بيان للمفكرة القانونية: قرار الهيئة الاتهامية بحق خليفة يتعارض مع وعود القضاة بمكافحة الفساد


2020-01-03    |   

بيان للمفكرة القانونية: قرار الهيئة الاتهامية بحق خليفة يتعارض مع وعود القضاة بمكافحة الفساد

بكثير من الأسف، اطّلعنا على القرار الصادر عن الهيئة الاتهامية في بيروت بتاريخ 30/12/2019 والذي أدى إلى إصدار مُذكّرة قبض بحقّ الأستاذ الجامعيّ المتقاعد والرئيس السابق لرابطة أساتذة الجامعة عصام خليفة. وقد جاء هذا القرار على خلفية إدلائه بشهادة في ملف شبهة الاختلاس وصرف النفوذ بحق رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، والذي كان موضع تحقيق لدى النائب العام المالي علي ابراهيم. ويفهم من قرار الهيئة الاتهامية أن الشهادة اتصلت بترفيع رئيس الجامعة فؤاد أيوب أربع درجات، فيما أنه لم يرفع بشكل نهائي إلا درجة ونصف فقط، الأمر الذي اعتبرته الهيئة بمثابة “جزم بما هو باطل”. وقد اعتبرت الهيئة الاتهامية أن خليفة ارتكب بذلك جنحة وجناية المادة 408 من قانون العقوبات (شهادة زور) والتي تعاقب “من شهد أمام سلطة قضائية أم قضاء عسكري أو إداري، فجزم بالباطل” بثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات حبس على أن تؤدي شهادة الزور المدلى بها “في أثناء تحقيق جنائي أو محاكمة جنائية” لعقوبة بالأشغال الشاقة عشر سنوات على الأقل. وتجدر الإشارة إلى أن القرار صدر في إطار الاستئناف المقدم من رئيس الجامعة فؤاد أيوب ضد القرار الصادر عن قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم والذي انتهى إلى منع المحاكمة عن خليفة.

وتعليقا على هذا القرار، ندلي بالآتي:

  • أن السيد خليفة يشكّل تاريخيا أحد رموز النضال لتطوير الجامعة اللبنانية، سواء حين كان في إطار الحركة الطلابية أو ضمن أساتذة الجامعة. وتاليا، وبمعزل عن الأسناد الواقعية لشهادته التي أبرزها، فإن أي تقييم لشهادته ودوافعة وتحديدا مدى حسن نيته يجب أن تأخذ بعين الاعتبار خلفيته هذه، طالما أن نبل الدوفع وحسن النية ينسفان تماما أي شبهة بنية جرمية. وفي هذا المجال، لا يمكن إلا أن نأسف لخلو القرار من أي تعليل للأسناد التي أبرزها خليفة تأكيدا على شهادته ومنها حسبما ورد في العديد من وسائل الإعلام محضر مجلس الجامعة بترفيع رئيس الجامعة أربع درجات. الأهم هو أن الهيئة الاتهامية اعتبرت أنه جزم بالباطل رغم أنه ثبت أن رئيس الجامعة استفاد من زيادة في الدرجة (درجة ونصف بدل أربعة وفق الشهادة خليفة) وهي زيادة تستوجب بحد ذاتها التحقيق خاصة في ظل تولي أيوب رئاسة الجامعة لمعرفة ما إذا ترافقت مع أي صرف للنفوذ أو استخدام لسلطته كرئيس جامعة لتحقيق منافع ذاتية،
  • أن السيد أيوب يسلك بشكل منتظم ومبالغ به القضاء لإسكات الأصوات المعارضة أو الناقدة له، بما ينمّ عن ضيق صدر لشخص قيم على خدمة عامة وتبرم منه لأي شفافية بما يتصل بممارسته لمهامه. وقد بلغ هذا التوجه أوجه من خلال تقديمه استدعاء بوجه عشرات المواقع الإلكترونية لحذف أي مقال أو خبر نقديّ له، وذلك في سابقة في تاريخ القضاء اللبناني. وإزاء هذا اللجوء المتكرر والمنتظم للقضاء، فإن أيوب قلما يوضح للرأي العام حقيقة الاتهامات الموجهة إليه، سواء بما يتصل بشهادته أو الآن بدرجاته أو غيرها من المسائل التي أثيرت ضده هنا وهنالك. من هذه الزاوية، يأتي القرار بمثابة مكافأة غير مستحقة لأيوب ستحفزه على مزيد من استخدام القضاء كسلاح لإسكات أي صوت معترض له،
  • مرة أخرى، تبدو الهيئة الاتهامية في بيروت وكأنها تفسر وتطبق القانون (وهنا المادة 408) من دون أن تعير أي انتباه لمفاعيله الاجتماعية. المرة الأولى، حصل هذا الأمر حين ضيقت الهيئة الاتهامية مجال تطبيق قانون الإثراء غير المشروع، بما يتعارض مع التزام الدولة اللبنانية بموجب اتفاقية مكافحة الفساد وبخاصة الهيئات والمنظمات القضائية، بمكافحة جرائم الفساد. في هذه المرة، وبدل أن تسعى الهيئة إلى تشجيع المواطنين على المشاركة في فضح الفساد وصرف النفوذ وفق ما تنص عليه المادة 13 من الاتفاقية المذكورة، يأتي القرار بمثابة ردع لأحد المدافعين الكبار عن القضايا الاجتماعية، من القيام بذلك. والنتيجة العملية لذلك هي تخويف أي كان من الإدلاء بشهادة أمام القضاء ضد مسؤول عام خوفا من تبعات شهادته، مقابل تشجيع المسؤولين العامين على مزيد من اللجوء إلى القضاء لإسكات الأصوات المعارضة ضدهم، سواء في قضايا قدح وذم أو افتراء أو شهادة زور.
  • أخيرا، ندعو بصدق جميع القضاة لإجراء أوسع نقد ذاتي حول كيفية تفسير القوانين وتطبيقها على نحو يخدم المصالح الاجتماعية ويضمن للمجتمع مزيدا من القدرة على مكافحة الفساد، وذلك التزاما من القضاة بأداء وظيفتهم في حماية الحقوق والحريات ومعه الصالح العام.

للتطلاع على القرار، اضغط/ي على الروابط ادناه

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني