بيان ائتلاف استقلال القضاء حول انقلاب “جمال الحجّار”: وقف التحقيق في الجرائم المالية يفقد النيابات العامة معنى وجودها

بيان ائتلاف استقلال القضاء حول انقلاب “جمال الحجّار”: وقف التحقيق في الجرائم المالية يفقد النيابات العامة معنى وجودها
ائتلاف استقلال القضاء في لبنان

أصدر النائب العام التمييزيّ بالتكليف جمال الحجّار أمس قرارا أمر بموجبه الضابطة العدلية بالامتناع عن العمل بأيّ إشارة صادرة عن النائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان غادة عون، مما يؤدّي عمليا إلى وقفها عن العمل. وقد حصل هذا التطوّر بعدما رفضت القاضيّة عون الاستجابة لقراره بوجوب توقفها عن السير بالتحقيقات في كل الملفّات التي قدمت فيها دعاوى مخاصمة الدولة عن أعمال القضاة لحين البتّ فيها عملا بالمادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وأيضا بعدما امتنعتْ عن تزويده بملفّات القضايا المالية المقامة ضدّ مصرفيْ فرنسبنك والموارد. كما أكّد القاضي الحجّار أن مجمل التعاميم الصادرة عن سلفه غسان عويدات ما تزال سارية المفعول، ومنها التعاميم الرامية إلى وجوب إحالة مجمل القضايا الهامة وكذلك مجمل القضايا ضدّ أي من أشخاص القانون العام تلقائيا إليه تمكينا له من إعطاء توجيهاته. ورغم أن القاضي الحجار برر التدبير المتخذ منه بضرورة إعادة الانتظام العام ضدّ ما اعتبره سلوكيات مخلّة به، فإنه بالمقابل لم يتّخذ أي تدبير لطمأنة الرأي العامّ في ضمان متابعة التحقيقات في الجرائم المالية الكبرى وفي مقدّمتها قضية أبتيموم (حيث أشارت شركة كول للتدقيق الجنائي إلى احتمال تسديد عمولات لشركة أوبتيموم من مصرف لبنان بمقدار 8 مليارات دولار من دون أن يعرف المستفيد النهائي من هذه العمولات).  

بل على العكس، جاء تمسّكه بتعليق التحقيقات في الملفّات التي قُدّمت فيها دعاوى مخاصمة عملا بالمادة 751، كما يخرج من كتابه المؤرخ في 7 أيار، بمثابة رسالة واضحة على تماهيه أسوة بسلفه مع احتمال استمرار تعطيل جميع التحقيقات القضائية بإرادة المدعى عليه، وذلك إلى أجل غير مسمّى. ومؤدّى ذلك هو تجريد القضاء من أي دور في بتّ النزاعات أو حماية حقوق الدولة والناس والمسّ بحقوق أساسية مضمونة دستوريا فضلا عن مأسسة نظام الإفلات من العقاب الذي باتت تجسده هذه المادة. 

تبعا لذلك وعطفا على بياناتنا السابقة وأبرزها: 

البيان الصادر في 22 شباط 2023 تعقيبا على تدخل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لوقف عمل القاضية عون في كل الملفّات التي تمّ فيها تقديم دعاوى مخاصمة عملا بالمادة 751، 

وبياننا الصادر في تاريخ 31 تموز 2023 بمناسبة الذكرى الثالثة لتفجير المرفأ، وقد حمل العنوان الآتي: بانتظار أن ننفض رماد الانقلاب و”المادة 751″، 

وبياننا الصادر في 1 أيلول 2023 تبعا لمخاصمة حاكم مصرف لبنان الدولة رياض سلامة الدولة بهدف وقف دعوى الاختلاس المقامة ضده سندا للمادة نفسها (المادة 751) وهو البيان الذي حمل العنوان الآتي: “المادة 751” مطية الانقلاب على الدستور والسيادة، 

وبياننا الصادر في تاريخ 28 آذار 2023 بمناسبة انعقاد مؤتمر صحافي مع نواب تغييريين لتقديم اقتراح قانون لتعديل المادة 751 وقد حمل عنوانا معبرا مفاده: التشريع الضروريّ لإعادة الانتظام العام للدولة، 

فقد جئنا نعلن الآتي: 

أولا، نحذر مجددا الرأي العام من عبثية الوضع الناجم عن تآزر قوى سياسية ومالية وقضائية لتحويل المادة 751 من قانون أصول المحاكمات إلى سلاح يخوّل أي مدعى عليه من وقف التحقيقات القضائية ضده بإرادته المنفردة وإلى أجل غير مسمى تبعا لتعطيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقرار سياسي. وعليه، وإذ ندعو مجددا القضاة (ومنهم النائب العام التمييزي جمال الحجار) إلى الاجتهاد لتعطيل التعسف في استخدام هذه المادة من منطلق أن تطبيقها على النحو الذي ورد بات يهدد حق التقاضي وواجب الدولة ومعها النيابة العامة في ضمان الأمن الاجتماعي وحقوق الدولة وكلها حقوق وواجبات ذات قوة دستورية، فإننا ندعو في الوقت نفسه النواب الديمقراطيين إلى إعلان التعبئة العامة لإقرار اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم منهم في تاريخ 28 آذار 2023 على نحو يضع حدا لهذه الوضعية العبثية التي تجاوزت كل ما هو منظقي أو معقول،   

ثانيا، ندعو النائب العام التمييزي إلى التراجع عن قراراته التي ترشح عن تجاوز واضح في صلاحياته، منعا لتكريس ممارسات مؤدّاها شخصنة الحقّ العامّ واختزاله في شخص واحد وضرب أيّ هامش استقلالية في عمل النيابات العامة. وفي هذا الإطار، يشدّد الائتلاف أنه ليس للنائب العام التمييزي أيّ صلاحية في فرض عقوبات على أعضاء النيابة العامة أو توقيفهم عن العمل ولا أيّ صلاحية في سحب ملفات قضائية منهم، إنما تقتصر صلاحياته على إعطاء هؤلاء توجيهات بتحريك الحق العام (وليس بوقفه) وإحالة أي مخالفة مسلكية يعاينها إلى هيئة التفتيش القضائي حصرا. 

ثالثا وأخيرا، إن أي إرادة في استعادة الانتظام العام تقوم أولا على إعادة سير التحقيقات القضائية المجمدة وبخاصة في قضية تفجير المرفأ والقضايا المصرفية والمالية. بالمقابل، فإنّ أيّ تدبير يؤدّي إلى نتائج معاكسة، تماما كما هي حال قرارات القاضي حجار، إنما يقود بمعزل عن أسناده إلى مزيد من الإخلال في الانتظام العام والمسّ بحقوق المجتمع.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني