المفكرة القانونية تصدر ورقة بحثية حول نظام البناء القاعدي

المفكرة القانونية تصدر ورقة بحثية حول نظام البناء القاعدي

تُصدر المفكرة القانونية – تونس، اليوم، ورقة بحثية بعنوان “الرئيس يريد: تناقضات نظام البناء القاعدي ومخاطره”، وقد أنجزها الباحثون مهدي العش ومحمد الصحبي الخلفاوي وسامي بن غازي.

تتأتّى الحاجة لهذه الدراسة من أنّ مشروع البناء القاعدي، الذي حمله قيس سعيّد منذ السنوات الأولى للثورة، وصولا إلى الانتخابات الرئاسيّة التي أوصلته إلى قصر قرطاج، لم يحظَ بالدراسة والاهتمام الكافييْن. وعلى الرّغم من تعدّد المؤشرات منذ 25 جويلية 2021، وأبرزها الاستشارة الوطنيّة، على نيّة الرئيس المضيّ في تنزيل مشروعه، لم يخضعْ هذا المشروع إلى نقاش عامّ حقيقي يحاول فهم فلسفته وسبر أعماقه ومناقشة آثاره والبحث في تناقضاته. ساهمت في ذلك حالةُ “الإنكار” التي ألمّت بجزء كبير من النّخب، في ظلّ استراتيجية رئاسيّة قوامها تمرير المشروع بالتقسيط مع إلباسه رداء الإرادة الشعبيّة. 

نُشر مشروع الدستور في 30 جوان 2022، حاملا بصمات البناء القاعدي، في نظامه الرئاسوي وسحب الوكالة من النواب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وعدم التنصيص على الانتخاب المباشر لمجلس نواب الشعب، معبّدا الطريق للمراسيم الرئاسيّة كي تستكمل البناء. أمّا التراجع عن العنصر الأخير في النسخة المعدّلة من مشروع الدستور، فلا يعني تخلّيا عن فلسفة البناء القاعدي، التي تبقى ليس فقط حاضرة في الغرفة البرلمانية الثانية، بل ويكفي إقرار الاقتراع المباشر على الأفراد في المعتمديات بغضّ النظر عن وزنها الديمغرافي، لإنتاجها أيضا في الغرفة النيابيّة الأولى. فإذا كان البناء القاعدي في عمقه تمثّلا معيّنا للثورة، فهو عمليا نظام سياسي ونظام اقتراع، يصعب مناقشة الأوّل من دون الثاني. 

لقد كُتِبت جلّ أبواب هذه الدراسة قبل نشر مشروع الدستور في 30 جوان 2022. وقد بذلنا ما في وسعنا لنشرِ هذه الدراسة قبل الاستفتاء على مشروع الدستور، إسهامًا منّا في الارتقاء بالنقاش العامّ حوله في اتجاه نقاش المضامين والبحث في عمقه، عوض منطق التضليل والابتزاز السياسيّ. ونأمل تاليًا أن تساهم هذه الدراسة، على الرّغم من أنّها ليست تعليقا على مشروع الدستور، في إنارة القارئ حول خياراته في مجال النظام السياسي، وانعكاساتها ومخاطرها. فإذا كان الرئيس يتفادى بعناية عرض مشروعه كاملا وبوضوح على النقاش العامّ، فإنّ من صميم دورنا مقاومة هذه المواربة، ومناقشة المشروع في كليّته.

إنّ ما نطمح له من خلال هذه الدراسة، هي المساهمة في نقاش فكري لمشروع البناء القاعدي، في سياق سياسيّ استثنائي في تاريخ تونس. نحن لا ندّعي حيادًا، ولا نرى هذا العمل في انعزال عن الرهانات التاريخيّة التي تمرّ بها التجربة الديمقراطيّة التونسيّة. لكنّنا حاولنا على الأقلّ أن نأخذ على محمل الجدّ هذا المشروع، وأن نسائله ليس فقط بالنظر إلى التجارب الديمقراطيّة الموجودة، وإنّما أيضا بالنظر إلى الشعارات ذاتها التي يرفعها. فافتراض صدقِ النوايا لدى أصحاب المشروع وإرادتهم في تحقيق “ديمقراطيّة حقيقيّة تعيد للشعب أدوات التعبير عن إرادته” (وهو الافتراض الذي انبنتْ عليه هذه الدراسة)، لا يعني أبدًا التسليم بأنّ من شأن المشروع المطروح أن يصل إلى هذه الغاية. فكم من نوايا صادقة برّرت ممارسات ووصلت إلى نتائج مناقضة تماما لما تتوق إليه، وكان ثمنها على الشعوب باهظا جدّا.

يبقى أنّ الفائدة من هذا العمل تتجاوز سياق النقاش حول الاستفتاء الدستوريّ أو مشروع البناء القاعدي. فهي فرصة لمساءلة بعض الأفكار الجاهزة وأحيانا المضلّلة التي تحوّلت إلى خطاب مهيمن، والنهوض بالنقاش العامّ حول قضايا النظام السياسي ونظام الاقتراع والديمقراطيّة. كما حاولنا من جهة أخرى تجاوز هذه الأطر، لنضع البناء القاعدي داخل جدليّة الثورة والانتقال الديمقراطي التي يعبّر عنها، وأيضا داخل السؤال حول أزمة الديمقراطية التمثيليّة في العالم، التي تشكّل الظاهرة الشعبويّة في الآن ذاته نتيجة وتحدّيا لها، والتي يتصوّر أنصار البناء القاعدي مشروعهم تجاوزًا تاريخيّا لها. فعسى أن نكون نجحنا في هذه المحاولة. ونحن نضع هذه الورقة البحثيّة ابتداءً من اليوم في متناول قرّائنا وقارِئاتنا، مرحّبين بأيّ ملاحظات أو اقتراحات لتطوير التفكير والرصد والنقاش بهذا الشأن.

لقرءاة الورقة البحثية كاملة وتحميلها اضغط هنا

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكم دستورية ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، قرارات قضائية ، تشريعات وقوانين ، تونس ، دستور وانتخابات ، دراسات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني