عقد المجلس النيابي أعمال دورته المنعقدة في يومي 21-22 نيسان. وعلى جدول أعماله المعلن عنه 66 بنداً متعلّقاً باقتراحات أو مشاريع قوانين معروضة على الهيئة العامة لإقرارها، وقد أضيف إليها لاحقا 4 بنود (مشروعي قانون واقتراحي قانون معجلين مكررين) أي ما مجموعه 70 مقترح قانون. وإذ نتناول هنا المقترحات المتعلقة بأزمة الكورونا وتداعياتها فضلا عن المقترحات المتصلة بأزمة المصارف وتداعياتها، فإننا نسارع للقول بأن الجلسة خلت في جدول أعمالها ومناقشاتها من أي رؤية عامة، وأن القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي بدت وكأنها تسعى لاستغلال الأزمة لتعزيز روابط الزبونية أكثر مما تسعى إلى حلها. بقي أن نذكر أنه سبق أن نشرنا مقدمتنا حول نتائج الجلسة وملاحظاتنا حول المقترحات المتصلة بالمحاسبة والعفو العام (المحرر).
مقترحات متعلّقة بمكافحة جائحة الكورونا
بدل أن تشكل أزمة الكورونا مناسبة لإعادة التفكير في دور الدولة في حماية مواطنيها وتكريس حقوقهم الأساسية وبخاصة الإجتماعية والإقتصادية على أرض الواقع من باب التضامن الاجتماعي، تراها تتحوّل إلى مجرد فرصة لإرساء ثقافة الصدقة والإحسان وتاليا لتعميق هشاشة المواطن إزاء السلطة السياسية وإعادة ترميم روابط الزبائنية وتوسيعها. وعليه، وفيما تكاثرت اقتراحات القوانين بالإعفاء من الضرائب أو الغرامات، فإنه لم يرد أي اقتراح لفرض ضرائب جديدة على أصحاب الثروات الذين يتعين عليهم المساهمة في أعباء الدولة المتزايدة لإسعاف الفئات الأقل حظوة. كما لم يرد أيّ اقتراح لفرض إلزامات على الأوقاف التي تستفيد من الإعفاءات الضريبية منذ عقود، على أساس أنها تقوم بأعمال خيرية. كما لم يرد أي اقتراحات تتصل بحماية الأجراء إزاء تعسف أصحاب العمل في هذه الظروف الصعبة أو بإعفاء المستأجرين لأماكن سكنية أو غير سكنية من بدلات الإيجار، حيث لا يعقل أن يتوقف الإقتصاد المنتج بشكل تامّ في ما يبقى الاقتصاد الريعي على حاله. بل على العكس، ذهب قانون تعليق المهل العقدية إلى استثناء المستأجرين القدامى من الاستفادة من أحكامه فيما يشكل تمييزا ضدهم في هذا المجال. هذا مع العلم أن بدل إيجار الأماكن غير السكنية يسقط حكما بالنسبة للمؤسسات التي أوقفت بموجب قرار التعبئة العامة عن العمل، بفعل القوة القاهرة التي منعت استخدامها.
وقد بلغ عدد هذه المقترحات 9. جرى التصديق على 5 منها وإسقاط مقترحين بفعل اشتمال المقترحات التي تم إقرارها على بنود مشابهة وإسقاط صفة العجلة عن اقتراحي قانون.
1) تعديل قرض لتجهيز المستشفيات الحكومية ومعالجة حالات الكورونا
صدّق مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6199 الرامي إلى طلب الموافقة على تعديل القانون رقم 89 تاريخ 10/10/2018 المتعلق بإبرام إتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان المقدم بتاريخ 15/3/2020. وقد تمت المصادقة على هذا القانون من دون أي معارضة. ويتضمّن التعديل "إعادة توزيع قيمة القرض المذكور (120 مليون د أ) بحيث يقتطع منها مبلغ 40 مليون د أ تخصص لتجهيز المستشفيات الحكومية لتشخيص ومعالجة الحالات المشتبه إصابتها بفيروس الكورونا، وتأمين كافة الإحتياجات اللوجيستية ووسائل الحماية الشخصية وكافة إجراءات التواصل والتوعية".
وأبرز نقاشات النواب كان إشارة النائب جهاد الصمد إلى إمكانية إقتطاع أموال سد بسري لهذه الغاية. كما أشار النائب هادي حبيش إلى "ضرورة إصدار توصية تتعلق بتوزيع عادل بين جميع المستشفيات”. وأيّد هذا التوجه مروان حمادة وجورج عدوان وبلال عبد الله الذي طالب الحكومة باتخاذ إجراءات أكثر بموضوع القطاع الصحي بمعزل عن فرض الإقتراض. أما النائب أسامة سعد، فطلب تحديد معايير واضحة لكيفية صرف ال 40 مليون دولار وأكّد على ضرورة توزيعها بشكل عادل على المستشفيات بالإضافة إلى ضرورة إفتتاح المستشفى التركي في صيدا، مثنيا على جهود وزير الصحة. وفي السياق هذا، ذكّر النائب عصام عراجي رئيس لجنة الصحة النيابية بأن "المستشفيات الحكومية كانت مهملة وعلى حساب القطاع الخاص، وقد توصلنا إلى وضع خطة لحظت 12 مستشفى حكومياً في كل المناطق"، وأنه من المعروف أين ستذهب ال40 مليون د.أ. ووهو على الشكل التالي: 28 مليون د.أ لتجهيز هذه المستشفيات و2 مليون د.أ على أجور العاملين لمحاربة كورونا ومليون للتدريب ومبلغ للهيئة العامة للإغاثة (على أن يتم إستعادته منهم لاحقا). كما أشار إلى وجود مبلغ 3 مليون د.أ. من هذا القرض تعود إلى الهيئة العليا للإغاثة موجودة لدى المصرف المركزي. وبالنظر إلى هذه الإجابات، يتبدّى أن ثمة مبالغ أقلها 6 مليون د.أ لا نعرف كيف ستصرفها الهيئة العامة للإغاثة، وهي مبالغ ستخرج من الحصة العائدة للمستشفيات والصحة العمومية. هل ستصرف هذه المبالغ على مراكز الحجر الصحي؟ هل ستوزع كإعاشات من قبل الجيش كما حصل في سياق توزيع إعاشات سابقة من قبل الحكومة؟
ورغم ذلك، لم يعلق أي من النواب، إنما صدّق المشروع.
2) اعتماد إضافي لتسديد فواتير المستشفيات الخاصة
صدّق مشروع قانون الرامي إلى فتح إعتماد إضافي في الموازنة العامّة بقيمة 50 مليار ليرة لبنانيّة في ما يتعلّق بالكورونا، وقد ورد من خارج جدول الأعمال. تدخّل هنا النائب حسن فضل الله ليستفسر عن فائدة الإقتراح، وعما إذا لدى وزارة الصحّة تمويل متعلّق بالموضوع. ردّ هنا النائب إبراهيم كنعان أنّ وضع المستشفيات سيئ وذكر مستشفى سيدّة لبنان الذي إضطرّ إلى إغلاق أبوابه، وهذا الوضع يبرّر المشروع. كما ذكّر بوجود إعتماد لهذا الأمر لكن لم يتمّ الدفع. وعاد وتساءل عن فعاليّة هذا المشروع لإعطاء المستشفيات الموارد التي تحتاج إليها. حدّد هنا النائب علي حسن خليل أنّ المشروع لا يتعلّق بموازنات المستشفيات التي تمّ إقرارها بين أعوام 2000 و2019، بلّ فقط بالمتأخرات الناتجة عن تجاوزات المستشفيات لموازناتها. لذا أكّد على وجوب أن يحدّد في القانون أنّ هدف الإعتماد هو تسديد قيمة المصالحات التي ستجري معها. وقال أن المبالغ ستدفع لكن يجب التفاوض مع المستشفيات لتخفيضها إلى مبلغ معيّن. تدخّل هنا الرئيس نبيه برّي ليؤكّد على أهميّة هذا القانون ووجوب إقراره. غير أنّ النائب حسن فضل الله عاد وقدّم إقتراح تعديل لتوضيح النصّ، مؤكّدا أنّ الإتفاق بين الرؤساء ووزير المال لا يكفي لإقرار النصّ، ما أثار سخط الرئيس نبيه برّي. هذا الأمر لم يمنع النائب حسن فضل الله من التأكيد على أهميّة التدقيق في الحسابات تجنبا للفواتير الوهميّة. كما حصل خلاف على الصلاحيّات بين من اعتبر أنّ المشروع كان يجب أن يلحظ دوراً لوزير الصحّة ومن اعتبر أنّ لا صلاحيّة لوزارة الصحّة في هذا الموضوع لأنّه مالي بحت.
في النهاية صدقّ على المشروع، مع التعديل الذي إقترحه النائب علي حسن خليل بالنسبة إلى تدقيق الحسابات.
3) تمكين أشخاص الحق العام من تقديم مساعدات وهبات
صُدِّق مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6218 الرامي إلى تمكين أشخاص الحق العام من تقديم مساعدات وهبات في إطار مواجهة جائحة الكورونا، في اتجاه معاكس لما نصّت عليه المادة 32 من موارنة 2020 التي كانت قد منعت ذلك في سبيل مكافحة الهدر والفساد. وقد اعتمدت الصيغة التي قدّمها مجلس الوزراء والمختلفة عن تلك الموزّعة على النواب مع جدول الأعمال، والتي حصرت شخصيات القانون العام المستثناة من المادة 32.
ويعمد المشروع إلى تعليق العمل بالمادة 32 المذكورة التي تمنع “جميع المؤسسات العامة والبلديات وإتحادات البلديات والهيئات والمجالس والصناديق والمصالح المستقلة والمصارف والشركات وأشخاص القانون العام” من تقديم "جميع أنواع التبرعات والمساهمات والرعايات والخدمات”، كما تمنع كل أشكال التوظيف المؤقت والدائم فيها، وتضع على عاتق كل منها موجب وضع موازنة سنوية يعمد مجلس الوزراء إلى تحديد الجهة التي تدقّق بها.
وخلال النقاشات، أوضح النائب ابراهيم كنعان أن ثمة اقتراحات عدّة في هذا الصدد (في إشارة منه لاقتراح قانون كان تقدمت به كتلة لبنان القوي)، وأن مشروع الحكومة الذي يجري التصويت عليه قد أدخلت عليه بعض التعديلات مقارنة مع المشروع الموزّع على النواب مع جدول الأعمال. وظهر توجّه نيابي واضح لضرورة حصر نطاق تعليق المادة بالبلديات أو اتحادات البلديات، أي بمعنى آخر السماح لها حصرياً بتوزيع المساعدات، بحجة أن لا ثقة بأداء المؤسسات العامة. وعبّر عن هذا التوجه تحديداً النواب بلال عبد الله وجهاد الصمد وحسن فضل الله. واقترح النائب فضل الله "شطب أن تقتصر تلك المساعدات على القاطنين ضمن النطاق البلدي، والسير بالمشروع كما ورد من الحكومة". ووافقه كل من النائبين هادي حبيش وجميل وصدّق المشروع.
لم يتسنّ للمفكرة الإطلاع على النسخة المعدلة التي وزعت للنواب يوم الجلسة. بانتظار ذلك، تكرر "المفكرة" تحفظها لجهة رفع الحظر على تقديم الهبات، طالما أنه لا يترافق مع تحديد للأولويات أو وضع أي ضوابط للحؤول دون رواج المحاباة والممارسات التمييزية أو الإستغلال السياسي. كما تأسف بالنتيجة لقيام مجلس النواب بإلغاء ضوابط هدفت لمكافحة الفساد – منها المادة 32 من موازنة 2020-، بحجة مكافحة الفقر، من دون أي مسعى للتوفيق بين هذين الهدفين.
4) إعفاء هبات من الضريبة على القيمة المضافة
صدّق مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6219 الرامي إلى إعفاء الهبات المقدّمة من الإدارات والمؤسسات العامة والبلديّات بقصد المساعدة للتصدي لإنتشار فيروس الكورونا والممولة من مصادر داخل لبنان، من الضريبة على القيمة المضافة والذي تقدّمت به الحكومة.
خلال النقاشات، اقترح النائب جبران باسيل ضمّ كل الإقتراحات المطروحة في صدد التصدي لجائحة كورونا ضمن اقتراح واحد. كما ذكّر النائب كنعان باقتراح القانون المقدّم من كتلة “لبنان القوي” الذي يذهب باتجاه توسيع قاعدة الإعفاء هذه لتشمل "جميع الضرائب والرسوم مهما كانت الجهة التي قدمت لها أو وردت إليها”، والهبات والمساعدات الواردة من الخارج وذلك "لمدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية"، نظرا لخضوع العديد من الهبات إلى رسوم جمركيّة مثلاً. واتّسم الجوّ بداية بانفتاح نيابي على فكرة هذا المشروع، وحتى على اقتراح توسيع القاعدة كما طرحها النائب كنعان (عدنان طرابلسي – جورج عقيص – حسن فضل الله)، وبتأييد رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب لهذا التوجّه. إلا أن النائب أسامة سعد انتقد منطق "الصدقة والإحسان" الذي يكرّسه المشروع وسأل عن دور "الدولة التي عليها إقرار قوانين تؤمن حاجات الناس في كل المجالات"، وانتقد عدم تقديم الحكومة أي مشاريع قوانين بفرض ضرائب معيّنة وعدم أخذها بالاعتبار الأوضاع الاجتماعية، مع تأييده للاجراءات التي اتخذتها.
وصدّق المشروع بالصيغة المقترحة من قبل النائب إبراهيم كنعان في المرحلة الأولى، قبل أن يسجّل النائب حسن فضل الله اعتراضه إذ أنه اعتبر أن أهم اصلاح ورد في قانون الموازنة العامة كان منع الإستيراد باسم الجمعيات من دون ضريبة، وأنّ هذا الاقتراح الذي لا يضع ضوابط يفتح الباب أمام التهرّب الضريبي تحت غطاء المساهمة بمحاربة نتائج إنتشار فيروس كورونا، وأنه معه إن وضعت ضوابط. وأكّد على هذه الفكرة النائب علي حسن الخليل، معتبراً أنّ هذا المشروع "انقلاب على نظامنا الضريبي"، ويتطلّب تدقيقاً كبيراً.
وفي النهاية أعيد التصويت على المشروع في الصيغة الحكومية وتمّ التصديق عليه، مع تسجيل اعتراض النائب ابراهيم كنعان. وأعيد التصويت مرّة ثالثة بقرار من رئيس مجلس النواب وصدّق.
هنا، تتبنى المفكرة تحفظ النائب أسامة سعد لجهة تغليب منطق الصدقة على منطق التضامن الاجتماعي والحق. وهي ترحب بالمقابل أن المجلس النيابي انتهى إلى استبعاد اقتراح قانون لبنان القوي بالنظر إلى مخاطره لجهة التهرب الضريبي في ظل ضعف الإدارة اللبنانية.
5) تعليق أقساط الديون
صدّق إقتراح القانون المعجل المكرّر المقدّم من النائب آلان عون والذي يهدف إلى تعليق أقساط الديون والإستحقاقات المالية للأشخاص والقطاعات الأكثر تضررا من أزمة كورونا لدى المصارف وكونتوار التسليف وترحيلها لمدة 6 أشهر. كما ينص الإقتراح على وجوب تعليق جميع الإجراءات القانونية أو القضائية أو التنفيذية وتقاضي المصارف أية فوائد تأخير تترتّب على تأجيل السداد.
وحدّد الإقتراح من هم معنيين بعبارة "الأكثر تضررا من أزمة كورونا" والمشمولين بالقانون، بحيث حدّدهم ب ”العملاء الذين لا يتجاوز دخلهم الشهريّ الحدّ الأدنى للأجور، الأجراء الذين تم تخفيض دخلهم إلى النصف وما دون أو توقيفهم عن العمل بشكل جزئي أو نهائي". وبالنسبة إلى القطاعات، فقد حددها بقطاعات النقل، وقطاع السياحة والمطاعم والمقاهي، وكل القطاعات الإنتاجية المتضررة مباشرة. وبررت الأسباب الموجبة تقديم الإقتراح ب"القوة القاهرة العالمية الناتجة عن أثر فيروس كورونا المستجد وما يشكله من تحديات للإقتصاد الوطني".
خلال المناقشات، اقترح نواب تعديلات عدة. فتدخّل أولا النائب نعمة فرام ليسأل عن مصير الفوائد، معتبرّا أنّه وفي حال تعليق المهل يجب أن يترافق ذلك مع عدم سريان أية فائدة. أما النائب زياد حوّاط، فاعتبر أنّ الأمر يحتاج إلى دراسة معمّقة أكثر، ووافقه على هذه النقطة النائب بيار أبي عاصي، كما والنائب جميل السيّد الذي اقترح تحديد مهلة 15 يوم لإعادة درس الإقتراح. ووافق في مرحلة أولى كلا من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب على الفكرة، ليعودا ويختلفا على المدّة المقبولة لإعادة دراسته نظرا للوضع الطارئ. وفي النهاية، جرى التخلي عن فكرة إعتماد مهلة إضافية. واقترح النائب أسعد درغام زيادة فقرة متعلّقة بعدم سريان الفوائد على الأقساط أو على الأقلّ فرض الحدّ الأدنى لها لمدّة سنة. تدخّل النائب علي فيّاض ليؤكّد على أهميّة هذا الاقتراح وأشار إلى البلدان الأوروبيّة والأردن التي اعتمدت هذا الحلّ. وإعتبر النائب جورج عدوان أنّ من واجب الحكومة إعتماد خطّة شاملة متكاملة بدلا من اتخاذ خطوات متفرّقة. أمّا النائب ياسين جابر، فأكّد أن هذا القرار ليس من صلاحيّة المجلس النيابي إنما من صلاحيّات الحكومة.
أما اقتراح القانون الذي تمّ إسقاط صفة العجلة عنه فهو اقتراح القانون بإنشاء صندوق خاص لمواجهة تداعيات وباء كورونا على من فقدوا عملهم في القطاع الخاص، والمقدم أيضاً من نواب "لبنان القوي". ويعمد الإقتراح إلى إنشاء الصندوق واعتباره "من أشخاص القانون العام"، ولكن ليس من المؤسسات العامة. ويربط الإقتراح الصندوق ب ”لجنة وزارية تضم وزارات المالية والإقتصاد الوطني والعمل والشؤون الإجتماعية"، تعتبر مجلس إدارته.
أما بالنسبة لمهام الصندوق فهي "تقديم مساعدات شهرية تعادل نسبة معينة من الأجر لا تقل عن الثلث أو عن الحد الأدنى للأجور ولا تزيد على مليوني ليرة لبنانية"، ومساعدة المؤسسات الصغيرة التي يتراوح عدد العاملين فيها بين 3 و10 على إستئناف العمل وإعادة العاملين فور إنحسار الوباء أو إلغاء التعبئة، ومساعدة المؤسسات الصغيرة التي ترغب بتغيير نشاطها الإنتاجي. ويقترح النص تمويل الصندوق من 1% من الإيرادات المحصلة من ضريبة الدخل على الأرباح والضريبة على فوائد الودائع المصرفية، والهبات والتبرعات والمساعدات (…)، والقروض وسندات الخزينة طويلة الأمد (…)". وهو يعمد إلى وضع نظام داخلي ونظام مالي للصندوق يصادق عليهم مجلس الوزراء، كما يخضع إلى رقابة ديوان المحاسبة.
وقد استندت الأسباب الموجبة إلى "الدراسة الحديثة التي أجرتها اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) والتي أشارت إلى أن 8,3 مليون شخص سيدخلون دائرة الفقر في المنطقة العربية نتيجة تفشي فايروس كورونا وفقدان حوالي 1,7 مليون وظيفة على الأقل"، وإلى كون بعض الباحثين قد قدروا عدد الذين "فقدوا وظائفهم حتى منتصف شهر شباط الماضي ب 220 الف" شخص.
خلال الجلسة النيابية، اعتبر النائب إبراهيم كنعان في مداخلة افتتاحية أن الإقتراح يرسل رسالة إلى المجتمع اللبناني بأنّ المجلس بدأ العمل الجدّي لتفادي المأساة الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي ستنتج عن أزمة انتشار فيروس كورونا. لكن نتيجة التصويت أسقطت صفة العجلة عن الإقتراح وأحيل إلى اللجان النيابية للدراسة.
وتتحفظ المفكرة إزاء هذا الاقتراح انطلاقا من معطيات عدة. أولا، إنشاء صندوق جديد ذات طبيعة هجينة، إذ هو شخص من أشخاص القانون العام من دون أن يكون مؤسسة عامة. ثانيا، تخصيص جزء من موارد الدولة لصندوق معين مما يناقض مبدأ وحدة الموازنة العامة. ثالثا، أنه يفتح الباب للزبونية في ظل غياب معايير وضوابط صارمة لتحديد الأشخاص المستفيدين من الصندوق وتوفر إمكانات كافية لإرضاء جميع المستفيدين.
إقتراح ثان تم إسقاط صفة العجلة عنه، وهو الإقتراح الذي قدمته النائبة بهيّة الحريري الرامي إلى الإجازة لمؤسسات التعليم العالي الخاص تنسيب تلامذة إلى صفّ الfreshmen للعام الجامعي 2020-2021 وإن لم يكن قد نجحوا بعد في إمتحانات الSAT. شرحت النائبة أنّ هذا الإقتراح يطال 15000 طالب لم يتمكّنوا من تقديم الSAT بسبب الكورونا. وطلبت من لجنة المعادلات إقتراح تعديل بعد أن لفت النائب إلياس بو صعب نظرها على أنّ الٍSophomores يواجهون نفس المشكلة. صوّت النوّاب على صفة العجلة فسقطت العجلة. وتدخّل هنا النائب إلياس بو صعب ليعود ويؤكّد على ضرورة الإقتراح نظرا للضرر الذي سيطال الطلّاب، وطلب تدخّل وزير التربيّة. فردّ عليه رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب ليقول أنّ الموضوع يتحمّل أسبوعين إضافيين لدراسته، وأنّ هذا الأمر يقرّر مع الجامعات. فحوّل الإقتراح إلى اللجان.
مقترحات متعلّقة بالأزمة المالية والمصرفيّة
بلغ عدد هذه المقترحات خمسة، لم يتمّ تصديق أي منها. وقد جرى إسقاط مقترحين وإسقاط صفة العجلة عن مقترحين آخرين وسحب مقترح من قبل مقدّميه.
وأول ما نلحظه هو خلو جدول الأعمال من أي مشروع يستشرف توزيع الخسائر التي قدرتها الحكومة ب 83 مليار د.أ. كما أنه باستثناء اقتراح قانون قدمه النائب شامل روكز لمنع التفرغ عن سندات اليوروبوند، فإن جدول الأعمال خلا من أي ضوابط على حرية مدراء المصارف المتوقفة فعليا عن الدفع في التصرف بأموالها، مما قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر. ويفسر هذان التوجهان بتدخّل رئيس المجلس النيابي الذي دعا إلى قراءة الفاتحة على ما سمي الهيركات والكابيتال كونترول على حد سواء. وفيما فسرت المفكرة هذا الأمر أنه مسعى لإسعاف المصارف ومعها أصحاب الودائع الكبيرة تحت غطاء إسعاف أصحاب الودائع الصغيرة، فإن هؤلاء لم يلقوا أي استجابة من النواب عند النظر في اقتراح قانون لرفع ضمان الودائع.
وقد تم إسقاط المقترحين برفع ضمان الودائع المقدمين تباعا من من النواب هادي أبو الحسن، هنري الحلو وبلال عبد الله ومن االنائب فؤاد مخزومي. ويهدف كلا الاقتراحين إلى رفع ضمان الودائع عبر تعديل المادة 14 في القانون 28/67 والمادة 14 في القانون 110/91.
وقد تم رد الأول الذي هدف إلى رفع قيمة ضمان إلى 75 مليون ليرة في المادة 38 من الموازنة التي أقرّت في 5/3/2020 على اعتبار أنه تم ذلك من خلال المادة 38 قانون الموازنة العامة لسنة 2020.
أمّا الثاني المقدّم من النائب مخزومي لرفع قيمة الضمان إلى 150 مليون ليرة وهو يبقى ذات فائدة لناحية زيادة مبلغ الضمان من 75 مليون إلى 150 مليون ليرة وعدم الدفع بالسندات كما كانت وضعت المادة 38 المشار إليها أعلاه. كذلك فهو يقصّر مدة دفع مبلغ الضمانة كاملا إلى شهرين فيما أنها تصل إلى سنة وأكثر في المادة المذكورة. لكن كل هذه التعديلات لا تعدّ مرضية بفعل انهيار قيمة الليرة.
تمّ إسقاط صفة العجلة عن اقتراح قانون تحديد الفائدة المرجعية لدى المصارف اللبنانية المقدم من نواب تكتّل لبنان القوي بتاريخ 9/4/2020. يتناول الإقتراح تحديد "الفائدة المرجعية" لدى المصارف اللبنانية (BRR: Beirut reference rate on USD). وتشكّل هذه الفائدة إحدى أهم المؤشرات التي تعكس إتجاه الفوائد على الودائع في السوق، كما تحدّد اتجاه الفوائد على القروض الطويلة الأمد وعلى القروض القصيرة الأمد في المستقبل.
ويسعى هذا القانون إلى ضبط الفائدة المرجعية عبر جعلها بالنسبة لكل عملة لا تتجاوز نقطة واحدة الفوائد الدائنة المثقلة على الودائع المعنية. وقد أعطى صلاحية تنفيذ هذا القانون لمصرف لبنان وأناط بلجنة الرقابة على المصارف صلاحية الرقابة على تنفيذه.
وقد اعتبر الاقتراح وفق أسبابه الموجبة أن التخفيضات على هذه الفوائد التي جرت حتى الآن من قبل المصارف بناء على طلب مصرف لبنان لا تزال غير كافية. ولذلك يسعى إلى تخفيض الفوائد الدائنة والفوائد المرجعية أكثر بما يحفّز على الإستدانة من جديد من المصارف ممّا يسمح بتنشيط العجلة الإقتصادية.
خلال مناقشة هذا البند، اعتبر النائب جبران باسيل في مداخلته أن الفوائد في المصارف مرتفعة وطالب الحكومة بالإسراع في البت بالخطة الإقتصاديّة نظرا لسوء الوضع الاقتصادي. كما اعتبر أن حاكم مصرف لبنان يصدر تعاميم "ستودي بالبلد إلى الانهيار مع ارتفاع سعر الصرف فيما الحكومة تنكر معرفتها بها". فوافقه على ذلك النائب أكرم شهيّب. وطالب رئيس مجلس النواب نبيه برّي بإقرار الكابيتال كونترول (وكأن الأخير هو المشرّع وحده) ضمن السياسة المالية. فاعتبر هذا الأخير أن الكابيتال كونترول ليس من عمل المجلس النيابي واستند في تعليله إلى المادتين 70 و74 من قانون النقد والتسليف.
- حظر التنازل مؤقتاً عن سندات اليوروبوند
تم إسقاط صفة العجلة عن اقتراح حظر التنازل مؤقتاً عن سندات اليوروبوند بالعملة الأجنبية لجهات أجنبية. يأتي هذا الاقتراح الذي قدمه النائب شامل روكز (وهو نائب أعلن انشقاقه عن كتلة لبنان القوي) رداً على التقارير المتداولة التي تشير إلى أن العديد من المصارف المحلية قد تنازلت عن قسم كبير من سندات اليوروبوند التي كانت بحوزتها لجهات أجنبية وتحديداً لصناديق شرسة (vulture funds) قائمة على انتهاج استراتيجية إستثمارية إستغلالية. إذ تسعى هذه الصناديق إلى شراء سندات الدول المتعثرة بأسعار بخسة كي تحصل على نسبة كافية منها مما يمنحها حق "الفيتو" على اقتراحات إعادة الهيكلة، ومن ثم تقوم فعلياً بابتزاز الدولة المعنية بهدف انتزاع أرباح فاحشة. فهذه التنازلات إنما تهدد سيادة الدولة وتجعلها عُرضة لهيمنة الدائنين الخارجيين، بتواطؤ كما يبدو من المصارف الداخلية.
وكانت "المفكّرة" قد وضعت بعض الملاحظات حول القانون المقترح في مقال مستقل، بعد تفهم ودعم مغزاه إلا أنها رأت أنه محدود الفعالية لعدم إمكانية إلززام المتنازل له بمضمونه ومن المرجح ألا يؤتي أغراضه.
وكان النائب شامل روكز قد اعتبر في مداخلته خلال الجلسة النيابية أن الجهات اللبنانية قد تنازلت عن الكثير من اليوروبوند لصالح أطراف أجنبية واعتبر أن هذا الإقتراح جاء دعما للحكومة وتأكيدا على رفض التنازل عن المزيد من سندات اليوروبوند. وقد وافقه على ذلك رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.
أخيرا، سحب نوّاب كتلة اللقاء الديموقراطي بلال العبدالله وهادي أبو الحسن اقتراحا كانا تقدما به في 12/1/2020 لتشديد العقوبات على مؤسسات الصيرفة التي لا تتقيّد بأسعار الصرف بحسب تسعيرة مصرف لبنان، بهدف إحالته للجان للدراسة نزولاً عند رغبة زملائه كما قال. أبرز ما جاء فيه أنّه يعدّل المادة 18 ويزيد الفقرة 2 ليفرض على الهيئة المصرفيّة العليا شطب المؤسسة التي لا تتقيّد بأسعار العملات بحسب تسعيرة صرف مصرف لبنان مع اعتبار آخر تسعيرة صادرة عن مصرف لبنان نافذة إلى حين صدور التسعيرة الجديدة. إلا أنه يسمح بمراجعة هذه القرارات أمام مجلس شورى الدولة على أن تبقى نافذة إلى حين البتّ بها على عكس باقي القرارات الصادرة عن الهيئة التي تكون مبرمة.
كما أن تعديل المادة 20 يسمح بمعاقبة الصرافين الذين لا يتقيّدون بأسعار العملات بحسب تسعيرة صرف مصرف لبنان بموجب (المادة 18-2 )، بعقوبة حبس تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات وبغرامة حدّها الأقصى عشرة أمثال الحدّ الأدنى السنوي للأجر أو بإحدى هاتين العقوبتين.