“
في سابقة تعد الأولى من نوعها مند دخول قوانين السلطة القضائية بالمغرب حيز التنفيذ، رفض البرلمانيون تقديم ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من طرف وزير العدل متشبثين بضرورة حضور الرئيس المنتدب، لعرض ميزانية المجلس، في الوقت الذي طالب فيه نواب آخرون بحضور رئيس النيابة العامة كذلك لعرض ميزانية هذه المؤسسة القضائية الجديدة.
تفجر الجدل خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان المنعقد بمجلس النواب عشية الأربعاء 31/10/2018 لعرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل برسم سنة 2019.
ما الذي يمنع الرئيس المنتدب من الحضور؟
كان هذا هو السؤال الذي طرحه رئيس الفريق الاشتراكي شقران إمام متسائلا أيضا عن ماهية العوائق التي يمكن أن تمس باستقلالية السلطة القضائية؟”
في نفس السياق تشبثت النائبة فاطمة الزهراء برصات، باسم فريق التقدم والاشتراكية بالموقف الرافض لتقديم وزير العدل لميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وقالت “لا بدّ من حضور رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، نحن نناقش صرف الميزانية ولا نناقش التوجهات”.
“سلطة مستقلة عن الحكومة ووزير العدل يقدم ميزانيتها
النائبة عن حزب العدالة والتنمية بثينة القروري أكدت وجود إشكال حقيقي دستوري يتعلق بميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وأوضحت “العام الماضي قبلنا بشكل استثنائي، ووافقنا على تقديم ميزانية المجلس الأعلى خارج القواعد الدستورية، وقلنا مصلحة البلد أولا، لكن الآن حين تدفع السلطة القضائية بعدم حضورها أمام البرلمان نظرا لاستقلاليتها، فمن باب الأولى أن تدفع باستقلاليتها تجاه السلطة التنفيذية”.
وتساءلت :”كيف تعطي السلطة القضائية ميزانيتها للحكومة لتقدمها بدلا عنها، يجب أن تأتي كباقي المؤسسات، والرئيس المنتدب يجب أن يأتي ويقدم مشروع ميزانيته، وليس في ذلك مس باستقلالية السلطة القضائية”.
وقالت:”لدينا مؤسسات دستورية ليست سلط، ولكن مسؤوليها يقدمون ميزانياتهم أمام اللجنة البرلمانية، منهم المجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ونستحضر أنهم لا يخضعون للمحاسبة”.
وأضافت: “لا نريد أن تقدم الحكومة الميزانية، ونلتمس أن يأتي رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ليقدم ميزانيته الفرعية أمام اللجنة. وهيبة السلطة القضائية في مقابلها هيبة المؤسسة التشريعية”.
لا بد من اخضاع النيابة العامة إلى المساءلة أيضا
قال المحامي والنائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة (المعارضة) عبد اللطيف وهبي، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع أمس الأربعاء، “لا يمكن قبول تفسير الدستور على هوى كل واحد، يجب احترام الدستور ودور المؤسسات، إن قبلنا بتقديم الحكومة لميزانية النيابة العامة سنكون أمام كارثة”، وأردف قائلا: “يجب أن نطلع على تفاصيل ميزانية النيابة العامة، لأنها أموال دافعي الضرائب.. إن النيابة العامة تتصرف في حرية الناس بدون مراقبة، وتتصرف في أموال الناس بدون مراقبة. فهل النيابة العامة سوق سوداء، حتى لا نعرف تفاصيل ميزانيتها؟”“
وزير العدل يلح على تقديم الميزانية تكريما للسلطة القضائية
تفاعلا مع الجدل الذي احتدم في جلسة لجنة العدل والتشريع وردا على تدخلات النواب البرلمانيين، ألح وزير العدل محمد أوجار على تكريم السلطة القضائية بتأسيس نوع من الأعراف، والإذن له بتقديم ميزانيتها. وأضاف، “إننا لسنا بصدد ميزانية ضخمة وإنما نشاطات معينة للسلطة القضائية، ألح عليكم وإن كان لا بدّ من تعميق النقاش فلا نطيل فيه”.
وأوضح أنه سأل كل الدول التي انتهجت هذا التوزيع في الاختصاصات، مضيفا: ”أعرف وطنيتكم وأقول لكم إن الممارسات الفضلى في الدول التي لا يمكن التشكيك في إيمانها بفصل السلط، تؤكد أن رؤساء السلطة القضائية لا يحضرون ولا يقدمون الميزانيات”. ودعا إلى “استحضار طبيعة المرحلة والممارسات الفضلى في العالم”.
تأجيل لتعميق النقاش
لم تنفع كلمة وزير العدل في إقناع غالبية البرلمانيين وثنيهم عن مطلب حضور الرئيس المنتدب لتقديم ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وقد اعتبر سليمان العمراني، البرلماني والنائب الأول للأمين العام للعدالة والتنمية، أن النقاش القانوني الفقهي مهم جدا ولا يمكن إلا أن يكون مفيدا جدا، واقترح تأجيل تقديم الميزانية.
وأضاف: “نؤجل إلى جلسة أخرى، وهذا لا يخل بالتزام اللجنة، وفيه تدبير معين في انتظار أن نناقش بين الفرق البرلمانية والسيد الوزير”.
وعليه تقرر تأجيل عرض وزير العدل للميزانية إلى حين التشاور، في ظل تشبث أغلب البرلمانيين بحضور الرئيس المنتدب لتقديم الميزانية.
“