نشر “اتفاقية ذوي الإعاقة” في الجريدة الرسمية: استحقاق تأخّر 15 سنة


2022-04-20    |   

نشر “اتفاقية ذوي الإعاقة” في الجريدة الرسمية: استحقاق تأخّر 15 سنة
من تحرّك جرى مؤخراً لاتحاد المعوقين حركياً

يوم الخميس في 14 نيسان، نشر في الجريدة الرسمية قانونٌ يُجيز للحكومة إبرام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري المرافق لها. هذه الاتفاقية تشكل نصّا جديدا يعترف بحقوق هذه الفئة الاجتماعية، نص يضاف إلى قانون 220/2000 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والذي ما يزال معطلا في العديد من مواده.

الاتفاقية أهمّ من كل القوانين بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة

تعتبر رئيسة اتّحاد المعوقين حركياً سيلفانا اللقيس في حديث مع “المفكرة” أن الاتفاقية “تُمأسس  حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتمنهج التطبيق ومبادئ ومعايير الدمج، وفيها آلية قوية وفعّالة جداً لمكافحة التمييز”. وترى اللقيس أن الاتفاقية شاملة لكل الحقوق وتتضمن كل المعايير الدقيقة لعملية منهجة الحقوق لتكون دامجة ومدرجة بكل الأنظمة. وهي تكرّس بقوة المساواة والعدالة للأشخاص المعوّقين. وحتى بطريقة تعريفها للإعاقة تربط بين البيئة المُعيقة والشخص الذي يواجه المصاعب في المشاركة، أي لا تربط الإعاقة بالشخص، بل تربطها بالمنظومة غير المصممة لخدمة الجميع. وهذه ثورة بالنسبة للحقوق والمبادئ تكرس أكثر فأكثر عملية الدمج. وتعتبر اللقيس أن الاتفاقية هي الأهم  لما تكرسه من مساواة وعدالة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة وإلغاء التمييز في ما بينهم وبين الاشخاص غير المعوّقين، ما يجعلها “إنجاز العمر وثورة للحقوق”، كما تصفها. 

وتأتي أهمية البروتوكول الاختياري حسب لقيس من “كونه يضع آلية واضحة لمشاركة أصحاب الحقوق والأطراف ذات العلاقة بالمراقبة والمساءلة والمشاركة بكل العملية وهذا أساسي، وهو يلزم  لبنان أيضاً بوضع تقرير سنوي عن عملية التطبيق وبالتالي بأن يوفي بالتزاماته بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة. كما ينصّ البرتوكول على وجود لجنة دولية يمكن تقديم الشكاوى إليها في حال عدم الإلتزام بالاتفاقية ومندرجاتها”.  

وتوضح اللقيس أن تعريف الأشخاص ذوي الإعاقة باللغة الإنكليزية، بحسب الاتفاقية، هي persons with disabilities، ” أما الترجمة بالعربية وهي الأشخاص ذوي الإعاقة وهنا لا يحمل المعنى القوة نفسها، “لذا نحتاج الى جهد لايجاد ترجمة أفضل باللغة العربية”. وتعتبر هذه الاتفاقية أهم اتفاقية صدرت بالنسبة للأشخاص المعوقين إذ أنها تساعد المجتمع على إعادة صياغة سياساته وبرامجه وقوانينه بطريقة ترتكز على التنوع، بما فيه التنوع المتوفر بالأشخاص ذوي الإعاقة” يعني تصبح كل طريقة التواصل، البيئة المبنية، كل شيء يرتكز على هذا التنوع. كما أن تصنيف الإعاقات في بنودها أوسع بكثير من الذي ذكره القانون 220/2000″.
في المحصلة، تقول اللقيس: “بوضع هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، وبوجود البروتوكول الإختياري تصبح كل أشكال التمييز ممنوعة، لا سيما تلك التي تحصل في حقّ الأشخاص ذوي الإعاقة، ويصبح هناك آلية قانونية تحاسب على أي تمييز يحصل. ولا يعود هناك قدرة للسلطة على تجاهل وجود الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع التعليمي، أو العمل، أو في الحصول على حقوقهم السياسية. وبالتالي  يصبح وجودهم إلزاميا في كل المجالات، وبالتالي وضعهم في صميم الأجندة والأولويات”.

استحقاق تأخّر 15 سنة

يلحظ أن الحديث عن مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية ليس جديدا، بل ربما أدت المساومات السياسية إلى إرجاء الاستحقاق ل 15 سنة. فرغم أن حكومة فؤاد السنيورة أحالت الاتفاقية إلى المجلس النيابي بموجب مرسوم في العام 2007، إلّا أنّ قلم المجلس رفض استلامها (كما فعل بخصوص 57 مشروع قانون آخر ورد من هذه الحكومة) بإيعاز من رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خلفية أنها صادرة عن حكومة “بتراء”، مخالفة للوفاق الوطني، بعدما استقال منها وزراء الطائفة الشيعية. ورغم اتفاق الدوحة الذي أنهى القطيعة بين الحكومة والمجلس النيابي، فإنّ هذا الأخير بقي على موقفه في رفض تسجيل ما أرسل إليه من مشاريع قوانين من حكومة السنيورة كما لم تجد الحكومات المتعاقبة ما يوجب إعادة إرساله مرة أخرى. وبفعل ذلك، ضاعت مطالبات ذوي الإعاقة في وحول التجاذب السياسي غير المبرر.

وعليه، جاءت الفتوى على حين غرة من رئيس اللجنة النيابية لحقوق الإنسان ميشال موسى الذي بادر إلى تقديم اقتراح معجل مكرر يحيز للحكومة إبرام الاتفاقية وقد سجل اقتراحه على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب المنعقدة في 29 آذار 2022. وقد أكّد النائب موسى للمفكرة أنه “قدمه إلى المجلس النيابي كونه لم يتم تحويله من الحكومة”.ورغم المصادقة على الاقتراح من قبل الهيئة العامة من دون أي نقاش لمضمونها، وحده النائب سمير الجسر تحفّظ عليه. واعتبر الجسر أن اقتراح القانون قُدّم بصيغة مخالفة للدستور، على أساس أنّ المصادقة على المعاهدات الدولية يجب أن تحصل بناء على مشروع قانون بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، ليس بناء على اقتراح ورد من نائب. وقد علّل الجسر موقفه في اتصال مع المفكرة القانونية بالمادة 52 من الدستور التي نصّت أن الاتفاقية لا تكون مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، علما أنّ المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب.

يبقى أن رئيس الجمهورية ميشال عون وقّع هذه الاتفاقية متجاوزا هذا الاعتبار الذي ربما يلقى نقاشا في الأندية القانونية والسياسية من دون أن يكون له أي تداعيات على حقوق ذوي الإعاقة الذين بإمكانهم الاحتفاء بتحصيل هذه الاتفاقية ولو بعد سنين من الانتظار. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، حركات اجتماعية ، منظمات دولية ، الحق في الحياة ، حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، فئات مهمشة ، لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني