مؤتمر صحافي حول مخاطر التمديد لاستثمار المقالع وسبل مواجهته


2024-06-20    |   

 مؤتمر صحافي حول مخاطر التمديد لاستثمار المقالع وسبل مواجهته
المتحدثون في المؤتمر الصحافي

عقدت المفكرة القانونية اليوم الخميس مؤتمرًا صحافيًا في مكتبها حول “مخاطر قرار منح مهل لاستثمار المقالع وسبل مواجهته”. وقد شارك في المؤتمر النائبة نجاة عون صليبا وتجمّع الناشطين البيئيين في الكورة وجمعية وصيّة الأرض ومجلس البيئة – القبيّات والمعهد الاجتماعي الاقتصادي للتنمية.

وكان مجلس الوزراء أصدر في 28 أيار الماضي قرارًا مدّد بموجبه لمدة سنة الترخيص “بشكل استثنائي” لخمس شركات ترابة باستخراج المواد الأولية اللازمة لصناعة الترابة تلبية لحاجات السوق المحلي. وقد استند القرار الوزاري إلى قرار سابق له أبطله مجلس شورى الدولة في تاريخ 20/4/2023 لمخالفته أحكام المرسوم رقم 8803/2002 لتنظيم المقالع والكسّارات. 

وأجمعت الكلمات على المخالفة القانونية التي ارتكبتها الحكومة من خلال قرارها وذلك بعد تجاوزها لقرارت مجلس شورى الدولة السابقة ولمرسوم تنظيم المقالع والكسارات، فضلًا عن مخاطر التمديد من حيث استمرار الكارثة البيئية والصحية والاجتماعية في المنطقة إضافة إلى الخسارة المترتّبة على خزينة الدولة نتيجة تهرّب الشركات من دفع الضرائب والتعويضات عن الضرر البيئي الذي تتسبب به والمقدّرة بـ 4 مليارات دولار. 

وسأل المتحدثون عن المستفيد من استمرار عمل المقالع والكسارات ومراكمة شركاتها للثروات، داعين إلى التحقيق في الموضوع لكشف المتورّطين والمستفيدين داخل الحكومة أو القوى السياسية أو خارجها.  

عون صليبا: قرار التمديد للمعامل بمثابة قتل جماعي 

قالت النائبة نجاة عون صليبا في كلمتها “إنّنا نتعامل مع حكومة حين نوجّه لها سؤالًا تردّ بأنّها حكومة تصريف أعمال وحين تريد تمرير محاصصة أو صفقة، لا تعود حكومة تصريف أعمال”، مشيرة إلى أنّ “وزير البيئة ووزير الصناعة خالفا قرار مجلس شورى الدولة وتخطّيا المجلس الوطني للمقالع، قبل أن تتخذ الحكومة مجتمعة التمديد للكسارات والمقالع ومعامل الإسمنت لمدة سنة. وهذا التمديد غضّ النظر عن متوجّبات الشركات خصوصًا أنّها لم تدفع لا الضرائب ولا التعويضات البيئية التي تقدّر بـ 2.4 مليار دولار، بحسب دراسة أجرتها الحكومة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP”. واعتبرت أنّ القرار يتناقض أيضًا مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعتها الحكومة مع الجهات المانحة.

والأخطر برأي النائبة عون، أنّ “هذا التمديد لن يُبقي جبلًا ولا حقلًا زراعيًا ولا مياه جوفية ولا إنسانًا حولها.

فحين يزيل المقلع الجبل، فهو يزيل الوادي وحين يزيل الوادي فهو يزيل النهر وبالتالي يقضي على المياه الجوفية ويؤدّي إلى التصحّر (…) وحين يزال الجبل والوادي والنهار، حينها لن تنفع لا سياسة محلية ولا وطنية ولا دولية في إعادة الجبل”. 

وأضافت أنّ “كلّ ذلك يؤدي إلى موت الناس عطشًا بسبب القضاء على المياه الجوفية أو جوعًا لأنّ الأراضي الزراعية لن تعود صالحة للزراعة أو موتهم اختناقًا”، واصفة قرار التمديد للشركات بأنّه “بمثابة قتل جماعي وتغيير حضاري ثقافي جغرافي والكل في الحكومة مسؤول”.  

وحذّرت من أنّ عمل المعامل يؤدي أيضًا إلى تلوّث الهواء بالغبار الأبيض الناتج عن الترابة البيضاء وبالغبار الأسود الناتج عن استخدام وقود فحم الكوك البترولي الذي ينتج موادّ سامة. 

وختمت بأنّه “كان من الأفضل، بدلًا من طحن جبالنا ومحو ودياننا وقتل الناس، أن نجبر الشركات على دفع متوجّباتها وإطلاق صناعات بديلة تخلق فرص عمل للشباب بدلًا من قتلهم”. 

صاغية: تكسير لبنان مقابل لا شيء

وقال المحامي نزار صاغية المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” في كلمته إنّ “حكومة تصريف الأعمال بقرارها منح شركات الترابة مهلة سنة لاستثمار المقالع والكسارات عبّرت ليس فقط عن تخلّيها عن مسؤوليّتها في حماية البيئة والحقّ بالحياة والصحة، ولكن أيضًا عن انخراطها التامّ في فتح الباب أمام شركات تسبّبت في مجازر بيئية قدّرتها وزارة البيئة بمليارات الدولارات للاستمرار في تكسير الجبال وتلويث المياه الجوفية وعمليًا في هذه المجازر مقابل لا شيء”. وأشار إلى أنّ الدعوة إلى المؤتمر الصحافي هدفها إطلاع الرأي العامّ على خطورة هذا القرار واستنهاض القوى الاجتماعية كافة لمقاومته. 

وطرح المخالفات التي ينطوي عليها القرار ومدى خطورتها تحت سبعة عناوين. فأشار أولًا إلى أنّ القرار يخالف كل القوانين المعمول بها، وبخاصة المرسوم 8803/2002 لتنظيم المقالع والكسارات. وبالتالي فهو أعطى امتيازًا لشركات الترابة بانتهاك القانون بغطاء من الحكومة. وبذلك “بات بإمكان هذه الشركات أن تكسر ما تريده من جبال وأن تلوث ما تريده من مياه جوفية وأن تجتاح رئات سكّان أي منطقة تريدها وعمليًا أن ترتكب جرائم جزائيّة بالمفرق والجملة، كل ذلك بتغطية ومباركة كاملة من الحكومة”، بحسب صاغية. 

ولفت ثانيًا إلى أنّ الحكومة استندت في التمديد إلى “قرار باطل غير موجود، طالما سبق لمجلس شورى الدولة أن أبطله بقرار مبرم في تاريخ 20/4/2023”. 

ولكنّه شدّد ثالثًا، على أنّ المخالفة لا تقتصر على قرار قضائي واحد أو منعزل لمجلس شورى الدولة، بل تتعدّاها إلى قرارات سابقة للمجلس. ففي السنوات الماضية، عمدت المفكرة القانونية وشركاؤها ومنهم اتحاد بلديات الكورة إلى تقديم 4 مراجعات ضد قرارات حكومية بمنح مهل إدارية تتراوح بين شهر وستة أشهر وربحتْها كلها. وفي كل الطعون، قال مجلس شورى الدولة كلمته: منح مهل إدارية أمرٌ غير قانوني. قالها في تاريخ 20/4/2023 و20/1/2022 و15/3/2022 و19/1/2022، وفي أحدها ذهب إلى حدّ القول بأنّ منح الحكومة هذه المهل هو تشجيع على ارتكاب جريمة”. 

وحذّر من الطابع المزمن والمتكرر لهذه المخالفة الذي يعني “تطبيعًا كاملًا معها وتأبيدًا لها، في نموذج آخر لدولة اللاقانون ودولة الجريمة المستمرة والإفلات من العقاب”. 

ولفت إلى أنّ المخالفة تأتي لترسي احتكارًا جديدًا “هو امتياز تكسير الجبال واستثمار مقالع مما سيسهم في مضاعفة أرباحها وأسعارها كل ذلك على حساب الوطن والمواطن”، بعد منحها احتكار إنتاج الإسمنت بعد منع استيراده بموجب قرار حكومي وهو احتكار ارتفعت في ظله أسعار الترابة في السوق المحلية لتصل إلى 90 دولارًا أميركيًا أي ضعف سعر استيراده من الخارج أو توريده إليه.

وسأل صاغية من يستفيد من مراكمة الشركات للثروات وما هي علاقة رئيس الحكومة أو أي من الوزراء أو القوى السياسية بها؟ معتبرًا أنّه يجدر بالنيابات العامّة ومجلس النواب والصحافة الاستقصائية أن تنكبّ على هذه الأسئلة وصولًا إلى إماطة اللثام عن كلّ مستفيد من هذه الاحتكارات، داخل الحكومة أو القوى السياسية أو خارجها. 

وتابع صاغية أنّ ما يفاقم من هذه المخالفة، هو أنّها تحصل بعد سنة من نشر وزارة البيئة تقريرًا عن الأضرار الناجمة عن المقالع والكسارات المخالفة للقانون، وقد بلغ عددها 1237 مقلعًا منتشرة على طول لبنان وعرضه. ولفت إلى أنّ أهم ما ورد في التقرير هو أنّ أصحاب المقالع أضاعوا على الدولة مستحقات تقارب 4 مليارات دولار، جزء منه ضاع إلى الأبد كالرسوم والغرامات بفعل انهيار العملة الوطنية وجزء آخر لم يضِع بعد طالما أنه تعويض عن الضرر البيئي المتوجّب عليها والذي يقدّر يوم استيفائه. 

وسأل “بأيّ منطقٍ نسلّم شركاتٍ مياهنا وجبالنا ورئاتنا بعدما فعلت فيها ما فعلته، تمكينًا لها من مضاعفة ضررها من دون ضوابط بل حتى من دون أن تلتزم أو تقوم بأيّ جهد لإصلاح هذه الأضرار وتسديد تعويض عنها والمبالغ المتوجبة لإعادة تأهيلها؟”.  

وقال صاغية إنّه تمّ تقديم مراجعة جديدة ضدّ القرار، مطالبًا الحكومة بالتراجع الفوري عن هذا القرار وهيئة القضايا باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيفاء التعويض المتوجب عن الضرر البيئي الموثق. كما طالب النيابات العامّة وكامل أجهزة الرقابة والمحاسبة فتح ملف للتحقيق في المستفيدين الحقيقيين من هذا القرار، بما يحتمل أن يشكل جرائم صرف نفوذ وإثراء غير مشروع. 

حداد: جريمة منظّمة

أشار المحامي شكري حداد، عضو مجلس إدارة المعهد  الاقتصادي الاجتماعي للتنمية، من جهته إلى أنّ القرار الذي أصدرته الحكومة، بمنح شركات الترابة مهلة سنة لاستثمار المقالع والكسارات، يُخالف رأي مجلس شورى الدولة والقانون وإرادة الشعب، ويشكّل جريمة منظّمة تطال البيئة وصحة الإنسان والمجتمع الذي يخضع لتحوّل ديمغرافي في هذه المناطق.

وأعلن حداد أنه وبالتعاون مع النائبة نجاة عون صليبا، تقدّم بسؤال لوزير البيئة عمّا إذا كانت هذه الشركات تمتلك شهادة التزام بيئي، وهل سيتم تطبيق القانون عبر تسليم تقارير صادرة عن هذه الشركات لمراقبة الأثر البيئي والصحي، إضافة إلى الانبعاثات الملوثة، والجواب كان “لا”. 

ووصف حداد القرار بأنّه “منعدم الوجود”، ويجب مقاومته ورفضه بالسبل القانونية والقضائية والتشريعية وعبر مساءلة السلطة التنفيذية للممارسات التي تقوم بها.

وأضاف أنّ “ما يجري هي مخالفات قانونية كبيرة وتلاعب بالقانون بشكل فاضح، ونحن نحتاج إلى تضافر الجهود بين الحقوقيين والناشطين البيئيين والمجتمع لوقف هذا الضرر بشكل سريع، لأنّ الضرر الصحي الناتج عن هذه الشركات كبير، مؤكدًا على مواكبة هذه القضية حتى اللحظة الأخيرة لاسترجاع حقوق الناس. 

ووجّه حداد نداءً خاصًّا للنياية العامة الاستئنافية في الشمال، باتخاذ القرار فورًا ووقف هذه المعامل وختمها بالشمع الأحمر وتوقيفها، وختم قائلًا إنّ “المطلوب هو الإرادة، والمثابرة وتطبيق القانون”. 

 ناصيف: إنّهم يصطادونا بالمفرّق فلنَعمل بالجملة

وقال المهندس فارس ناصيف رئيس جمعية “وصية الأرض”، بدوره إنّ موضوع التمديد لمعامل الترابة ليس موضوعًا كورانيًا بل وطنيًا، داعيًا إلى تضافر جهود الجميع لوقف الكارثة في الكورة “لأنّهم يصطادونا بالمفرّق لذلك يجب أن نعمل بالجملة”. 

وتابع أنّ “هناك مقالع قديمة وأخرى جديدة، ولكن المشكلة أنّه في وزارة البيئة يأتي وزير ويذهب آخر ولكن الدائم هو مدير عام الوزارة الذي يخفي المعلومات عن الوزراء. ونحن في بلديات الكورة عام 2002 رفعنا دعوى ضدّه ولكنّ الواسطة السياسية خلّصته وهو لا يزال حتى اليوم يعمل ضدّنا ومع شركات الترابة”.  

وأعطى مثلًا حديثًا عن طريقة العمل في الوزارة وهو أنّ “القرار الجديد ينصّ على أنّ هناك 5 شركات اسمنت، الواقع أنّها 4 شركات، والخامسة هي شركة كلس وجبصين مقفلة منذ كانون الأول 2018 ومختومة بالشمع الأحمر غير أنّ القرار الوزاري الجديد يشملها”.

وقال إنّ “الشركات وقحة في طلباتها إلى وزارة البيئة حيث طلبت بالفم الملآن 176 مليون متر من منطقة الكورة من الآن حتى 70 سنة مقبلة لتشغيل مصانعها، هذه الكمية تغطّي كامل جبال الكورة من كفرحزير حتى البحر”، سائلًا “هل يريدون تدمير كامل المنطقة؟” 

وحذر ناصيف من أنّ “الوضع سيئ جدًا، نحن نتعرّض للضرر، ناسنا تُقتل، لا يوجد بيت ليس فيه مريض سرطان، في شكا مثلًا لا يمكنك تنظيف سيارة فكيف ننظّف رئاتنا ودمنا؟”، مشيرًا إلى أنّ الجامعات درست الأمراض في المنطقة ووجدت أنّها في الكورة ضعف المعدّل العام خصوصًا القلب والسرطان. 

العيناتي: حكومة تصريف أعمال المقالع والكسارات  

وقال المهندس جورج قسطنطين العيناتي الناطق الرسمي باسم تجمّع الناشطين البيئيين في الكورة بدوره إنّنا “اليوم أمام أخطر جرائم الإبادة الجماعية لم يرتكبها جيش عدو بل ارتكبتها حكومة ضدّ شعبها ، حين  تحوّلت إلى شريك أساسي لشركات الترابة في القضاء على الإنسان والطبيعة وقتل وإصابة معظم أهل الكورة والشمال بالسرطان وأمراض القلب والربو  والتشوهات الجينية وسائر أمراض صناعة الاسمنت، بعد أن تحوّلت هذه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال المقالع والكسارات وشركات ترابة الموت”.

وكشف أنّه “بعد إيقاف مقالع شركات الترابة عن العمل أجبرت على استقدام كميات ضخمة من المواد الأوّلية من جبيل والبداوي وغيرها ومنذ بضعة أسابيع  بدأت باستيراد بواخر الكلينكر من مصر ولديها الآن كمّيات تكفي السوق المحلي لفترات طويلة”، ليسأل “ما الذي دفع وزيري الصناعة والبيئة إلى إعطاء شركات الترابة ومقالعها وأفرانها مهلة سنة لمقالعها الخارجة على جميع القوانين فهل أصبح قتل الناس وإبادة الشباب والأطفال هواية يستمتع بها تنابل الفساد؟”

وذكّر بأنّ “هذه المهلة مخالفة لرأي الهيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل رقم 2179 ولأحكام وقرارات مجلس شورى الدولة وتؤكد أنّ مجلس الوزراء ليس الجهة الصالحة لإعطاء تصاريح عمل للمقالع وشركات الترابة. وهي مخالفة لمعظم القوانين اللبنانية ولجميع بنود مرسوم تنظيم المقالع والكسارات”.  واعتبر أنّه ليس هنالك من تفسير للمخالفة التي ارتكبتها الحكومة سوى “مشاركة مصانع الاسمنت أرباحها الجهنمية على حساب آلاف الشهداء والمصابين الأبرياء في الكورة والشمال”.

وحذّر أيضًا من الضرر البيئي لمقالع الترابة “التي هي مقالع الصخور الكلسية المحتوية على الكبريت والكروم والنيكل وترسبات الزئبق وطحن هذه الصخور وإحراقها بالفحم الحجري والبترولي المرتفع الكبريت يطلق كميات كبيرة من الغبار المجهري المشبع بالمعادن الثقيلة إضافة الى الزئبق والديوكسين والفيوران ورماد الفحم الحجري المتطاير المحتوي على أخطر المواد المشعّة”.

ودعا العيناتي إلى ختم المقالع بالشمع الأحمر لأنّها “متهرّبة من دفع الرسوم البلدية والمالية ومخالفة للقانون بوجودها في أراضي البناء في كفرحزير وفوق المياه الجوفية وبين البيوت والقرى التي تحوّلت إلى مقابر جماعية. إضافة إلى دفن ملايين أطنان النفايات الصناعية الخطيرة في أعماق هذه المقالع في الوديان الكورانية”. 

وأعلن أنّه سيتمّ الادّعاء على وزير الصناعة لرفع سعر طن الاسمنت أكثر من ضعفي الثمن الذي حدّده مجلس الوزراء السابق استنادًا إلى اقتراح وزير الصناعة السابق، معتبرًا أنّ لا بديل عن استيراد الاسمنت الذي يصلنا بأقل من نصف الثمن الاحتكاري الذي تبيعه شركات الترابة للشعب اللبناني مغشوشًا بنسبة كبيرة من التراب الأييض المطحون غير المعالج ملونا برماد الفحم الحجري والبترولي.

ودعا النوّاب إلى اقتراح قانون منع استخدام الفحم الحجري والبترولي في مصانع الاسمنت وعلى جميع الأراضي اللبنانية كما فعل الأردن منذ 2007. 

وحذر “أقرباء السياسيين الذين يحاولون شراء شركات الترابة المعروضة للبيع من محاولات الاتصال بنا أو بأي من الناشطين البيئيين بحجّة معرفة الشروط المقبولة منا لاستمرار عملها فشروطنا الوحيدة هي أن تعود الجبال التي دمّرت وجرفت إلى سابق عهدها وأن يبعث إحياء الذين استشهدوا بسرطان شركات الترابة الجهنمية.

كما حذرهم من الاختباء وراء أسماء من عائلات معروفة منبّهًا إيّاهم بأنّهم “يغطّون أكبر دمار بيئي شامل وأسوأ اغتيال جماعي لآلاف المواطنين المسالمين”، مشيرًا إلى أنّ المصارف الأجنبية قد رفضت تحويل قيمة الصفقة وأبلغت أقرباء السياسيين أنّ أموالهم غير نظيفة.

ضاهر: مهازل بالجملة ترتكبها الدولة اللبنانية

وشرح الدكتور  أنطوان ضاهر رئيس مجلس البيئة في القبيّات خارطة توزيع الكسارات والمقالع في عكار، مشيرًا إلى وجود حوالي 16 كسارة موزّعة على الحدود بين عكار والهرمل، وحوالي 50 موجودة في مناطق متداخلة بين عكار والضنية، كما يوجد حوالي 40 كسارة في منطقة جرود القيطع داخل عكار. 

وعرض ضاهر سلسلة من المهازل التي ترتكبها الدولة اللبنانية منها: 

-“المهزلة الجغرافية للمواقع المنتشرة في محافظة عكار”، حيث الجهة المسؤولة والمعنية عن الكسارات مجهولة، فيعتبر المسؤولون الرسميون في عكار أنّ هذه المقالع والكسارات هي في البقاع، بينما يرمي المسؤولون في الهرمل المسؤولية على عكار ويعتبرون أنها تقع ضمن نطاق المحافظة الجغرافي، ما يُحفّز المُرتكب للقيام بجريمته بكلّ راحة . 

-مهزلة “النهش الممنهج للطبيعة الخلابة” التي تقضي على غابات اللّزاب والأرز والشوح.

-مهزلة خطيرة أخرى وهي وجود المقالع والكسارات في الأماكن العامّة التابعة للجمهورية اللبنانية وخزينة الدولة ولا تقدر بثمن.

-مهزلة المقالع والكسارات التي تعمل ليلًا نهارًا من دون الحاجة إلى أي رخصة لا استثنائية ولا دائمة.

-⁠مهزلة قوافل الشاحنات (ما يقارب 700 يوميًا) و التي تشق عكار ليلًا نهارًا من العبدة الى أعالي جبال عكار من دون الالتزام بالشروط ومن دون أن تعير الجهات الرسمية أيّ اهتمام لتنظيم مرورها مع ما تشكّله من خطر على السلامة العامة وعلى الصحة من جراء التلوث، وعلى الطرقات غير المؤهّلة لتتحمّل الحمولة الكبيرة لهذه الشاحنات. 

وقال ضاهر إنّ هناك جريمة كبيرة تحصل متهمًا هذه الشاحنات بأنّها تشارك أصحاب الكسارات بسرقة التراب اللبناني والصخر اللبناني والثروة الحرجية التي تُرتكب في أجمل غابات لبنان، وتدمّر الغطاء النباتي، وأضاف أنّ “الأمور جارية والمحاسبة غائبة، ونوّاب عكار لا يسألون ولا يهتمون لا بل إن قسمًا منهم مشارك بما يحصل”. 

وعلى سبيل المثال، استعرض ضاهر الوقائع  في بلدة “بيت جعفر”، واصفًا ما يجري هناك “بمشروع تهجير”، ففي هذه البلدة التي يرفض أهلها الكسارات، لا نجد إلّا عددًا قليلًا من الشباب والباقي نزحوا إلى خارج البلدة أو هجروا البلد بشكل كامل، لأنّ المنازل تصدعت والغبار في كل مكان، عدا عن انتشار الأمراض السرطانية والتنفسية بشكل كبير. 

وختم ضاهر قائلًا، “الجبال تُشكّل هوية لبنان، وعندما نقضي على هذه الجبال، يعني أننا نضرب الهوية اللبنانية”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، سياسات عامة ، مؤسسات عامة ، قرارات إدارية ، فئات مهمشة ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني