قرار وزير العمل باستثناء الفلسطينيين بين الإدانة والترحيب: الحلّ بمقاربة شاملة


2021-12-10    |   

قرار وزير العمل باستثناء الفلسطينيين بين الإدانة والترحيب: الحلّ بمقاربة شاملة
غلاف دراسة اللاجئون الفلسطينيّون في لبنان: أيّ استراتيجيّات لتحسين حقوقهم من خلال القضاء؟

أحدث القرار 96/1 الصادر عن وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم في 25 تشرين الثاني 2021، (نشر في الجريدة الرسمية أمس في 9 كانون الأول 2021) والمتعلّق بالمهن التي يجب حصرها باللبنانيين فقط، موجة من ردود الفعل الشاجبة والمرحّبة في آن معاً على خلفية استثنائه في مادّته الثانية الفلسطينيين والأجنبي المولود من أم لبنانية أو متزوّجاً من لبنانية، والمولودين في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد من أحكام المادة الأولى من القرار التي تحصر غالبية المهن والوظائف والأشغال باللبنانيين فقط*. ولم يتطرّق قرار وزير العمل إلى اللاجئين السوريين في أي من مواده، وهو ما اعتبره وزير العمل الأسبق سجعان قزي سلبياً بقوله “لم يمنع عمل النازحين السوريين”. وكان قزي قد حصر في قرار مشابه أصدره في 16 كانون أول 2014، عندما كان وزيراً للعمل، المهن المسموح فيها للسوريين “في قطاعات الزراعة والنظافة والبناء”.  

وافتتح  رئيس التيار الوطني الحر وتكتل “لبنان القوي ” النيابي جبران باسيل بازار الهجوم على بيرم، واعداً بعدم تمرير “هيك قصة”، ليعتبر أن “قرار وزير العمل السماح للفلسطينيين ومكتومي القيد بممارسة عشرات المهن المحصورة باللبنانيين مخالف لقانون العمل وللدستور، وهو توطين مقنّع ومرفوض”. ودعا باسيل في تغريدة على حسابه على تويتر النقابات “لكسره أمام مجلس شورى الدولة”، واللبنانيين “لعدم الالتزام به”، قائلاً “ما بتمرق هيك قصة! وما رح نسمح بتشليح اللبنانيين وظائفهم بهالظروف”.

ولكن انتقاد حزب الكتائب اللبنانية لقرار بيرم وصل إلى اتّهامه بتهجير اللبنانيين وبالتوطين وبتغيير وجه لبنان، حيث اعتبر في بيان أصدره مساء أمس “إنّ فتح الباب للاجئين في لبنان لممارسة عشرات المهن هو اعتداء على حق اللبنانيين، وترسيخٌ لوجودهم الدائم في لبنان فيما اللبنانيون يهاجرون، وسيساهم في قطع الطريق على من بقي في بلده في ايجاد فرصة في أعمال كانت حتى اليوم محفوظة لهم بالقانون، وإنّ الخطوة ستساهم في خفض مستوى الرواتب في المهن المذكورة تماشياً مع سوق العرض والطلب”.

وفي تفسير لافت لتأثير تسجيل الموظفين والعاملين في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، رأى حزب الكتائب  أنّ القرار “سيرتب على المؤسسات وأصحاب العمل تسجيل الموظفين في الضمان الاجتماعي ما سيراكم أعباء غير محمولة ستؤدّي إلى إفلاسه وهو بالكاد يكفي اللبنانيين”. وختم الكتائب بيانه  بتحميل من “يعتبر نفسه قيّماً على الدستور والقانون لوقف هذه الاستباحة الجديدة للبنان واللبنانيين في أحلك الظروف التي يمر فيها البلد”، وأكّد أنّ “حزب الكتائب، وكما رفض كل محاولات إمرار قوانين مماثلة في مجلس النوّاب في العام 2010 ووقف في وجه كل مكوّنات المنظومة، التي بتصويتها لصالحها مهّدت عن دراية أو عن جهل لخطوة وزير العمل، يرفض جملة وتفصيلاً هذا القرار الذي يخفي نوايا مبيّتة وخبيثة، تبدأ بالتوطين ولا تنتهي بتغيير وجه لبنان”.

ولاقى وزير العمل الأسبق سجعان قزي، المحسوب على حزب الكتائب اللبنانية، باسيل في حملته على القرار، مؤكّداً أنّه “يناقض القرار الّذي كنتُ أصدرته سنة 2015″، وأشار، في تصريح على مواقع التّواصل الاجتماعي، إلى أنّ “القرار الجديد يزيد بطالة اللّبنانيّين 40%، ويشرّع أبواب التوطين والتجنيس”، مضيفاً “فقد سمح بيرم للّاجئين الفلسطينيين وللّذين بدون قيد، بالعمل في كلّ المجالات من دون أيّ استثناءات، ولم يمنع عمل ​النازحين السوريين”.

وفي الاتّجاه نفسه، عبر نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفيسور شرف أبو شرف عن تفاجُئه “بما يتم التداول به في وسائل الإعلام عن القرار الصادر عن وزير العمل الذي يسمح للفلسطينيين ممارسة مهنة الطب في لبنان”، مذكّراً بـ “المادة الخامسة من قانون تنظيم ممارسة الطب للطبيب غير اللبناني من أبناء الدول العربية إذا توفّرت فيه الشروط والمؤهلات المطلوبة من الطبيب اللبناني، وأن يكون هذا الطبيب تابعا لبلد يسمح للطبيب اللبناني ممارسة مهنته فيه، أي أن يكون هناك معاملة بالمثل وتجري المعاملة بالمثل حسب عكس النسبة العددية للسكان في لبنان وفي البلد الذي ينتمي إليه الطبيب المذكور وتكون المعاملة بالمثل مكرسة باتفاقية بين الدولة اللبنانية والدولة المعنية. ولا توجد اتفاقية بين دولة فلسطين والدولة اللبنانية حول المعاملة بالمثل”.

وفي توضيحه أيضاً عاد ابو شرف إلى المادة الثالثة من قانون إنشاء نقابتي الأطباء في لبنان والتي تنص على أنه “لا يحق لأي طبيب أن يمارس مهنة الطب على الأراضي اللّبنانية إلا بعد الانتساب إلى إحدى النقابتين بعد توفر الشروط المطلوبة”. واعتبر أن “الرسم السنوي ورسم الانتساب للأطباء غير اللبنانيين تحدده الجمعية العمومية عملا بالمادة الحادية عشرة من قانون إنشاء نقابتي الأطباء”، ليؤكد أن “أي تعديل لشروط ممارسة مهنة الطب يستوجب تعديلات قانونية ولا يمكن بغير ذلك، كقرار وزاري أو ما شابه، تجاوز القوانين المرعية الإجراء”.

ودفعت ردود الفعل السلبية تجاه القرار الوزير بيرم إلى إصدار “توضيح حول توسعة نسبة العمالة الفلسطينية، وحول ما أشيع من تحريف يتعلق بالعامل الفلسطيني”، اعتبر فيه أنّ “ما كان ممنوعاً ومحظّراً في القوانين والمراسيم والأنظمة النقابية وغيرها، ما زال ممنوعاً وهو باق على حاله. وأن ما سمح به الوزير هو توسعة لنسبة العمالة الفلسطينية فقط، وضمن ما تتيحه القوانين ومن صلاحيات الوزير حصرا، وبالتالي فإن كل ما أشيع خلاف ذلك هو محض افتراء وتسرع وقلة مهنية باعتبار عدم قراءة القرار بدقة”. وتباع وزير العمل في بيانه “يربأ الوزير بيرم بمن يعترضون في أن يتسرّعوا بعيداً عن الاستيضاح والاستفسار قبل اطلاق الاتهامات جزافا”، ليعلن عن عقد مؤتمر صحافي عند العاشرة في صباح اليوم الجمعة في مكتبه في الوزارة بخصوص الموضوع. 

ترحيب بقرار الوزير

على الضفة الثانية توالت بعض التفسيرات الإيجابية للقرار ونشرت وسائل إعلام عالمية قرار بيرم على أنه خطوة إيجابية على طريق منح الفلسطينيين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، فيما اعتبرته وسائل إعلامية محلية أنه “عدّل القانون فرفع الحظر الذي كان واقعاً على كل من الفلسطينيين المولودين في لبنان والأجانب أبناء اللبنانية أو المتزوجين من لبنانية والمولودين في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد”. وكذلك رحب الائتلاف اللبناني الفلسطيني لحملة حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان،  بالقرار متقدما “بالشكر والتقدير للوزير بيرم على قراره باستثناء اللاجئين”. وأكد الائتلاف على أهمية الخطوة، لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان بشكل عام والتي جاء تأثيرها على شعبنا الذي يعاني أصلاً ويرزح تحت ظروف معيشية سيئة”. واعتبر الائتلاف في بيانه أن القرار “يسهم بشكل كبير بتعزيز صمود اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم”. وطالب المعنيين “باستكمال هذه الخطوة بإجراءات إضافية عبر إصدار المراسيم التشريعية التي من شأنها أن ترسخ وتثبت هذه الخطوة كي لا تبقى في مهب التبدلات التي يمكن أن تطرأ والتجاذب السياسي الذي يدفع ثمنه اللاجئين الفلسطينيين”. 

مجلس نقابة أطباء لبنان – طرابلس دعا في بيان وزير العمل إلى “عدم التراجع عن هذا القرار إنصافاً للحق الإنساني والواجب الأخلاقي والديني والشرعي”. وشدد على أنّ “الحقوق المدنية للأخوّة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي حقوق نصت عليها شرعة حقوق الإنسان والمواثيق والقوانين الدولية الراعية لحقوق اللاجئين، ولبنان من الدول الموقعة على هذه القوانين والمعاهدات”.

واستغرب المجلس ردّات الفعل عليه التي “جاءت وكأنّ اللبنانيين بغالبيتهم ليسوا مهجرين إلى بلاد الإغتراب حيث يمارسون كل هذه المهن التي يحظرها القانون اللبناني على غير اللبنانيين، ومن جهة أخرى كأن مشاكل اللبنانيين الاقتصادية وبخاصّة أصحاب المهن الحرة وبالأخص الأطباء جاءت نتيجة عمل غير اللبنانيين وليس نتيجة سياسات فاشلة في الاقتصاد والاجتماع والإدارة أدت إلى ما وصل عليه الوضع في لبنان من أزمات”.

ورأى أن “هذا القرار جاء ليصحّح خطأ تاريخياً ارتكب في حق الزملاء الأطباء الفلسطينيين والزملاء المولودين من أم لبنانية أو مكتومي القيد مع تشديدنا على ضرورة أن يستحصلوا على الشهادات والأذونات الخاصة التي يحصل عليها الطبيب اللبناني، كما أنه يعيد الروح الإنسانية إلى تعاطينا مع زملاء لنا لا ذنب لهم سوى أن أرضهم ودولتهم مغتصبة ومطوّقة من العدو الإسرائيلي، لا هم يستطيعون العودة إليها ولا يمكننا نحن اللبنانيين أن نسافر للعمل عندهم حتى يطبق مبدأ المعاملة بالمثل”.

إشكاليات قد تعيق تنفيذ القرار

لكن ما هي حقيقة قرار الوزير بيرم، وهل فعلاً هو خطوة إيجابية غير مسبوقة تجاه اللاجئين الفلسطينيين ومكتومي القيد وأبناء النساء اللبنانيات وأزواجهن من الأجانب؟ مع الإشارة إلى أنّ الاستثناء الأوّل للّاجئين الفلسطينيين كان قد حصل أيام وزير العمل الأسبق طراد حمادة الذي أصدر مذكرة وزارية بتاريخ 7/6/2005، يجيز فيها للفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجّلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية بالعمل في المهن المختلفة.

وفي شرح للقرار وماهيّته، يشير المحامي في “المفكرة القانونية” كريم نمّور إلى أنّ قرار الوزير بيرم على أهميته ليس جديداً، إذ جرت العادة أن يصدر وزير العمل اللبناني عشية كلّ عام جديد قراراً بناء على مرسوم تنظيم عمل الأجانب 17561 وتعديلاته لا سيما المادتين 8 و9 منه. ويأتي القرار، وفق نمّور دورياً “ليحصر بعض المهن باللبنانيين دون سواهم كحق من حقوق الدولة اللبنانية، ضمن سلطتها الاستنسابية، بأن تقرر لمن تمنح رخصة عمل ولمن لا، في إطار هدفها حماية اليد العاملة المحلية”. وعليه، جاءت المادة الأولى من القرار، لتحصر، وفق نمّور، “معظم المهن باللبنانيين، مع استثناء اللاجئين الفلسطينيين المولودين في لبنان والمسجلين رسميا في وزارة الداخلية وكذلك الأجنبي من أم لبناني أو متزوجا من لبنانية والمولودين في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد، وهذا إيجابي، ولكنه لا يستثني هؤلاء من وجوب الحصول على رخصة عمل في المجالات المتاحة، مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون”. علماً أنه ووفق نمّور فكل من مهن “المحاماة والطب البيطري والقبالة القانونية والممرضات والممرضين”، هي محصورة قانوناً باللبنانيين فقط دون سواهم.  

وتوقف نمّور عند بعض العوائق التي تفرضها شروط الاستثناء ويجب توفرها ليتمكن هؤلاء من العمل وأهمها شرط المعاملة بالمثل (للحصول على إذن مزاولة بعض المهن) الذي سيكون أكبر عائق”، ليسأل “من الدولة التي ستعامل بالمثل في حالة الفلسطينيين أو مكتومي القيد؟، وهو شرط مستحيل يحرم هؤلاء من الإفادة من القرار”. مع العلم أن لبنان أصدر القانون 129 في 2010 في إطار تعديل قانون العمل، وألغى مبدأ المعاملة بالمثل ورسم إجازة العمل بالنسبة للفلسطينيين، ولكنه أبقى على وجوب الاستحصال على إجازة العمل، ومع ذلك لم تضع الحكومة اللبنانية المراسيم التطبيقية التي تسمح بوضعه موضع التنفيذ. 

ويأخذ نمّور على القرار ذكره مكتومي القيد بدل عديمي الجنسية عموماً، ويرى أنه “يجب أن نبحث حق عديمي الجنسية وحقوقهم المكرسة ومن ضمنهم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث لم يوقع لبنان على الإتفاقية الدولية الخاصة بانعدام الجنسية الصادرة في نيويورك في نيسان 1954، ولذا لا يمكننا اللجوء إليها”. ومع ذلك يشير نمور أن لبنان “وقّع على اتفاقيات أخرى أهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الخاصة بمنظمة العمل الدولية، التي تتضمن مبادئ عامة تطبق على عديمي الجنسية بشكل عام وعلى عديمي الجنسية في بلادهم، وهؤلاء الذين ولدوا وترعرعوا كل حياتهم ببلد من دون أن يتمتعوا بجنسيته أو جنسية أي بلد أخر، ومن بين هؤلاء الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان وليس لديهم جنسية أخرى، كما عديمي الجنسية وحاملي بطاقات قيد الدرس ومكتومي القيد الذين ليس لديهم جنسية أخرى، وهؤلاء ولدوا وترعرعوا في لبنان وغير قادرين على مغادرة هذه البلاد لعدم امتلاكهم جوازات سفر”. ويرى أنه يجب تمييز هؤلاء عن “سائر الأجانب، كونهم شبه لبنانيين، ولدوا هنا وترعرعوا في لبنان، ولم يأتوا إليه ليفتشوا على فرص عمل”. “فيجب ان يكون لدى هؤلاء الحق بالوصول إلى الحقوق الأساسية أسوة بأقرانهم اللبنانيين من حقوق العمل والصحة والتعليم إلى آخره ومن دون أي عوائق”. من هنا يرى نمّور أن “القرار لم ينصفهم برغم ايجابياته كونه يذكر للمرة الأولى في قرار لوزير العمل مكتومي القيد ويستثنيهم رسمياً من أحكام المادة الأولى التي تحصر المهن باللبنانيين”. ويعتبر نمّور أن وزير العمل ذيّل المادة الثانية بعبارة “مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون، لأنه غير قادر على تخطي القانون، كون الأخير، أي القانون، لا يعدّل إلا بقانون، ولا يمكن للوزير أن يتخطى القانون بنوياً”. 

أما بالنسبة لاستثناء الأجانب من أم لبنانية والمتزوجين من نساء لبنانيات، يشير نمّور إلى حق المراة اللبنانية التي يميز القانون ضدها بالنسبة لمنح جنسيتها لأسرتها، معتبراً أن ما ورد في قرار وزير العمل “ليس خدمة لأولاد المراة اللبنانية وزوجها وإنما حق، حيث يجب عدم التمييز بين أبناء اللبناني وزوجته وبين أولاد اللبنانية وزوجها، عملا بمبدأ عدم التمييز بين الرجل والمرأة”. وتوقف نمّور عند عدم إعفاء وزير العمل لهؤلاء من لزوم الاستحصال على إجازة عمل ورخصة عمل “ولذا سيكونون ملزمين بالحصول على رخصة عمل مع دفع الرسوم المتوجبة، وإن جزئيا للبعض، حيث يعفي القانون اللاجئين الفلسطينيين فقط من رسوم إجازة العمل، وليس أبناء اللبنانية وزوجها، إلّا جزئياً”، معتبراً أنه كان بإمكان الوزير الذهاب أبعد من ذلك وإعفائهم من رخصة العمل عملاً بروحية الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان. 

أما بالنسبة للاجئين السوريين، فلم يذكرهم قرار وزير العمل سلبياً كما بعض القرارات السابقة، ولم يستثنهم إيجاباً أو سلباً، ولم يسمح لهم بالعمل، مع الإشارة إلى ان الفقرة الثانية من المادة الثانية تنص على أنه “يعود لوزير العمل منح رخصة عمل للأجنبي في حال عدم توافر لبناني مع مراعاة نسب العمال الأجانب نسبة للبنانيين”. وهنا، وفق نمّور، نعود إلى أهمية دراسة تحديد احتياجات السوق كحجر أساس لأي قرارات لكي لا تكون مجرد حلول مجتزئة، ومن هنا حاجتنا لاستراتيجية وطنية متكاملة”.   

من جهته، يرى منسق منتدى الحوار اللبناني الفلسطيني، والمتابع لحق الفلسطينيين في العمل الباحث جابر سليمان أن وزير العمل استخدم صلاحياته في قانون العمل اللبناني، المادة 9، التي تعطيه الحق بتحديد المهن التي تحصر ممارستها فقط باللبنانيين دون غيرهم مع بداية كل عام”. ويرى أن الوزير بيرم حافظ في قراره على المنحى المتبع تجاه الفلسطينيين منذ صدور مذكرة وزير العمل الأسبق طراد حمادة، مع التوسع ببعض المهن، برغم ممارسات بعض وزراء العمل كالوزيرين الأسبقين سجعان قزي وكميل بو سليمان، حيث تشدد الأول كثيراً (قزي) في منح إجازات عمل للفلسطينيين، فيما أرسل بو سليمان المفتشين إلى المؤسسات والمصالح للتدقيق في استصدار إجازات عمل للعاملين من الفلسطينيين تحت طائلة المحاسبة والمسؤولية، وهو ما أدى في 2019 إلى صرف العديد من المؤسسات للعمال والموظفين الفلسطينيين خوفا من الغرامات للمخالفين، فاندلعت انتفاضة في جميع المخيمات الفسلطينية في لبنان. ويومها تم تشكيل لجنة فرعية في لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني لوضع أطر ثابتة لعمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تراعي مصلحة لبنان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم، ولكن هذه اللجنة، ووفق الدكتور سهيل الناطور، الذي كان عضوا فيها، “لم تجتمع سوى مرة واحدة في حينه”. 

ويرى الباحث جابر سليمان أن اللاجئ الفلسطيني، وبرغم القرار الوزاري “يخضع بالممارسة لإبتزاز رب العمل على صعيد استصدار إجازة العمل وتسجيله في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وكذلك في الأجور”. ويشير سليمان إلى أن القانون الرقم 129 الخاص بتعديل قانون العمل في آب 2010 ألغى مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة للفلسطينيين ولكنه أبقى على إجازة العمل، ومع ذلك بقي من دون مراسيم تطبيقية تضع الآليات اللازمة لتطبيقه فعلياً على الأرض، وبالتالي لم يؤد إلى أي تغيير قانوني بواقع العمل للفلسطينيين في لبنان”. 

“أين دور وزارة العمل في الأزمة؟”

وبعدما رأى أن قرار الوزير هو حل مؤقت، كونه يتغير بتغيُّر وزير العمل، رأى أن المشكلة ألأساسية اليوم تكمن في غياب دور وزارة العمل والمؤسسة الوطنية للاستخدام التابعة لها وذلك بعد نحو عامين على أكبر أزمة إقتصادية وإجتماعية يمر فيها لبنان في تاريخه، حيث تم صرف 160 ألف موظف وعامل في العام 2019 وحده. ويسأل نمّور في هذا الإطار عن “الأرقام والدراسات التي تحدد نسبة البطالة في لبنان اليوم، وحاجيات اليد العاملة اللبنانية والعاطلين عن العمل والمؤسسات التي تطلب موظفين؟ وأين المؤسسة الوطنية للإستخدام وأين دورها وهي موجودة ولديها موظفين؟ أين دراساتها؟ وأين الإحصاءات الرسمية التي يقع على عاتقها وضمن مسؤولياتها إجرائها”. ويرى أن لدى وزارة العمل “دور محوري وأساسي في ظل أكبر ازمة اقتصادية نمر بها، بينما يعيش لبنان في ثالث موجة هجرة للشباب والكفاءات، فما هي حاجيات السوق؟ وماذا عن الكفاءات اللبنانية المتوافرة؟ وأين هي اللوائح الموجودة للبنانيين وكفاءاتهم؟. ويلفت إلى ضرورة أن يكون لدينا “دراسة شاملة ومعها حل شامل ومتكامل للأزمة بالتنسيق بين وزارة العمل وكل الوزارات المعنية، وفيها نشمل عديمي الجنسية في بلادهم واللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتلقائياً أبناء وأزواج اللبنانيات كحق أساسي من حقوق المرأة اللبنانية وعدم التمييز بينها وبين الرجل اللبناني”. 

_________

* نصّت المادة الثانية على ما يلي “يستثنى من أحكام المادة الأولى الفلسطينيون المولودون على الأراضي اللبنانية والمسجلون بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية والأجنبي الذي تكون والدته لبنانية أو متزوجاً من لبنانية، والمولودون في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد، مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون”.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، سياسات عامة ، تحقيقات ، أحزاب سياسية ، فئات مهمشة ، لبنان ، حقوق العمال والنقابات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني