العلاقة بين القضاة والمحامين التونسيين في مربع الأزمة مجددا


2013-05-21    |   

العلاقة بين القضاة والمحامين التونسيين في مربع الأزمة مجددا

أعلنت نقابة القضاة التونسيين في بلاغ صدر عنها يوم 20 ماي 2013 عن دعوتها القضاة العاملين بالمحكمة الابتدائية بباجة للإضراب عن العمل يوم 21 ماي 2013 ودعوتهم الى تعطيل فصل القضايا خلال المدة الفاصلة بين 20 ماي 2013 و24 ماي 2013. ويأتي تحرك النقابة الاحتجاجي على خلفية الأحداث التي شهدتها المحكمة المذكورة خلال المدة الفارطة والتي انطلقت وقائعها بتعمد أحد المحامين اتهام قاضي يعمل بالمحكمة بالفساد والتشهير به برفع شعارات تمس به في بهو المحكمة. وبعد أن تولت النيابة العمومية فتح بحث تحقيقي ضد المحامي وفي موعد استنطاقه يوم 17 ماي 2013 حضر عدد من زملائه لمساندته خلال التحقيق معه في تحرك شعاره رفض محاكمة زميلهم بدعوى أن هذه المحاكمة تمس حقوق الدفاع وتشكل تعديا على حصانة المحامي. ويومها تجدد الخلاف بين المحامين والقضاة هذا الخلاف الذي تحول سريعا لتظاهرة احتجاجية قام بها المحامون واتهموا بمناسبتها القضاة بالفساد ونسبوا لهم تهم التطاول لفظيا عليهم.
اعتبرت نقابة القضاة جملة التحركات التي تمت بالمحكمة اعتداء على القضاء والقضاة وخروجا عن عرف التعامل. وأكدت النقابة تضامنها مع قضاة باجة وسعيها للتصدي للظاهرة بمختلف الطرق الاحتجاجية وأكدت مطالبتها عمادة المحامين بالاعتذار عن التجاوزات الحاصلة. وفي ذات اليوم كان رد عميد المحامين ببلاغ تضمن أن شهادات المحامين الذين حضروا بالمحكمة الابتدائية بباجة تؤكد أن قضاة تهجموا لفظيا على عدد من المحامين وعد ذلك تعديا على حق الدفاع وتجاوزا لأعراف التعامل بين القضاة والمحامين وأعلن دعوته لهيئة المحامين للتداول في الأمر بعد أن جدد تمسكه بحصانة المحامي التي أقرها الفصل 47 من مرسوم المحاماة.
أتى البلاغان ليفتحا مواجهة بين هيكلين مهنيين وقطاعين يتجاوز مداها محكمة باجة. ولينهيا اتفاقا سابقا بين هياكل المحامين والقضاة على فض مختلف الخلافات التي قد تطرأ من خلال التحاور صلب الهياكل المهنية. وتبين الاتهامات المتبادلة بين الهيكلين بحصول اعتداءات وتجاوزات من الشقين ان العلاقة بين جناحي العدالة تظل في الوقت الراهن هشة رغم السعي من الشقين لإبراز تطورها في اتجاه الشراكة والتوافق.
بينت الأزمة التي لا زالت إمكانيات تطورها منفتحة في كل الاتجاهات في انتظار موقف جمعية القضاة التونسيين منها وقرارات مجلس الهيئة الوطنية للمحامين أن العلاقة بين القضاة والمحامين تأثرت سلبيا بغياب من كان يصطلح على تسميتهم بشيوخ المهنة عن الساحة القضائية. فقبل أن تنفلت الأمور ويتحول الاحترام المتبادل بين القضاة والمحامين إلى شعار مفرغ من مضمونه، كان حكماء المحامين والقضاة يستغلون علاقاتهم الذاتية لنزع فتيل الأزمات ومنع خلافات المحامين والقضاة من التحول الى مصدر للأزمات. وهو أمر أثبتت وقائع الخلاف الذي جد بباجة أنه افتقد فلو أن شيوخ المحاماة بالجهة منعوا زميلهم من التهجم على المحكمة ونبهوه لضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة وحاولوا فهم سبب امتعاضه وحاولوا تجاوزه بالتواصل مع زملائهم القضاة ما كان للإشكال أن يحصل. ولو تم يوم 17 ماي تنظيم الطرفين والسعي لمنع تحول المحاكمة لمواجهة مفتوحة بينهما لكان الخلاف اقتصر على اتهام وبحث في أسانيده. ولكن غياب التواصل جعل الأزمة تتجاوز نطاقها لتعيد طرح السؤال حول مفاهيم كبرى أولها حق الدفاع في علاقته بهيبة مجلس الحكم في إطار صراع يصعب الحديث فيه عن منتصر ومنهزم في ظل توازي وسائل الضغط وغياب الإرادة الحقيقية للبحث عن الحقيقة بعيدا عن شعار انصر أخاك ظالما كان أو مظلوما. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني