نسخة بو صعب لـ “الكابيتال كونترول”: انحياز مفرط للمصارف و”الحاكم” تحت غطاء “الخبراء”


2022-08-28    |   

نسخة بو صعب لـ “الكابيتال كونترول”: انحياز مفرط للمصارف و”الحاكم” تحت غطاء “الخبراء”

مهما تعدّدت نسخ مقترحات الكابيتال كونترول، فإنّ الثابت فيها إبراء ذمّة المصارف عن إساءتِها للأمانة وتضييعها لأموال المودعين ماضياً ومستقبلاً، وتكريس مرجعيّة مصرف لبنان من دون أيّ تغيير في وجوه القيمين عليه، مقابل تقويض مرجعيّة القضاء بصورة شبه كاملة. والأهمّ، انفصالها عن أيّ خطّة إصلاحية مالية أو اقتصادية.   

وانطلاقاً من ذلك، لن تختلف جلسة اللجان المشتركة التي تعقد يوم الثلاثاء المقبل عن سابقاتها. هي محاولة جديدة لاستغلال مسار قانوني كان يُفترض أن يضمن المساواة بين المودعين وأن ينظم مرحلة انتقالية يسترجع تدريجياً خلالها المودعون إمكانية الاستفادة من ودائعهم بالعملة الصعبة، في موازاة التقدم في إنجاز الخطة المالية والاقتصادية، فإذا به يتحوّل إلى أداة جديدة لتعزيز إفلات كلّ من تآمر وفرّط بأموال الناس من العقاب. 

الجلسة الأخيرة كانت عُقدت في منتصف نيسان الماضي وتم تطييرها بسبب عدم رغبة أي من الكتل الخوض في مسألة قد تضرهم في الانتخابات. بعدها نام المشروع إلى حين قرّر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بدء اجتماعات تشاورية بهدف الوصول إلى مجموعة من التعديلات التي تعرض على اللجان المشتركة. عقد بو صعب ثلاثة اجتماعات ضمّت في الاجتماع الأول كلًا من: ليلى داغر (مستشارة رئيس الحكومة السابق حسان دياب)، فادي عبود (وزير سابق)، رائد خوري (مدير مصرف ووزير سابق)، زياد بارود (وزير سابق)، كريم ضاهر (رئيس لجنة حماية المودعين في نقابة المحامين) مروان بركات (بنك عودة)، علي نور الدين (رابطة المودعين)، بول أبي نصر (جمعية الصناعيين)، نسيب غبريل (بنك بيبلوس)، جاد غصن (صحافي اقتصادي)، سابين الكيك (خبيرة قانونية)، كارول عياط (بنك عودة)، إيلي شمعون (محامي جمعية المصارف)، نقولا شيخاني (خبير مصرفي)، ألان عون (نائب)، نقولا شماس (رئيس جمعية تجار بيروت) وآخرين. 

وقد بدا واضحاً أنّ الحاضرين مقسومون بين وجهة نظر جمعية المصارف التي تريد كابيتال كونترول أمس قبل اليوم لحمايتها من الأحكام القضائية التي تصدر بحقها ولتشريع القيود التي فرضتها بحكم الأمر الواقع، مقابل وجهة نظر تدعو لأن يكون القانون جزءاً من خطة متكاملة للخروج من الأزمة. وهذا دفع البعض إلى العزوف عن المشاركة في الاجتماعين اللاحقين، حتى كانت الجلسة الثالثة أقرب إلى جلسة من طرف واحد. إذ كان حضور حزب المصارف هو الطاغي في الاجتماع، بعدما آثر أغلب الخبراء المعارضين لتوجهات المصارف عدم الحضور مجدّداً لأسباب متعدّدة أهمها شعورهم بعدم الجدوى وسوء النية في التشريع خدمة للمصارف. وعليه، لم يبقَ في الاجتماع الثالث سوى 3 من هؤلاء وهم نور الدين والكيك وشيخاني، الذين آثروا الاستمرار في المواجهة على ممشى الكراسي الخالية. وبخلاف ما أشار إليه بو صعب، فإن تعديلاته المقترحة لم تأخذ قط بمواقفهم بل اكتفتْ بإبراز مواقف الخبراء المؤيدين لوجهة المصارف.

تبعاً لذلك، وجّه بو صعب إلى النواب، بتاريخ 26 آب، كتاباً ضمّنه تعديلات مقترحة على مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي كانت أرسلته حكومة نجيب ميقاتي قبل الانتخابات النيابية في نيسان 2022. وقد وصف التعديلات المقترحة على أنها ملخّص نقاشات الخبراء والمتخصصين حول مشروع القانون المذكور. وأفاد، في كتابه، أنّه دعا عدداً من الخبراء القانونيين والمتخصّصين في الشؤون المالية والاقتصادية والمصرفية والممثلين عن جمعية المودعين والمصارف والهيئات الاقتصادية للاستفادة من خبراتهم ضمن اختصاص كلّ منهم. وأسفرتْ هذه الاجتماعات، وفق ما جاء في الكتاب، إلى وضع “دراسة” بغية اقتراح صيغة مبنيّة على “خبرات وبحوث لكل المواد” تشكل “تقاطعاً بين كافة الأطراف”. وقد انتهى الكتاب إلى دعوة النواب إلى جلسة في اللجان المشتركة لمناقشة هذه التعديلات.   

قبل المضي في تفصيل الاقتراحات المسرّبة، يجدر القول إنها خلتْ من أي “دراسة” أو “تقاطع” خلافاً لما جاء في كتاب بوصعب . وفي حين أنّ التعديلات المقترحة تصب في مصلحة المصارف، إضافة إلى ورود مرجعية مصرف لبنان بصورة حاسمة، فإنّ التعديلات المقترحة القليلة التي قد تفيد المودعين وردت ضمن خيارات عدّة تذهب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. 

من صفحة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على فيسبوك

غاية القانون لم تعدْ حماية المودعين

أول ما يلفت النظر هو حذف الغاية من مشروع القانون. ففي حين نصّت المادة الأولى أن الغاية منه هو وضع ضوابط “شفافة” على الحوالات “لمنع المزيد من تهريب رؤوس الأموال وتدهور سعر الصرف وحماية المودعين من خلال الحفاظ بقدر الإمكان على الأصول بالعملات الأجنبية في القطاع المصرفي”، اقترح بو صعب الاكتفاء بهدف وضع ضوابط على الحوالات والسحوبات النقدية من دون أي إضافة. ويؤدي حذف الغاية على هذا الوجه إلى نفي اتهام حصول تهريب للعملة الصعبة وحرمان المودعين من إمكانية تفسير مواد القانون على ضوء الغاية المتمثلة في حمايتهم. فهل أتى هذا الحذف نتيجة دراسة وتقاطع آراء المتخصصين أم نتيجة انحياز لمصالح المصارف؟         

كابيتال كونترول برعاية حاكم مصرف لبنان

النقاشات التي دارت سابقاً تمحورت حول تكوين اللجنة التي ستحدّد قيمة السحوبات المتاحة أمام المودعين والعملة التي ستسدّد بها، وبكلمة أخرى اللجنة التي ستحدد حقوق المودعين في ظل الفترة الاستثنائية التي يشملها اقتراح القانون. وهنا أيضا أظهرتْ التعديلات المقترحة انحيازًا أكبر لمرجعية مصرف لبنان بإدارته الراهنة. 

ففي حين كان المشروع الحكوميّ نصّ على تأليف اللجنة من وزير المالية وحاكم مصرف لبنان وخبيرين اقتصاديين وقاض من الدرجة 18 وما فوق يختارهم رئيس مجلس الوزراء، ويمكن لها أن تستعين بمن تراه مناسباً من أهل الاختصاص، ذهبتْ المقترحات المعدلة إلى اقتراح تأليفها من “من المجلس المركزي في مصرف لبنان بالإضافة إلى خبيرين اقتصاديين يختارهما مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية”. وفي حين يُفهم من ذلك أن رئيس اللجنة سيكون حاكم مصرف لبنان نفسه طالما أنه هو الذي يرأس المجلس المركزي، لم تدعْ وثيقة بو صعب مجالًا للشكّ بحيث نصّت صراحة على ذلك. 

وعليه، بدل أن تذهب التعديلات إلى تعديل اللجنة المقترحة من الحكومة في اتجاه تعزيز حياديتها وتخصصها، ذهبت على العكس من ذلك إلى تأكيد انحيازها الكامل وإعادة الدور الرئيسي لأحد أبرز المتهمين بالانهيار وحماية مصالح المصارف على حساب الشعب برمّته. وعليه: هل يمكن اعتبار هذا التعديل في اللجنة نتيجة دراسة وتقاطع مواقف المتخصصين أم نتيجة انحياز لمصالح المصارف؟      

سحوبات غير واضحة

في المادة السادسة المتعلّقة بالسحوبات، وبعدما كان المشروع الحكومي ينصّ على السماح للفرد بأن يسحب شهرياً من حسابه المصرفي مبلغاً لا يزيد عن 1000 دولار أميركي إما بالعملة الأجنبية أو بالعملة الوطنية، وضع بو صعب ملاحظة تدعو إلى طلب استيضاح مصرف لبنان عن المبلغ الشهري الذي يمكن للمصارف تسديده للعملاء والمدة الممكن الالتزام بها وفي حال كان هذا التسديد يُدفع بالعملة الوطنية، ووفق أيّ سعر صرف. 

وبذلك، أمكن تسجيل أمور ثلاثة: 

  • أن الاجتماعات التي لجأ إليها بو صعب لم تعطِه أي معيار يسمح بتحديد المبلغ الذي بإمكان المودعين سحبه من حساباتهم، فبقي المعيار الوحيد المتاح أمامه هو اللجوء إلى من يعتبره صاحب المرجعية، حاكم مصرف لبنان. 
  • أن بو صعب لم يجدْ خلال الأشهر الماضية وقتاً لاستيضاح مصرف لبنان عن المبلغ الذي بإمكان المصارف تسديده وشروطه بالرغم من محورية هذه المسألة بالنسبة إلى حقوق المودعين التي تبقى معلّقة وقابلة للنسف بقرار من “اللجنة” المذكورة أعلاه،
  • أن الصياغة المقترحة تبقي المودعين تحت رحمة اللجنة بشكل كامل، طالما أن المبلغ المذكور هو حدّ أقصى للسحوبات النقدية وليس حدّا أدنى، بمعنى أنه حدّ لا يمكن للمصارف تجاوزه من دون أن يرتّب للمودعين أي حقوق مكتسبة.   

بالنسبة لمراقبة حسن تطبيق القانون من قبل لجنة الرقابة على المصارف والعقوبات التي تخضع لها المصارف المخالفة، دعا بو صعب إلى إعادة النظر بالمواد المتصلة بهما وإعادة صياغتها كلياً، من دون أن يقترح نصاً تعديلياً. وبذلك، بدتْ الملاحظات التعديلية وكأنها تعكس تململًا لدى المصارف من فكرة الرقابة والعقوبة من دون أن يكلّف واضعها نفسه اقتراح ما يراه مناسباً. وقد بدت هنا الملاحظات التعديلية بمثابة مجاملة مفرطة للمصارف وتفهّم لتململها، بما يُعرّض الاقتراح لمزيد من اللاتوازن.    

تعليق الأحكام بحقّ المصارف

المادة 12 هي الأكثر حساسيّة وقد أسالتْ الكثير من الحبر وبخاصة في شهر كانون الأول 2021 تحت وطأة تطوّر مسار الدعاوى المرفوعة في بريطانيا وتزايد القرارات القضائية الوطنية ضدّ المصارف. وقد بدت هذه المادة بمثابة درع تصنعه المصارف لتتقي شرور الدعاوى المقامة ضدها. 

وكان المشروع الحكومي نصّ على أن تسري أحكام القانون على جميع الإجراءات القضائية مهما كان نوعها كما على الدعاوى المقدّمة أو التي ستقدّم في وجه المصارف والمؤسسات المالية أو المنبثقة عنها مهما كانت طبيعة تلك الدعاوى أو مكان تقديمها أو نوعها أو درجاتها والمتعلقة بالسحوبات والتحويلات وكل ما نص عليه هذا القانون إن لم يكن صدر فيها قرار مبرم بتاريخ نفاذه. 

تجنّب بو صعب الحسم في هذه المادة، مكتفيًا بتقديم ثلاثة اقتراحات وردت عن الأطراف المشاركة في المداولات، وهي اقتراحات تذهب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من دون أن يكبّد بو صعب نفسه عناء التحقق من صحة أو سدادة مبررات أيّ منها. وقد بدا هنا وكأنه يوحي بتوازن مقترحاته، بعد الانحياز الواضح والمفرط في مجمل المقترحات السابقة كما ظهر سابقاً. 

فما هي هذه الاقتراحات؟ 

الاقتراح الأول: يقتضي الإبقاء على التوجه الأساسي لهذه المادة “كونه لا قدرة لجميع المودعين على تقديم دعاوى في الخارج. وبالتالي من غير العادل استحصال الأجنبي على قرارات قضائية وإلزام المصارف على إعادة كامل ودائعهم على حساب ودائع المودعين في الداخل بدل التوزيع العادل فيما بينهم. وكون صدور قانون الكابيتال كونترول ومن ضمنه هذه المادة يمنع المحاكم الأجنبية من قبول دعاوى المودعين في الخارج لاستعادة ودائعهم وفقاً للقانون اللبناني”. وقد بدت المبررات المستخدمة هنا وكأنها تستعيد سردية المصارف التي عملت على تصوير أي دعوى يقيمها مودعٌ في لبنان أو الخارج على أنها موجهة ليس ضدها أو ضد الكابيتال كونترول غير النظامي الذي تعتمده إنما ضد سائر المودعين.   

وانتهى هنا بو صعب إلى إجراء تعديل على المادة من دون المس بتوجهاتها، قوامه اعتبارها من قبيل الانتظام العام “المشدد”، فضلًا عن استبدال تطبيق هذا القانون على الدعاوى المقامة أو ستقام ضد المصارف والمتعلقة بالتحاويل والسحوبات، بتعليق “الدعاوى وسائر الإجراءات القضائية التي تنظر في أو تتناول مطالب أو تدابير مخالفة أحكام هذا القانون والتي لم يصدر فيها حكم مبرم” خلال مدة العمل بالقانون المزمع إقراره. ويرجّح أن يكون الهدف من هذا التعديل المقترح، وبخاصة لجهة توصيف الانتظام العام بالـ”مشدد” وتعليق الدعاوى لمدة محصورة في فترة الاستثناء، هو جعل القانون في حال إقراره أكثر قابلية للتنفيذ في الخارج فتعتبره المحاكم الأجنبية تدبيرا استثنائيًا ومؤقّتا ولا تستبعده لمخالفة دساتيرها. إلا أنّ هذا المنحى قد لا يقنع المحاكم الأجنبية أو يحقّق تاليا الغاية المرجوة منه في ظلّ طول أمد الفترة الاستثنائيّة وإمكانية تجديدها، والأهمّ من دون أن تترافق مع أيّ خطّة ماليّة أو اقتصاديّة من شأنها الخروج من حالة الاستثناء في أمد منظور.   

أما الاقتراحان الآخران اللذان وردا بصورة عرضية وغير جديّة، فقد ذهبا من أقصى اليسار (حماية مطلقة للمودعين) إلى أقصى اليمين (حماية مطلقة للمصارف) كما سبق بيانه. 

فالاقتراح الثاني يقضي بإلغاء هذه المادة، انطلاقاً من أنه “يحق للمودعين حماية ودائعهم والمطالبة بها إن في الداخل أو في الخارج”. 

أما الاقتراح الثالث فيذهب أبعد من كل ما سبقه في اتجاه “تعليق تنفيذ جميع الأحكام والقرارات المبرمة التي صدرتْ قبل صدور هذا القانون وتلك التي ستصدر بعد دخوله حيز التنفيذ والمتعلقة بمطالب أو تدابير مخالفة لأحكامه” طوال فترة سريان القانون. 

بحسب مشاركين في الاجتماع، فإن طرح هذه الاقتراحات هو تمهيد للقول إن الأفضل يبقى في الحل الوسط أي تعليق التنفيذ طيلة فترة نفاذ القانون. وهو ما تسوّق له المصارف. 

تشريع الإفلات من العقاب

يؤكّد مُتابعون للنقاشات أنّ كل التعديلات التي اقترحتْ لا تخرج عن الفكرة الأساس: إلباس القانون أكثر من ثوب، بما يؤدّي عملياً إلى الابتعاد على الغاية منه. فالقانون الذي يُفترض أن يعيد التوازن إلى ميزان المدفوعات ويحافظ على العملة الصعبة، يصرّ واضعوه على تحويله إلى قانون يبرئ ذمة المصارف ويثبّت تطيير الودائع، من خلال التمييز بين الودائع القديمة والودائع الجديدة، التي يحقّ لأصحابها التصرّف بها بدون قيود، بغضّ النظر عما إذا كانت ناتجة عن تبييض أموال أو احتكار أو عمليات مخالفة للقانون. 

حتى تعريف الأموال الجديدة بوصفها الأموال التي دخلت إلى المصارف بعد 17 تشرين الأول 2019 ليس سوى تغطية لكل الموبقات التي حصلت بعد هذا التاريخ. فهذه الأموال، وهي أشبه بعملة جديدة، ستكون، وفق القانون، أموالاً مشروعة، بينما أموال من وضع جنى عمره في المصرف قبل هذا التاريخ فستُصنّف أموالاً غير مشروعة يتمّ وضع القيود عليها.

وما يزيد من سوء هذا التمييز، هو أن التعديلات المقترحة عادت وفتحت الباب لاعتبار الأموال التي أعادتها المصارف بعد تهريبها إلى الخارج عملًا بقرار مصرف لبنان رقم 13262 تاريخ 27/8/2020 أموالًا جديدة قابلة تاليا لإعادة تهريبها إلى الخارج فور انتهاء مدة العمل بالقانون المزمع إقراره.    

باختصار، يقول المحامي كريم ضاهر إنه من دون مباشرة المحاسبة وإعادة هيكلة المصارف وتوضيح كيفية رد الأموال إلى أصحابها، فإن إقرار أي قانون كابيتال كونترول في الصيغة المطروحة لن يكون سوى عملية تشريع للإفلات من العقاب. ويعتبر ضاهر إنه لا بد من العودة إلى الأساس إلى التعامل مع قانون وضع ضوابط استثنائية على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية بوصفه طريقة لمعالجة العجز الحاصل في ميزان المدفوعات وما يستتبعه من نتائج خطيرة على الاقتصاد. 

يخشى ضاهر أن يحقق القانون عكس ما رسم له من أهداف، وبالأخص إذا جرى إقراره بمعزل عن رزمة القوانين والتدابير الأخرى الضرورة والمكملة له، لا سيما قانون موازنة 2022، توحيد سعر الصرف، إعادة هيكلة المصارف، رفع السرية المصرفية. كما يؤكّد أنه لا يمكن إقراره قبل تحديد المسؤوليات المترتبة عن تلك الخسائر مع البدء الفوري بالتحقيقات بشأنها من خلال تطبيق القوانين المرعية وفي مقدمها قانون الاثراء غير المشروع والقوانين المصرفية التي تُحاسب كلّ من تجاوز الأصول أو أخلّ أو أهمل أو تقاعس عن القيام بواجباته، لكي لا يُصار إلى تحميل المودعين والمواطنين القسم الأكبر من الخسائر وفقدان الأمل بتعافي الاقتصاد لأجيال طويلة.

من جهتها، أكدت د.ة سابين الكيك أنه قبل الدخول في تفاصيل البنود وتعديلاتها المرفوضة في جزء كبير منها، لا بد من الإشارة إلى أن إقرار الكابيتال كونترول بحذ ذاته لن يكون مفيداً اليوم، لأنه ليس فقط المطلوب أن يكون ضمن خطة بل يفترض أن يكون ضمن ترتيب دقيق. إذ لم يعد مطلوباً من القانون أن يمتص الهلع كما لو أقر في بداية الأزمة، بل الأساس هو خفض عجز الميزان التجاري وضبط فاتورة الاستيراد، وهذا لا يمكن أن يتم قبل إعادة هيكلة المصارف وإيجاد سياسة نقدية واضحة وتحديد سعر صرف الدولار وإقرار موازنة، كما لا يمكن أن يتم في إطار التمييز بين أموال جديدة وقديمة، وهو الإجراء الذي تصرّ عليه المصارف على قاعدة عفا الله عما مضى. 

مدة الاستثناء 

ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن مشروع الحكومة كان يشير إلى سريانه لمدة سنتين قابلة للتجديد من قبل مجلس الوزراء بناء على اقتراح “اللجنة” المنشأة بموجبه. وقد اقترح بو صعب هنا تعديل المدة لتصبح سنةً واحدةً (بدل سنتين) قابلة للتجديد مرّة واحدة من قبل مجلس النواب (بدل مجلس الوزراء)، إنما دائما بناء على اقتراح “اللجنة”. وفي حين يسجّل إيجابًا تقصير أمد المدة الاستثنائية وعدم تفويض الحكومة صلاحية تمديدها، يبقى من المستغرب تقييد مجلس النواب باقتراح يفترض أن يكون ملزمًا من اللجنة التي يقترح بو صعب أن يرأسها حاكم مصرف لبنان. فكأنما بو صعب يخضع بذلك المجلس النيابي (السلطة الممثلة للأمة) لإرادة مصرف لبنان. فضلًا عن ذلك، تجدر الإشارة مجدّدا إلى أنّ إقرار قانون كهذا بمعزل عن خطة تعافٍ واقعية وقابلة للتطبيق إنما يؤدّي عمليًا إلى استمرار الأزمة مما سيؤدّي حكماً إلى تأبيد الضوابط الاستثنائية ومزيدٍ من قضم حقوق المودعين، وربما بصورة أكثر قساوة.    

يمكنكم هنا الاطلاع على كامل ملخّص نقاشات الخبراء والمتخصصين حول مشروع القانون

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، تشريعات وقوانين ، إقتراح قانون ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني