“كنت أقوم بواجبي الإنساني”: معلّمة تعنّف تلميذاً وتهدّد أصدقاءه


2023-03-17    |   

“كنت أقوم بواجبي الإنساني”:  معلّمة تعنّف تلميذاً وتهدّد أصدقاءه

أُثيرت أمس الخميس قضيّة تعرّض التلميذ سامي النعيم ( 11 عاما) لضرب مبرح ومحاولة خنق من قبل إحدى المعلّمات في متوسطة حوش الأمراء الرسمية في منطقة زحلة.

وفيما ترفض المعلّمة المتّهمة بالتعنيف، أمل بردويل، التي تصدر اسمها صفحات عدد كبير من الناشطين على صفحات التواصل الإجتماعي، هذه الاتهامات مشيرة إلى أنّها ضربت الطفل بهدف “إسعافه بعدما فقد الوعي لأسباب صحيّة”، تؤكّد والدة التلميذ النعيم، وشهادات عدد من أولياء الأمور، أنّ المعلّمة لها سوابق في التعنيف اللفظي والجسدي، وأنّهم سبقوا واشتكوا إلى إدارة المدرسة من دون أن تتخذ أي إجراء. وأبعد من ذلك كشف عدد من أولياء الأمور أنّ المعلّمة هدّدت التلامذة، وطلبت منهم عدم الحديث عن تعرّضها لزميلهم سامي، تحت طائلة منحهم “صفرا في الإمتحانات”.

تفاصيل الحادث كما ترويه الأم 

تؤكّد والدة الطفل سامي، دينا سمرا، أنّها ليست المرّة الأولى التي يتعرّض فيها ابنها للتعنيف من قبل المعلّمة ذاتها، وأنّها سبق واشتكت إلى إدارة  المدرسة من دون أن تلحظ أي تحرك جدي لوقف ما يحصل. وفي تفاصيل ما حصل مع ابنها، أمس الخميس، تقول سمرا إنّ سامي، وبعدما عنّفته بردويل لفظيا، شعر أنّه سينفجر بالبكاء فطلب منها الذهاب إلى المرحاض خجلا من النحيب أمام زملائه، فلم تعطه الإذن بالخروج من الصف. وتضيف أنّ ابنها أصرّ على الذهاب إلى المرحاض وتوجّه نحو الباب قائلا للمعلمة إنّه سيشكو تعنيفها اللفظي إلى المديرة، فما كان منها إلاّ أن انهالت عليه بالضرب موجهة صفعات على وجهه، ومن ثمّ حاولت خنقه فغاب الطفل عن الوعي.

 وتوضح  دينا أنّ الأمر لم ينته إلّا مع تدخل إحدى المعلّمات من صفّ آخر وأنّ زملاء ولدها ارتعبوا على زميلهم إلى حدّ ضرب أحدهم المعلّمة بدفتر أو مقلمة محاولا ثنيها عن ما تقوم به، مؤكّدة أنّها ليست المرّة الأولى التي تعنّف فيها هذه المعلّمة ابنها إذ كرّرت الأمر مرات عدة، وأنّ التعنيف يكون لفظيا وجسديا “اخجل أن أقول العبارات التي تقولها للتلامذة عادة، هذا غير الشدّ من الأذنين”.

بداية العام، حسب الوالدة، عاد سامي إلى الصفّ بعد أسبوع من التغيّب بسبب تعرّضه للتسمّم وطلب من المعلمة بردويل أن تُعيد الدرس فرفضت، وعندما سأل ثانية عنّفته لفظيا ثم شدته من أذنيه، وحينها اشتكت الوالدة إلى إدارة المدرسة، موضحة إنّه خلال المواجهة بينها وبين المعلّمة بحضور ابنها هجمت المعلمة عليه (على سامي) وكادت تضربه لولا تدخّلها، وتضيف: “حينها حُلّ الأمر حبيّا، والمديرة اقنعتني بأنّه لا داعي لتكبير الموضوع وأنّ الأمور ستحلّ، وعليه سكتُ المرّة الماضية، ولكن هذه المرة اتصلتُ بالمديرة وأبلغتها أنّني لن أسكت وسأحاول حلّ الموضوع خارج أسوار المدرسة عبر القانون والإعلام، فكان ردّها أنّ هذا الأمر يؤذي المدرسة وسمعتها”.

وحاولت المفكّرة استيضاح الأمر من مديرة المدرسة إلّا أنها رفضت التعليق معتبرة أن هناك “تضخيم ومبالغة” في ما يُشاع.

رواية الوالدة يكرّرها بعض أولياء أمور التلامذة في صفّ سامي. وتقول إحدى الأمهات لـ “المفكرة” أنّ ابنها عاد مصدوما أمس إلى المنزل، وأخبرها أنّ المعلمة ضربت صديقه ضربا مبرحا وحاولت خنقه حتى فقد الوعي وأنّ أحد التلامذة حاول إبعادها عنه ولكنّها شتمته.

وتروي الأم نفسها أنّ التلامذة طالما اشتكوا ويشتكون من تعنيف لفظي وتوجيه ألفاظ نابية لهم من قبل هذه المعلمة كما يشكون عصبيّتها الدائمة التي تشعرهم بالخوف، وأنّها ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها بالضرب لسامي النعيم.

وتشير والدة أحد التلامذة في صفّ سامي إلى أنّ الأهالي يقدّرون الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها الأساتذة ولكنّ أوضاع التلامذة وأهاليهم ليست أفضل حال، ثمّ إنّ لا ذنب للتلامذة حتى يتعرّضون للتعنيف. وتنقل أنّ المعلمة قالت للتلامذة بعد الحادثة “من يخبر الإدارة أو أي شخص بما حدث سأضع له صفرا، قولوا إنّ سامي من تهجّم عليّ”. 

وفي ما خصّ ما أثير عن محاولة أخذ القضيّة إلى منحى طائفي تقول سمرا: “أخجل أن أردّ بهذا المنطق، ولكنّ عالتي مختلطة، وابني الكبير اسمه شربل”.

“ضربته من واجبي الإنساني” 

لا تنفي المعلمة بردويل أنّها ضربت سامي على وجهه وتقول في اتصال مع “المفكرة”: “قمت بواجبي الإنساني، أنا مسعفة سابقة، وسامي بيوقع بالنقطة، ولديه ربو، سبق أن وقع في صفي قبل هذه الحادثة وضربته بهدف إيقاظه”.

وتًضيف المعلمة أنّ التفتيش التربوي سيحضر إلى المدرسة بداية الأسبوع المقبل وأنها جاهزة لإجراء أي تحقيق لأنّها ترفض أن تكون متّهمة أساسا، وما قامت به، باعتقادها، يدعو إلى “الفخر” كونها حاولت إسعاف الطفل، مشيرة إلى إنّ علاقتها جيّدة بسامي كما باقي التلامذة وأنّ سامي أصلا من التلامذة المتفوقين في اللغة العربيّة أي المادة التي تدرّسها. 

وتقول المعلّمة أنّه لم يسبق وأنّ تعرّضت لمثل هذه الاتهامات وأنّ القانون سيكون الفصل بينها وبين ما تدّعيه والدة الطفل، على حدّ تعبيرها.

تنفي والدة الطفل جملة وتفصيلا أن يكون ابنها “بيوقع بالنقطة” أو مصابا بالربو كما قالت المعلّمة. وفي الإطار نفسه أكّد أحد الأطباء الذين يتابعون سامي لـ “المفكرة” أن الطفل يشكو من حساسيّة وأنّه لا يشكو من الصرع Epilepsy على حدّ علمه والذي عبّرت عنه المعلمة بـ “بيوقع بالنقطة”. ويوضح الطبيب أنّه وفي كلّ الأحوال الضرب ليس من ضمن الإسعافات التي تقدّم للمريض.

شكوى في النيابة العامة وتحقيق إداري

تأمل والدة الطفل أنّ تأخذ حقّ طفلها بالقانون ليس فقط من أجله ولكن أيضا من أجل التلامذة الآخرين الذين قد يتعرضون إلى الموقف نفسه.

وتوضح أنّها ستتقدّم يوم الاثنين بشكوى أمام النيابة العامة في زحلة، كما أنّها ستتوجّه إلى وزارة التربية لأن لا ثقة لديها  بأن المدرسة ستتخذ أي إجراءات: “أنا أطالب بحق ابني بالقانون، كي لا اضطر لأخذه بنفسي، وهناك أهال سيشهدون معي، ابني ليس الضحيّة الأولى لهذه المعلّمة” وفق ما تؤكد.

في الإطار نفسه تؤكّد مصادر في وزارة التربية لـ “المفكرة” أن موضوع الطفل يُتابع جديا، وأنّ استجوابا سيحصل مع المعلّمة صاحبة العلاقة وشهود من المعلمات والتلامذة إذا استدعى الأمر.

ويلفت المصدر إلى أنّه بناء على الاستجواب والتحقيق تؤخذ الإجراءات اللازمة من عقوبات إدارية التي تبدأ بحسم من الراتب يصل إلى 15 يوما، مرورا بتأخر الدرجات، وصولا إلى الإحالة إلى الهيئة العليا للتأديب، مع الإشارة إلى أنّه “لم يسبق أن وصلت عقوبة تعنيف تلميذ إلى حد الفصل من الوظيفة”، وفق المصدر نفسه.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في التعليم ، حقوق الطفل ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني