مذكرة بقضية المسرح الفكاهي لبيع الشباب ادمون حداد وراوية الشاب


2012-11-16    |   

مذكرة بقضية المسرح الفكاهي لبيع الشباب ادمون حداد وراوية الشاب

في 23/9/2009، نظم الكوميدي ادمون حداد سهرة فنية ترفيهية لجمع تبرعات يعود رعيها لصندوق "برايف هارت" لمعالجة الاطفال المصابين بامراض قلبية. وكانت الفكرة ان يتم تأدية استعراض كوميدي تفاعلي قدمته الممثلة راوية الشاب حيث قام بعض الشبان بتمثيل دور شبان معروضين للبيع وقامت السيدات في الحضور بالمزايدة العلنية ل "شرائهم" بهدف جمع التبرعات للجمعية الخيرية.
الا ان مقالتين نشرتا في جريدة النهار اعتبرتا أن هذه السهرة هي "دعارة من نوع جديد" حيث تم "بيع شبان في المزاد العلني" علما ان كاتب المقال لم يحضر الحفل بل قرأ مجرياتها في مقال منشور على موقع النشرة. وبناء على هاتين المقالتين، ادعت النيابة العامة الاستئنافي في بيروت، على ادمون حداد وراوية الشاب بالحض على الفجور.
وبناء أيضا على هاتين المقالتين، أصدر القاضي المنفرد الجزائي في بيروت حكما بادانة المدعى عليهما حداد والشاب بجرم الاخلال بالاخلاق العامة سندا للمادة 532 من قانون العقوبات وبحبسهما لمدة شهر وتغريمهما مبلغ مئتي الف ليرة. وقد اعتبر القاضي أن السهرة كانت مخلة بالاخلاق العامة وغير مألوفة نظرا لانها تضمنت امورا جنسية فضلا عن قيام المدعى عليه ادمون حداد بفك سحاب بطلونه امام الجمهور وانه جرى كلام "لا يمكن نقله او تلطيفه من قبل كاتب المقال".
تقدم المدعى عليهما باستئناف امام محكمة استئناف الجنح في بيروت وصدر القرار عن غرفة الرئيسة دلول في 14/11/2012 بفسخ الحكم المستأنف وابطال التعقبات بحقهما.
فبعد ان استبعدت المحكمة مضمون المقالتين الصحافيتين على اعتبار انها تعبر عن رأي كاتبها فقط، رأت المحكمة وبعد مشاهدة تسجيل الحفل ان السهرة الفنية جرت ضمن قالب الضحك والتسلية من أجل جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات لدعم مشروع خيري. وانطلاقا من هذا الطابع المسرحي الكوميدي، اعتبرت ان افعال المدعى عليهما المستأنفان "تبقى في الاطار المسرحي الجائز" بما أن"ما هو جائز على المسرح غير مسموح في الأماكن العامة لأنه يخرج عن أطاره التمثيلي والتعبيري والايمائي ليصب في خانات تجعله خارجا عن المألوف ومؤذيا للنظر ومخلا بالآداب والأخلاق العامة." وخلصت الى انه لم يظهر بأن هناك أي نية جرمية لدى المستأنفين تجعل من الحفل يخرج عن اطاره المرسوم له.
بالتالي، فان المحكمة كرست في هذا القرار مبدأين أساسيين تناولتهما المرافعة الدفاعية:
اولا: ان مفهوم التعرّض للاخلاق والآداب العامة يتم تفسيره بشكل أضيق عندما يطال الفن بناء على ان "ما هو جائز على المسرح غير مسموح في الأماكن العامة"مما يشدد الطابع المتغيّر والمتحرك لهذا المفهوم وفقا للمكان والزمان.
ثانيا: ان الدافع الكوميدي للأعمال المسرحية تؤدي الى انتفاء النية الجرمية بما ان الافعال والكلام في هذه السهرة جاءت بهدف اضحاك الناس من اجل رفع مبلغ التبرعات.

حيثيات الحكم الاستئنافي الصادر في 14-12-2012
في قضية الحق العام ضد المسرح الفكاهي لبيع الشباب
(ادمون حداد وراوية الشاب)
 
 
"وحيث بالعودة الى واقعات الدعوى الحاضرة تبين ان النيابة العامة تحركت على أثر مقالتين نشرتا في جريدة نهار الشباب بتاريخ 6/6/2010، المقالة الاولى في صفحة "خبريات" ص 2/26 والمقالة الثانية في صفحة "جدل" ص 3/27، تفيدان بعرض شباب لبنانيين للبيع في المزاد العلني لقاء مبالغ مالية تدفعها الفتيات الحاضرات الحفل لتمضية بعض الوقت معهن ويعود ريع هذه السهرة لجمعية "برايف هارت" الخيرية.
 
وحيث تجدر الاشارة في البدء الى أن جنحة التعرض للأخلاق العامة، وفق معطيات الدعوى الحاضرة، تلقى ركيزتها من واقعة الأفعال والأعمال التي ارتكبت خلال السهرة الفنية المقامة في الملهى الليلي "سناتش" في منطقة الجميزة، وبالتالي لا عبرة الى المقالتين المنشورتين في جريدة نهار الشباب كأسناد للتجريم، لأن هذه المقالات تعبر عن رأي الكاتب الذي يعود له سرد واقعات السهرة الفنية كما حصلت وفق نظرته للموضوع وطريقته في تحليل ونشر الخبر عملا بمبدأ حرية الرأي.
 
وحيث ان المحكمة، بعد أن اطلعت على مضمون القرص المدمج "C.D" المرفق بالملف والذي يتضمن تفاصيل الحفل بالصوت والصورة ونقل بشكل دقيق وحقيقي لما حصل خلال الحفل الخيري، وبعد أن استمعت الى أقوال الجهة المستأنفة في الجلسة المنعقدة بتاريخ 25/4/2012، تبدى لها أن السهرة الفنية موضوع الدعوى جرت ضمن قالب الضحك والتسلية، الغاية منه اضفاء أجواء المرح والفكاهة على المسرح بهدف تمضية الوقت المخصص للحفلة على خشبة المسرح لجمع أكبر قدر ممكن من التبرعات لدعم المشروع الخيري الذي من أجله أقيمت الحفلة.
 
وحيث أنه وأن كان حصل ألفاظ على المسرح وعبارات وايماءات، فان هذه الأفعال تبقى في الاطار المسرحي الجائز قانونا طالما أنها لم تخرج عن المألوف ولم تخدش الحياء ولم تنل من الأخلاق والآداب العامة بالشكل والطريقة التي جرى تقديم الحفل من خلالها، ذلك أن ما هو جائز على المسرح غير مسموح في الأماكن العامة لأنه يخرج عن أطاره التمثيلي والتعبيري والايمائي ليصب في خانات تجعله خارجا عن المألوف ومؤذيا للنظر ومخلا بالآداب والأخلاق العامة.
 
وحيث يستخلص مما تقدم ان الجهة المستأنفة أقدمت على تقديم حفلة فنية عنوانها "المزايدة على الشباب" ضمن الاطار المسرحي الكوميدي المحط المسكوب في قالب السخرية والدعابة لتلك النوع من السهرات بغية انجاح هذا الحفل وحس الحضور على التبرع بأكبر قدر ممكن للعمل الخيري، سيما أنه لم يظهر من هذه الأفعال على المسرح بأن هناك أي نية جرمية لدى المستأنفين تجعل من الحفل يخرج عن اطاره المرسوم له.
 
وحيث أنه ازاء انتفاء النية الجرمية، في ضوء ما جرى تبيانه اعلاه، تكون عناصر أحكام المادة 532 عقوبات غير متحققة في الدعوى الحاضرة مما يقتضي بالتالي فسخ الحكم الابتدائي المستأنف ورؤية الدعوى انتقالا والحكم مجددا بابطال التعقبات المساقة بحق الجهة المستأنفة سندا لأحكام المادة 198 من قانون اصول المحاكمات الجزائية".

انشر المقال



متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني