حركة القضاء العدلي 2021-2022 في تونس: انحسار ظاهرة النقلة لمصلحة العمل


2021-08-21    |   

حركة القضاء العدلي 2021-2022 في تونس:  انحسار ظاهرة النقلة لمصلحة العمل

أعلن مجلس القضاء العدلي مساء يوم 20-08-2021 حركة القضاء العدلي للسنة القضائية 2021 -2022. وتتولى المفكرة كعادتها نشرها لما لها من تأثير على نشاط المحاكم، مع إبداء جملة من الملاحظات حولها:

1. تاريخ إعلانها

أعلنت الحركة عشرة أيام فقط قبل نهاية الشهر الثامن في حين أن الفصل 47 من القانون الأساسي المنظم لعمل المجلس الأعلى للقضاء، يفرض ألا يتجاوز تاريخ التصريح بها موفي الشهر السابع من كل سنة. يذكر هنا أن هذا الخرق الإجرائي بات من ثوابت عمل المجلس في حين أنه يمسّ بحقّ القضاة في أن يعلموا مواطن عملهم القضائي قبل أجل معقول من بداية السنة القضائية، وتاليا بحقهم في اتّخاذ التحضيرات اللازمة لأنفسهم وأسرهم، لما قد يلزمهم من تنقلات من مدن إلى أخرى. كما يمسّ بحسن سير مرفق القضاء، بحيث أن إعلان الحركة القضائية قبل أجل معقول من بداية السنة القضائية يتيح لمن ينازعون بنتائجها التظلم منها قبل بداية السنة القضائية، مما يضمن استقرار هيئات الحكم ويمنع الاضطراب الذي قد يتولّد عن مراجعات نتائج الحركات القضائية خلال فترة العمل القضائي.

 2. المشمولين بالحركة أو حجمها

شملت الحركة بالنقلة والترقية 636 قاضيا مباشرا من جملة 2380 قاضيا عدليا مباشرا أي تقريبا ربعهم. وهي بالتالي تماثل تلك التي تمّت خلال السنوات التي سبقت في حجمها. كما يذكر أنها شملتْ 218 قاضيا على مستوى الرتبة الثالثة و129 على مستوى الرتبة الثانية و248 على مستوى الرتبة الأولى. ويؤكد هنا التوزيع حسب الرتب ما سبق وبرز من توجّه الجسد القضائي للتقلص العددي على مستوى الرتبة الثانية في مقابل تطور عدد قضاة الرتبتين الأولى والثالثة. وتبدو هذه الظاهرة على علاقة مباشرة مع سياسة الانتدابات التي انتهجت بعد الثورة والتي سمحت بتطور عدد القضاة من 1875 خلال السنة القضائية 2010 -2011 إلى 2380 خلال السنة القضائية 2020-2021. والتي اقترنت باعتماد مبدأ الترقية الآلية والذي كرس حق القضاة في الارتقاء من رتبة إلى أخرى بما أدى لتشبيب كبير في الرتبة الثالثة.

3. التقييم النوعي 

انتهت الحركة لاستبعاد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالمنستير من خطته. ويبدو هذا على علاقة بما نسب له من تقصير في التعاطي مع ملف قاضية اتهمت بالضلوع في تهريب أموال تمثل في إبقائها بحالة سراح رغم ضبطها متلبّسة واعترافها بالسوابق في ذات الجرم. في غير ذلك يلاحظ أنها لم تشمل خططا على علاقة بإدارة المحاكم بما تكون معه بهذا المنظار حركة اعتيادية لا تعكس تصوّرا خاصّا لإصلاح واجب للعدالة بات الرأي العام يطالب به.

 4. انحسار مؤقت لظاهرة النقلة لمصلحة العمل

كاستثناء لمبدأ عدم نقلة القاضي بدون رضاه، يجيز القانون للمجلس نقلة القضاة من غير طلب منهم متى كانت مصلحة العمل والتي تتمثل في نقص الإطار القضائي أو في تطور حجم العمل تفرض ذلك. وفي إطار هذه الحركة، يذكر أن مثل تلك النقلة شملت 21 قاضيا من قضاة الرتبة الثالثة و3 في الرتبة الثانية مقابل ستة من قضاة الرتبة الأولى. ويبدو عدد هؤلاء محدودا نسبيا وقد يكون مرد ذلك أهمية عدد القضاة المعينين لأول مرة والذين عززت الأغلبية منهم المحاكم الداخلية المعنية بالتعيينات لمصلحة العمل.

5. هواجس الإمضاء

ينصّ الفصل 106 من الدستور أنّ تسمية القضاة تكون بناءً على أمر رئاسي يستند لرأي مطابق يصدر عن مجلس القضاء. ويفترض هذا أن يكون رئيس الجمهورية ملزماً بقوة الدستور بإمضاء الحركة وإصدارها بالجريدة الرسمية لتكون نافذة. ما يبدو هنا بديهيا وغير منازع فيه يبدو مع الرئيس التونسي قيس سعيد أمرا غير مؤكّد لما سبق منه من استعمال لهذه الصلاحية المقيّدة كسبيل لفرض هيمنته على غيره من سلط الدولة ومنها مجلس نواب الشعب. وبفعل ما سبق من انتقادات وجّهها للقضاء وما يتداول عن اتجاه نيته لحلّ مجلس القضاء، يستوجب انتظار موقفه من الحركة القضائية قبل أيّ حديث عن نفاذها.

انشر المقال



متوفر من خلال:

قضاء ، تونس ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني