هذا البرلمان لي: أو هؤلاء النواب الذين يحتكرون الارادة العامة و”يضربون” كل مخالف


2012-09-21    |   

هذا البرلمان لي: أو هؤلاء النواب الذين يحتكرون الارادة العامة و”يضربون” كل مخالف

الحدث ليس بسيطا. عشرات من المواطنين يطالبون باصلاح قانون الانتخابات في ساحة البرلمان وهم لا يشكلون أي خطر على أي من النواب أو على المبنى، فتنهال عليهم شرطته ضربا. فيلتزم رئيس مجلس النواب ومكتبه الصمت وكأنما الأمر عادي. لا، الأمر ليس عاديا. انه فضيحة وله رمزية ينتهي معها أي ادعاء بالديمقراطية. ثمة قرينة بالطبع (وهي قرينة فاسدة لفساد قانون الانتخاب) بأن النواب يمثلون الارادة العامة، لكن ألا تسقط الصفة التمثيلية اذا رفضوا الاصغاء الى الذين يدعون تمثيلهم، ومن باب أولى اذا انهالوا عليهم بالضرب. وفي هذا الاطار، تنشر المفكرة القانونية شهادة الناشط جلبرت ضوميط بهذا الشأن. وهي تذكر أنه بتاريخ 13-4-2012، تعرض ذوو المفقودين والمخفيين قسرا (والذين تعرضوا طوال عقود للتهميش) للمصير نفسه، بحيث منعوا من دخول البرلمان للمطالبة باقرار مشروع القانون الذي وضعوه لوضع حد لعقود من التهميش، وذلك في وضح النهار المخصص لذاكرة الحرب. وكل ذلك في ظل حكومة أعلنت في بيانها الوزاري نيتها في انصاف حقوق هؤلاء. يذكر أن التحرك الأخير كان أودع محافظة بيروت علما وخبرا بالاعتصام فرفض: ربما لأسباب أمنية وربما لأن البرلمان يقع ضمن أملاك سوليدير، وهي أملاك خاصة، أليس كذلك؟ (المحرر). 
 
جيلبر ضومط
دخل حوالي 40 شابا وشابة إلى وسط المدينة وجلسوا في المقاهي المجاورة للمجلس النيابي متفقين أن الساعة 10:30 ينزعون قمصانهم العادية حيث لبسوا تحتها قميصا كحليا عليه شعار الحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي ويمسكون أيادي بعضهم البعض أمام درج البرلمان كتعبير سلمي عن مطلبهم بإصلاح النظام الإنتخابي، وذلك بالتزامن مع انعقاد اللجنة النيابية الموكلة درس قانون الإنتخابات.
 ما لبث أن توجه الشبان في اتجاه درج البرلمان وبدأوا بمسك أيادي بعضهم البعض حتى اجتمع ما لا يقل عن 20 عنصرا أمنيا معظمهم بزي الجيش اللبناني، البعض في زي الأمن الداخلي وقلة بزي مدني. بدأ الهجوم من قبل إثنين من العناصر باللباس المدني يصرخون ويدفشون الشباب طالبين منهم الخروج من الساحة. بقي الشباب واقفين هادئين لا يتحركون. خلال اقل من ثلاث دقائق بدأ الصراخ يعلو.. زاد عدد رجال الأمن وبدأوا بدفع الشباب وبشكل عنيف نحو الجهة العليا للمجلس. في هذا الوقت كنت موجوداً داخل مكتبة المجلس لإلقاء محاضرة عن "أزمة التشريع والعملية الديمقراطية" في ندوة نظمها برنامج التنمية للأمم المتحدة، وقد أعلمني المنظمون لهذا التحرك عن هذا النشاط قبل يوم فخرجت للقائهم في تمام الساعة 10:30.
 وقفت اصور التجمع حتى هجم علي أحد عناصر القوى الأمنية ومنعني واضعاً يده على كاميرا الهاتف وقائلا "ممنوع التصوير وإلا نأخذها منك". فتوقفت عن التصوير. خلال ذلك، كان أحد الشبان يصور ماذا يحدث، هجم عليه أحد عناصر القوى الأمنية وانتزع منه هاتفه فتصاعد الصراخ وفجأة بدأت القوى الأمنية بضرب الشباب ودفعهم بشكل عنيف: أحدهم من عائلة دندش وزينة الأعور وإحدى الفتيات تدعى نجلاء. خلال التدافع، كانت القوى الأمنية تأخذ كل هاتف خليوي وكاميرا متواجدة مع الشبان. في حين كان بعض القوى الأمنية يدفع الشباب للخروج من المكان، كانت مجموعة من القوى الأمنية تصرخ بشكل مروع على المواطنين الواقفين على شرفات الأبنية المجاورة للبرلمان للدخول إلى مكاتبهم حتى لاحظوا أحد الشباب يرتدي قميصا أبيض على إحدى الشرفات يصور فركض عدد من القوى الأمنية وصعدوا إلى البناء لانتزاع الكاميرا منه. حتى صودف وجود أمام المجلس بعض الصحفيين الذين منعوا من التصوير وتغطية الحدث (أعتقد ان احدهم كان من الجديد ولكني لست متأكداً).
 خلال هذا الوقت، صادف مرور على الأقل ثلاثة نواب فنظروا إلى ما يحصل مبتسمين ومستهزئين.
 وبعد أن خرج المتظاهرون نحو رياض الصلح، عدت إلى الندوة وأعلنت انسحابي منها كونها فاشلة وعقيمة واستخفافية حيث تقام تحت قبة البرلمان في حين يقمع المجتمع المدني في الخارج بالضرب، وطلبت من الحاضرين الخروج من القاعة والتضامن مع الشباب في الخارج. خرج حوالي العشرين شخصاً معظمهم ممثلون عن المنظمات الشبابية: أذكر منهم الحزب الإشتراكي والمستقبل والكتائب والطاشناق والأحرار، بالإضافة إلى مجموعة من ممثلين عن منظمات الأمم المتحدة. عندما اصبح الجميع في رياض الصلح، استمرت التظاهرة وتجمعت القوى الأمنية على مدخل الوسط ومنعوا الجميع من الدخول حتى للمارة. بقيت الهتافات في الخارج حتى أتى أحد الشبان بالهواتف الخليوية والكاميرات وأعادها إلى المتظاهرين.
تطرح هذه الحادثة سلسلة من الإنتهاكات والأسئلة:
الترخيص للتظاهر:لماذا يحتاج المواطن إلى رخصة للتظاهر أمام المجلس النيابي المنتخب لتمثيل الناس؟ اليس ذلك انتهاكا للدستور والشرعات الدولية؟ من لديه شرعية "ترخيص" حق المواطن بالتظاهر؟ لن يطلب المجتمع المدني ترخيصاُ من أحد للتظاهر وخاصة أمام مجلس نوابه.
اعتبار منطقة مجلس النواب منطقة أمنية والبعض يعتبرها ملكا خاصا:كيف يمكن ان يكون البرلمان اللبناني منطقة محظورة على المواطنين وهو مكان حوارهم وضمان حقوقهم والية محاسبتهم؟ من لديه الحق في امتلاك أرض البرلمان؟ يجب استعادة منطقة البرلمان للمواطنين ورفع اي حظر أمني وفتح البرلمان أمام مشاركتهم كافة.
قمع المجتمع المدني والإعتداء عليه بالضرب:اين هو حق التظاهر في النظام الديمقراطي اللبناني؟ اليس ذلك انتهاكا صارخا لكافة الحقوق ويجرم عليه القانون بعقوبات مشددة؟ الا يعاقب رجل الأمن للتعدي الجسدي على مواطن يعبر عن رأي؟ يجب معاقبة كل مسؤول عن هذا الجرم بدءاً من وزير الداخلية وصولاُ إلى كل رجل أمن تجرأ على ذلك.
استهزاء النواب عندما يقمع شعبهم:ما هو دور النواب ولماذا تم انتخابهم إذا حادثة كهذه لم تحركهم؟ كيف يقبل المواطن ان يمثله نواب غير معنيين بأبسط حقوقه؟ لماذا لا يتحركون لمساءلة الحكومة على هذه الحادثة؟ كل نائب لم ينضم للدفاع عن المجتمع المدني لا يستحق المكوث في منصبه بعد الآن.
أخذ الكاميرات والهواتف الخليوية ومنع الإعلام من التغطية:اليس ذلك انتهاكا صارخا لحرية التعبير؟ من يستطيع منع الإعلام من نقل الحقيقة للمواطنين؟ يجب معاقبة كل من قمع إعلامي أو صحافي في تغطية الخبر ونشر صوره على كافة المنابر الإعلامية.
أمن مجلس النواب:لمن يتبع أمن مجلس النواب؟ من يسأل عن أدائه وكيف يتواجد مدنيون دون لباس عسكري لديهم أوامر باستعمال العنف؟ الا تكون والحالة تلك ميليشيات مسلحة خارجة عن السلطة؟ يجب نشر كل صور "الشبيحة" التي تعطي نفسها الحق في قمع المتظاهرين وإخضاع القوى الأمنية إلى السلطة التنفيذية وليس إلى أي جهة أخرى.
الحلقة الرمزية الأهم في اي عمل مدني مقبل هو كسر الحصار الأمني على مجلس النواب واسترداده للشعب… لن تكون ديمقراطية في برلمان مغلق بوجه مواطنيه.
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني