حراك المحامين في مواجهة هرمية النقابة: أبواب مغلقة ومعلومات مخفية وخطاب فوقي


2018-04-18    |   

حراك المحامين في مواجهة هرمية النقابة: أبواب مغلقة ومعلومات مخفية وخطاب فوقي

انفجر الوضع في نقابة المحامين في بيروت، فبعد أسبوعين من إنطلاق حراك المحامين الرافض للزيادات على رسوم التأمين الاستشفائي والمطالب بمعرفة الحقيقة في الهدر الحاصل في الصندوق الاستشفائي، يبدو أن الأمور ذاهبة نحو التصعيد المفتوح على جميع الإحتمالات.

فبعد أسبوعين حافظ فيها المحامون على اعتماد سياسة اليد الممدودة في اتجاه نقابتهم ونقيبهم أندريه الشدياق، ظل الأخير يقابل هذه اليد بالصدّ. وليس من دليل أوضح من إقفال قاعات الإجتماعات في بيت المحامي، أمام المجتمعين بالأمس بحجة عدم التقدم بطلب خطي للإعلام عن هذه الخطوة. وكان النقيب السابق عصام كرم دعا الأسبوع الفائت إلى هذا الإجتماع  وتم إرسال نص الدعوة إلى جميع المحامين عبر خاصية الـ sms على الهواتف المحمولة.

مطالب المحامين كانت واضحة منذ اليوم الأول وفي مقدمتها الإطلاع على مضمون العقد الذي فرض عليهم وتكبد هدراً وفساداً ومع ذلك أعطي صك براءة بأن جدد له ثلاث سنوات أخرى. أما النقيب الشدياق فقد رفض  لدى لقائه الوفد الذي تشكل لأول مرة، منح المحامين هذا الحق الذي من المفروض أنه مصان وفق قانون حق الوصول إلى المعلومات.

ومع ذلك، فإن المحامون ظلوا متمسكين بنيتهم الحسنة تجاه نقيبهم. وفي الاجتماع الحاصل بتاريخ 17/4/2017 قرروا منح فرصة أخرى للتعاون معه من خلال تقديم طلب للاجتماع معه. إلاّ أن النقيب الشدياق  بقي اليوم متشبثاً بموقفه واشترط لقبول طلب الاجتماع مع ممثلي الحراك بأن يتم سحب البيان الذي تم نشره عقب الإجتماع احتجاجا على إغلاق أبواب النقابة في وجه الحراك. إلاّ أن رد الحراك على طلب الشدياق كان بأن سحب طلبه للقائه، الأمر الذي يعد صافرة انطلاق لتحركات تصعيدية في الأيام المقبلة.

 

موجز اجتماع الأمس

 

إذاّ بناء على دعوة نقيب المحامين السابق عصام كرم، لبّى المحامون النداء فحضروا إلى بيت المحامي. وكان لافتاً حضور محامين من أجيال مختلفة وتخطوا بعددهم المئتي محاميا. في البداية، شعر النقيب كرم بصدمة كبيرة حين علم أن قاعات الطابق الأول والخامس غير متاحة، خلافاً لما كان قد أكّده له ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة من الذين كانوا قد زاروه في مكتبه خلال اليومين الماضيين، الأمر الذي أجبر المحامين على اللقاء في كافتيريا بيت المحامي.

وفي بداية اللقاء أيضاً أعرب كرم عن "عدم رضاه عما يتابعه من أنباء تتعلق بموضوع الصندوق الاستشفائي وتبعات عقد الادارة الموقع مع شركة "غلوب مد"، وفتح المجال للنقاش.

ثم كانت هناك مداخلات لعدد من المحامين أكدوا خلالها على"عدم رضاهم على صد أبواب القاعات في بيت المحامي بوجه المحامين وهم أصحاب الدار"، وأن"عقد الادارة الموقّع مع شركة غلوب مد بات مثيراً للريبة لا سيما في ضوء الحديث عن سرية هذا العقد"، وأن"أعضاء مجلس النقابة ينتخبون لممارسة هدف واحد هو حسن إدارة شؤون المحامين وليس للتسّلط عليهم".

اعتبر النقيب كرم أن"المداخلات لخّصت واقع الحال"، مؤكداً أنه "لا مجال للتذرع بالسرية بوجه المحامين بل المطلوب هو العلنية والشفافية"، وأنه سيأخذ"على عاتقه متابعة هذا الموضوع واعداً بأن كل مسؤول سيتحمل المسؤولية أياً كان موقعه".

بعدها قام النقيب كرم بتسمية أعضاء لجنة المتابعة المؤلفة برئاسته من المحامين أبراهيم مسلّم (أمينا للسر)، حسن عواضة، رشيد قباني وجاد طعمه.

بعد ذلك كانت محاولة للقاء النقيب الشدياق فوراً لكنه قيل أنه ليس في مكتبه كما أنه لم يكن موجوداً على السمع، عندها طلب النقيب عصام كرم  باسم اللجنة موعداً مستعجلاً للالتقاء. ثم دعا  اللجنة إلى إجتماع فوري عقد في مكتبه،  وقد صدر عن هذا اللقاء بيان حدد المطالب الملحة في المرحلة الحالية، ووعد النقيب كرم بأنه سيتابع هذا الموضوع مع المحامين حتى النهاية.

 

البيان الذي أثار غضب النقيب

أما مضمون البيان الذي صدر عن لجنة المتابعة وأثار حفيظة النقيب الشدياق ودفعه أن يشترط سحبه قبل أن يلتقي أعضاءها فينص على التالي:

"تداعى المحامون إلى تلاقي في بيت المحامي للبحث في قضية التأمين لأن أخطاء شابت العقد الذي وقعته النقابة مع شركة "غلوب مد" في شهر شباط من العام 2015 والذي انتهت مدته بتاريخ 31/3/2018.

وأبدى المحامون المجتمعون أسفهم على أن يكون نقيب المحامين اقفل ابواب بيت المحامي في وجه المحامين. وتحددت المطالب وفقاً للآتي:

لا سرية في عقدي التأمين السابق والحالي بل علنية وشفافية. ورفض كل زيادة على غرار الـ 15 بالمئة التي فرضها العقد على المحامين لدى توجههم إلى مختبرات بعض المستشفيات. وإصرار على التحقق من أسباب وقوع العجز في صندوق التأمين إلى أكثر من عشرين مليون دولاراً أميركيا.

  

مواقف المحامين

وفي اتصال بالامس  مع المحامي ابراهيم مسلم، أكد أنه "كان هناك غضب من عملية "إغلاق  القاعات أمام نقيب سابق، سيما وأن كبار المحامين حضروا للمشاركة في الاجتماع، فيما غاب النقيب عن السمع كما لم ترسل النقابة ممثلاً عنها".

وأبدى مسلم رضاه عن الإجتماع الذي ضم محامين من مختلف الأعمار ومن أهم مكاتب المحاماة في البلد.

وأكد على مطالب اللجنة.  

أما اذا لم يكن هناك تجاوب من قبل النقابة فإن هناك مواقف سلبية كثيرة ستصدر في المرحلة اللاحقة. وقال: "إذا لم يوافق النقيب على نشر كل شي فنحن متجهون إلى تصعيد مفتوح على شتى الاحتمالات حتى إقفال قصور العدل".  

وفيما خص العريضة، لفت مسلم إلى أنها ما زالت تجوب على المحامين وقد حصت حتى الآن على نحو 500 توقيعاً وهي مستمرة.

.أما المحامي فادي جمال الدين فأوضح أنه في الإجتماع السابق الذي جرى في قاعة الطابق الأول في بيت المحامي، اتصل هو شخصياً بالنقيب لأخذ الإذن منه  فطلب الأخير إرسال كتاب خطي لإعطاء الموافقة على ذلك. وقال:"هذه المرة الاجتماع دعا إليه النقيب السابق عصام كرم وتم إرسال الدعوات أيضاً عبر sms وقد قال النقيب كرم أنه تواصل مع أعضاء مجلس النقابة لانه عجز عن التواصل مع النقيب الشدياق كون خطه كان مقفلا ليفتحوا القاعة ولكن هذا لم يحصل مما أجبرنا على عقد الاجتماع في كافتيريا بيت المحامي".

ورأى جمال الدين أنه "من غير المقبول حقيقة، أن تكون هذه القاعات مفتوحة لأي كان ولكن في الوقت نفسه فإن طلب الاذن يجب أن يكون أسهل من ذلك، فلا يحتاج مثلا إلى إذن خطي ويكفي أن يكون المفتاح بحوزة سكرتيرة النقابة". واعتبر أن النقابة "تتصرف على نحو خاطئ وتأخذ خطوات إنفعالية علماً أن الحراك غير موجه ضدها.

وعن تقييمه لحراك المحامين الحاصل، رأى جمال الدين أنه استطاع الإتفاق على عدة نقاط أساسية ومن مجمل ما عدده تناول الخطوة التي قام بها بأن استطاع إحضار خصم discount من cmc كليمنصو التي تحملها المستشفى على المحامين. وقال:" قامت القيامة من قبل نقابة المحامين وشركة "غلوب ميد" عندما تمكنت من إحضار خصم، علما أنهم يجب أن يشكروننا على ذلك. وهذا الأمر يثبت أن المفاوضات على العقد كانت سيئة جدا إذ أن محاميا بتلفون واحد استطاع ان ينزل 15% وهذا يدل أن هناك عدم جدية بالمفاوضات".

أضاف: "الأهم من كل ذلك أن التحرك بدأ شبابيا لكن عدم التجاوب من قبل النقابة يدفع به إلى أن يكبر أكثر فأكثر والبارحة رأينا أعضاء نقابة سابقين أمثال ناضر كسبار و صونيا عطية وسواهم وكان هناك خليط رائع من المحامين حتى المرتاحون ماديا كانوا مشاركين".

من ناحية أخرى، لفت جمال الدين إلى أن"هذا التحرك يظهر أن هناك بعض الخبثنة في التعاطي من قبل بعض أعضاء مجلس النقابة بين بعضهم البعض، إذ إنه بالعلن يدافعون عن العقد يقولون أنه جديد وعلى هواتفهم يقولون أنهم لم يطلعوا على شيء ولا يعرفون شيء ونحن لدينا تسجيلات صوتية لبعضهم في هذا السياق". معتبراً أن"هذه الازدواجية بالتعاطي غير مريحة".

ورأى أن"مشكلة النقيب أنه لا يتخذ خطوات جدية للمحاسبة على المرحلة السابقة على الرغم من أنه غير مسؤول عنها" كما رأى أنه "مسؤول عن عدم الإفصاح عن مضمون العقد" وسأل"لماذا يحمل نفسه عبءاً لا علاقة له به؟".

وختم مؤكداً أن"التحرك ليس أبدا انشقاقا أو تمردا على النقابة، ونحن لم نتدخل في عقد التامين لأننا اردنا ان نعقده ضمن كنف النقابة،  ولكن هذا لا يعني أبدا أنه إذا كان هناك خطأ فيجب السكوت عنه، فاذا سكتنا عن هذا الأمر الأجدى أن تسحب منا ملفاتنا التي نتابعها. فإن كنا نعجز عن الدفاع عن حقنا كيف ندافع عن حقوق الناس".

وفي اتصال مع المحامية ماريانا برو أشارت بداية ً إلى أن" اللقاء لم يكن طويلا اذ امتد نحو ربع ساعة عبر خلالها عدد من المحامين عن مواقفهم الثابتة إزاء القضية". وقد لفتت برو إلى محاولات من قبل البعض للتشكيك بالحراك وقالت:"الاتهامات التي توجه إلينا أننا نحاول قسم النقابة. سألت أحد الاشخاص لماذا نقابة طرابلس رسم التأمين فيها أقل والمحامي محافظ على كرامته. فرد عليي أنه في طرابلس يعالج المريض في مستشفى رخيصة".

ولم تتردد برو في الإفصاح عن شعورها بأنه لن يسمح للمحامين بالإطلاع على العقد وقالت:"أشعر أنهم لا يريدوننا أن نعرف ماذا يوجد في العقد، إذ يبدو أن هناك فضيحة كبيرة".

وفي الوقت نفسه وصف حراك المحامين بـ"الرائع" وقالت:"الآن باتوا يأخذوننا أكثر على محمل الجد، فهم ظنوا أن القضية ستنتهي باجتماعين أو ثلاثة، لكن فيما بعد وجدوا أننا لن نمل  بل على العكس. الجميل فيما يحصل هو أنه من المحامي المتدرج إلى المحامي الذي شارف على نهاية خدمته الجميع يشارك في التحرك. حتى أن هناك محامين ينتمون إلى أحزاب سياسية ومع ذلك يشاركون بصفتهم الشخصية بمعزل عن انتماءاتهم".

وبسؤالها إن كان هناك من يوقع على عقد التأمين الجديد وإن كان يؤثر ذلك على حراك المحامين أجابت:"هناك من يوقع لأنه ملزم بذلك فلدى البعض حالات صحية معينة ولكن هذا الأمر لا يؤثر على حراك المحامين لأنه في البداية تحركنا رفضاً للزيادة مقابل الخدمات الأقل، لكن لاحقا وصلنا إلى مرحلة أهم مرحلة إخفاء العقد والتنافر الحاصل بين أعضاء النقابة في هذا الموضوع. لماذا أحداً لا يعرف مضمون العقد؟ وأين تكمن القطبة المخفية؟. تحركنا بات أكبر من قضية زيادة في رسوم التأمين. هناك أمر يتم اخفاؤه لماذا؟ يريدون تغطية من؟ اليوم حتى لو ألغوا الزيادة على المبالغ المالية، فإننا مستمرون لمعرفة مضمون هذا العقد والخسائر التي حصلت ومن المستفيد منها.فمن غير المقبول أن تقوم نقابتنا بحماية شركة التأمين عوضاً عن حماية المحامين".

التحركات باتت مفتوحة على كل الاحتمالات  

وصبيحة اليوم الأربعاء، تناقل المحامون خبرا عن احتمال لقاء النقيب الشدياق عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر. لكن لاحقاً أصدرت لجنة المتابعة بياناً جديداً لها نفي حصول هذا اللقاء، لا بل إنها رفعت السقف عالياً بأن طلبت من النقيب الشدياق إلغاء اللقاء ردا على موقفه السلبي في التعاطي مع المحامين المتابعين لهذه القضية ومما جاء في البيان:   

" بناء على اتصال نقيب المحامين الأستاذ اندريه الشدياق برئيس اللجنة النقيب عصام كرم، نافيا أن يكون أقفل باب بيت المحامي في وجه المحامين، ردّ النقيب كرم بأن الأمر حصل وبأن أساتذة من أعضاء مجلس النقابة كانوا أبلغوه على مدى 3 أيام أن النقيب لم يأذن بفتح الباب. ولكن عندما يحضر نقيب محامين ومحامون يفتح باب بيت المحامي له تلقائياً.

اشترط نقيب المحامين، حتى يحدد موعداً للجنة المتابعة، أن تسحب اللجنة البيان التي أصدرته بتاريخ ١٧ نيسان ٢٠١٨".

وردت اللجنة على هذا الشرط بأنها لم تصدر بيانها المشار إليه إلا بعدما طلبت الكلام مع نقيب المحامين فلم يجب هاتفه فصار الاتصال بسكريترته فأعلنت أنها ستعلمه لأنه في اجتماع. واللجنة تعلن أنها لا تسحب بيانها لأنه في محله، معلنة أنها تطلب من النقيب إلغاء طلب الموعد الذي كانت طلبته منه.

وختاماً تتابع اللجنة مطالب المحامين المتعلقة بكل ما يؤول إلى تحسين شروط التأمين وفقا للمعايير القانونية والتقنية المعمول بها".

وفي اتصال مع عضو اللجنة المحامي جاد طعمة قال:"هذا البيان ترك اجتماعات اللجنة مفتوحة، والآن نحن بإنتظار نتيجة مروحة اللقاءات والمشاورات التي يجريها النقيب عصام كرم حتى يتم بناء موقف على ضوئها. وقد وعد النقيب كرم بأن تكون الخطوات اللاحقة سريعة دون تباطؤ ولا تمييع للمطالب. كما أنه لن يكون هناك أي مساومة لأن النقيب كرم يعتبر أنه كلف من قبل زملاء له وهو لن يخون ثقتهم مثلما أنه لم يفعل ذلك عندما كان نقيباً للمحامين".  

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني