يوم الجمعة الماضي، كان آلاف النازحين يستعجلون مغادرة أحد أكبر مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بمدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، مشيًا قبل ساعات من انتهاء مهلة الجيش الإسرائيلي لسكّان المنطقة بالإخلاء. من بين المغادرين، نازحون أصيبوا في الاستهداف المدفعي الإسرائيلي للمركز في 24 الشهر الماضي حيث استشهد 12 شخصًا وأصيب العشرات: “الدبابات تحيط بنا ونحن نجرّ جرحانا ونستعدّ لمسير طويل نحو رفح”، يقول أبو خالد الحطاب، أحد النازحين.
والاستهداف هو الثاني للمركز الذي ثُبّتت عليه شارات الأمم المتحدة، وتملك السلطات الإسرائيلية إحداثياته كما هو الحال مع منشآت الأونروا الـ 154 الأخرى في القطاع والتي تضمّ 1.4 مليون لاجئ وهو بحسب الوكالة “أربعة أضعاف طاقتها”.
إلى رفح التي يتكدّس فيها 1.4 مليون فلسطيني يبيتون في منشآت مؤقتة أو خيام أو في العراء، وصل أبو خالد مع أسرته وتحديدًا إلى خيمة لا تقيهم برد الشتاء ولا تردّ عنهم سيول الأمطار، وبسط على الأرض أكياس طحين فارغة تحمل شعار الأونروا وزّعت على بعض النازحين قبل أيام.
في هذا الوقت كانت الأونروا تتلقّى إشعارات من عدد من الدول بتعليق التمويل عنها بدأت من الولايات المتحدة أكبر مموّلي الوكالة وحذت حذوها دول أخرى (18 حتى الآن). أما الذريعة المعلنة لذلك فهي بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “الادعاءات (الإسرائيلية) القائلة بأنّ 12 من موظفي الأونروا ربما تورطوا في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر”.
ورغم أنّ السبب المعلن للقرار مرتبط بشكل رئيسي بالادعاءات الإسرائيلية إلّا أنّ إسرائيل لم تقدّم أيّ دليل على ذلك، فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة فسخ الوكالة عقود 9 منهم، كاشفًا أنّ أحد الثلاثة الباقين متوفٍ والاثنين الآخرين لم يتمّ التعرّف على أسمائهما من ضمن موظفي الأونروا. وحتى لو ثبت الادعاء الإسرائيلي فلا أدلة على مسؤولية مباشرة للوكالة لاسيّما أنّها تطبّق معايير صارمة بالحياد على موظفيها من أجل طمأنة الدول المموّلة.
وتوظّف الأونروا أكثر من 30 ألف فلسطيني في مناطق عملها الخمس (غزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان)، أكثر من ثلثهم في غزة، وتقدّم خدماتها الإنسانية لـ 5.6 مليون فلسطيني، ثلثهم في القطاع. وتشمل خدماتها الإنسانية بحسب موقعها الرسمي “التعليم الابتدائي والمهني والرعاية الصحية الأولية، وشبكة الأمان الاجتماعي والدعم والبنية التحتية وتحسين المخيّمات المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة، بما في ذلك في حالات النزاع المسلّح”.
ويختلف حجم الاعتماد على الأونروا من منطقة إلى أخرى وإن كان الأعلى في غزة – منذ ما قبل الحرب – كما في سوريا ولبنان، فيما تبقى الأونروا تؤمّن دعمًا لا غنى عنه للاجئي فلسطين في الأردن، ويصبح وجودها في الضفة الغربية بمثابة حاجز يجنّب اللاجئين الخضوع التام لسلطة الاحتلال.
ولدى إسرائيل هدفان متلازمان من الحملة على الأونروا، الأوّل يرتبط بقطع آخر ما تبقّى من الإمدادات عن أهل غزة ضمن حرب الإبادة التي تشنّها ضدّهم، والثاني يرتبط بقرار تصفية قضية اللجوء من خلال تصعيد الضغط على الفلسطينيين من أجل تخلّيهم عن حقوقهم في العودة وتقرير المصير. وليس أدلّ على ذلك من تصريح لوزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس على منصة “إكس” “الأونروا تطيل أمد الرواية الفلسطينية الكاذبة عن حاجة اللاجئين الفلسطينيين للعودة إلى إسرائيل (…) إنّهم جزء من المشكلة وليس الحل”. والفلسطينيون ليسوا غافلين عن الهدف الثاني أي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو واضح في تصريحاتهم وبياناتهم، وهو هدف يتعارض مع القرار الأممي (302) الذي أُنشِئت بموجبه ولأجله الأونروا في 18 كانون الأول/ديسمبر عام 1949.
وبعيدًا عن أسباب الحملة الإسرائيلية القديمة والمتجدّدة ضدّ الأونروا، والغرض من تصفيتها، فإنّ جرس الإنذار الأوّل الذي يقرع، في ظلّ الإبادة الجماعية، هو المتعلّق بالآثار الاقتصادية والاجتماعية والخطر على حياة الفلسطينيين في ظل قرارات قطع التمويل عنها، وهو ما يتناوله في هذا التحقيق.
“قتل” الأونروا في غزة كجزء من مخطّط الإبادة
تعدّ الأونروا الذراع الأممية لتلبية الالتزامات تجاه اللاجئين الفلسطينيين، مع العلم أنّها في عجز مالي دائم عادة ما يحدّ من قدرتها على الوفاء بكامل التزاماتها، فيما يشكو الفلسطينيون من تراجع تقديماتها لاسيما خلال السنوات الأخيرة.
وتقدّم الأونروا خدمات حيوية للاجئين الفلسطينيين في غزة وهي مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا من ديارهم عام النكبة، ويقدر عددهم بـ 1.6 مليون في القطاع، لكنها تقدّم اليوم خدماتها الشحيحة لأكثر من مليونَي فلسطيني في غزة، من ضحايا حرب الإبادة الجماعية اليوم، هجّرتهم النار الإسرائيلية من منازلهم في غزة. فلجأ نحو 1.4 مليون منهم إلى 155 مركزًا ومدرسة تابعة للأونروا، هم أربعة أضعاف الطاقة الاستيعابية لهذه المنشآت، و400 ألف منهم التجأوا إلى محيط هذه المراكز. وكل هؤلاء، تعدّ الأونروا المصدر الرئيسي للإغاثة الغذائية لهم، كما لباقي الغزاويين في منازل النزوح وفي الخيام.
وفي غزة اليوم، إبادة جماعية تتواصل، فيصبح 4.3% من شعبها بين شهيد وجريح ومفقود، فيما 90% مشرّدون من منازلهم، مع إصابة أكثر 880 ألف منهم بأمراض طويلة الأمد، و380 ألفًا منهم بأمراض معدية، فيما 72% من مستشفياتها متضرّرة، و56% منها خارج الخدمة، مع توقّف 80% من مراكز الرعاية الصحية عن العمل بشكل كلي، وذلك بحسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية.
وتقدّر الأونروا أنّ مساعداتها تغطّي 5 إلى 7% فقط من احتياجات السكان في غزة اليوم، والسبت الماضي، قال مفوّضها العام فيليب لازاريني إن “تدابير الوكالة الأممية يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص للبقاء على قيد الحياة”، فيما أكد بيان الأونروا يوم الجمعة في الأوّل من شباط أنّه “من الصعب تخيّل أنّ سكان غزة سينجون من هذه الأزمة بدون الأونروا”.
وقد استشهد 152 موظفًا في الأونروا، معظمهم مع عائلاتهم، وكذلك 360 من اللاجئين والنازحين خلال احتمائهم داخل المدارس والمباني الأممية خلال 260 هجومًا إسرائيليًا نفذ على هذه المباني والمنشآت، كما استهدفت وتضرّرت 82% من منشآت الوكالة، فأصيبت 60 منشأة بشكل مباشر وتعرّضت 68 منشأة أخرى لأضرار جانبية، بحسب أرقام الأونروا. وقد أعلنت الوكالة مؤخرًا أنّ “سكان غزة ليس لديهم مكان يذهبون إليه، وهم ليسوا آمنين في أي مكان، لا في المنزل، ولا في المستشفى، ولا في داخل مباني الأمم المتحدة والملاجئ”.
إذًا، يعدّ قرار إيقاف تمويل الأونروا بمثابة “آخر فصول الإبادة” على حدّ تعبير أبو خالد الحطاب الذي يخبر “المفكرة القانونية” أنّ “الناس هنا في رفح لم يأكلوا التراب بعد لأنّ الأونروا كانت موجودة، رغم أنّ ما تقدّمه لا يكاد يسدّ جوع طفل بظلّ منع دخول المساعدات”. ويوضح أنّه: “في شمال غزة، أكل الناس الشعير وربطوا على بطونهم من الجوع”. ويصف أبو خالد النازحين في رفح بأنّهم “مذعورون” من احتمال توقّف الأونروا عن العمل: “أحد أسباب قرار خروجنا من الشجاعية بداية الحرب كان طمعًا ببعض الطحين وبقليل من المعلبات مما توفره الأونروا في مراكز تجمّع النازحين، ونحنا عارفين أنه ما رح يكون إلنا أمان بمحل على طول غزة، بس على الأقل ناكل قبل ما نموت”.
وقبل الحرب، كانت الأونروا تخصّص 55.8% من حصة غزة من متطلّبات تمويلها، لمدّ اللاجئين هناك بالغذاء (وفق أرقام 2023)، ما يبرهن فداحة الحالة الإنسانية في القطاع منذ ما قبل الحرب، وبسبب الحصار. فكانت حصة غزة من التمويل (311.4 مليون دولار) توازي حوالي 10 مرات نظيرتها في الضفة المحتلة (32.9 مليون دولار)، رغم أنّ عدد اللاجئين المسجّلين هو أقلّ من الضعف (900 ألف في الضفة مقابل 1.6 مليون في غزة) فيما تؤكد إسرائيل اليوم أنّها تعمل كي لا يكون للأونروا دور في غزة بعد الحرب، على ما قال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس، بما يثبت نوايا تدمير غزة والقضاء على أهلها.
فلسطينيو لبنان وسوريا: الأونروا شريان حياة “وحيد” هنا أيضًا
في مخيم صبرا في بيروت، توضب أم فادي الحسين أغراض ولدها المدرسية في المحفظة التي طُبع شعار الأونروا عليها، فيما تستقبلنا الأرملة الثلاثينية في بيتها المتواضع الواقع في قلب المخيّم الذي تغطّي عليه ظلال مجمّع سكني ضخم يحمل اسم “مستشفى غزة”. بالنسبة للأسرة المعدومة، “الأونروا كل شي، رغم شح المساعدات”. يصبح المبلغ الشهري المتواضع الذي تقدّمه الوكالة أساسيًا لاستمرار الأسرة، من دون أن يساعدها حقًا على الخروج من دائرة الفقر المدقع: “60 دولارًا بدل إسكان و25 دولارًا للفرد شهريًا، أحصل عليها من الأونروا، وأعمل في تنظيف مطعم، براتب متدن وبلا ضمان”، تقول أم فادي لـ “المفكرة”. وفيما تساهم القوانين اللبنانية التي تميّز ضدّ اللاجئين في استغلالهم، “تتكفّل الأونروا بالتعليم والطبابة، والله ساترها”.
تعتبر أم فادي إنّ توقّف خدمات الأونروا هو بمثابة حكم إعدام “في بلد ممنوع الفلسطيني يشتغل فيه متل الخلق”. وقلق أم فادي، هو نفسه لدى ريم أحمد من مخيم البص في صور، التي بلغت المرحلة الثانوية في مدارس الأونروا، وإقفال المدرسة قد يعني لها: “وقف قسري للتعليم، وضياع حلم التخرّج والتخصص في التمريض”، وربما ضياع فرصة ريم بكسر حلقة الفقر التي تعيشها العائلة منذ أن طردت ذات يوم نكبة من قرية أم الفرج في قضاء عكا “حيث كان لنا عزّ وأملاك”.
وإن كان فلسطينيو لبنان الـ 250 ألفًا يعانون تمييزَ القوانين والدولة اللبنانية وتحرمهم معظم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، من طبابة وتعليم وعمل وتملّك، وتطحنهم الأزمة الاقتصادية المستجدة منذ 4 سنوات، فإنّ اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ليسوا أفضل حالًا. فبعد أن كان 10% منهم فقط يعتمدون على خدمات الأونروا وتقديماتها، ارتفعت النسبة اليوم لتشمل الأغلبية. من هؤلاء، أحمد سكافي وأسرته، من مخيم اليرموك، الذي اختصر محنته اليوم بعبارة واحدة: “قبل أن أفكر في أولادي وأسرتي، بالي مشغول بدواء والدتي، مريضة الكلى، التي تعتمد في علاجها وأدويتها على مستوصف الأونروا”.
وتقدّر الأونروا (تشرين الثاني 2022) أنّ معدلات الفقر بلغت بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان نحو 90% “حيث تفتقد حياتهم للكرامة، وهناك اعتماد كلّي في تلك المجتمعات على الأونروا”.
يصبح هنا الأثر المباشر لقطع خدمات الأونروا عن لاجئي فلسطين في سوريا ولبنان، بمثابة قرار تجويع لـ80% منهم، يعتمدون على الإعانات الغذائية من الوكالة الدولية، مع حرمان الآلاف من حملة الشهادات منهم من وظائفهم الحالية، لاسيما في قطاعي التعليم والصحة، وإغلاق فوري لأكثر من 160 مدرسة، يتعلم فيها زهاء 90 ألف تلميذ، وعشرات المراكز الصحية التي تؤمن الرعاية الصحية للاجئين.
لاجئو الضفة الغربية: الأونروا خيط فاصل عن الاحتلال
في الضفة الغربية، ثلث الفلسطينيين هم من اللاجئين من الداخل المحتل، وهؤلاء، تتولّى الأونروا مسؤولية إدارة مخيّماتهم التي يبلغ عددها 19، وتقديم مختلف أشكال الخدمات لهم. فيعتمد اللاجئون الفلسطينيون هناك على وظائفها في تشغيلهم، كما يتعلّم أطفالهم في مدارسها. وتشتد الحاجة إلى خدماتها لدى الفئات الأكثر عرضة للمخاطر.
يستذكر أبو ناصر عوّاد فترة التسعينيات، حينما رفض اللاجئون في الضفة المشاركة في الانتخابات البلدية، كي لا يذوبوا ضمن المجتمع الفلسطيني الأكبر، فيخسرون وضعهم كلاجئين وبالتالي حق العودة لهم.
وكان اللاجئون الفلسطينيون عقب اتفاق أوسلو عام 1993، حذرين من توجّه لاعتبار السلطة الفلسطينية مسؤولة عن كل الفلسطينيين القاطنين في الضفة المحتلة. ومع حلول عام 1996، نشط نقاش حول مشاركة اللاجئين في مخيمات الضفة في الانتخابات البلدية، جدل حسمه ممثلو المخيمات في اجتماعهم في مخيم الدهيشة بالقرب من بيت لحم، حيث أكدوا “وجوب اعتبار لاجئي المخيمات وحدة اجتماعية، وسياسية وقانونية فريدة، لها خصائص هوية مميزة يجب الحفاظ عليها“، مؤكدين عدم جواز إجبارهم على المشاركة في الانتخابات البلدية، حيث تقرر حينها إنشاء لجان تتعاون مع الأونروا في القيام بمهام البلدية.
ويقول أبو ناصر وهو أستاذ في مدرسة تابعة للأونروا لـ “المفكرة” إنّ “تصفية الأونروا يعني إمّا إيكالنا إلى الاحتلال بطريقة مباشرة، أو إلى السلطة الفلسطينية التي يسيطر الاحتلال على تمويلها ويمسك بكافة مناحيها”.
ويؤكد الرجل الخمسيني أنّ “خدمات الأونروا لا يمكن تعويضها إذًا، إلّا بالمزيد من تسليم رقابنا للاحتلال معيشيًا وخدماتيًا، كما سياسيًا”.
الأردن
وإن كانت الضفة تضم أكبر عدد من المخيمات الفلسطينية، فإنّ في الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين يصل إلى 2.4 مليون فلسطيني، ولهم 10 مخيمات، لكن أغلبهم يعيشون خارجها، بحقوق كاملة مع منح الأردن جنسيتها لجميع الفلسطينيين تحت سلطتها إبان سيطرتها على الضفة الغربية قبل قرار فك الارتباط الإداري الذي أعلنه الملك الحسين بن طلال عام 1988.
هذا الحال لا ينسحب على اللاجئين الذين وصلوا الأردن لاحقًا، وعلى بعد كيلومترات من آثار جرش الرومانية، يقع مخيم وسط الصحراء، يضم لاجئي “غزة”، أي اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّروا إلى غزة عام 1948، ثم هجّروا مرة ثانية إلى الأردن بعد حرب 1967.
وفي المخيّم الصغير الذي لا تتعدى مساحته 0.75 كيلومتر مربع، ويناهز عدد سكّانه 40 ألفًا، الفقر والبطالة والاكتظاظ السكاني هي العلامات المميزة، فيما حوالي 3 من كلّ 4 مساكن لا تصلح للسكن بسبب مشاكل بنيوية، بحسب الأونروا. يقول الشاب عدي عبد الفتاح لـ “المفكرة” إنّ “السؤال عن مصيرنا مع توقّف خدمات الأونروا يصبح تفصيلًا أمام المصاب الكبير في غزة”. ولعدي شقيق في غزة مع أسرته، انقطعت أخبارهم منذ اجتياح خان يونس، وكانت آخر التطمينات أنّ جارًا قديمًا لمحهم مع النازحين أمام مركز مساعدات. لكن عدي واعٍ إلى الخطر: “أمام هدف إبادة غزة، لن تنزعج إسرائيل وحلفاؤها من أن يموت فلسطينيون هنا أو هناك نتيجة نقص دواء أو غيره، ولا نستغرب أن يصيبنا بعض مما يصيب غزة من نقص في الأموال والأنفس، ونقص في الطبابة وربما ضياع أجيال إذا ما توقفت خدمات التعليم”.
بدوره، يقول الناشط الفلسطيني هيثم أبو سعيدفي عمّان العاصمة، إنّ “تصفية الأونروا سيكون له بالغ الأثر على الحياة اليومية للاجئ الفلسطيني هنا في الأردن، لاسيما في الجوانب الصحية، وكذلك المعيشية لجهة حصص التموين التي تقدّم”، واصفًا القرار بأنّه “تخلّ من قبل الدول عن مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين، لمسؤوليتها عن قضيتهم”. ويركز الناشط على أهمية دور الأونروا لجهة القروض الصغيرة والتشغيل مقابل بدل مادي، والحصص الغذائية للأشد فقرًا.
هكذا يصبح تعليق تمويل الأونروا، ضمن حملة إسرائيلية متواصلة لتجريمها وتفكيكها والتحريض عليها، بمثابة سحقٍ اقتصادي واجتماعي ومعيشيٍ للاجئي فلسطين بدءًا من مخيم حندرات شمال سوريا، وصولًا إلى خيام النازحين المركبة حديثًا في رفح، أقصى جنوب غزة. وبذلك فإنّ الإبادة الإسرائيلية في غزة وكل ما ترتكبه إسرائيل بالتوازي في الضفة الغربية وفي معتقلاتها، تكتسب يومًا بعد يوم أبعادًا استراتيجية وسياسية جديدة مُثبتةً مجددًا أنّها أبعد من 7 أكتوبر، وأنّها حرب شاملة على الفلسطينيين كانت ساعة صفرها قبل 76 عامًا.