقارنة مع ما تقتضيه مهنتهم وما ينتظره منهم الناس خاصة في هذه الأوضاع الصعبة بعد الانهيار الشامل، الذي لم يتمكّن القضاء بعد من محاسبة أي من المتسببين به. وهو واقع يكفي ليحكم المجتمع اللبناني بمعظمه على قضاته حكما قاسيا، بدون أن يحاول أحد حتى أن يجد لهم أسبابا تخفيفية مقنعة. تتشابك كل هذه المقارنات وتختلط اليوم، لتشكّل وصفة الإحباط القضائي الكبير.

ماضٍ يتفوّق على الحاضر ويسحقه

وجدنا لدى القاضيات شعورا عارما بتدهور قيمة المهنة مع الوقت. لم يعدْ القضاء، بنظر العديد من القضاة الذين التقيناهم، بالمستوى الذي كان عليه في الماضي. وكما لاحظنا في أبحاث أخرى[1] بالنسبة للموظفين العموميين في الإدارة اليوم، ليس لهذا الماضي الذي يحنّ القضاة إليه مضمون واضح ولا يخصّ مرحلة زمنية دقيقة. فقد يعني فترة ما قبل الحرب الأهلية، تلك الحقبة القضائية “الذهبية” بنظر القضاة (ونحن نعرف أنها لم تكن مثالية كما تُعلّمُنا تجارب عديدة، مثل تجربة أنطون سعادة أو القاضي نسيب طربيه على سبيل المثال) التي “كان القضاء اللبناني فيها يشعّ في المنطقة بأكملها، إذ كانت الدول العربية الأخرى ترسل قضاتها للتدرّج والتدرّب إلى جانب القضاة اللبنانيين الذين يجيدون ثلاث لغات بعكس معظم قضاة المنطقة حينها”[2]، كما قال لنا أحد القضاة في مقابلة، بفخر ومرارة في آن واحد. قد يشير هذا الماضي أيضاً إلى فترة ما بعد الحرب، حين كان القضاء ما زال يزخر بأسماء كبيرة من مراجع قانونية وأخلاقية اشتهروا باجتهاداتهم أو بوقوفهم بوجه أصحاب السلطة آنذاك.

“من الملفت أنّه في عز زمن الاحتلال والوصاية السورية لم يتجرأ غازي كنعان ورستم غزالي على القيام بهكذا أشياء (كالتي يقوم بها سياسيّو اليوم في القضاء). فنذكر مثلا قضية بنك المدينة حين جنّ جنون رستم غزالي ضد قاضي تحقيق أصدر قرارا لم يعجبه، فطلب آنذاك من المدعي العام التمييزي عدنان عضوم التخلص من ذلك القاضي وإزالته من مركزه. إلا أن عدنان عضوم، الذي يقال عنه أنه كان في خدمة السوريين آنذاك، رفض فعل ذلك وقال لرستم غزالي: “لا يمكنني أن أزيل قاضيا واحدا هكذا. علينا انتظار التشكيلات القضائية وعندها فقط نزيل هذا القاضي من مركزه”. طبعا كان هناك تدخّلات وضغوط وتمنيات وفساد لكنها كانت تحصل بالسرّ أما اليوم فهي تحصل علنا وبشكل رسمي. لا رئيس مجلس وزراء ولا وزير داخلية تجرّأ على القيام بما يقوم هؤلاء اليوم. حتى رفيق الحريري الذي استولى على وسط المدينة بكامله لم يتدخل بعمل القضاء بهذا الشكل الفاقع كما يفعلون اليوم عندما يطلب رئيس حكومة من وزير الداخلية عدم تطبيق القرارات القضائية”[3].

وقد يشير هذا الماضي حتى إلى السنوات القليلة الماضية قبل الأزمة، التي لم تكن بنظر القضاة سنوات مشرّفة للقضاء اللبناني، إنما كان يحصل خلالها القضاة على ما يحتاجونه للحفاظ على كرامتهم المهنية والشخصية، ما ساهم بإبقاء الهيكل القضائي متماسكا في تلك الفترة بالرغم من علله وعجزه في جميع الأحوال. ومهما كان مضمون هذا الماضي الضبابي، فإن إحباط القضاة وحنينهم إليه يشير إلى شعور عارم بانحدار مؤسّساتي مستمرّ منذ 20 سنة على الأقل، إلا أن الأزمة قد أتتْ وسرّعته بشكل كبير، لا بل أعطتْه توجّها وزخما لم يكن ليتوقعه أكثر القضاة تشاؤما منذ خمس سنوات. ولا شكّ أن هذه المقارنة مع ماضي القضاء لا تعني القضاة وحدهم، إذ هي تطال أيضا نظرة المجتمع والناس إلى القضاء، وهي نظرة ترى الانحدار نفسه، أو هكذا يشعر القضاة، بحساسية مفرطة لنظرة الآخرين إليهم، وهي أيضا من عوارض الزمن الرديء.

القضاة في مرآة الأزمة: لماذا دخلت القضاء؟

إن هذا الماضي الذي يجعل الحاضر لا يُحتمل هو أيضا ماضيهم هم، أي ماضي كلّ قاض وليس فقط القضاء كمؤسسة. ينتاب عددا كبيرا من القضاة شعور بالخيبة لأن مسارهم القضائي لم يكن على قدر توقعاتهم وطموحاتهم وأحلامهم عندما دخلوا المهنة. يرى القضاة أنهم لم يعودوا يتمتّعون بالمساحة التي يتمنّونها للقيام بعملهم، إن كان من خلال التضييق على مؤسّستهم لناحية استقلاليتها عبر التدخلات المتسارعة في عمل القضاء، أو من خلال التحديات اللوجستية التي يواجهونها كلّ يوم في محاكمهم. وهي مساحة يشعر القضاة أنها لم تتوقف عن التقلّص منذ سنوات إلى درجة الشعور بالاختناق مؤخرا.

إن القضاء كمهنة لم يعد يؤمّن، في السنوات الأخيرة على الأقل وبنظر قضاته، الارتقاء الفكري والارتياح النفسي وطبعا المادي الذي طمحوا إليه عند دخولهم المهنة: إن تقدّمهم المهني لم يكن غالبا على الوتيرة التي يتمنّون، لا بل أصابه الشلل بشكل كبير مؤخّرا، لا سيما مع إغراق التشكيلات كليا في وحول الفيتوهات والمحاصصات والألاعيب السياسية والطائفية التي عطّلتها وجعلتها، متى تحصل، تكريسا لانهيار دولة القانون بدل من أن تكون مناسبة لتطويرها. وقد ضخّمت الأزمة مصادر الإحباط، إذ أصبحتْ تبدو كل مشاكل المسيرة المهنية للقضاة منذ دخولهم القضاء مركّزة ومعظّمة من خلال سنوات الأزمة الأربع.

“لا أشعر بأنها فعلاً عشرين سنة لي في القضاء من ناحية التقدم على الصعيد المهني، أنا بعشرين سنة شهدت تشكيلتين فقط”[4]

“صار معنا أزمة نفسية لأن مش هيدا اللي بتمناه، بدّي القاضي يكون قادر يتطلع، يفوت على Dalloz  وLexisnexis، التطور العلمي للقاضي كثير مهم، انا القضاء أخّرني علميا”[5]ً.

بالنسبة للقضاة الذين تكلّمنا معهم، أصبح القضاء في السنوات الأخيرة مجرّد “مضيعة للوقت وهدر للقدرات”[6]. وأصبح أشبه بتحدّ من المستحيل النجاح فيه، فلماذا يفني القاضي حياته لحلّ “مشكلة ليست مشكلته أساسا”، ولربح “معركة ما كان لازم تكون معركتي”[7]؟ دخل القاضي إلى القضاء “للنظر بالملفات والحكم بها”[8] وضمان الحقوق والحريات، لكنه وجد نفسه يعالج مشاكل لوجستية من الصباح إلى المساء، ويواجه تدخّلات سياسية وقضائيّة في عمله، تتعاظم سنة بعد سنة، ولا قدرة لديه للحدّ منها مهما كان مستقلًّا ونزيهًا. كيف يحدّ القاضي المستقلّ من التدخّلات السياسيّة الهائلة في التشكيلات القضائية، بشكل مخالف للدستور؟ كيف يُحاسب القاضي المستقلّ المجرمين الفاسدين في محكمتِه إذا كانت النيابة العامة أو قضاء التحقيق لا يقومون بدورهم كما يفرضه القانون والمصلحة العامة؟ ماذا يفعل المحامي العامّ المستقلّ إذا سُحِب الملفّ من بين يديه أو وضع النائب العام الاستئنافي أو التمييزي يده عليه أساسا، في ظلّ هرمية النيابة العامة الساحقة وتمركز سلطات الملاحقة بين يديْ المدعي العام التمييزي المعيّن سياسيا؟

كلها أسئلة وتشابكات تُشعِر القاضية بالاختناق المهني، وتجعل الاستقلالية الفردية للقضاة، متى وجدت بالرغم من تخاذل القانون الحالي في حمايتها، فاقدة لمعناها في ظلّ سيطرة بنيوية متشعبة خانقة للفاعلين السياسيين وممثليهم القضائيين على المسارات والإجراءات القضائية. وإذا كان الجميع يعلم أن التضامن القضائي، عبر تجمعات مهنية كنادي القضاة مثلا، قد يشكّل مخرجا من هذا الكابوس المؤسساتي، عبر بناء قوة ضغط جماعية تُخرِج القضاة من عزلتهم ووحدتهم، إلا أن معظم القضاة يشعرون أن هذه الورقة لم تصل بعد إلى نضوجها وفعاليتها القصوى، لكي تستطيع تغيير علاقات القوة ومجرى الأمور على الساحة القضائية نحو الأفضل. 

“آخر ثلاث سنوات عملت حوالي 200 مخالفة، كنت خالف عكلّ شغلة، ما تغيّر شيء”[9]

“سافرت، وفّرت على حالي سنة وشوي تضييع وقت وعذاب نفسي”[10]

لم يكن الشعور بالإحباط طاغيا دائما طوال السنوات الأخيرة. تخللته أحيانا لحظات من الأمل العابر في عدة مراحل: تعيين القاضي سهيل عبّود رئيسا لمجلس القضاء الأعلى سنة 2019، انتخاب السيد ملحم خلف نقيبا للمحامين، التحركات الشعبية في الشارع المطالبة بقضاء مستقل، أنباء عن تصحيح الأوضاع المادية بشكل جدّي، إلخ. إلا أن الخيبات أتت مضاعفة وبحجم الآمال العقيمة، كما يشرحون، إذ أدركوا أن الأشياء الأهمّ لم تتغير، وإن تغيّرت فللأسوأ، وأن ما يراهنون عليه لن يكون مجدياً، لطالما البنى التحتية السياسية والقانونية لقضاء سليم ليست موجودة.

“مع الوضع اللي صار، حسّيت عم بحرق سنين عمري بغضّ النظر عن وضع القضاء، ما فيي أنتظر سنين ليصير الوضع أحسن وبعدها كمان يصير تشكيلات”[11]

“ليش أنا ال potential تبعي عم أدفنه بمطرح مش مضطر كون فيه. حلو الحياة يكون فيها تحدي بس إذا مهنتك أو حياتك صارت كلها تحدي لشو؟ قد ما عملت واشتغلت، بضربة واحدة كل شيء بيروح، يعني صارت suicidal مش أكثر.”[12]

القضاء في ظلّ القطاعات الأخرى: لا أحد يكترث لنا

لا يقارن القضاة أنفسهم بالماضي القضائي وبمسارِهم الشخصي فقط، إنما ينظرون باتجاه المهن والقطاعات الأخرى، لا سيما في القطاع العام أو قطاع العدالة. وتشكّل هذه المقارنة مع الآخرين داخل قصور العدل أو إلى جانبها مصدرا آخر لإحباطهم. بداية، يشعر القضاة بعدم اكتراثٍ عامّ لأوضاعهم أو لتأمين الحدّ الأدنى من حسن سير القضاء. ولا يأخذ ذلك شكل الإهمال فحسب، إنما يبدو لهم كتخلٍّ متعمّد عن السلطة القضائية والوظيفة التي تؤدّيها. إذ أنّ السّلطات الأخرى، ممثّلةً بالحكومة ومجلس النواب، يبدو وضعها مزدهرا عندما ينظر إليها القضاة من مكاتبهم المهمَلة في قصر العدل، بينما يعاني القضاء من الأزمة أشدّ معاناة.

“أنا لا أفهم لماذا يتركون القضاء اليوم بهذا الوضع المذري فيما الحكومة والبرلمان يستفيدان من كل الأرصدة والأموال ليدبروا أمورهم. إذا دخلت إلى حمامات العدلية ترى وضعها المقرف أما حمامات الحكومة أو البرلمان فهي أفضل حالا من أفضل الحمامات.”[13]

إن المقارنة مع السلطتين التنفيذية والتشريعية لا تغيب عن ذهن القضاة. وإذا كانت هذه المقارنة تأخذ في الماضي شكل طموح يحمله القضاة لكي يلعبوا دورهم كاملا كسلطة دستورية بموازاة السلطتين، فقد أصبحت منذ بداية الأزمة والانهيار القضائي تأخذ شكل التحسّر الدائم على المسافات الواسعة التي أصبحت تفصل بين القضاء والسلطتين التشريعية والتنفيذية، على الصعيد المادي والسياسي والرمزي، من ناحية السلطة الفعلية أو احترام الناس. حتى الحمّامات أصبحت تشهد كيف تحلّق السلطتان التشريعية ونوابها والتنفيذية ووزراؤها فوق الأزمة فيما يغرق فيها القضاة كل يوم. من هنا، يشتكي القضاة أن السلطات الأخرى لا تتعامل مع القضاء كسلطة، بل “يتعاملون مع القاضي كأنه موظف عامّ”، كما جاء في بيان لنادي قضاة لبنان بتاريخ 11 شباط 2022 مثلا، بينما هم يريدون اعتبار أنفسهم كسلطة “مثل النائب أو الوزير، لا بل أن دورهم أهم”[14]. ولا شكّ أنّ الفرق الشاسع بين نظرة القضاة إلى أنفسهم ونظرة السلطات الأخرى والناس إليهم تشكّل مصدرا أساسيّا آخر ليأسهم. ويمكن للقاضي أن يتحمّل هذا الوضع “شهرين أو ثلاثة أو أربعة”، ولكن يستهجن كيف يتوقع أصحاب القرار، والقضاة حتما ليسوا من بينهم، “أن يتحمّل القضاة الذلّ لوقت غير محدود”[15].

لا تقف المقارنة عند هذا الحدّ، إنما تطال أيضا موظّفي القطاع العام. فعندما حاول القضاة تحسين أوضاعهم بشكل طفيف، بموجب ما سمّي “آلية تموز” (محاولة تقاضي القضاة رواتبهم على سعر صرف 8،000 ليرة للدولار في تموز 2022)، صُدِموا عندما “وقف كل موظفي الفئة الأولى بوجههم لأنهم لم يكونوا من المستفيدين من هذه الآلية، مطالبين بإيقاف معاملة القضاة بهذا الشكل قبل تأمين نفس المعاملة لجميع الموظفين”[16]. أمّا بعد الغاء آلية تموز، ومنح جميع الموظفين حوافز مادية باستثناء القضاة، اعتبروا أنهم “تعرّضوا لخديعة من السلطة التي غدرت” بهم[17]. كانوا يحلمون بمعاملة تشبه معاملة الرؤساء، فها هم يرون الجميع يصرّ على معاملتهم كجميع موظّفي القطاع العام. كانوا يحلمون بسلطة دستورية كاملة ومحترمة، وها هم يعاملون كأي إدارة من إدارات الدولة، لا بل أسوأ من العديد من الإدارات. أما المقارنة التقليدية مع أساتذة الجامعة اللبنانية، والتي كان يرفضها القضاة سابقا، فخفّ وهجها وضاعت بين جميع المقارنات الجهنمية التي تحرق ذهن القضاة منذ أربع سنوات.

ويستمرّ جحيم المقارنات المتعدّدة والدائمة. يرون أنهم في أسفل لائحة الأولويات، وأن كل الأجهزة الأخرى تُبدّى عليهم ويتم تأمين احتياجاتها. يقارن القاضي نفسه بموظف أوجيرو، ويتساءل عما إذا كانت أوجيرو أهم من القضاء اللبناني، “حيث تمكّن موظفوها من تحقيق مطالبهم بعد يومين من الإضراب (في 2022)، فيما اعتكف القضاة لأشهر عديدة ولم يبال أحد بذلك”[18].

“نحن مش أحسن من غيرنا من موظفي القطاع العام، بس للأسف الجميع تلبّى طلباته وكأن الكل أبدى من القضاة.”[19]

إلى جانب أوجيرو، يقارن القضاة أنفسهم بالأجهزة الأمنية. يشكون من الأهمية التي تُعطى لهذه لأجهزة على حساب القضاء، فتأتي المُساعدات للأمن أولاً فيما يُترَك القضاء لوحده. حتى المجتمع الدوليّ منغمس في إهمال القضاة، إذ هو يدعم الجيش والقوى الأمنية، أما القضاء “فلا يلتفت له أحد”.

“القضاء بلبنان مش أولوية، لبنان بلد أمني، بتجي المساعدات للأمن وبعدين الباقي، لاحقين عالقوانين، بس المهم مسك الأمن لما يصير شيء، والقضاء بعدين”[20]

يشعر القضاة أن هناك عينًا ساهرة على جميع الأجهزة، تؤمّن لعناصرها موارد مادية أخرى غير الراتب، لكن لا عين تسهر على القضاء. يشير القضاة إلى عناصر الأمن العام مثلاً، تحديداً الوسيلة التي “ابتكرها اللواء عباس إبراهيم” (لأي مواطن أن يحصل على جواز سفره بسرعة كبيرة في حال دفع مبلغ إضافي وبالتالي توضع هذه المبالغ في صندوق يتم توزيعها لاحقا على الضباط والعناصر، كما يشرح القضاة)، أو جهاز الجمارك الذي يوفّر لعناصره مساعدات مالية تخولهم تأمين مدخول شهري يتخطى مدخول القضاة بعد الأزمة بأشواط، على حدّ تصورهم وقولهم. أما القضاة فلم يقوموا بشيء مماثل، حتى ولو أن القاضي علي إبراهيم كان قد حاول “ابتكار” بعض الطوابع لمساعدة القضاة، أو أن الوزير هنري خوري فرض في مرحلة ما طابعا على كل تحرّك للدعوى إلخ، إلا أن النتائج بقيتْ متواضعة جدا بنظرهم، ما “يزيد قهر”[21] القضاة بشكل كبير.

“جاري في الجمارك موظف درجة رابعة، يتقاضى راتبا بأضعاف أضعاف ما أتقاضاه أنا، وهو يسألني دائما كيف لي أن أعيش مع عائلتي ب6,000,000 ليرة فقط بالشهر (قبل مساعدات صندوق التعاضد أو عندما تتوقف)، وهو لا يصدق ذلك وأنا أقول له أنني عدت كطفل يتّكل على مساعدة أهله المالية”[22]

كل هذه العوامل مجتمعة تُشعِر القاضي بأنه لم يعدْ يحظى باحترام أجهزة الدولة الأخرى، أو احترام الناس عندما تقارن القضاء بالأجهزة الأخرى. أصبح الجميع يستسهل التعدّي على القضاء، من السياسيّين عبر تهجّمهم وتكبّرهم الدائم، إلى الأجهزة الأمنية إلى الناس. 

“معنوياً وضعنا سيّئ جداً. عندي مشكلة كبيرة صراحة، نظرتنا لحالنا (…)، وإحساس القضاة بالضعف تجاه الأمن، تجاه السياسيين، بتلاقي القاضي عم يساير ضابط. الأمن لازم يكون بخدمة القضاء مش القضاء بخدمة الأمن.[23]

يشرح لنا قاضٍ أن الناس تتهم القضاة وتشكو منهم أكثر مما تتهم السياسيين المسؤولين أصلا عن الوضع، وأن “القوى الأمنية تتعاطى مع القضاء بشكل استهتاري”، فهم عنيفون جدا عندما يدافعون عن بعض الشخصيات، “بينما يستخفون بالدفاع عن القضاة أو قصر العدل”[24]. أهي بارانويا قضائية تطورت مؤخرا في ذهن القضاة في موازاة الإحباط والشعور بالإهمال، تدفعهم إلى قراءة جميع التطورات وكأنها موجهة ضدهم، أم هي مقاربة واقعية لعلاقة القضاء مع باقي المؤسسات والقوى اللبنانية؟ مهما كان الجواب، إن هذه القراءة التي يعتمدها العديد من القضاة ترسم عالما قاسيا ومظلما لا يثق القضاة فيه بأحد، حتى بالناس. والملفت أنه من مكان آخر، يؤكد المحامون أسوأ مخاوف القضاة، إذ يصفون لنا كيف “انكسرت شوكة القضاة في الأزمة وخفّ تكبّرهم”[25] على المحامين والمتقاضين، وهي طريقة للنظر إلى تدهور موقع القضاة المهني وإحباطهم من زاوية أخرى : قد تكون كوابيس القضاة حقيقة لبنان الجديدة.

قضاة مكتئبون أمام توقعات الناس

أكثر ما يحبط القضاة ربما هي توقعات الشعب اللبناني بالنسبة للقضاء، لا سيما تلك التي عبّر عنها خلال حراك خريف 2019 وما بعد، عندما انتظر المتظاهرون أن يلعب القضاء، أو على الأقلّ بعض القضاة، دورا محوريا في محاسبة المسؤولين السياسيين والماليين عن انهيار البلد. وقد شكّل حينئذ الحماس الشعبي حافزا كبيرا لبعض القضاة في العمل، وشعروا أنه يجب أن يكون لهم دور محوري في وضع أسس المحاسبة التي طالما افتقدها لبنان.

إلّا أن ذلك لم يدمْ طويلاً، فسرعان ما اكتشف القضاة أنهم “يوهمون أنفسهم بأمر ما زال يحتاج لوقت أطول بكثير”[26]. وكان قد ظهر هذا التحوّل في نبرة القضاة في البيان الأوّل الذي أصدره نادي قضاة لبنان بعد 17 تشرين أكّد فيه أنّه مع الشعب وطالب بـ “تنحّي كل مسؤول مساهم في الفساد ومنع تحويل أموال المسؤولين ومنعهم من مغادرة لبنان…” وفي بيان صدر عنه في تموز 2022 اقرّ فيه بتعطيل القضاء وعدم قدرته على القيام بدوره.

 لم يكن القضاة على الموعد، لأسباب سياسية وبنيوية عديدة لا مكان لمناقشتها هنا، وسرعان ما عاد التململ ليخيّم على أجواء العدلية (“أول الأزمة كنت مكتئبة”[27])، بينما سيطرتْ خيبة الأمل على ساحات الاحتجاجات الشعبية. وقد يكون جواب القضاة الأوحد على هذا الصعيد هو أنّهم محبطون أكثر من الناس حتى، إذ يعترفون بعجزهم على تحقيق أيّ نتائج ملموسة في محاسبة أيّ كان، إلا أنهم يذكّرون بالعوائق الشكلية والقانونية والتسلسلية التي تمنع معظم القضاة بالقيام بأي محاسبة: “هذا لا يعرفه معظم الناس وخصوصاً من لا يعرف تسلسل الأمور بالقضاء”[28]. إذا كانت قرارات الحجز مستحيلة التنفيذ بفعل التعطيل والإضرابات في وقت من الأوقات، فما بال الناس المطالبة بمحاسبة النافذين؟

وقد يمنع التدخل السياسي تنفيذ القرارات، ويتباهى المسؤولون بعدم تطبيقها، كما حصل في قضية المرفأ:  فهل على القاضي “أن يذهب بنفسه لينفذ قراراته أمام أصحاب النفوذ والسلطة”[29]؟ إن الشعور بالعجز المدقع يبقى مركزيا هنا. وتبدو قضية انفجار مرفأ بيروت كالقضية المحورية التي تلخّص كل القضايا الأخرى، وتلعب دورا أساسيا في اقتصاد العجز والإحباط واليأس الذي يهيمن على القضاء. فهي “أكّدت المؤكد”، وهو أن “صلب السلطة في لبنان هو عدم محاسبة السياسيين، وأن القضاء اللبناني لم يُرَكَّب ليكون قادرا على محاسبة النافذين. وأبرز دليل على ذلك هي الحصانات المعقدة، التي تسدّ المسار القضائي منذ مرحلة التحقيق، حتى قبل الوصول إلى الاتهام”[30].

“فكرة العدالة مش موجودة وغرقانة بمسألة التوافق والقبلية وال resilience، أثرت عليي سلبيا أكيد”[31].

“بعدني لهلق مقهوربدي أعمل شي ومش قادر”[32]

أصبح مصير التحقيقات في الجريمة، وكل ما واجهه القاضي طارق البيطار من تهديدات وحملات وتعطيل منعه من القيام بعمله، يشكّل عبرةً يكررها ويتناقلُها بعض القضاة، وبخلاصة واحدة: عندما تجرؤ قاضية على التفكير بمحاسبة مسؤولين سياسيين أو مصرفيين على أفعالهم أو إهمالهم، تتعطل العدلية بكاملها، إن كان على صعيد التشكيلات أو على صعيد الوضع المادي للقضاة والمحاكم. فقد أصبحت هذه القضية قضية عقاب جماعي للقضاة لأن بعضهم تجرأ، كما أن عجزهم عن الخروج من موقع المعاقَب ينتج إذلالا متزايدا.

“تتركون القاضي وحيدا لا يحميه أحد وتطلبون منه أن يلاحق ويسجن نبيه بري وأمثاله؟”[33]

فما هي قيمة العمل القضائي إذا كان تحقيق العدالة مستحيلا اليوم، لا سيّما في أهمّ وأخطر القضايا التي تعني حياة الناس وحقوقهم وأملاكهم، مثل قضية تفجير مرفأ بيروت، وقضية سرقة الودائع في المصارف، أو قضايا سرقة الأموال العامة والفساد وغيرها من الملفات التي لم يستطِع القضاة حتى اليوم، وحتى النزهاء والمستقلون منهم، من تحقيق أيّ نتائج ملموسة فيها؟ يصبح العمل القضائي، أي ما يقوم به القضاة كل يوم في مكاتبهم ومحاكمهم، عملا شبه إداري أو لوجستي لا علاقة له بما دخلوا القضاء من أجله. فالاكتفاء ببتّ ملفات الجرائم الصغيرة، والمخالفات اليومية العادية، أي الجرائم التي يرتكبها عموم الناس العاديين، لم يعدْ يعطي معنى يذكر لمهنتهم، لا بل يُشعِر بعضهم بالخجل تجاه الناس، خاصة في ظل الانهيار المالي والاجتماعي الحالي التي سببته ممارسات جرمية متمادية على سنوات لم يستطع القضاء محاسبة أحد عليها.

هذه هي السردية التي تدوّي في ذهن العديد من القضاة كل يوم. يشعرون أن المجتمع ينظر إليهم نظرة سلبية، بين خيبة الأمل في أفضل الأحوال والاتهام في أسوئها، ويلومهم لأنهم لم يحققوا شيئا يذكر. ويتفهّم بعض القضاة هذه النظرة، لأنهم “يرون كل شيء ويعرفون كل شيء ولكن غير قادرين على فعل أي شيء”[34].

“في قضاة شالوا نمرة القضاء عن سياراتهم لأن ما إلهن عين يمشوا بين الناس.”[35]

وقد تشكّل “النمرة” القضائية الخاصة أفضل رمز لتحوّل أوضاع القضاة وانحدارها. لسنوات كانت عنوان امتيازاتهم، ترافقهم أينما ذهبوا في الشوارع والطرقات والأماكن العامة وتميّزهم عن سائر المواطنين. أما اليوم، فقد أصبح الامتياز وصمةً ثقيلة يحملها بعض القضاة بصعوبة، وقد يتمنّون إزالتها. إن مرآة الأزمة قاسية جدا على معنويات القضاة. وقد أصبح الشعور بالوحدة، وعادتْ الكلمة مرارا في لقاءاتنا مع القضاة، ركيزة حياة القضاة الذين بقوا في مناصبهم، كما سببا أساسيا جعل بعض زملائهم يتركون القضاء نحو آفاق مهنية وشخصية أخرى تتيح لهم تحقيق طموحات شخصية لم يعدْ لها مكان في قضاء لبنان عام 2024.

“شعرت بالوحدة وحسّينا حالنا خسرنا كل شيء”[36]

إن الإحباط القضائيّ الكبير لا يضرّ بنوعية العمل القضائي وفعاليته فحسب، إنما يهدد مستقبل المهنة برمتها، ويضعف قدرتها على اجتذاب عناصر جديدة لتشكل نواة قضاء أفضل في مستقبل ما، في ظل تعثرات قضاء الحاضر. إن تقهقر القيمة الاجتماعية والسياسية للمهنة، والعجز السياسي والقانوني الذي بات يميّزها، بالإضافة إلى التراجع الكبير في الوضع المادي للقضاة والمحاكم، كما انهيار الثقة بالنفس والنظرة للذات، كلها عوامل تتراكم منذ أربع سنوات لترسم صورة قضاء لم يعدْ الكثيرون يتمنون البقاء فيه، ولم يعدْ إلا القلائل يريدون الدخول إليه.

إنها سلطة يفقد أعضاؤها اليوم جزءا مهما من روحهم المهنية، بعد أن فقدت هي روحها في لبنان ما بعد الحرب، لتصبح مجرّد صنعةً لم تعد تغري الكثيرين. ولا قيمة للمشاريع الإصلاحية إذا لم نتمكن من إعادة هذه الروح إلى الهيكل القضائي. فالإحباط القضائي اليوم، الذي ضخّمته الأزمة بشكلٍ غير مسبوق، نجد بذوره في قضاء بدايات الألفية الثالثة عندما رأينا السلطة القضائية تقع تدريجيا تحت وصاية زعامات لا ترى في القضاء سوى وسيلة إضافية للسيطرة على المجتمع، بدل أن يكون وسيلة بيد المجتمع لمحاسبتها. ولا مخرج من المستنقع الحالي من دون الاستفادة من أخطاء العقود الثلاثة الماضية، فيعود القضاة النزهاء والأكفّاء إلى الافتخار بالانتماء إلى القضاء، ولكن لأسباب لا علاقة لها بنمرة السيارة أو الامتيازات الأخرى التي طغتْ على قضاء ما قبل 2019. قضاء جديد يضع في صلب أولوياته تطوير المحاسبة وتطبيق القانون على الجميع وحماية الحقوق والحريات، لاسترجاع بعض الإيمان بعدالة هجرت لبنان منذ زمن ليس بقصير.

نشر هذا المقال في العدد 72 من مجلة المفكرة القانونية – لبنان

لتحميل العدد بصيغة PDF

لقراءة المقال باللغة الانكليزية


[1] إصلاح الإدارة اللبنانية: السياق و المبادئ والأولويات، ندي أبي راشد، سامر غمرون، رزق زغيب، شهرزاد يارا الحجار، كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، 2023.

[2] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[3] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[4] مقابلة مع قاضية، نيسان 2023.

[5] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[6] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[7] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[8] المصدر السابق.

[9] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[10] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[11] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[12] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[13] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[14] مقابلة مع قاضية، شباط 2023.

[15] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[16] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[17] القضاة الى الاعتكاف الأسبوع المقبل، لينا فخر الدين، جريدة الأخبار، 4 آب 2022.

[18] مقابلة مع قاض، آذار 2023.

[19] مقابلة مع قاضية، نيسان 2023.

[20] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[21] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[22] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[23] مقابلة مع قاضية، شباط 2023.

[24] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[25] مقابلة مع محامية، حزيران 2023.

[26] المصدر السابق.

[27] مقابلة مع قاضية، شباط 2023.

[28] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[29] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[30] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[31] مقابلة مع قاضي، شباط 2023.

[32] المصدر السابق.

[33] مقابلة مع قاضي، آذار 2023.

[34] مقابلة مع قاضي، حزيران 2023.

[35] المصدر السابق.

[36] المصدر السابق.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني