لبنان ينجز ترتيبات ما بعد الترسيم: توتال – لبنان تتحول إلى “داجا” وحصة قطر بتروليوم 30%


2022-10-26    |   

لبنان ينجز ترتيبات ما بعد الترسيم: توتال – لبنان تتحول إلى “داجا” وحصة قطر بتروليوم 30%
من مجلة الجيش- مُعدلة-

مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، تكون مسألة توقيع اتفاق الترسيم قد حسمت، على أن يكون الإخراج في مقر الأمم المتحدة في الناقورة. هناك سيعمد كل من لبنان والعدو الإسرائيلي إلى توقيع النسخة الخاصّة بكل منهما من الاتفاق، على أن تُسلّم إلى الوسيط الأميركي، ثم تودع نسخة أخرى في الأمم المتحدة. الأمر سيكون شبيهاً بما حصل عندما أودع لبنان الأمم المتحدة إحداثيات تؤكد حقه بالخط 23، وأودعت إسرائيل إحداثيات تدّعي حقها بالخط رقم واحد. شكلاً، الأمر نفسه سيتكرر، لكن الفارق الأساسي أنّ الإحداثيات ستكون متطابقة، ما يؤكد ضمناً التزام الطرفين بخطّ بحري واحد، من دون أن يوقعا اتفاقاً مشتركاً. وبذلك، سنكون أمام واقع جديد سيفرض إلى جانب النقاشات المستمرة حول مدى شرعية أو ملاءمة الاتفاق، نقاشات جديدة حول آليات تفسيره وتنفيذه. 

لبنان ليس طليق اليدين شمال الخط 23   

كانت الخشية الفعلية في وجود ثغرات قد تجعل إسرائيل متحكمة بالتنقيب اللبناني. النقطة الأبرز في هذا السياق تتعلق بربط بدء الاستكشاف في حقل قانا باتفاق مالي يُوقّع بين توتال وإسرائيل. لكن تبين أن تلك النقطة قد عولجت، بعدما تم التأكد من أن توقيع الترسيم لن يتم ما لم تنهِ توتال مباحثاتها مع إسرائيل. وعليه، فإن تحديد موعد توقيع اتفاق الترسيم، يعني تلقائياً أن الاتفاق بين توتال وإسرائيل قد أنجز فعلاً.  

بالتوازي كانت بدأت في لبنان، بمجرد أن أعلن الرئيس ميشال عون الاتفاق المبدئي على ترسيم الحدود، ورشة تفعيل عملية الاستكشاف إدارياً وتقنياً. وقد ترجم هذا العمل بتقديم طلب من وزارة الطاقة إلى مجلس الوزراء للحصول على موافقة استثنائية على عدد من الوثائق المنجزة تنفيذاً للاتفاق. وهو ما حصل فعلاً حيث وقّع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة الموافقة الاستثنائية يوم الجمعة الماضي. 

بالرغم من أن لبنان تمكّن من الحصول على الخط 23، لكنه مع ذلك لن يكون طليق اليدين شمال هذا الخط. فهو على سبيل المثال لا يمكنه أن يُكلّف شركة لبنانية التنقيب في منطقته. أضف إلى أنه لا يحقّ للبنان التعاقد مع شركات عليها لا تحظى برضى الولايات المتحدة الأميركية. ففي رفض لبنان الإشارة إلى العقوبات الأميركية ونجح في استبدال العبارة بعبارة “عقوبات دولية”، لكنه عاد ووافق على الصياغة التي تشير إلى أن التعاقد مع أي شركة يجب أن لا “يعيق عملية التيسير المتواصلة التي تقوم بها الولايات المتحدة”، ما يتطلب ضمنياً أن تكون أميركا موافقة على اسم الشركة. 

الحجة كانت أن الشركة المنقّبة ستعمل على طرفي الحدود، وبالتالي لا يمكن أن تكون لبنانية أو إسرائيلية، علماً أن البند “ج” من القسم الثاني من الاتفاقية يُحدد كل الرقعة 23، وليس حقل قانا حصراً، كمنطقة محظورة على الشركات اللبنانية. 

“الدولة” وتوتال – لبنان خارج الرقعة رقم 9

بالنتيجة، فإن هذا البند يعني عدم قدرة الدولة اللبنانية، التي تملك 20% من التحالف (حصلت على حصة نوفاتيك الروسية بعد انسحابها) أو توتال – لبنان (Total energies EP Liban SAL) التي تملك 40 % من التحالف، العمل في الرقعة رقم 9، ما يتطلب نقل أسهمهما إلى شركات أخرى. لذلك استنفرت هيئة إدارة البترول لإجراء تعديلات على المستندات المتعلقة باتفاقيات الاستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9، كما هيّأت الأرضية القانونية لدخول شركة قطر بتروليوم إلى التحالف. 

وبالفعل، أنجزت التعديلات الأسبوع الماضي بالتعاون بين وزارة الطاقة والهيئة وشركة توتال، لتحظى بالموافقة الاستثنائية في نهاية الأسبوع الماضي. وعليه، تمت الموافقة على طلب الوزارة الذي يتضمن:

  • الموافقة على تنازل شركة توتال لبنان عن نسبة مشاركتها في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج العائدة للرقعة رقم 9، والبالغة 40%، لصالح شركة مملوكة من توتال – فرنسا اسمها DAJA 215.
  • الموافقة على تنازل الدولة عن نسبة مشاركتها في اتفاقيتي الاستكشاف في كل من الرقعتين 4 و9 إلى شركة DAJA 216 المملوكة بدورها من توتال فرنسا، بصورة مؤقتة ومن دون بدل مالي على أن تعود نسبة المشاركة المتنازل عنها حكماً إلى ملكية الدولة في حال لم تقم الشركة بالتنازل عن نسبتها إلى شركة أو شركات نفط وغاز عالمية للقيام بالأنشطة البترولية خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ المصادقة. 
  • منح أصحاب الحقوق المصادقة المسبقة للتنازل لاحقاً عن نسب مشاركتهم أو عن أجزاء منها في اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9 إلى شركة أو شركات نفط عالمية ومرموقة، على أن لا تتعدى نسبة المشاركة المتنازل عنها في أي حال من الأحوال سقف 30% في كل اتفاقية.
  • وجوب أن يتضمن مستند التنازل عن حصة شركة DAJA 216 تحمّل الشركة المتنازل لها كافة المصاريف والتكاليف التي تكبّدتها شركة نوفاتيك قبل تنازلها الجبري في 13 تشرين الأول 2022 وأن تسددها بالكامل للدولة اللبنانية. 

وعليه، يتضح أن نص القرار يُشكل ترجمة رسمية لما تم الاتفاق عليه مسبقاً والذي يتمثّل بانضمام شركة قطر بتروليوم إلى التحالف في لبنان، خلال فترة ثلاثة أشهر. وبحسب بنود القرار فإن الشركة القطرية لن تكتفي بالحصول على حصة نوفاتيك البالغة 20%، بل ستحصل على حصة 5% من توتال (DAJA 215)، وعلى حصة 5% من إيني، بما يعني أن النسب في التحالف الجديد ستكون، خلال 3 أشهر، على الشكل التالي:

  • 35 % لشركة DAJA 215 (توتال).
  • 35 % لشركة إيني
  • 30 % لشركة قطر بتروليوم.

حصة إسرائيل من أرباح توتال؟ 

في النقطة الأولى اتفق على أن يحصل على لبنان على كامل حصته في المكمن بحسب اتفاقية الاستكشاف الموقعة مع توتال، على أن تحصل إسرائيل على حصتها من أرباح الشركة الفرنسية، بعد توقيع اتفاق بينهما. البند هـ من وثيقة الترسيم ينص على أن “لا يؤثّر أيّ ترتيب بين مشغّل البلوك رقم 9 وإسرائيل على الاتفاق المبرَم بين لبنان ومشغّل البلوك رقم 9 ولا على حصّة لبنان الكاملة من حقوقه الاقتصادية في المكمَن المحتَمل. كما يتفهم الطرفان أنه رهن ببدء تنفيذ الاتفاقية المالية، سيقوم مشغل البلوك رقم 9 المعتمد من لبنان بتطوير كامل المكمَن المحتمَل حصرياً لصالح لبنان، وذلك تماشيًا مع أحكام هذا الاتفاق”. 

هنا تختلف القراءة لهذا النص. مؤيدو الاتفاق يؤكدون أن أي اتفاق بين توتال وإسرائيل لن يؤثر على حصة لبنان الثابتة والمحددة في اتفاق التنقيب والاستكشاف الموقع مع الشركة الفرنسية. هذه الاتفاقية تنص على أن تقتطع الشركة المشغلة تكاليفها مباشرة، على أن تتقاسم الأرباح مع لبنان بنسب تحدد وفق عوامل عديدة منها كمية الغاز المستكشف والأسعار العالمية، لكن ضمن هامش واضح يجعل الحصة الإجمالية للبنان تتراوح بي 54.9% و62.7%. وعليه، فإن الشركة ستدفع لإسرائيل نسبة من ال40% هذه، تحدد حسب الاتفاق معها. 

في المقابل، استبعدت مصادر تقنية لبنانية هذه القراءة للاتفاق (أن تحصل إسرائيل على حصتها من أرباح الشركة فقط)، انطلاقاً من أن الشركة هي في النهاية شركة تجارية تبغي الربح، وبالتالي لا يُعقل أن تشارك أرباحها مع أي جهة، ليخلص بتوقّع أن يطبق لبنان اتفاقه مع توتال بما يسمح بتقاسم الأرباح الناتجة المقدرة في الجزء اللبناني. 

تحسين أوضاع هيئة البترول

راعت الهيئة في النص الذي صُدق إمكانية دفع قطر بتروليوم لشركة توتال أي مبالغ لقاء حصولها على حصة نوفاتيك انطلاقاً من أن الأخيرة تكلفت 20% من تكاليف حفر بئر في الرقعة رقم 4. وبالرغم من أن البئر كانت ناشفة إلا أن المعلومات الجيولوجية التي تم الحصول عليها يمكن أن تساهم في حفر آبار أخرى في الرقعة نفسها، ما يتطلب بالتالي أن تغطي أي شركة جديدة جزءاً من النفقات التي دفعت، على أن تذهب هذه الأموال للدولة اللبنانية وليس لتوتال.

كذلك، راعى القرار الحكومي الوضع المتردي لهيئة إدارة البترول والنقص الكبير في كادرها الوظيفي، والذي كان عرضه وزير الطاقة في اجتماع عقد مع الرئيس نجيب ميقاتي وضم من تبقى من أعضاء الهيئة. وعليه، تضمن القرار الحكومي فتح حساب باسم الهيئة بالدولار في مصرف لبنان، ومنح أعضاء مجلس الإدارة بدل سنوي لإدارة الرخص البترولية الممنوحة من الدولة لأصحاب الحقوق البترولية. لكن لم يتم التحرك لإنهاء مرحلة تصريف الأعمال في الهيئة والمستمرة منذ العام 2018، حيث اختلف الزعماء على تعيين بدلاء لأعضاء مجلس الإدارة، ولا يزالون. 

بعد إنجاز الشق القانوني – الإداري، كان التركيز في المفاوضات مع شركة توتال يطال ضرورة الاستعجال في الاستكشاف. وهو ما يفترض الحاجة إلى تعديل بعض الإجراءات اللوجستية في لبنان بالتوازي مع عمل الشركة، التي طلب منها اختصار المراحل التحضيرية (تحضير الميزانية، تحديد آلية الحفر في البئر، إجراء مناقصة لاستقدام حفارة، طلب القساطل…) التي احتاجت في الرقعة رقم 4 إلى ما يزيد عن سنة، إلى نحو 6 أشهر، بما يسمح ببدء الحفر في نيسان المقبل. 

المفاوضات خلال 10 سنوات 

قبل العام 2007، لم يكن هنالك أي حديث عن ترسيم الحدود. حتى أن لبنان تمكن في العام 2005 من إجراء المسوحات لحقل قانا من جنوب الخط 23، لكن في العام 2007، استغلت إسرائيل الخطأ الذي ارتكبته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في الترسيم مع قبرص، حيث تبنّت حينها النقطة رقم واحد، التي اتفق عليها لبنان وقبرص (لم تقرّ في المجلس النيابي) لتحدّد حدودها بالخط رقم واحد. رداً على الخطوة الإسرائيلية قام لبنان بمراسلة الأمم المتحدة، مؤكداً حقه بالخط رقم 23، الذي كان تحدد في العام 2011، بموجب المرسوم الـ6433. 

أمام هذا الواقع، صارت الأمم المتحدة تملك وثيقتين رسميتين، تؤكدان أن الاختلاف على حدود المنطقة الاقتصادية بين البلدين هو 860 كلم مربع، ما جعل هذه المنطقة منطقة متنازع عليها بالنسبة للمنظمة الدولية، فيما بقي لبنان يعتبرها كاملة جزءاً من مياهه. 

في العام 2012، قامت الولايات المتحدة عبر سفيرها فردريك هوف باقتراح حل للنزاع الحدودي البحري مع العدو، ينص على تقاسم تلك المنطقة، من خلال ما سمي لاحقاً ب”خط هوف”، الذي يعطي لبنان 490 كلم2 ويعطي العدو الإسرائيلي 370 كلم2 من أصل كامل مساحة الـ860 كلم2 “المتنازع” عليها. إلا أنّ لبنان رفض العرض، فنام الملف، أقله في العلن، حتى العام 2015، حيث تقدم الوسيط الحالي آموس هوكشتاين باقتراح حفر شركة دولية في تلك المنطقة على أن يتم تقاسم الحصص بين البلدين، إلا أن اقتراحه سرعان ما رفض من قبل لبنان، لما يتضمنه من آلية تطبيعية. 

في العام 2018، أوفدت الولايات المتحدة السفير السابق في لبنان ديفيد ساترفيلد في مسعى لإعادة إحياء “خط هوف”، فتكرر الرفض. ثم اقترح إجراء مفاوضات مباشرة لكن الرئيس نبيه بري، الذي كان يتولى المفاوضات مع الجانب الأميركي أصرّ على مفاوضات غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة في الناقورة.

مع تسلّم معاون وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر ملف الوساطة في العام 2020، توصّل بري والوسيط الأميركي، في تشرين الأول من العام نفسه، إلى “اتفاق إطار” ينص على إجراء مفاوضات غير مباشرة بوساطة أميركية ورعاية واستضافة الأمم المتحدة في الناقورة. اتفاق الإطار الذي أعلن عنه بري في الأول من تشرين الأول 2020، من عين التينة، لم يُشر إلى أي إحداثيات لحدود المنطقة الاقتصادية، بل تُرك الأمر للتفاوض، على قاعدة: عدم البحث بأي ترتيبات أمنية، وأن تتم المفاوضات بحسب صيغة تفاهم نيسان 1996، من حيث طريقة جلوس الوفدين وعدم التخاطب مباشرة.

في المفاوضات، لم يتطرق الوفد اللبناني إلى الخط 23، بل بنى استراتيجيته التفاوضية على المطالبة بالخط 29 الذي يعطي لبنان 1430 كلم2 جنوبي الخط 23. وهو خط اعتبره المكتب الهيدروغرافي البريطاني في تقريره الصادر في 17/8/2011 خط الحدود البحرية، ثم أكده العقيد الركن البحري مازن بصبوص في دراسة أعدها في العام 2013. وهو ما تبناه الجيش اللبناني رسمياً، على اعتبار أنه خط أمتن من الناحية القانونية والتقنية، على ما أكدت الاستشارة التي طلبها الجيش من الخبير الدولي في ترسيم الحدود نجيب مسيحي الذي عين عضواً في الوفد المفاوض.

التمسك بالخط 29 يحقق أمرين أساسين، على ما تؤكد دراسة نشرت في مجلس الجيش في عدد أيار 2021: 

  • تحويل حقل كاريش إلى حقل متنازع عليه، ومطالبة إسرائيل وشركة انرجين بوقف جميع الأعمال في هذا الحقل إلى حين التوصل إلى اتفاق، عملاً بمبدأ منع أعمال التنقيب والاستخراج الأحادي في الحقول المتنازع عليها الذي كرّسه القانون الدولي. 
  • حماية حقل الغاز المحتمل الأساسي في البلوك رقم 9 اللبناني والذي يبلغ حجمه 3 أضعاف حجم حقل كاريش ويُقدّر مخزونه بعشرات المليارات من الدولارات. يتعدّی هذا الحقل الخط 23 بعدّة كيلومترات جنوبًا، وبالتالي لن تتجرأ أي شركة، بما في ذلك توتال، على التنقيب في هذا الحقل خشيةً من عرقلة إسرائيل لتطويره، كون ربع هذا الحقل يقع اليوم في البلوك رقم 72 الإسرائيلي.

في الدراسة نفسها، تمّت الإشارة إلى أن هذا الأمر يُشكّل عامل ضغط على إسرائيل ويلزمها بقبول حلّ أقل غبنا للبنان. لكن في المقابل تمسّك الوفد الإسرائيلي بالخط رقم واحد الذي لا يعطي لبنان أي حصة في حقل قانا، قبل أن يُصعّد مطالباً بمنطقة تقع شمال الخط رقم واحد، وتصل إلى صيدا. عند هذا الحد، توقفت المفاوضات قبل أن تعود بعد مرور أكثر من 5 أشهر، ثم تتوقف مجدداً، إلى حين وافق لبنان على أسلوب جديد في التفاوض غير المباشر، يركز على زيارات مكوكية للوسيط الأميركي بين البلدين. 

في هذا الوقت كان لبنان أعدّ، بناء لاقتراح الجيش، مرسوماً يُعدّل بموجبه المرسوم 6433، بحيث يجعل من الخط 29 الحدود التي يتبناها لبنان. وقع المرسوم الوزراء المعنيون إضافة إلى رئيس الحكومة السابق، لكن رئيس الجمهورية لم يوقعه، فبقي الخط 23 هو الخط الرسمي بالنسبة للبنان. بدا ذلك الموقف، الذي شكل انقساماً داخلياً، إشارة إلى استعداد لبنان الاستمرار في التفاوض من دون سقوف عالية، لكن مع إصرار على التمسك بالخط 23. في المقابل، وبالرغم من الاهتمام الأميركي بإنجاز الاتفاق تسهيلاً لخطط نقل الغاز من المتوسط، لم يقدم الموفد الأميركي أي عرض جدي للبنان. أما إسرائيل فأظهرت لا مبالاتها، من خلال الإعلان عن بدء الاستخراج من كاريش، في الأول من أيلول. 

أعلن حزب الله إذ ذاك عن سعيه إلى فرض معادلة جديدة من خلال إطلاقه ثلاث مسيرات فوق حقل كاريش، تلاها بإعلان أمينه العام السيد حسن نصرالله عن معادلة “ما بعد كاريش”، التي هدد فيها بمنع إسرائيل من استخراج الغاز إذا لم يتمكن لبنان من ذلك. 

بعدئذ، تطوّر الموقف الأميركي واستجابت إسرائيل للمطلب اللبناني لكنه نجح في تحقيق بعض الإنجازات منها الحصول على جزء من عائدات حقل قانا كما سبق بيانه. وقد سعت إسرائيل إلى تحقيق مكسب آخر من خلال تكريس خط الطفّافات الذي أنشأته بعد انسحابها في العام 2000 خطاً حدودياً. إلا أن لبنان رفض الاعتراف بهذا الخط، تحت طائلة إنهاء التفاوض، فنصت الفقرة “ب” من القسم الأول من الاتفاق على أن “يتّفق الطرفان على إبقاء الوضع الراهن بالقرب من الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوّامات البحرية الحالي وعلى النحو المحدَّد بواسطته، على الرغم من المواقف القانونية المختلفة للطرفين بشأن هذه المنطقة التي لا تزال غير محدَّدة”. عند بحث هذه النقطة كان يمكن للاتفاق كله أن ينتهي بسبب خلاف على كلمة واحدة: لبنان يصر على استعمال كلمة Remains في النص الإنكليزي للدلالة على استمرار الخلاف بعد توقيع الاتفاق، بينما حاولت إسرائيل تمرير كلمة Remained بما يوحي أن الخلاف كان قائماً وانتهى، إلا أن الاتفاق تبنى في النهاية الموقف اللبناني (the Parties agree that the status quo near the shore, including along and as defined by the current buoy line, remains the same, notwithstanding the differing legal positions of the Parties in this area, which remains undelimited.).  

يمكنكم هنا الاطلاع على طلب وزارة الطاقة الموافقة على المصادقة على مستندات تتعلق باتفاقيات استكشاف وانتاج في الرقعتين 4 و9

انشر المقال



متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني