أهالي عين دارة يؤكدون أن “معمل الموت” لن يمر


2016-07-12    |   

أهالي عين دارة يؤكدون أن “معمل الموت” لن يمر

بتاريخ 11/7/2016 اعتصم أهالي عين دارة ومجموعة من أهالي المناطق المجاورة أمام سراي بعبدا بالتزامن مع إدلاء امين سر حركة "التجدد الديموقراطي" الدكتور أنطوان حداد وشقيقه المهندس عبدالله حدادبإفادتهما في المفرزة القضائية في دعوى "القدح والذم" المرفوعة ضدهما من قبل بيار فتوش، شقيق النائب نقولا فتوش على خلفية اعتراضمها على إقامة مجمع صناعي للإسمنت. وقد شرح الشقيقان حداد خلال عدّة اطلالات تلفزيونية عن مضار تنفيذ هذا المعمل، الذي كان مزمعاً إنشاؤه في زحلة. إلا انه تقرر نقله الى منطقة "عين دارة" على الرغم من معارضة أهالي المنطقة بما فيها مجلس بلديتها.
عند الساعة العاشرة صباحاً وقفت الجموع أمام سراي بعبدا معربين عن استنكارهم التام للاسلوب القمعي المعتمد من قبل "سطلة المال" فيما هم يرفضون "معمل الموت" الذي سيجلب الدمار البيئي والصحي لمنطقتهم. على ان أهالي المنطقة قد نالوا الدعم اللازم من عدد من التيارات السياسية ما شكل حصانة لهم في تحركاتهم. فبعد ان تشكلت منذ فترة "هيئة المبادرة المدنية" التي تنسق الحملة ضد إقامة مجمع ضخم للصناعات الإسمنتية لآل فتوش في عين دارة، عبر النائب وليد جنبلاط عن موقفه الرافض لهذا المشروع، فصرح في 2 تموز بأنه "سيشارك بأي تحرك شعبي رافض لإنشاء معمل للإسمنت بعين دارة". بدوره غرد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر "تويتر" بتاريخ 5 تموز داعماً لموقف الاهالي ومعتبراً أن "ما يقرره أهل عين دارة بخصوص معمل الترابة هو الصحيح".
 
لا يزال مشروع معمل الاسمنت حبراً على ورق ولكنه حصل على التواقيع القانونية للموافقة عليه من قبل وزير الصناعة حسين الحاج حسن ووزير البيئة محمد المشنوق في آب 2015. ولم يبقَ الا توقيع وزير الصحة وائل أبو فاعور علماً انه سبق ان صرح بتاريخ 28 حزيران 2016 ان "وزارة الصحة لم تعط موافقة على إنشاء معمل الاسمنت في البلدة وتقدمت بمراجعة الى مجلس شورى الدولة للمطالبة بإبطال قرار إنشاء المصنع وارسلت كتابا الى وزارة الصناعة للاعتراض على الرخصة الممنوحة".
يؤكد رئيس بلدية عين دارة العميد فؤاد هيداموس ان "المعمل لا يزال على الورق وسيبقى باذن الله كذلك". واعتبر أن ما يحصل مع الاخوين حداد يأتي في سياق "مسلسل الهجمات التي بدأ بها السيد بيار فتوش من خلال الاستدعاءات التي قام بها بحق عدد من أهالي عين دارة بهدف اسكاتهم". وقال: "يريد ان يخيرنا اما ان نقوم بجرجرتكم الى المحاكم واما عليكم القبول بالمعمل. ونحن لن نقبل بأي من الخيارين. هذه رسالتنا له. وانا أتمنى عليه ان يوقف هذه المهزلة وألا يستعمل القضاء لأغراض شخصية". واعتبر هيداموس انه "كرئيس بلدية عين دارة لا يمكنه القبول بمعمل رفض سابقاً من قبل أهالي زحلة".

بدوره اعتبر مسؤول الحزب الاشتراكي بمنطقة جرد عاليه زياد شيّا، أن "الاعتصام التضامني هو أضعف الايمان. حضرنا مجموعة من اهالي عين دارة وممثلي المناطق المجاورة لنكون الى جانب الدكتور أنطوان حداد وشقيقه المهندس عبدالله، ضد استنابات نحن نعتبرها ميليشواية لا اكثر ولا اقل". وسأل "اي جريمة ارتكباها عندما رفعا الصوت في وجه معمل سيلوّث البيئة ويضر بالصحة؟ جريمتهما الوحيدة هو الظهور عبر وسائل الاعلام والتحدث عن مخاطر هذا المعمل". واشار الى "ان معمل الاسمنت هو الاول من نوعه الذي يقرر بناءه في هذه المنطقة ولكن قبل ذلك هناك الكسارات التي تلتهم الجبل وقد قبل الناس بها على مضض دون ان يعني ذلك الوصول الى هذا الحد. هذا المعمل مرفوض من قبل اهالي منطقته زحلة. فالمرفوض في منطقته مرفوض ايضا في منطقتنا. من هنا سنقوم  بالاعتراض عليه بكل الوسائل المتاحة".
المشاركون في الاعتصام التضامني لم يكونوا من منطقة عين دارة حصراً بل من مختلف مناطق الشوف وعاليه والمتن والبقاع. ومن المشاركين رئيس بلدية صوفر كمال شيّا الذي أكد ان مشاركته هي "لحماية أنفسنا وأهلنا من هذه الطواغيت والفلتان المالي والفساد الذي يضرب بعرض الحائط صحة الناس". وقال: "هذا المشروع يضر بمنطقة طويلة عريضة تبدأ من المتن الى البقاع والشوف وجرد عاليه ولا أدري كيف قام هؤلاء الوزراء بالتوقيع على المشروع. انا ارى ان الرجوع عن الخطأ فضيلة ويجب عليهم مراجعة ما قاموا به". واشار الى ان "صوفر تدخل في مروحة المناطق التي تتضرر من هذا المعمل ان كان في المياه او من الغبار او السيارات الخ…".

بدوره اعتبر الناشط مارك ضو ان ما يحصل في عين دارة اليوم هو بمثابة مجزرة بيئية ورأى أنّ هناك تفلت كامل من سلطة الدولة والقضاء، ومن تطبيق القانون مثلما يتطلب منهم في موضوع الكسارات في المنطقة والتي لا يشرف أحد عليها". وأضاف: "التحرك هو للدفاع عن بلدة كبيرة جدا في جرود عاليه وهي تدفع ثمنا باهظا عن كل لبنان. والمشروع الذي في الظاهر له أهداف اقتصادية، يبدو في الوقت عينه ان له ابعاداً سياسية لانه من غير المنطق انه في كل لبنان لم يعثروا الا في هذه المنطقة على مكان صالح للكسارات وانشاء معامل الاسمنت".
قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً، انتهى الدكتور انطوان حداد وشقيقه المهندس عبدالله حداد من الاستجواب. وقد شرح الدكتور انطوان لوسائل الاعلام خلفية استدعاءهما. "تم استدعاءنا للتحقيق في قضية مرفوعة من قبل السيد بيار فتوش بموضوع يتعلق بانشاء معمل الاسمنت في عين دارة. وليس خافي على أحد اننا من أشدّ المعترضين عليه نحن وكل اهالي عين دارة والمجلس البلدي وبدعم من كل اهالي منطقة عاليه قضاء الشوف والمتن الأعلى".

ولفت الى "ان الاسئلة تمركزت حول ادّعاءات فارغة بالتعرض للسيد فتوش" وأنه "لا يوجد نزاع شخصي بيننا وبينه. مشكلتنا الاساسية هي النشاطات التدميرية التي تقوم بها مجموعات فتوش وغيرها بأعالي عين دارة. والمشروع الذي نعتبره خطير جداً على هذه المنطقة بإقامة مجمع اسمنتي ضخم على مساحة مليون وثلاث مئة ألف متر مربع والذي باعتقادنا وباعتقاد الخبراء سيؤدي الى تصحير عين دارة والقرى المجاورة وسيطال المناطق على ارتفاع 1500 متر في مناطق الشوف بأسرها والبقاع التي ستصبح غير قابلة للحياة والسكن".
واعتبر حداد ان الملف الذي يواجهه هو وشقيقه "فارغ ويتضمن قصاصات من صفحات على الفايسبوك وآراء كلها تقع ضمن خانة حرية التعبير وحرية الاعتراض وحرية التحرك من اجل ايقاف خطر عام". وقال: "للأسف يعتقد فتوش انه من خلال اللجوء الى القضاء بهذه الطريقة التعسفية سوف يوقفنا. نحن نقول له ان لا شيء سيوقفنا امام مستقبل اولادنا ومستقبل قريتنا".

وردّاً على سؤال حول إذا ما طلب منهم عدم فتح الموضوع مجدداً، أجاب: "اطلاقاً! نحن نعتبر القضاء جهة حامية ويقوم بواجباته"، مشيداً بـ “حرفية الاشخاص الذين قاموا بالتحقيق معنا وبتفانيهم بواجبهم". واشار الى أنّ "هذه الدعوة تشمل نحو 26 مواطن آخرين معظمهم من منطقة عين دارة ومحيطها اعترضوا على المشروع وسيتم استجوابهم تباعاً في الايام اللاحقة. وأنه سيتم زيارة كل من وزيري الصناعة والبيئة لشرح مخاطر هذا المشروع آملاً في التمكن من اقناعهما بالعودة عن تواقيعهما".

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني