وزارة العدل ترد على تقرير “هيومن رايتس واتش” قانونية إعفاء قضاة تونسيين ينتظر قرار المحكمة الإدارية


2012-11-07    |   

وزارة العدل ترد على تقرير “هيومن رايتس واتش” قانونية إعفاء قضاة تونسيين ينتظر قرار المحكمة الإدارية

 
عبّرت وزارة العدل التونسية في بلاغ اصدرته بتاريخ الخامس من تشرين الثاني الجاري(نوفمبر) 2012 عن استنكارها لما ورد بتقرير المنظمة الحقوقية "هيومن رايت واتش" بشأن قضية إعفاء قضاة تونسيين من مهامهم. وأفادت الوزارة أن أعضاء المنظمة لم يسعوا للاتصال بها لاستيضاح موقفها من الموضوع، واكتفوا بتلقي إفادات بعض القضاة المعفيين. وبالرجوع إلى تقرير "هيومن رايتس واتش"، يتبين انه لم يتضمن فعلا ما يفيد بسعي محققييها للاتصال بالجهات الرسمية، وعليه، يمكن القول بأن المأخذ الإجرائي لوزارة العدل حول ما تضمنه التقرير يبدو جديا، ويدعو للاستغراب، ويشير إلى أنه لا يجوز ان يبدر تقصير في البحث والاستقراء عن منظمة عريقة وذات تقاليد في المجال.
وحاولت وزارة العدل من جهة أخرى أن تبرز دواعي الإجراء الذي بادرت الى اتخاذه، واستندت إلى مقتضيات الانتقال الديمقراطي، واستشهدت بالتجارب الأممية السابقة لتنتهي إلى تقرير أن إعفاءات القضاة المعنيين أملتها ضرورة تطهير القضاء، وأنها "استحقاق ثوري".
وحاولت الوزارة ببيانها أن تدحض بشكل موضوعي المعطيات التي تضمنها تقرير "هيومن رايتش واتش"، مؤكدة على مسألتين: أولهما أن "الإعفاء كان إجراءا استهدف قضاة فاسدين"، وثانيهما، أنه، و"خلافا لما ذكره تقرير المنظمة، فان المجلس الأعلى للقضاء لم يتم حله، وأن أعضاءه المعينين بصفاتهم، عينوا من قبل الحكومة الشرعية، بما ينفي الاتهام الذي وجه إليهم بكونهم جزءا من مخلفات النظام الاستبدادي".
وبدت الوزارة في محاولتها تبرير الإجراء متناقضة موضوعيا، إذ أنها أقرت من جهة بكون الإعفاء كان إجراءا تأديبيا، كما أقرت بوجود مجلس أعلى للقضاء فاعل في تاريخ القرار. وهنا جاء التناقض على اعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء هو الجهة المخول لها قانونا تأديب القضاة. وعليه، وبما أن الإعفاء كان إجراءاً تأديبيا، فإنه كان يفترض أن يتم إحالة الملفات التأديبية للمجلس نفسه للنظر والبت فيها.
وكشف بيان الوزارة عن انحراف الحكومة بالإجراءات بمناسبة ممارستها للإعفاءات، إذ أنها استغلت آلية الإعفاء في مسألة تأديبية لغاية حرمان من مارست سلطتها عليهم من حقهم القانوني في الدفاع عن أنفسهم أمام الجهة المخولة قانونا بتأديبهم، اي مجلس القضاء.
وتبين دراسة البيان في مقاربته مع البلاغات والتصريحات السابقة التي صدرت عن مسؤولي الوزارة، تغيرا كبيرا في الموقف الرسمي من مسألة تبرير اللجوء للإعفاء: فقد ذكر في مرحلة أولى، تزامنت مع صدور قرارات الإعفاء، أن الوزارة كانت مضطرة لممارسة هذه الصلاحية على اعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء جهة معطلة لا يمكن اللجوء لها اليها، في إشارة واضحة لنظرية الإجراءات المستحيلة التي تلزم الجهة الرسمية بممارسة صلاحياتها القانونية ولو اضطرها ذلك لخرق الإجراءات القانونية في صورة الاستحالة الموضوعية لذلك. وفي مرحلة ثانية، وبعد أن تولت ذات الوزارة ذاتها بمناسبة الحركة القضائية الاستنجاد بالمجلس الأعلى للقضاء لتمرير تحركات القضاة عادت لتراجع موقفها، وتتمسك بالقرارات الثورية مع دفاعها على عن استمرارية المجلس الأعلى للقضاء ومصداقيته.
وتضارب مواقف الوزارة قد يحرج موقفها القانوني أمام المحكمة الإدارية التي ستنتصب للنظر في قضايا إلغاء قرارات الإعفاء التي رفعها القضاة الذين شملتهم. وراهن وراهنت الوزارة على المحكمة الإدارية فأكدت على التزام الحكومة بوجه فصلها في المنازعة. وكان وزير العدل قد عبر في تصريحات سابقة عن ثقته في صلابة الموقف القانوني لإدارته.، والتجأ القضاة الذين تم اعفاؤهم للمحكمة نفسها لتمسكهم بموقفهم لجهة كون قرارات الإعفاء كانت قرارات تأديبية مقنّعة تعدت على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء، وحرمتهم من حقهم القانوني في الدفاع، وسلطت عليهم عقوبة قاسية لا تحترم الملاءمة بين ما ينسب لهم من أخطاء وسلم العقوبات. ويظل قرار المحكمة الإدارية الأمرالفصل الذي ينتظره الجميع، ليتبين موقف العدالة من عدالة الإعفاء سواء كانت ثورية أم قانونية.
م ع ج
 

للاطلاع على توضيح وزارة العدل حول بيان "هيومن رايتس وتش" المتعلق بإعفاء القضاة، اضغط هنا

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني