عقدت محكمة استئناف الجنح في بيروت برئاسة القاضي طارق بيطار الأربعاء في 2 كانون الثاني جلسة لمتابعة النظر في قضيّة ملف الطفلة إيلّا طنّوس التي فقدت أطرافها الأربعة نتيجة خطأ طبّي. وكانت المحكمة تنتظر في هذه الجلسة ردّ وزارة الصحّة حول استسفسارها عن “توفّر الفحص التشخيصي للبكتيريا العقديّة الـ Streptococcus A في لبنان عام 2015 حين دخلت الطفلة إلى مستشفى الجامعة الأميركيّة. إلّا أنّ الوزارة اعتبرت في ردّها الشفهي على وكيل عائلة إيلّا أنّ ذلك ليس من اختصاصها بل من اختصاص نقابة الأطباء.
المحكمة هدفت من طلبها هذا، تقييم قرار مستشفى الجامعة الأميركية بإرسال فحوصات الطفلة إلى ألمانيا وانتظار نحو أسبوعين لعودة النتائج بدلاً من إجرائه في لبنان. وكان والد إيلّا، حسّان طنّوس يُشدد في توجّهه للمحكمة بأنّ الفحص كان متوفّراً، مستنداً إلى تقرير اللجنة الطبيّة التي أصدرت تقريرها في مرحلة التحقيقات. وقال وكيل عائلة الطفلة المحامي نادر الشافي للمحكمة: “سلّمت وزارة الصحّة طلب المحكمة إلّا أنّهم ردوّا عليّ شفهياً بأنّ هذا الأمر ليس من صلاحيّة الوزارة تحديده وطلبت منّي إحالته إلى نقابة الأطباء”. لذا، طلب القاضي بيطار إحالة الطلب إلى نقابة الأطباء بغية الحصول على مستند رسمي يؤكّد وجود الفحص في لبنان من عدمه في تلك الفترة.
وفي الوقت الذي تتخذ فيه هذه الإشكاليّة حيّزاً واسعاً من وقت الجلسة، كانت المحكمة تنتظر من الجامعة الأميركيّة تسمية الشخص المسؤول عن اتخاذ قرار إرسال عيّنات الطفلة إلى ألمانيا، لكنّ مستشفى الجامعة الأميركيّة استعاض عن ذلك بالرّد عبر وكيلها المحامي سيرج مالكونيان بأنّ “المختبر هو الذي يقرر”. ومقابل ذلك، سلّم مالكونيان المحكمة مذكرة توضيحيّة تشرح فيها إدارة الجامعة أنّها قامت بالإجراءات المطلوبة منها لناحيّة إجراء الفحوصات للطفلة. وبحسب توضيحه خلال الجلسة، شرح مالكونيان أنّ المستشفى أجرى للطفلة الفحص المتعلّق بزرع الدم وهو فحص لتحديد نوع البكتيريا العقديّة إلّا أنّ النتائج جاءت سلبيّة بسبب تناول الطفلة المضادات الحيويّة. لذا قرر المختبر إرسال العيّنات إلى ألمانيا لإجراء فحص الـ 16 S DNA Sequencing لتشخيص البكتيريا بسبب عدم توفّره في لبنان. ولدى استفسار القاضي بيطار عن هويّة الشخص المسؤول الذي قرر إرسال هذه العيّنات إلى ألمانيا، صرّح مالكونيان أنّ “هذا القرار من صلاحيّة المختبر ولا يوجد اسم شخص معيّن”.
أثار هذا الأمر اعتراض والد إيلّا الذي شدّد أمام المحكمة على أنّ “الفحص موضوع النقاش كان موجوداً في لبنان وهذا وارد في تقرير اللجنة الطبيّة”. واعتبر طنّوس أنّه “لو فعلاً كان الفحص غير موجود في لبنان لكانت إدارة الجامعة صرّحت باسم الشخص المسؤول عن إرسال العيّنات”.
بعد الأخذ والرد في هذه المسألة، ذهب القاضي بيطار للنظر في الطلبات المقدّمة من الرهبانيّة المارونيّة مالكة مستشفى المعونات في جبيل. واتّصلت هذه الطلبات بوقف تنفيذ الحكم البدائي وفسخ تقرير اللجنة العلميّة، وإعادة الاستجوابات على أن تكون استجوابات متخصّصة بالمعلومات الطبيّة. فقرّر القاضي بيطار ضمّها إلى أساس الدعوى، وشرح بأنّ قرار وقف تنفيذ الحكم الآن لن يغيّر شيئاً بسبب صدور قانون تعليق المهل. ورداً عن استفسار وكيل الرهبانيّة المارونيّة روي لبكي حول ما إذا كانت المحكمة ستُصدر القرار في حال عدم تمديد قانون تعليق المهل الذي تنتهي مفاعليه آخر العام الحالي، أفاد القاضي بيطار أنّه حكماً سيصدر القرار لكن اليوم لا ضرورة له في ظلّ تعليق المهل.
ولناحية التقرير المطلوب فسخه، لفت إلى أنّ دعوى التزوير التي قدّمها مستشفى الجامعة الأميركيّة بشأن تقرير اللجنة العلميّة تمّ حفظها من قبل النيابة العامّة، وبناء عليه قرر القاضي بيطار رد هذا الطلب.
في النهايّة، أرجأ القاضي بيطار الجلسة للمرافعة في تاريخ 13 كانون الثاني 2021. إلّا أنّ ذلك لن يعني ختام الملف. فبحسب توضيحه أشار إلى أنّ هيئة المحكمة ستقوم بقراءة الملف بطريقة معمّقة وفي حال لم تجد هيئة المحكمة قناعة تامّة بالتأكيد ستفتح المحاكمة. وعلى هذا الأساس سيجري الاطلاع والبحث في كافة الطلبات التي ضُمّت إلى أساس الدعوى.
“الصلح سيد الأحكام”
يُصرّ القاضي بيطار على أن يدفع الجهات المتقاضيّة في قضيّة الطفلة إيلّا طنوس على التواصل فيما بينهم لإمكانيّة إجراء صلح بينهم. وإذ أشار إلى أنّه يظهر أنّ “التواصل شبه مقطوع بين الأطراف المتنازعة”، صرّح في ختام الجلسة أنّه مستعد للجلوس معهم والبحث في الحلول الممكنة، واقترح على المتقاضين أن يأتوا إلى مكتبه يوم غد الأربعاء. ويأتي تمسّكه بهذا التوجّه انطلاقاً من رؤيته بأنّ الحل الحبّي في هذه القضيّة الحساسّة هو الأفضل لمصلحة الطفلة حيث أنّ “الصلح سيد الأحكام”. وفي كل جلسة يكرّر مقولته لعائلة إيلّا أنّ “الحل الحبّي لا يعني ولن يعني أبداً أنّه تنازل عن الحق”.
القاضي سأل الجهات المتداعيّة أمام المحكمة حول إذا ما حصل أيّ تواصل فيما بينهم بعد الجلسة السابقة التي انعقدت في 11 تشرين الثاني 2020 فصرّح وكيل الطبيب عصام معلوف المحامي صخر الهاشم أنّه جرى إرسال بريد إلكتروني لإدارة الجامعة الأميركيّة في بيروت مباشرة بعد الجلسة بهدف تنسيق اجتماع مع رئيسها فضلو خوري إلّا أنّ الجواب كان أنّ الأخير لا يريد التدخّل في هذا الموضوع بنفسه وأحال الأمر إلى وكيل الجامعة. لكنّ تبين خلال الجلسة أنّه لم يجر التواصل مع المحامين من بعدها وفقاً لما صرّح به مالكونيان.
وفي الوقت عينه يستمرّ القاضي بيطار في طرح القضيّة أمام المحكمة بدون تأخير، محدّداً تواريخ الجلسات في مهل لا تتعدى ثلاثة أسابيع كلّ مرّة، ويؤكّد تمسّكه في استمرار المحاكمة بدون أن تؤثّر عليها أيّ محاولة لإجراء الصّلح.
مقالات ذات صلة بقضية إيلّا:
قضيتا إيلا وصوفي تنتظران التقارير: لا آليات رقابة فاعلة على عمل المستشفيات
قضية الصغيرة إيلا على عتبة القرار الظني: سنتان من العناء والانتظار
قضية إيلا طنوس: القرار الظني صدر، والعائلة راضية
جلسة استجواب الأطباء في قضية الطفلة إيلا… روايات لا تلغي الضرر
تقارير طبية جديدة في قضية الطفلة إيلا طنوس: والدعوى تتجه لإكمال سنتها الرابعة
والدة إيلا طنوس تنفعل وتضعها على مكتب القاضي: انظروا بعين الإنسانية إلى ابنتي
تأجيل دعوى إيلا طنوس: تشديد على حضور شهود من اللجنة الطبية
“إيلا” و”صوفي” في معركة واحدة: مرافعة في قضية الخطأ الطبي
مرافعة مؤثرّة في قضية بتر أطراف الطفلة إيلا أمام محكمة بيروت: “ابنتي تقول إنها ستكبر وسيكون لها يدان ورجلان”
العدالة مؤجلة في قضية إيلا طنوس.. القاضي يفتح المحاكمة من جديد ويتنحى
بعد تنحي القاضي تقي الدين، القاضية صفير تتولى النظر في قضية إيلا طنوس
وانتصرت إيلا…
قضيّة إيلّا طنّوس في الاستئناف: القاضي بيطار يطرح الصلح لحلّ القضيّة، هل ترضى المستشفيات؟
قضيّة إيلّا طنوس: فرص ضئيلة لعقد الصّلح والقاضي يُباشر المحاكمة