نصف موظفي “ديلي ستار” تقدّموا بدعوى صرف تعسّفي: لا نعلم شيئاً عن مستحقّاتنا


2021-11-18    |   

 نصف موظفي “ديلي ستار” تقدّموا بدعوى صرف تعسّفي: لا نعلم شيئاً عن مستحقّاتنا

18 يوماً مرّت على الرسالة الإلكترونية التي بعثتها إدارة جريدة “ديلي ستار” إلى موظفيها تفيدهم بتسريحهم من العمل، بسبب إقفال المؤسسة. 18 يوماً وما زال العاملون على الوعد و”كمونّه” بدفع مستحقات لم يعرفوا قيمتها، ولا بأي عملة ستدفع في حال تأديتها، ولا حتى كيفية صرفها بالتقسيط أو  دفعة واحدة ووفق أي عملة. 

 18 يوماً وبعض هؤلاء من صحافيين وإداريين لم يحسموا أمرهم في التوجه لتقديم دعاوى صرف أمام مجلس العمل التحكيمي لحفظ حقوقهم، إذ فضّل من التزموا صمت القول والفعل التريث لكي لا يفتحوا معركة مع إدارة الجريدة قد تؤثر على قيمة التعويضات وسلمية الحصول عليها “كل كلمة تُحسب علينا، وقد تؤثر على علاقتنا مع الإدارة”، وفق ما يبرر البعض عدم طرح قضيتهم في الإعلام.  

18 يوماً على التسريح من عملهم بتاريخ 31-10-2021، تضاف إلى 6 أشهر من 2019 لم تُدفع لهم، كما أفاد بعضهم المفكرة القانونية، ولم يردهم حتى إتصالٍ من الإدارة يطمئنهم إلى دفع حقوقهم كاملة من فعل الصرف إلى أشهر الإنذار فالتعويضات.  

وطالما أن هناك مهلة محددة لتقديم دعاوى قضائية أمام مجلس العمل التحكيمي لا تتجاوز الشهر من تاريخ التسريح في 31 تشرين أول 2021، فقد كلّف ثمانية موظفين المحامي فاروق مغربي تقديم دعوى أمام مجلس العمل التحكيمي، حفاظاً على حقهم القانوني في حال تعثُر المفاوضات مع إدارة الصحيفة، وتجنباً لانتهاء مهلة ال 30 يوماً على واقعة الصرف من دون رفع الدعاوى، مما يُضعف موقفهم القانوني في التفاوض، ويحول دون حقهم باللجوء إلى القضاء للمطالبة به.  

وبلّغت إدارة الصحيفة الموظفين في الرسالة الإلكترونية المُرسلة في الأول من تشرين الثاني 2021 أن نهار 31 -10-2021 كان آخر يوم عمل لهم ،من دون منحهم مهلة أو إنذاراً ، “عادة بيقولوا للموظف عندك مهلة شهر أو شهرين بعدين رح نسكر مش بينزعب وبيرجع يتبلغ  بعد ذلك” وفق أحد الصحافيين. وأثارت طريقة التبليغ هذه امتعاض الموظفين المسرّحين الذين وجدوا في الأمر إساءة لهم، برغم تعهد الصحيفة، في الرسالة نفسها،  حفظ حقوقهم المالية. لكن هذا التعهد لم يجب على تساؤلات العاملين في الصحيفة حول آلية الدفع وطريقة احتساب هذه التعويضات نسبةً إلى سعر صرف الدولار الحالي، ولا موعد دفعها.  وعلى خط مواز، أكد مصدر في إدارة “ديلي ستار” للمفكرة، أن الصحيفة “ستدفع حقوق الموظفين كاملة”، رافضاً  الخوض في أي تفاصيل إضافية. 

 من هنا ارتأى ثمانية موظفين (معظمهم من قسم التحرير) من أصل  15 موظفاً مصروفاً المباشرة برفع دعوى قضائية نظراً لضيق المهلة القانونية، مع تحفظهم على تحريكها  بانتظار اتصال موعود من إدارة الصحيفة. 

الموظفون يرفضون التقسيط

“بلغونا بإيميل وإتصال جماعي عالواتس آب ، ما كلفوا حالهم يبلغونا بالطرد بطريقة محترمة” بغضبٍ وامتعاضٍ يروي حسن شعبان، مصور صحافي في الصحيفة، كيفية صرفه وزملائه من المؤسسة التي عملوا فيها لسنواتٍ.  وبحسب شعبان فإن إدارة الصحيفة في بيروت لم تنذرهم بقرارها بل قامت بإعطائهم إجازة لمدة أسبوع، تفاجأوا بعدها بقرار التوقف عن العمل فوراً. وينصبُ همّ شعبان وغالبية الموظفين اليوم على طريقة دفع المستحقات، خاصةً وأن المؤسسة مدينةً لهم بستة رواتب عن ستة أشهر منذ العام 2019، أي قبل بدء الأزمة الإقتصادي: “ما منعرف أديه رح يدفعوا ولا على أي سعر صرف، ناطرين ليتصلوا فينا يخبرونا”. ضبابية الصورة وعدم اكتراث إدارة المؤسسة لغاية اللحظة دفعت بشعبان إلى الموافقة على المضي برفع الدعوى القضائية، حيث  أن الخسارة واقعة في جميع الحالات، “يعني إذا دفعوا لنا تعويضنا على سعر صرف 1500 ما إله أي قيمة، وكمان اذا بدهم يقسطوا كارثة”، ويطالب شعبان بضرورة دفع التعويض كاملاً ومرة واحد “ما رح نرضى بآلية التقسيط”. 

 وبحسب شعبان تمرّ الصحيفة منذ مدّة بتعثر مالي، إذ كانت تتأخر عن دفع فواتير الهاتف الأرضي، حتى أن الضمان الاجتماعي للموظفين توقف قبل الصرف لعدم دفعهم المستحقات، “في موظفين نزلوا يتعالجوا على حساب الضمان قبل شهر من الطرد وكان ضمانهم واقف”. من جهةٍ ثانية يذكر شعبان أن الإدارة استعملت  في “رسالة الطرد” مصطلح “تسريح الموظفين” وليس إقفال المكاتب، “وهو ما يطرح فرضية الإبقاء على المكتب والاستعانة بموظفين برواتب أقل”. 

ويذكر شعبان أن الإدارة تعتمد منذ حوالي السنة سياسة “التطفيش”، وكانت تكيل الإهانات اللفظية والمعنوية للموظفين، طالبةً منهم المغادرة لأتفه الأسباب “دغري بيقولولك إذا مش عاجبك فل”. كذلك رفضت الإدارة تنفيذ قرار  الدولة زيادة بدلات النقل للموظفين إلى  24 ألف ليرة لكل يوم عمل، إسوة ببقية العاملين في لبنان. 

حال غريس كسّاب لا يختلف كثيراً عن حال شعبان، هي التي بدأت بالبحث عن عمل جديد تعتبر أنها أضاعت أكثر من 10 سنوات من عمرها في خدمة مؤسسة لا تدري كيف ستنصفها.  تقول: “نحن معاشاتنا باللبناني في عقد العمل بس كانوا يدفعولنا اياه بالدولار”. وعندما حصلت الأزمة “صاروا يدفعولنا باللبناني”. اليوم لا تعلم كسّاب أي  سعر صرف ستعتمد المؤسسة لدفع مستحقاتهم، لكن خطها الأحمر هو سدادها على دفعات “أبداً ما رح اقبل يقسطوا لي تعويضي، يعني بيعطوني مليون بالشهر شو بدي فيه، بدي مستحقاتي كاملة”. لهذا قررت كسّاب توكيل المحامي مغربي في القضية المنوي رفعها، خاصةً وأن احداً لم يكلف نفسه عناء الاتصال والتوضيح. 

تجمّع نقابة الصحافة البديلة كلّف من جهته المحامي فاروق مغربي لرفع دعوى عن ثمانية موظفين أبدوا موافقتهم. ما زال الأخير(مغربي) بانتظار الأوراق والمستندات اللازمة من الموظفين للمباشرة برفع الدعوى أمام مجلس العمل التحكيمي كونها  الطريقة الوحيدة للمضي قدماً، هذا إذا لم يتم التواصل بين الطرفين للتوصل إلى اتفاق ما. وهو بصدد رفع دعاوى فردية وليس جماعية، وفق ما يؤكد للمفكرة حيث ” لكل فرد تعويضه الخاص المختلف عن بقية زملائه نسبة لسنوات العمل وقيمة الراتب وغيره”.

 من جهةٍ ثانيةٍ يعتبر  المحامي مغربي  أن قضية الصرف التعسفي مثبتة لغياب الإنذار المسبق من إدارة الصحيفة، مستبعداً  تشاور الإدارة  مع وزارة العمل قبل المباشرة بتسريح الموظفين، نظراً إلى تبلغ هؤلاء (أي الموظفين) بتسريحهم مباشرة من دون علم مسبق. ويقول مغربي “لو كان هناك تشاور مع وزارة العمل كانوا الموظفين عرفوا قبل، بس الموظفين قالوا فجأة وصلهم إيميل”. في المقابل أشار أحد الموظفين إلى أنه سأل وزارة العمل إذا كانت الصحيفة تقدمت بطلب تشاور قبل شهر على الأقل من تبليغ العاملين فيها بتسريحهم وجاءه الجواب بالنفي “يعني صرفونا صرف تعسفي”، وفق ما يقول. وعن عدم لجوء الموظفين إلى وزارة العمل اعتبر المغربي أن “قرارات الوزارة هي قرارات غير ملزمة ولها قيمة معنوية وليس فعلية، فالوزارة تكتفي فقط برفع توصية”. إلا أن عدم لجوء الشركة للتشاور مع الوزارة يخل بأحد الشروط الجوهرية للاستفادة من أحكام الصرف لأسباب اقتصادية ويؤدي إلى اعتبار الصرف تعسفيا حكما وفق اجتهاد ثابت لمجالس العمل التحكيمية. 

إحدى الموظفات المسرّحات (طلبت عدم ذكر اسمها)، كانت مجبرة على القيام بأكثر من مهمة في الوقت عينه، وكانت مضطرة إلى الرضوخ والموافقة خوفاً من الطرد خاصةً في ظل أزمة فرص العمل التي تعاني منها معظم القطاعات حاليا، ومن بينها قطاع الإعلام. تنظر  اليوم إلى سنوات عمرها التي ذهبت هدراً، وهي التي كانت تعول على تعويض يقيها العوز، إلاّ أنها باتت في مهب الريح. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، تحقيقات ، مؤسسات إعلامية ، قطاع خاص ، لبنان ، حقوق العمال والنقابات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني