“ما حدث معي هو اختطاف وليس توقيفاً” هكذا تصف الصحافية الأميركية ندى حمصي احتجازها التعسّفي لدى الأمن العام طيلة 23 يوماً. ففي الأيام الأولى لم يُسمح لها بالاتصال بمحام أو بالسفارة أو بعملها أو بأسرتها وبالتالي لم يعرف أحد عنها شيئاً ولا عن مكان تواجدها. ولم تجر ندى أوّل اتصال هاتفي سوى بعد انتهاء استجوابها. ورغم إصدار الأمن العام بياناً في 7 كانون الأوّل حاول فيه شرح أسباب توقيفها من دون سابق إنذار واحتجازها طيلة تلك الفترة، إلّا أنّ أسباب التوقيف بقيت مبهمة. ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل إنّ البيان أعطى إيحاءات خطيرة لا سيّما حين أشار إلى عثوره على جواز سفر أميركي ثان يثبت دخولها فلسطين المحتلّة وإقامتها فيها “كانت قد أخفته عن السلطات اللبنانية المختصة”. وهذا الأمر دفع ندى إلى الرّد بوصف البيان بـ”الخطير وغير دقيق”، معتبرة أنّ الأمن العام يحاول تشويه صورتها للدفاع عن إجراءاته غير القانونية بحقّها، مضيفة “إنه يصوّرني كجاسوسة إسرائيلية، وإرهابية، وتاجرة أسلحة ومخدرات، وهو أمر يمثل خطراً صريحاً على سلامتي الجسدية”.
واستمرّ الأمن العام بملاحقته للصحافية الأميركية، حيث استدعاها مجدّداً بعد مرور أقل من 48 ساعة على قرار إخلاء سبيلها، موجّهاً لها دعوة “لاحتساء فنجان من القهوة”، كان الهدف منها التشديد على ضرورة ترحيلها من لبنان “كي لا يكون وجودها مخالفاً للقانون”، على الرّغم من عدم وجود سبب قانونيّ لذلك، بحسب محامية ندى، ديالا شحادة.
مداهمة منزل ندى والأسباب مبهمة
تروي ندى في حديث مع “المفكرة القانونية”. أنّه “في صباح 16 تشرين الثاني، داهمت قوّة أمنية مسلّحة منزلي في منطقة تباريس – الأِشرفية بإشارة من شعبة المعلومات في الأمن العام، وبرفقتهم مختار المنطقة، وحين سألتهم عمّا إذا كان لديهم إذناً قضائياً بالتفتيش، أكّدوا لي ذلك من دون إبراز مذكّرة تثبت صحّة كلامهم، وبدأوا عمليّة التفتيش فوراً”. وتتابع “صادروا جواز سفري الأميركي المنتهي الصلاحية، والذي يثبت أنني قد دخلت إلى رام الله سابقاً عندما كنت أعمل مع منظمة الأونروا”.
كذلك صادر العناصر الكمبيوتر المحمول الخاصّ بندى وهاتفها المحمول، وبعد تفتيشه تبيّن لهم أنها كانت قد تواصلت مع صحافية في غزة، وهو ما أكّدته ندى مشيرة إلى أنّها كصحافية لديها علاقات مع صحافيين من مختلف الجنسيات والبلدان. وأضافت “صادر العناصر كمية من الذخيرة الفارغة المستخدمة لمكافحة الشغب التي جمعتها من مختلف الأحداث التي غطّيتها، وبعض أغلفة الرصاص التي جمعتها أيضاً من الاحتجاجات، إضافة إلى بعض الملصقات التي تتعلّق بفلسطين والمقتنيات الشخصية والعملات، واتّهموني بالعمل في السوق السوداء، ثم قاموا بتوقيفي أنا وشريكي متجاهلين طلبنا بتقديم مذكرة تفتيش”.
وفقاً لبيان الأمن العام، تم تنفيذ المداهمة بناء لإشارة من النيابة العامة العسكرية بعد أن تبيّن أنّ ندى “أخفت” جواز سفر أميركي ثان يثبت دخولها إلى فلسطين المحتلة، وهو ما تنفيه ندى كون جوازها كان منتهي الصلاحية منذ ست سنوات. وبالتالي فهي لم ترتكب أي جرم يستدعي مداهمة منزلها.
وبحسب المحامية ديالا شحادة، صدرت إشارة التوقيف من قبل المدعي العام في بيروت زياد أبو حيدر عن طريق الهاتف أثناء المداهمة، بعد العثور على ما يقرب من سيجارتين من حشيشة الكيف بين ممتلكات ندى وشريكها.
انتهاك المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية
انتهاك تلوَ الآخر ارتكبه الأمن العام اللبناني في حقّ ندى من توقيفها من دون مبرر واضح مروراً بعدم السماح لها بالاتصال بأحد في الأيام الأولى وتوقيعها على محضر مكتوب بالعربية التي لا تجيدها، وهو ما ما حاول الجهاز نفيه من خلال بيانه المطوّل رداً على “بعض المنظمات الدولية ومنشورات على بعض المواقع الإلكترونية تتضمن مراجعة وأخباراً تتعلق بموضوع توقيف الأميركية من أصل سوري ندى حمصي”، وفق ما ورد في النقطة الأولى منه، في إشارة إلى بيان منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الذي صدر في 8 كانون الأوّل مطالباً بالإفراج فوراً عن ندى.
تؤكّد باحثة لبنان في هيومن رايتس ووتش، آية مجذوب، على وجود انتهاكات عدّة في قضية ندى، فإضافة إلى مداهمة منزل الأخيرة من دون مذكرة قضائية ولا مذكرة تفتيش، انتُهكت حقوقها بالاحتجاز من خلال حرمانها من الاتصال بمحامٍ، ما يعدّ انتهاكاً واضحاً للمادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وهذا الأمر أنكره الأمن العام في بيانه قائلاً إنّه “أثناء التحقيق معها تمّ إطلاعها على كافة حقوقها ووقّعت على المحضرين اللذين نظّما بحقها دون إكراه مع مراعاة كافة الإجراءات القانونية والحفاظ على حقوقها المنصوص عنها في قانون المحاكمات الجزائية لا سيما المادة 47 منه (الاتصال بأحد أفراد العائلة، طلب مقابلة محامي، الاستعانة بمترجم محلف) حيث أبدت عدم رغبتها بالاستفادة منها”.
ندى تؤكّد في اتصال مع “المفكرة” أنّه لم يُسمح لها في أي وقت خلال الأيام الأولى لاحتجازها بالاتصال بمحام أو بالسفارة أو بعملها أو بأسرتها، معلّقة “لقد تمّ اختطافي فعلياً من قبل السلطات اللبنانية ولم يعرف أحد مكاني”. وقد سمح لها المحقق بالاتصال بمحام فقط بعد انتهاء استجوابها، وقد منعوها من استرجاع الرقم من هاتفها، فكان أوّل اتصال لها مع محاميتها بعد أسبوع من احتجازها، وتضيف “لقد طالبت مرات عدّة بحقي في مكالمة هاتفية ولم أرفض هذا الحق بتاتاً”.
وطلب ضباط الأمن من ندى التوقيع على محضر تحقيق لم تستطع قراءته، فهي غير متمكّنة من قراءة اللغة العربية. وقد ترافقت مرحلة التحقيق مع معاملة سيئة ومحاولات ترهيب، وفق ما كشفته ندى لـ”المفكرة”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّها لم تتعرّض لأيّ شكل من أشكال التعذيب الجسدي لكونها مواطنة أميركية، على عكس حال شريكها طاهر الزعبي الذي تعرّض للضّرب منذ لحظة توقيفه في المنزل وتمّ وضعه في الحجز الانفرادي 3 أيام متتالية إلى أن تدهورت حالته النفسية وأُجبروا على نقله.
“تعرّضت لمعاملة سيّئة من قبل العناصر في منزلي عندما وضعوا الأصفاد في يديّ مستخدمين القوة”، يقول طاهر وهو فلسطيني من أم لبنانية يحمل هوية قيد الدرس، في اتصال مع “المفكرة”، ويروي ما حصل معه “بدأ العناصر بجمع ما اعتبروه “مضبوطات” ومن ضمنها سيجارتَي الحشيش التي وضعوها على الطاولة إلى جانب هويّتَينا من أجل توثيق ذلك بالصورة، وعندما حاولت أخذ السجارتين معبّراً عن رفضي لمحاولتهم التقاط هذه الصورة تعرّضت لعنف جسدي ووُضعت الأصفاد بيديّ بالقوّة”. ازداد الوضع سوءاً بالنسبة لطاهر بعد احتجازه لدى فرع المعلومات داخل غرفة أسماها “أوضة الكلب”.
“بقيتُ معصوب العينين و”مكلبش” طيلة فترة احتجازي في تلك الغرفة الضّيقة ولم يسمحوا لي بالمغادرة حتى إلى الحمام. التحقيق اليوميّ معي الذي لم تتجاوز مدّته خمس دقائق كان الهدف منه واحداً هو الحصول على معلومات عن شريكتي ندى. قدّمت لهم إجابات كاملة حول لقائنا الأول، وعمل ندى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنّ أجوبتي لم تكن مقنعة بالنسبة إليهم. لا أعلم ما الرواية التي يريدون سماعها!”. جُلّ ما أرادته القوى الأمنية هو تفاصيل “شيّقة” عن عمل ندى في رام الله، بحسب طاهر، الذي يشدّد على أنّه وشريكته لا يملكان ما يخفيناه، مشيراً إلى أنّ الممارسات النفسية القاسية التي تعرّض لها ما كانت سوى حيلة اعتمدتها القوى الأمنية للضّغط على ندى أثناء التحقيق معها، وأنّه ما كان ليخرج من غرفة الحجز الانفرادي لولا تعرّضه لنوبة هلع.
بيان الأمن العام اللبناني يضع ندى في خانة الخطر
معظم الأسئلة التي طرحها عناصر شعبة معلومات الأمن العام خلال التحقيق تمحورت حول فلسطين وعمل ندى كصحافية، بعدما وجدوا بحوزتها أثناء تفتيش المنزل جواز سفر أميركي ثان منتهي الصلاحية يثبت دخولها وإقامتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واعتبر الأمن العام في البيان أنها “كانت قد أخفته عن السلطات اللبنانية المختصة”.
في هذا الإطار، تشدّد ندى على أنها صحافية أميركية ولدت ونشأت في الولايات المتحدة ولا تملك أيّ جنسية أخرى، وليس من غير القانوني للمواطنين الأميركيين زيارة فلسطين، وهو ما قمت به، وتتابع في ردّها “أنا نصف فلسطينية وكنت سعيدة خلال إقامتي لفترة وجيزة في رام الله”، وقد أمضت هذه الفترة في فلسطين (2014-2015) بسبب عملها مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). تؤكّد ندى على أنها لم تخف جواز سفرها المنتهي الصلاحية منذ 6 سنوات عن أي شخص، ولو أرادت ذلك لكانت قد أتلفته منذ زمن، وتتابع “كان بإمكان الأمن العام الاتصال بي لمعرفة تفاصيل عن الفترة التي قضيتها في فلسطين، وكنت سأخبرهم بكلّ سرور عن عملي لدى الأمم المتحدة”.
ويتابع الأمن العام في بيانه أنّه “إنفاذاً لإشارة النيابة العامة العسكرية تمت مداهمة محل سكنها (ندى) حيث ضبطت فيه بعض الممنوعات (كتيب اسرائيلي يتضمن خريطة اسرائيلية، عملات اسرائيلية، ذخيرة حربية، ۱۰ طلقات عائدة لسلاح حربي، 41 مظروف، قنبلتين دخانيتين فارغتين، وكمية من حشيشة الكيف). تقف ندى عند هذه النقطة متعجّبة وتسأل “ما هي “خريطة إسرائيل” بنظرهم؟ لدي العديد من الخرائط، وهي لفلسطين المحتلة”، موضحة أنّه كان لديها أيضاً 5 شيكلات إسرائيلية وهي العملة المستخدمة أيضاً في رام الله إلى جانب عملات مصرية وتركية ويورو وجنيهات إسترلينية ودولارات أميركية احتفظت بها بعد زيارتها لعدد من البلاد.
“من الواضح أنني لست جاسوسة إسرائيلية، وهذا التلميح ليس فقط سخيفاً بل خطير للغاية”، تقول ندى، وتضيف “لديّ جذور سورية وفلسطينية وأنا مؤيّدة لفلسطين، ولديّ ثلاثة وشوم على ذراعي تتعلق بالقضية الفلسطينية. حبّي لفلسطين لا شكّ فيه، لكنّ تصريح الأمن العام غير المسؤول وضعني في موقف خطير”.
أمّا بالنسبة إلى ما وصفته ندى “مخبأ الأسلحة” الذي عثروا عليه، فقد صادر الأمن العام بعض أغلفة الرصاص الفارغة التي أخذتها من كابول بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وبعض ذخائر مكافحة الشغب (بما في ذلك قنابل غاز مسيل للدموع فارغة) من اشتباكات الطيونة ومختلف الاحتجاجات اللبنانية الأخرى، وكانت تستخدمها كزخرفة على أحد رفوف الكتب. كما أنّهم صادروا قبعة كانت قد احتفظت بها منذ احتجاز رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في السعودية كتب عليها “كلنا معاك”، وبعض الأشياء المماثلة الأخرى التي جمعتها خلال سنوات عملها كصحافية، وعلّقت “من الواضح أنني لست تاجرة أسلحة كما يحاول أن يظهرني بيان الأمن العام”.
ندى احتجزت “تعسّفياً” ووقف التنفيذ بقرار ترحيلها
يفيد بيان الأمن العام بأنّ الموضوع الأمني قد عولج بناء لإشارة النيابة العامة العسكرية، حيث تركت الصحافية الأميركية بسند إقامة وترك أمر البت بإقامتها لقرار المدير العام للأمن العام. وتمّت مخابرة النيابة العامة الاستئنافية لجهة حيازة الممنوعات (حشيشة الكيف) والمعاقب عليها بموجب القانون اللبناني، حيث أشارت النيابة العامة المذكورة بتوقيفها وإحالتها إلى مكتب مكافحة المخدرات المركزي عبر دائرة التحقيق والإجراء.
إلا أنّ بموجب قانون المخدرات اللبناني، يجب إحالة المشتبه باستخدامهم المخدرات إلى “لجنة إدمان” متخصصة من أجل العلاج، ووقف الإجراءات القانونية ضدّه إذا وافق على العلاج. وفي 25 حزيران 2018، أصدر النائب العام التمييزي آنذاك سمير حمود تعميماً يمنع التوقيف الاحتياطي للأشخاص المشتبه باستخدامهم المخدرات.
شحادة اعترضت من جهتها على احتجاز ندى تعسفياً، فبموجب القانون اللبناني، يجوز احتجاز شخص دون توجيه تهمة لمدة أقصاها 96 ساعة ثم يجب الإفراج عنه إذا لم يُوجّه إليه أي اتّهام، أمّا في حالة ندى، قد تمّ توقيفها في 16 تشرين الثاني وتقدمت شحادة بطلب للإفراج عنها في الـ25 منه، وفي اليوم نفسه أمر المدعي العام في بيروت بالإفراج عنها مع ترك البتّ بإقامتها لقرار المدير العام للأمن العام، وبتاريخ 26/11/2021، تركت بسند إقامة فيما خص حيازتها على ممنوعات.
وعقب قرار الترك، استمرّ توقيف ندى بشكل باطل من قبل الأمن العام، بحسب شحادة، حيث صدر قرار مدير عام الأمن العام بترحيلها، وهو ما أوعزه البيان لاحقاً إلى أنّ “الأنظمة اللبنانية تمنع دخول وإقامة الأجانب من أصل عربي في لبنان إذا كانوا مقيمين أو دخلوا سابقاً الأراضي الفلسطينية المحتلة”. تعترض شحادة، من جهتها، على حجّة الأمن العام غير المنطقية، كما أنّ لا علاقة لهم بأصلها وعليهم التعامل معها كمواطنة أميركية فقط، فالمادة 285 من قانون العقوبات لا تعاقب على الدخول إلى بلاد العدو إلّا في حال كان الشخص لبنانياً أو عربياً مقيماً في لبنان.
وتنفي شحادة وجود سبب قانونيّ للترحيل ذلك لأنّ ندى تعمل كصحافية حرة وتأشيرتها السياحية لم تتجاوز الثلاثة أشهر، كما يحق لها الاعتراض على قرار الترحيل الصادر بحقّها دون أن تكون موقوفة في هذه الحالة وأضافت “وفق مصادري، لا يوجد كذلك بلاغ يمنع دخول ندى فور مغادرتها البلاد”.
وكانت شحادة قد تقدمت بطلب لدى الأمن العام لترك ندى فوراً وإعادة النظر بقرار الترحيل، وتمّ الضغط إعلامياً وحقوقياً من أجل تنفيذه. وفي 1 كانون الأول، وجّهت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش رسالة إلى مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تطالبه فيها بالإفراج عن الصحافية والتحقيق في سلوك مرؤوسيه، ولكنّ المنظّمتين لم تتلقّيا أيّ رد.
أسبوع كامل مرّ بدون نتيجة فعليّة، أعادت بعده شحادة في 6 كانون الأول تقديم طلب لدى النيابة العامة التمييزية يقضي بإلزام الأمن العام ترك ندى لعدم قانونية الاحتجاز، تبعه تقرير حول قضية الصحافية الأميركية نُشر عبر الوسائل الإعلامية من قبل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وتمّ حينها “وقف تنفيذ قرار الترحيل لحين البت بالطلب، حيث صدر القرار بإخلاء سبيلها وتسليمها مستنداتها ومتابعة الإجراءات الإدارية اللازمة”، وفق ما ورد في بيان الأمن العام، غير أنّ رئيس شعبة الإجراء والتحقيق بسام فرح كان قد أكّد لشحادة التراجع عن قرار الترحيل.
سبب المداهمة الأساسي لا يزال مجهولاً
تبدي شحادة استغرابها من عدم إفصاح الأمن العام اللبناني عن السبب الرئيسي لمداهمة منزل حمصي وتوقيفها واحتجازها، موضحة أنّهم في بداية الأمر كانوا قد دوّنوا أنها من الجنسية السورية، وتضيف في اتصال مع “المفكرة” أنّه “قد يكون الأمن العام قد وجد نفسه في ورطة لا قدرة له على التراجع عنها فوراً بعدما اكتشف أنّ ندى لا تملك سوى جواز سفر أميركيّ”.
وعن أسباب المداهمة والاحتجاز، تطرح المحامية فرضيات عدة، منها احتمال وجود رغبة لدى بعض المتشدّدين ذوي النّفوذ في المنطقة التي تسكن فيها ندى بطردها بسبب أصولها السورية أو أن يكون للأمر علاقة بعلم فلسطين الذي رفعته ندى على شرفة المنزل في فترة سابقة من العام الجاري تزامناً مع الحرب الأخيرة على غزة، حيث أتى حينها عناصر من مخابرات الجيش وطلبوا منها إزالة العلم لأن هذا الأمر له بعد طائفي وقد يثير النعرات في المنطقة، مع العلم أنّها لم ترفع العلم مجدداً منذ ذلك الحين. وفي هذا السياق، قالت ندى نقلاً عن لسان محامٍ آخر أنّه قد يكون للتوقيف علاقة بمراجعة يجريها فرع المعلومات بين الحين والآخر عن الصحافيين الذين يتواصلون مع أشخاص في فلسطين.
تعرب ندى عن ضعف إيمانها كصحافية بإمكانية محاسبة السلطات الأمنية على ما ارتكبته بحقّها، ولكنّها، بالرّغم من ذلك، ستتابع الملفّ مع محاميتها التي تسعى جاهدة عبر الطرق القانونية إلى معرفة السبب الرئيسي للتوقيف. فيما تؤكّد آية مجذوب استمرار متابعتها للانتهاكات التي تعرّضت لها الصحافية الأميركية وما إذا سيتمّ اتّخاذ أيّ إجراءات بحقّ العناصر الذين خالفوا القانون، بخاصّة مع ازدياد القضايا الاعتباطية ضدّ الصحافيين بغية التضييق عليهم، إضافة إلى تعرّضهم للعديد من الانتهاكات لدى الأجهزة الأمنية، وفق آية.