الدواء بين الصفقات الاحتكارية والدعوات إلى تحصين حقوق المواطن


2015-03-09    |   

الدواء بين الصفقات الاحتكارية والدعوات إلى تحصين حقوق المواطن

بعد عملية شدّ الحبال وتقاذف المسؤوليات بين وزارة الصحة العامة، نقابة الأطباء والجهات الضامنة، تصاعد الدخان الأبيض بالاتفاق على أن تبصر “الوصفة الطبية الموحّدة” النور بوضعها موضع التنفيذ خلال شهر آذار الحالي، وهي كناية عن وصفة موحّدة لكل الجسم الطبي في لبنان، مؤلفة من ثلاث أوراق يعود كل منها إلى الطبيب والصيدلي والجهة الضامنة. وتهدف هذه العملية إلى ضبط الفوضى العشوائية في الوصف، منع التزوير وإمكانية استبدال الدواء الأساسي (patented / brand) بآخر جنيسي(generic) يُفترض أن تكون له الفعالية ذاتها بسعر أرخص، ما يسمح بتخفيض فاتورة الدواء الباهظة في لبنان والتي تصل إلى حوالي مليار و300 مليون دولار أميركي سنوياً. وفي ظل معارضة مبنيّة على تأثير مجموعات الضغط التابعة لشركات تجارية تحتكر سوق الدواء، أصدر وزير الصحّة العامّة وائل أبو فاعور، في أوائل شباط الماضي، قراراً بتجميد فصل أتعاب الأطباء من المستشفيات [1]، مهدداً باتخاذ المزيد من الإجراءات “التأديبية” للضغط على نقابة الأطباء من أجل اعتماد الوصفة الموحّدة.وكانت النقابة قد علّقت موافقتها بانتظار موافقة “صندوق الضمان الاجتماعي” وباقي الجهات الضامنة على اعتمادها جدّياً.
وتعليقاً على سوء التفاهم بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء، شدد نقيب أطباء بيروت البروفسور أنطوان البستاني، في حديث مع “المفكرة القانونية”، على أنه “من غير المنطقي أن تكون العلاقة سيئة بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة، في أي بلد كان، لأنها قد ترتد سلباً على السياسة الصحيّة والمواطنين”، معتبراً أن أي سوء تفاهم أو اختلاف في الآراء بين الفريقين يجب أن يُناقَش من دون تسلُّط أو تهديد. ويشير النقيب إلى أن هناك العديد من الأمور المحقّة في طرح أبو فاعور، مؤكداً أن النقابة تؤيّد معاقبة أي طبيب مخالف أو مزوّر أو مُرتشٍ، من دون معاقبة كل الجسم الطبي على أخطاء البعض.

ويوضح النقيب أن للوصفة الطبية الموحدة الكثير من الإيجابيات، حيث تهدف مبدئياً إلى الحد من بيع الأدوية من دون وصفة طبية في الصيدليات، وهذا ما يحصل منذ مدة طويلة رغم مراقبة نقابة الصيادلة، وإمكانية المراقبة الآنية لعملية صرف الدواء في الصيدليات وذلك بواسطة الـ”Barcode” وجهاز تقني متطور يمكن للنقابة تشغيله بعد انتهاء العمل بالمكننة الشاملة والمتطورة خلال ستة أشهر. كما ستؤمن هذه الوصفة، من خلال الطوابع الملصقة على الأوراق، مدخولاً مالياً جيداً لصندوق التقاعد وإعانات الأطباء، ما سيسمح للنقابة بزيادة راتب تقاعد الطبيب.
ويؤكد البستاني أن النقابة اتخذت قرار الموافقة على السير بالوصفة الموحدة ولا يمكنها مخالفة القانون، وهو صادر بتاريخ 6 آذار 2010 (قانون رقم 91 – مجلس النواب) وقد وافق عليه مجلس النقابة السابق. ويلفت الانتباه إلى أن النقابة أجرت المناقصات مع المطابع وتم اختيار المطبعة التي ستتعامل معها من أجل طباعة أوراق الوصفة، موضحاً أنه تمت إعادة دراسة الملف بعدما تبيّن أن المادة 42 من قانون الضمان الاجتماعي تمنع الصيدلي من تعديل أو تبديل أي دواء يصفه الطبيب وتؤكد عدم دفع بدل ثمن أي دواء غير الذي يصفه الطبيب المتعاقد مع الصندوق. ويضيف أن نقابة أطباء الشمال كانت قد أتمّت طباعة أوراق الوصفة وبدأت باستخدامها على سبيل التجربة. لكن الضمان رفض السير فيها بسبب المادة 42، على الرغم من أن الوزير أبو فاعور طلب من الصندوق الموافقة على اعتماد الوصفة الموحدة، لكنه أيضاً لم يحصل على أي رد. ويشير النقيب إلى أن الطباعة ستكلّف حوالي مليون ونصف مليون دولار أميركي، ولذلك لا يمكن للنقابة أن تدفع كل هذا المبلغ قبل تصحيح مسار الآلية لتطبيق هذا القانون، لأنه إذا لم يتم تعديل المادة 42 لن يعود بمقدور المريض أن يحصِّل حقوقه من صندوق الضمان.

ويقول البستاني إنه عندما وافق المدير العام لصندوق الضمان محمد كركي شفهياً على اعتماد الوصفة الموحدة، رفضت النقابة السير بالعملية إلا بعد إثباتات بشأن تعديل المادة 42، مضيفاً “عندما اجتمعنا مع لجنة الصحة النيابية رفض الضمان مجدداً تعديل المادة 42، ورفضنا بدورنا السير باعتماد الوصفة الموحّدة قبل تعديلها، فأصدر أبو فاعور مرسوماً بتجميد فصل أتعاب الأطباء وإهدار حقوقنا، ثم أحالنا على النيابة العامّة بحجّة ضعف تحقيق النقابة بشأن بعض المخالفات وتغطيتنا على بعضها الآخر”. وهنا، يتساءل النقيب: “هل يُطلب منا أن نحمّل كل الأطباء مسؤولية في كل شكوى مُقدَّمة؟” ويشير إلى أن نسبة الإجراءات العقابية التي تؤخذ بحق الأطباء في كل أرجاء العالم هي حوالي 3 إلى 5 في المئة من المخالفات، مقارنة بلبنان الذي تصل فيه هذه النسبة إلى 17 في المئة. ويلفت الانتباه إلى أن أبو فاعور رفض حضور أي جلسة من الجلسات التأديبية للأطباء والتي تجريها النقابة كل خميس، رغم دعوته للقيام بذلك.

وبشأن تسجيل عمليات وهمية للاستفادة من بدلات وزارة الصحة،  يشدد النقيب على أنه إذا قام أي طبيب بهذه المخالفة، يجب معاقبته والتشهير به من دون تجميد فصل أتعاب كل الأطباء ودون تنفيذ العقاب جماعياً بحق كل الجسم الطبي. ويوضح أن تنفيذ الإجراءات المسلكية بحق أطباء مخالفين وتوقيفهم فعلياً عن العمل لا يحصل بالكامل “لأنه ليس لدى نقابة الأطباء قوى أمنية أو ميليشيا تمنعهم من السفر أو حتى من متابعة عملهم”، مشيراً إلى أن “هناك بعض الأطباء الذين أُلغيَت عقودهم نهائياً  لكنهم يتابعون عملهم عادياً في عياداتهم ولا يمكننا إيقافهم”.
وفي موضوع شركات الأدوية وعلاقاتها مع الأطباء، يشرح البستاني أن النقابة لا تقدر على توقيف الصفقات التي تحصل بين تلك الشركات وبعض الأطباء، موضحاً أنه إذا كان الطبيب يتقاضى مبلغاً مادياً للترويج لدواء ما ووصفه دائماً، فلا يمكننا إيقافه حتى لو أردنا ذلك من خلال الوصفة الطبية الموحدة، لأنه يحق للطبيب أن يضع إشارة (NS) إلى جانب الدواء الذي يصفه، وهي تعني أنه يرفض تغييره أو استبداله بدواء آخر جنيسي من قِبل الصيدلي، وهكذا يبقى محافظاً على صفقته مع الشركة. ويضيف: “كنقابة، لا يمكننا الحد من هذه الصفقات لأنها قد تحصل تحت الطاولة، وهذه الأمور تعود إلى أخلاقيات الأطباء وضمائرهم”.

وفي ما يخص الدواء الجنيسي، يشدد نقيب الأطباء على ضرورة تحليل الدواء، أياً كان، بعد استيراده في مختبر مركزي مرخّص ومجهز تجهيزاً كاملاً، علماً أن هذا المختبر غير موجود في لبنان، ولذلك يجب اتخاذ آليات ضرورية قبل تطبيق القانون، للتأكد من فعالية أي دواء يتم تداوله في السوق، لأن المريض يحمّل الطبيب المسؤولية الكاملة إذا لم يكن هناك أي مفعول شفائي للدواء الذي يتناوله. ويذكّر البستاني بفضيحة الدواء الجنيسي المزور، التي حصلت العام الماضي، في أحد المختبرات اللبنانية (وفي لبنان ثلاثة مختبرات في الجامعة العربية، الجامعة اليسوعية والجامعة الأميركية في بيروت).

ويختم البستاني حديثه مشدداً على ضرورة أن تكون الوصفة الموحدة لمصلحة الطبيب والمريض معاً. ويقول: “قبل أن يتهم الوزير الأطباء بالفساد…”، ثم يأخذ نفساً عميقاً ويتابع: “لن أكمل جملتي”.

من جهته، يؤكد النائب السابق د. إسماعيل سكرية، في مقابلة مع “المفكرة القانونية”، أن لا سياسة دواء وطنية تُطبَّق في لبنان، وهناك فوضى وفلتان من حيث التسعير والنوعية، مشيراً إلى أنه “عبر عقود من الزمن، استطاع تحالف كبار التجار مع الطبقة السياسية الحاكمة – المافيا – إسقاط جميع المحاولات الإصلاحية في سوق الدواء، وهذا ما يلخص نفوذ شركات الأدوية في لبنان”. ويذكّر سكرية بقول وزير الصحة السابق علي حسن خليل (صحيفة “السفير” – 16 شباط 2013) إن “شركات الدواء في لبنان أقوى من وزارة الصحة، وأعمال الفساد والسمسرة ازدادت في القطاع الصحي، ويجب إعادة هيكلة الوزارة”، موضحاً أن هذه الشركات تحتكر سوق الدواء لأنها تعتبره مادة تحقق أرباحاً طائلة. ويؤكد سكرية أن الصفقات بين شركات الأدوية والأطباء تُعتبر رشوة. ويعتبر أن “الفضيحة الكبرى” هي في عدم إنشاء مختبر مركزي لفحص الأدوية، لافتاً الانتباه إلى أن لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم من دون مختبر مركزي للدواء، والمختبرات الثلاثة في لبنان غير مرخصة لفحص كل أنواع الأدوية، ما أدى إلى تسجيل أدوية بكميات ضخمة؛ “حوالي 7000 دواء نصفها من دون أي جدوى يتم تسجيلها بسرعة هائلة من دون رقابة”.
ومن ناحية الأسعار، يقول سكرية إن الدواء في لبنان هو الأعلى سعراً في المنطقة، معللاً ذلك بعدم وجود تسعيرة وطنية للدواء، وتواطؤ الطبقة الحاكمة في نسف شهادة سعر بلد المنشأ، التي يجب أن تُضاف عليها تسعيرات شرعية كالجمارك وتخليص المعاملة والتخزين والنقل. ويوضح أنه أصبح هناك إضافات تنتج أرباحاً هائلة غير شرعية، تحصل عبر صفقات بين التاجر والمُصنّع وبعض جهات السلطة، لافتاً الانتباه إلى أن الفرد في لبنان يدفع مبلغ180 دولاراً سنوياً ثمن استهلاك الأدوية، مقارنة بـ60 دولاراً في الأردن و23 دولاراً في سوريا. ويعطي سكرية مثلاً عن بعض التجار الذين يذهبون إلى إيطاليا لشراء أدوية اقترب انتهاء مدة صلاحيتها بأسعار زهيدة، لبيعها بأسعار تنتج أرباحاً خيالية في لبنان، معتبراً أن التاجر اللبناني يبحث عن أي فرصة تزيد من أرباحه، حتى من خلال تزوير مكوّنات الدواء أو تخفيض نسبها. ويرى أن الدولة لا تقوم بأي إجراء لدعم الدواء وتخفيض سعره، لأن السلطة السياسية متواطئة في زيادة فوضى سوق الدواء، مشيراً إلى أن “ممثل نقابة الأطباء وغيره من أعضاء اللجنة الفنية يرخصون لأدوية يُشك في تركيباتها، مقابل بدلات ماديّة”. ويشرح أن عملية الترخيص تحصل في وتيرة سريعة جداً، حيث يتم ترخيص حوالي 40 دواءً في كل اجتماع. ثم يتساءل: “كيف تقدر اللجنة على قراءة أكثر من 40 ملفاً في اجتماع واحد؟”. ويضيف: “عندما كنا نتحدث عن هذا الموضوع في مجلس النواب، كان يُنكر ويُواجَه!”، مذكراً في الوقت ذاته بقول رئيس مجلس النواب نبيه بري إن “مافيا الدواء استطاعت أن تعرقل أعمال مجلس النواب في هذا الشأن على مدى عقود من الزمن”.

ويرى أن الخطوة الجديدة في وزارة الصحة محسوبة الأداء سياسياً ومادياً، معتبراً أنه لا يمكن القول إن الوصفة الطبية الموحدة قد تمنع الصفقات بين الشركات والأطباء، لأن الصيدلي يُعتبر خياراً بديلاً للشركات التجارية في إتمام تلك الصفقات. و”ليس هناك أسهل من الالتفاف على القانون”.  ويُضيف أنه من المؤكد أن نقابة الصيادلة ستوافق على اعتماد الوصفة الموحدة “لأن الكرة ستصبح في ملعب الصيادلة، من قبيل الربح المادي الذي توفره شركات الأدوية”. ويشدد سكرية على أن من سلبيات هذه الوصفة الأساسية أنها تشجع الترويج للدواء الجنيسي، متسائلاً: “من يعرف مضمون ومحتوى مكونات الدواء الجنيسي في ظل غياب المختبر المركزي؟” وهو يذكر بفضيحة دواء “بلافيكس” الجنيسي المزوّر، والذي كان يمكن أن يقتل العديد ممن يتناولونه. ويقول إن “الوصفة الموحدة هي كلمة حق يراد بها باطل وتفقد الكثير من الآليات القانونية”. وإذ يشير إلى أن هناك مشكلة كبيرة بشأن عدم تعديل المادة 42 من قانون الضمان الاجتماعي، يلفت الانتباه، في الوقت ذاته، إلى أن أكثر من 60 في المئة من الأدوية تُصرف في الصيدليات من دون وصفة طبيب. ويضيف أن هناك فوضى عشوائية في الوصف، نابعة من محدودية علمية بالوصفة وعدم تشخيص المريض بدقة، أو من خلال صفقات مع شركات الأدوية.

ويشدد سكرية على ضرورة تهيئة آليات ضامنة لتطبيق القانون، وإنشاء مختبر لتقديم دواء آمن للمواطنين، لافتاً الانتباه إلى أن “سوق الدواء بشقّيه الأصيل والجنيسي ليس آمناً، بشهادة وزير الصحة وائل أبو فاعور”. ويضيف: “لا يمكن الحديث عن شكل هذا القانون من دون تصحيح مضمونه؛ ولا يمكن الحديث عن تحسين الديكور في ظل غض النظر عن المبنى الذي يتآكل من كثرة الهريان”. كما يشدد على وجوب صدور قرار وطني يحترم صحة الناس ويوفّر الدواء الجيّد والفعّال بسعر مقبول، ويحمي سوق الدواء من التدخلات والمحسوبيات السياسية والطائفية، ويطهّر هذه السوق من الأدوية المزوّرة، من خلال تشديد الرقابة والمحاسبة. ويوضح أنه على الرغم من إيجابية الوصفة الطبية الموحدة “من حيث المبدأ”، فإنه يرفض إقرارها من دون إنشاء المختبر المركزي، لأنها ستكون من “الإصلاحات  المحتسبة على أساس المحسوبيات والتنفيعات”.

في السياق ذاته، نظّمت نقابة الأطباء في بيروت ندوة حوارية بعنوان “الدواء والإصلاح المفخخ” أدارها سكرية، يوم 24 شباط الماضي، عرض فيها المشاكل التي يواجهها القطاع الصحي، إذ يحتل لبنان المرتبة الثانية عالمياً في نسبة الصرف على الصحة، والأعلى عالمياً في فاتورة الدواء واستهلاك التقنيات الطبية في نسبة الاستهلاك لأطراف القطاع الصحي. فقد قاربت فاتورة العام 2014 الصحية 3,2 مليارات دولار. كما أن 20 في المئة من أدوية السوق اللبناني، بحسب سكرية، هي الأعلى سعراً في العالم، وهي تشكل نسبة 80 في المئة من الاستهلاك. وذكّر سكرية بقول الوزير أبو فاعور، في 18-1- 2014 عشية تخفيض أسعار بعض الأدوية، إن “أرباح تجار الدواء في لبنان كبيرة جداً وما خُفّض طال فائض الأرباح” وشكك سكرية في جودة المختبرات ودقة الفحوص الطبية، وتواطؤ البعض مع الأطباء، متسائلاً “كيف يتم تسجيل دواء من دون فحص مخبري كامل؟” وعاد وذكّر بفضيحة إحدى الجامعات التي سجلت 552 دواءً مزوّراً. ولفت الانتباه إلى أن المادة 82 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة تفرض ضرورة إجراء التحاليل وفحص التركيبات الكيميائية لكل الأدوية المستوردة، في مختبر مركزي قبل توزيعها.
ورأى سكرية أن وزير الصحة وائل أبو فاعور “بدأ نهجاً مختلفاً واعداً يحاول التصحيح ما استطاع، بل هو نتاج جهود متراكمة للإدارة ومواكبة ومساندة من أنعم عليهم النظام الطائفي بلقب رؤساء لجان برلمانية”، معتبراً في الوقت ذاته أن “معظم القوانين مفخخة للاستمرار في طريق الفساد والمحسوبيات”.

وخلال الحوار الذي أداره سكرية، شدد الأطباء على ضرورة فحص الأدوية الجنيسية قبل الترخيص لها. ولفتوا الانتباه إلى أن الصيدلي، الذي هو في المبدأ من له العلم بتركيبات الأدوية ومدى فعاليتها، أصبح في لبنان يقوم بدور البائع فقط، حيث يغيب في معظم الوقت عن صيدليته التي يسلمها إلى أجير ما قد لا يحمل شهادة صيدلة. ولذلك، فإنه من الضروري إقرار قانون يفرض على الصيدلي حضوره الدائم في صيدليته، لأن المريض سيحمّل المسؤولية لطبيبه وليس لأي أحد آخر في حال عدم استفادته من الدواء الذي قد يغيره الأجير الصيدلي. وأشار الأطباء، في معرض حوارهم، إلى أنه ثبت عالمياًّ أن حوالي 67 في المئة من الأدوية التي تُروّج تحت مسمى “الجنيسي” هي أدوية غير فعالة وتحتوي على مكونات مزورة. وشدد الأطباء، في الوقت ذاته، على ضرورة إيجاد حل لفحوصات الأدوية الجنيسية في حال إقرار الوصفة الموحدة كأمر واقع، من أجل مصلحة المواطن على صعيد تخفيض فاتورة الدواء.

في الشكل، لا أحد يعارض تطبيق الوصفة الموحّدة التي تأخر تنفيذها أربعة أعوام، منذ صدور القانون رقم 91 من مجلس النواب في6 آذار 2010. وقد انتهى مجلس إدارة الضمان الاجتماعي الى إقرار تعديل المادة 42 من النظام الطبي في جلسته المنعقدة في 26 شباط. وتسمح هذه المادة المعدلة في حال إقرارها للصيدلي باستبدال الدواء الأصيل بآخر جنيسي، على أن يكون الدواء المستبدل مدرجاً على لائحة الضمان الاجتماعي. ويؤمل أن تسير كل الجهات الضامنة (كتعاونية موظفي الدولة ومختلف صناديق التعاضد) مع قرار صندوق الضمان، في اعتماد الوصفة الموحدة، علماً أن هذه الجهات كانت كصندوق الضمان ترفض الموافقة على أي دواء يستبدله الصيدلي.
ومع اعتماد هذه الوصفة، ستتوجه الأنظار نحو من يحتكر سوق الدواء، وانتظار ما ستنتج منه من ترددات على الفوضى المزمنة فيها من جراء الاحتكارات والصفقات والمحسوبيات بين شركات الأدوية والطبقة السياسية الحاكمة.

* صحافي, من فريق عمل المفكرة القانونية

نشر هذا المقال في العدد | 26 |آذار /مارس/  2015 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:

تونس و مصر: نموذجين مختلفان لتطبيق الدساتير بعد 2011

3 فصل أتعاب الأطباء: وهو مبلغ مادي يستوفيه الطبيب من وزارة الصحة كبدل أتعاب عند إجرائه لعملية ما في أحد المستشفيات، ويكون هذا المبلغ منفصلاً عن مستحقات المستشفيات المقدّمة من وزارة الصحة.
انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الصحة ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني