أدلّة تناقض نفي إسرائيل مسؤوليّتها في الهجوم على قافلة نازحين في غزة 

أدلّة تناقض نفي إسرائيل مسؤوليّتها في الهجوم على قافلة نازحين في غزة 

أنتج هذا التحقيق “مختبر نوى ميديا” في إطار وضع موارده وقدراته في مجال تحليل المواد الإلكترونية والبصرية، ضمن مساعي كشف الحقائق وتبديد الأضاليل التي ترافق الجرائم الإسرائيلية المستمرة ضدّ غزة.
وللسبب نفسه يهمّ “المفكرة القانونية” أن تنشر هذا التحقيق وتحقيقات أخرى تحمل الهدف نفسه لاهتمامها بنشر محتوى متخصّص مهني يشكّل إضافة قيّمة على المحتوى الذي تعمل عليه حاليًا والمرتبط بكشف الجرائم الإسرائيلية المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يشهد قطاع غزة هجمات مروّعة ينفّذها الجيش الإسرائيلي منذ بداية شهر تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، سبّبت خسائر بشرية هائلة ودمارًا غير مسبوق للبنى التحتية، وأدّت إلى مسح مناطق سكنية مأهولة بالكامل. ولم تسلم قوافل النازحين من تلك الهجمات، حيث تعرّضت إحداها لهجمات متعدّدة على طول شارع صلاح الدين بالقرب من دوار الكويت بعد ظهر يوم الجمعة 13 تشرين الأول 2023 أثناء الإخلاء نحو الجنوب بطلب من الجيش الإسرائيلي. وقد أصابت ثلاثة من تلك الهجمات على الأقل بشكل مباشر سيارات على طول الطريق محمّلة بالنازحين كما أصابت الشظايا شاحنتين تحملان في مقطورتيهما نازحين. أدت الهجمات إلى مقتل 70 شخصًا وإصابة أكثر من 200 آخرين. وقد قدّم الجيش الإسرائيلي عبر ناطقه الرسمي سردية مضلّلة في محاولة لرفع المسؤولية عن إسرائيل في الهجوم، باستخدام مقطع فيديو لحادث آخر في موقع وتوقيت مختلفين لنفي مسؤوليته عن الحادثة.

ويعود الفيديو الذي عرضه الجيش الإسرائيلي لانفجار مصوّر على جسر وادي غزة يبعد عن موقع هجوم شارع صلاح الدين حوالي 4 كيلومترات. وعند تحليل الظلّ لمقطع الفيديو يبدو أنّه التُقط عند 14:59 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة، بينما نُشر أوّل بلاغ عن حادثة وادي غزة عند الساعة 16:04 بالتوقيت المحلّي لمدينة غزة.

بالتدقيق في المعطيات التي لدينا عن الهجومين يمكن الجزم أنّ حادثة جسر وادي غزة تختلف تمامًا عن الهجمات المتعددة التي استهدفت شارع صلاح الدين بالقرب من دوار الكويت على قافلة نازحين. فاستخدام الفيديو خارج سياقه من قبل وسائل الإعلام ومنصات تدقيق الحقائق على نطاق واسع قادت إلى سوء فهم حول طبيعة الحادثتين، ونتيجة لذلك استخدم الناطق الرسمي للجيش الإسرائيلي تلك التحليلات في نفيه مسؤولية إسرائيل عن الهجوم.

قام “فريق نوى ميديا للتحقيقات مفتوحة المصدر” برصد وتحليل محتوى إلكتروني مكتوب وبصري من مصادر مفتوحة مرتبط بالهجمات على قافلة النازحين في 13 تشرين الأوّل كما بتحليل الأحداث وسياقات المواد البصرية ذات الصلة، لنتوصّل إلى إعداد هذا التحقيق الذي يهدف إلى كشف ملابسات الهجوم ومحاولة تحديد الجهة المسؤولة عنه.

لقطة شاشة لصورة أقمار صناعية من “غوغل إيرث برو“، لشارع صلاح الدين “موضع التحقيق” المتأثر بعدة هجمات أصابت قافلة نازحين.

أمر إخلاء

نشر حساب “الجيش الإسرائيلي” على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) منشورًا تحذيريًا لسكان شمال غزة في صباح 13 تشرين الأوّل 2023، يذكر فيه ضرورة إخلاء المدنيين في مدينة غزة لمنازلهم باتجاه الجنوب حفاظًا على سلامتهم وحمايتهم والانتقال إلى المنطقة الواقعة جنوب وادي غزة.

لقطة شاشة لإعلان الجيش الإسرائيلي في 13 تشرين الأول 2023، 8:50 صباحًا.

شارك أيضًا المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على صفحته على فيسبوك مساء اليوم نفسه 13 تشرين الأول 2023 تحديثًا لإعلان الإخلاء، مضيفًا عبارة “قمنا بمناشدتكم صباحًا لمغادرة مدينة غزة إلى منطقة جنوب وادي غزة، حفاظًا على سلامتكم. أودّ أن أبلغكم أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي سيمتنع عن المس بالمسار المحدد في الخريطة حتى الساعة 20:00”. كان هذا الإعلان الوحيد الموجود على الإنترنت الذي ورد به معلومات عن المسار المخصص لعمليات النزوح.

منشور أدرعي الذي يوضح أنّ طريق صلاح الدين طريق آمن للإخلاء من الشمال إلى جنوب وادي غزة منذ الصباح وحتى الساعة 8 مساء.
صورة من فيديو CBS Chicago لأحد المنشورات التي أسقطتها الطائرات الإسرائيلية في 13 تشرين الأوّل في غزة.

لقطة شاشة من موقع Liveuamap لخريطة مدينة غزة، الأزرق: منطقة إجلاء المدنيين من شمال غزة، الأسهم الحمراء: الاتجاه نحو الجنوب المفروض بالمدنيين النزوح إليه وفقًا للتعليمات. صورة ملتقطة في تشرين الأوّل 2023.

لقطة شاشة من موقع Liveuamap لخريطة مدينة غزة يظهر جزءًا من شارع صلاح الدين. الأسهم الحمراء: اتّجاه سير المدنيين نحو الجنوب عبر شارع صلاح الدين. أخذت الصورة في تشرين الأول 2023.

ماذا حدث؟

نشر مستخدم يحمل اسم The Joker على “إكس” في الساعة 15:15 بالتوقيت المحلي لـ غزّة عن قصف سيارة مرسيدس مليئة بالمدنيين في شارع صلاح الدين وسط القطاع عقب محاولتهم للخروج والتوجّه نحو الجنوب. كما نشر حساب طارق مصلح في الساعة 16:32 بالتوقيت المحلي لـ غزّة: “قصف سيارات قرب سوق السيارات بشارع صلاح الدين… الناس شاردة وقصفوهم”. بالإضافة لحساب باسم نرمين الذي نشر تساؤلًا “شو بصير في حي الزيتون؟ أخبار عن مجازر” في 16:55. وقد كانت الحسابات الثلاثة بحسب تحليلنا هي أولى الحسابات التي نشرت عن الهجوم.

لقطة شاشة لمنشور The Joker

لقطة شاشة لمنشور طارق مصلح على فيسبوك.

لقطة شاشة لمنشور نرمين على إكس.

في الساعة 7:00 مساءً في اليوم نفسه جاء الإعلان الرسمي من المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني حول قصف الجيش الإسرائيلي عددًا من السيارات التي كانت تحمل نازحين متوجّهين نحو جنوب غزة. وأظهر فيديو نشرته وزارة الصحة الفلسطينية/ غزة سائق سيارة إسعاف وصفته بأنه “شاهد على مجزرة حقيقية”، وهو ينهار راكعًا على الأرض أثناء وصوله إلى المستشفى، ويتحدث إلى الكاميرا قائلًا “إنصحوا الناس تروّح ع بيوتا، قصفوا الناس اللي شاردة بشاحنات” أي تمّ قصف نازحين على متن شاحنات. ويتابع “قالوا للناس اشردوا (انزحوا) وقصفوهن” ويضيف أحد بجانبه أنّه تمّ قصف الشاحنات والإسعافات أيضًا. 

الموقع الجغرافي: أين وقع الهجوم؟

من خلال التحليل ومطابقة المحتوى البصري لفيديوهات نشرها كلّ من وزارة الصحة الفلسطينية/غزة، والصحافي Ragıp Soylu، وأيضًا Local focus وفيديوهات أخرى على الإنترنت يمكن تحديد إحداثيات بعض الضربات الواضحة والتي وثق سقوطها، هجوم على مجموعة من السيارات خلف المقطورتين بجانب محطة أسليم للبترول على شارع صلاح الدين، بالقرب من دوار الكويت بمدينة غزة، تحديدًا عند إحداثية 31.483005, 34.444769.

وهجوم آخر بعد دقائق على بعد أمتار أصاب سيارة أمام محلات شركة دغمش للتجارة وتصليح الإطارات بجانب أطقم الإسعاف بعد وصولها عند إحداثية 31.483354, 34.445045. لا يمكن الجزم أنّهما الهجومان الوحيدان، إذ قد يكون عدد الهجمات أعلى من ذلك بكثير.

صورة عبر الأقمار الصناعية لموقع الهجوم. مطابقة مع لقطات فيديو منشورة على الإنترنت 1,2,3,4,5.

متى وقع الهجوم؟

بعد أن نشر The Joker أنّ قصفًا استهدف سيارة في شارع صلاح الدين، نشرت مواقع وحسابات مختلفة فيديوهات للحادثة. واعتمادًا على حركة الظل باستخدام أداة SunCalc والتسلسل الزمني للأضرار الناتجة عن الضربات المتتالية على موقع الحادثة الظاهر في تلك الفيديوهات، أمكننا ترتيب الأحداث عبرها ووضع سيناريو محتمل لها.

فقد نشر الصحافي خالد أسكيف فيديو صُوّر من أعلى أحد المباني الموجودة في منطقة الحادثة، تظهر اللقطات احتراق سيارتين تتصاعد منهما النيران وإلى جانبهما سيارتين ولكن لم يظهر مدى تضرّرهما. عند مقارنة الفيديو مع فيديو نشرته وزارة الصحة الفلسطينية/غزة يظهر أنّهما صوّرا في اللحظة ذاتها من زاويتين مختلفتين عند تحليل الظل لإحدى لقطات الفيديو يبدو أنّ التوقيت المحتمل للتصوير كان قرابة الساعة 15:45 ±10 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة.

نشرت وزارة الصحة الفلسطينية/غزة فيديو آخر يوثق ثلاثة هجمات قريبة بفارق ثوانٍ، إحداها كانت هجمة مباشرة على سيارة تقف إلى الجانب من سيارة الإسعاف، ما أدى إلى تضرّرها وإصابة اثنين من طاقم الإسعاف ظهرا في نهاية الفيديو السابق. “إصابة في القدم وآخر في رأسه”. عند تحليل الظل لإحدى اللقطات يمكن تقدير وقت تصوير الفيديو وهو حوالي 15:55 ±10 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة. يجدر الإشارة أنّ اللقطات أظهرت على ما يبدو خمود نيران إحدى السيارتين اللتين ظهرتا في فيديو أسكيف، واشتعال أخرى جديدة ربما تكون “السيارة الرمادية”، وهذا يعطي احتمالًا بوقوع هجوم بين توقيت التقاط فيديو أسكيف وفيديو وزارة الصحة.

أخيرًا نُشر فيديو يبدو أنه أُلتقط بعد مرور وقت من قصف طاقم الإسعاف، حيث ظهرت مجموعة السيارات المحترقة بالإضافة للسيارة التي تقف بجانب سيارة الإسعاف وهي تشتعل وقد انخفض دخانها وتغيّر لون هيكلها مع احتراق كامل الإطارات، يمكن ملاحظة وجود جثة شخص في منتصف الطريق قد يكون تعرّض لشظايا انفجار المقذوف الذي سقط بجانب سيارة الإسعاف.

عند تحليل ظل أحد اللقطات في الفيديو يمكن تقدير الوقت بحوالي 17:20 ±20 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة.

لا يمكن الجزم بالتوقيت الذي توصلنا له من خلال تحليل الظل لعدم دقة وضعيات الصور الملتقطة للظل واختلاف النتائج أثناء التحليل ولكن يمكن أن نخلص إلى أنّ الوقت المحتمل لوقوع الهجمات المتعددة على قافلة نازحين في شارع صلاح الدين بالقرب من دوار الكويت كان بين 15:15 و17:20 بتوقيت مدينة غزة، هجمة من تلك الهجمات وثقت سقوط ثلاث ضربات بفارق ثوانٍ.

أثر الهجوم

بالنظر إلى السياق الزمني والمحتوى البصري للهجوم، يمكن فرض احتمالية أنّ القصف كان عشوائيًا[1] باتجاه واحد على طول شارع صلاح الدين المتأثر، حيث كانت معظم الهجمات في نطاق مسافة حوالي 700 متر مربع.

أدى القصف إلى احتراق وتدمير 6 سيارات ركاب، وتضرّر عدد آخر من السيارات التي تقف بالمحاذاة، بالإضافة لسيارة الإسعاف التي تضرّرت بشظايا المقذوف الذي سقط بجانبها. يمكن ملاحظة 7 جثث لمدنيين متفرقة على طول الشارع. سقط إثر الهجوم 70 قتيلًا و أكثر من 200 جريح حسب ما أشار موقع الجزيرة نقلًا عن وزارة الصحة الفلسطينية، كما لم تنشر الوزارة أسماءهم.

صورة عبر الأقمار الصناعية من غوغل إرث برو. تحدد مواقع بعض اللقطات التي ظهرت في فيديوهات مختلفة وتراتبية مواقع الأجزاء المتضرّرة على طول شارع صلاح الدين المتأثر. أخذت الصور في تشرين الأوّل 2023.

صور من فيديو forbes breaking news، وفيديو الصحافي الزعنون. تظهر عدد السيارات التي تعرّضت للقصف والمحترقة على طول الشارع.

صور من قناة القدس نيوز لسيارة الإسعاف المتضرّرة، رقم سيارة الإسعاف مطابق لرقم السيارة التي ظهرت في فيديو وزارة الصحة الفلسطينية/غزة.

الذخيرة المحتملة

وفقًا لمقطع الفيديو الذي نشره الصحافي الزعنون عبر حسابه على إنستغرام والذي التُقط بعد يومٍ من وقوع الحادثة، يُظهر السيارات بعد احتراقها، في الثانية 9 لوحظ وجود بقايا ذخيرة على الأرض تتشابه نسبيًا مع المروحة الخلفية لقذائف الهاون حجم صغير قد يعود لقذائف هاون عيار 81 ملم أو عيار 82 ملم.

عند البحث في سياق استخدام كلٍ من”الجيش الإسرائيلي” وقوات فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في نطاق الحادثة لهذا النوع من القذائف، وجدنا أنّ الجيش الإسرائيلي يستخدم قذائف تسمّى M43 Mortar Bomb أي هاون M43 عيار 81 ملم. بالنظر إلى المروحة الخلفية الموجودة في مقطع الفيديو لموقع الحادثة يتطابق شكلها مع الريشة الخلفية لقذائف الهاون التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي.

إلى اليسار لقطة شاشة من فيديو الصحافي الزعنون يظهر بقايا ذخيرة يحتمل أن تكون مروحة خلفية لقذيفة هاون عيار 81 ملم. إلى اليمين صورة من موقع CATUXO لقذيفة هاون M43 الإسرائيلية عيار 81 ملم. أخذت الصور في تشرين الأول 2023.

بالعادة هذا النوع من القذائف يسقط مع تشظّي في زاوية 360 درجة. يمكن ملاحظة هذا التأثير من خلال لقطات الفيديو للسيارات المقصوفة. وشكل توزّع الشظايا على جدار سيارة الإسعاف.

صور من فيديو الصحافي الزعنون على إنستغرام، يوضح شكل سقوط المقذوف وتأثيره على السيارتين. الدائرة والأسهم البيضاء: توضح شكل توزّع الشظايا. اخذت الصور في تشرين الأول 2023.

صورة توضيحية لشكل توزّع الشظايا من قذائف الهاون.

صورة سيارة الإسعاف من قناة “قدس نيوز” على تلغرام. تظهر الصورة شكل تطاير الشظايا على سيارة الإسعاف، حيث كانت ضمن مدى التطاير. تظهر الدائرة والأسهم البيضاء الاتجاه المحتمل لانتشار الشظايا.

قد يعيدنا التحليل إلى سبب تضرّر المقطورة الخلفية للشاحنة التي كانت تحمل النازحين من الجهة الشرقية، حيث ظهرت بقع الدماء وبعض الجثث عليها مع عدم وجود ضربة مباشرة، قد يعود لتأثرها بانتشار شظايا مقذوف سقط على مدى قريب لم يتم ملاحظته. في العادة يصل مدى التأثر لانتشار شظايا قذائف الهاون عيار 81 ملم إلى دائرة قطرها 20 مترًا.

لقطة شاشة من فيديو forbes breaking news يظهر بقع الدماء على المقطورة الثانية للشاحنة. الدائرة والأسهم البيضاء توضع المدى والاتجاه المحتمل لانتشار شظايا القذيفة. أخذت الصورة في تشرين الأول 2023.

كتب المستخدم على فيسبوك Mohammed Sirhan أنه كان في موقع الحادثة أثناء القصف، في سيارة تاكسي تقلّ عائلة من غزة نحو الجنوب، حيث تمّ قصف السيارات والنازحين الذين كانوا يسيرون في شارع صلاح الدين بالمدفعية بعدة قذائف متتابعة، مضيفًا أنّه نجا هاربًا جريًا تاركًا كل شيء وراءه.

تدعم رواية محمد احتمالية أنّ القصف كان أرض-أرض ولم يكن قصفًا جويًا، بالعودة إلى الذخيرة المحتملة يمكن فرض ذلك الاحتمال أيضًا. بالإضافة لنفي المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي في مقابلة له على “سكاي نيوز” نشرت على يوتيوب حصول غارات جوية على المنطقة.

اعتمادًا على حجم التأثير واتجاه وأماكن سقوط القذيفة يمكن تحديد الاتجاه المحتمل لقدوم القذائف وهو الشمال الشرقي لمدينة غزة من جهة المستوطنات. بحث الفريق عن صور أقمار صناعية حديثة لتحديد أماكن تواجد الجيش الإسرائيلي في المستوطنات الشمالية الشرقية ولكن لم يتم العثور على أي صور قد تساعد بسبب تشفيرها على مواقع صور الأقمار الصناعية ويتضمّن ذلك الخدمات المدفوعة إلى لحظة كتابة التحقيق.

يجدر الإشارة إلى أنّ هذه المعلومات ليست تحليلًا ناتجًا عن خبراء أسلحة، وبالتالي لا يمكن اعتمادها كنتيجة نهائية، ولا تمثل ادعاءً من معدي التحقيق. إنّما هي تحليل للمعطيات المتاحة حتى الآن.

على الرغم من وجود احتمال عودة بقايا الذخيرة لأيّ قوات عسكرية في حدود المدى المسموح لإطلاق هذا النوع من القذائف، إلّا أنّه لا يمكن تأكيد ذلك حتى الآن. وتُعدّ بقايا الذخيرة مجرّد أدلة إضافية يمكن استخدامها في التحقيقات مفتوحة المصدر، ويجب النظر في تفسيرات أخرى لوجودها في موقع الحادثة.

لقطة شاشة من غوغل إرث برو لموقع التأثر. الأسهم البيضاء توضح الاتجاه المحتمل لقدوم القذائف. أنشئت الصور في تشرين الأول 2023.

لقراءة التحقيق باللّغة الانكليزية
__________________________________________________________________________________________________


منهجية التحقيق:


تمّ جمع وحفظ وتحليل مقاطع الفيديو والصور من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المنشورة يوم الهجوم وفي الأيام الثلاثة التي تلته وقد بلغ عدد المصادر التي تمّ استخدامها في التحقيق 32 مصدرًا بوسائط مختلفة.

– تحديد تاريخ ووقت الهجوم من خلال عمليات البحث المتقدمة على “إكس” Invid، وهي أداة مفتوحة تستخرج التاريخ والوقت عن طريق الهندسة العكسية، ما يؤكد التوقيت المحلّي عند نشر أوّل منشور حول الهجوم، بالإضافة لأداة SunCalc وهي أداة مفتوحة تقوم بتحديد التوقيت بناءً على طول واتجاه الظل في موقع الهجوم والذي تطابقت نتائجهُ مع نتائج أوّل منشور نشر على موقع “إكس”.

– مطابقة ما نشره المستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي من مواد مصوّرة أظهرت شاحنة بمقطورتين تأثرت بالهجوم، وكان هناك عدد من الجثث الملقاة في منطقة الهجوم بالإضافة إلى سيارة إسعاف متأثرة على جانب الطريق، في شارع صلاح الدين، وظهور عدد من السيارات وهي تحترق.

– تحديد الموقع الجغرافي لشارع صلاح الدين من خلال البحث عن شارع صلاح الدين و الشارع رقم 10 بالإضافة لجسر وداي غزة في Open street Map، حيث تحتوي على بيانات أكثر دقة عن أسماء المناطق المحلية من Google maps و Google Earth، ثم تحديد نطاق بحث 4.6 كم حول المنطقة التي تعرّضت للهجوم والتعرّف على المعرّفات البصرية المميزة مثل المحال التجارية التي ظهرت في المحتوى المرئي ومقارنتها بصور الأقمار الصناعية.

– تحديد هوية المسؤول المحتمل بناء على تحليل مسار الذخيرة وتحليل زوايا الاختراق في السيارات، كما يتّضح من موقع الضرر والأدلة على التأثير، وموقع السيارات المتواجدة في شارع صلاح الدين بالقرب من دوار الكويت ومعلومات السيطرة على المنطقة.

– كان هذا التحقيق نتيجة لمراحل متعدّدة من تحليل المعلومات المتاحة مفتوحة المصدر والتي قدمت معلومات تتعلق بتاريخ ووقت ومكان الحادثة، إضافة إلى الذخائر التي يُزعم استخدامها والطرف الذي يُزعم أنه مسؤول عن الضربات والضرر الناتج. من خلال فحص جميع المعلومات المتاحة عن الضربات، يوفّر هذا التحقيق فهمًا للحادثة وكذلك الجناة المحتملين.

____________________________________________________________________________________________________

  1. يعتبر القانون الدولي أنّ القصف عشوائي إذا كان “يعالج عددًا من الأهداف العسكرية الواضحة التباعد والتمييز بعضها عن البعض الآخر والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضمّ تركزًا من المدنيين أو الأعيان المدنية على أنها هدف عسكري واحد” (البروتوكول1، المادة 51-5أ).

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، حرية التنقل ، الحق في الحياة ، الحق في الصحة ، فئات مهمشة ، مقالات ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني