قرار قضائي يحمل الدولة مسؤولية عدم إعلام مواطنة بحقوقها بالمغرب


2018-05-09    |   

قرار قضائي يحمل الدولة مسؤولية عدم إعلام مواطنة بحقوقها بالمغرب

في سابقة مثيرة تعكس تطورا في فكرة التقاضي، أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكما مبدئيا أقر حق متقاضية في التعويض عن الضرر اللاحق بها نتيجة خطأ قضائي للنيابة العامة وجهاز الشرطة القضائية أدى إلى تفويت فرصة عليها[1].

تعود فصول القضية إلى نوفمبر 2017 حينما رفعت سيدة دعوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط، تعرض فيها بأنها كانت ضحية حادثة سير، وأن الشرطة القضائية استمعت إليها في محضر قانوني بتاريخ 07/04/2017، دون أن تشعرها بحقها في المُطالِبة بالحق المدني أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة الحكم. وهو ما فوت عليها فرصة تقديم مطالبها المدنية أمام المحكمة. وأضافت المدعية أن الملف أحيل إلى غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية بالخميسات التي أصدرت خلال شهر يوليوز 2017 حكما قضى بإدانة المتهم من أجل المنسوب إليه، موضحة أن تفويت فرصة تقديم مطالبها المدنية أمام المحكمة حرمها من الامتيازات التي تتيحها الدعوى المدنية التابعة، من قبيل عدم لزوم الاستعانة بمُحام والإعفاء من الرسوم القضائية، على خلاف الأمر في حال قدمت دعوى مستقلة ترمي إلى التعويض أمام القضاء المدني. وخلصت إلى أنّ عدم إشعارها بحقها المشار إليه ألحق بها ضررا معنويا من خلال المس بحقها في الولوج للعدالة. وعليه، التمست المدعية الحكم على الدولة بأدائها تعويضا قدره 100.000,00 درهم.

وقد استجابت المحكمة لهذه الدعوى اعتمادا على العلل التالية:

-المادة 82-4 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص، على أنه "يتعين إشعار الضحية المتضرر من جريمة بحقه في الانتصاب كمطالب بالحق المدني أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة المحكمة كما يتعين إشعاره بالحقوق التي يخولها له القانون. ويشار إلى هذا الإشعار بالمحضر المنجز من طرف الشرطة القضائية، أو من طرف النيابة العامة في الحالة التي يمثل فيها الضحية أمامها".

-محضر الضابطة القضائية المدلى به في الملف يبين أن المدعية كانت ضحية لحادثة سير وأن الضابطة القضائية استمعت إليها دون إشعارها بحقها في الانتصاب.

وعليه، اعتبرت المحكمة أن "الجهة الإدارية المذكورة تكون قد مست بأحد الحقوق الثابتة للمدعية، ذلك أنه لئن كانت المساطر المتعلقة بتقديم المطالب المدنية أمام المحكمة الزجرية منصوص عليها بالقانون والعلم بها مفترض لدى الكافة، انسجاما مع المبدأ العام "لا أحد يُعذر بجهله للقانون"، فإن المادة المستدل بها آنفا تتضمن مقتضى خاصا يقيد هذا المبدأ العام ويُقر ضمانة إضافية لضحايا الجرائم عن طريق إشعارهم بحقوقهم مراعاة للوضعية النفسية والمادية التي يكونون فيها على إثر تعرضهم للأضرار الناتجة عن الفعل المجرم، ومن ثم فإن وجود نصّ خاص يقرّ هذا الحق يجعل التمسك بقرينة العلم بالنص القانوني غير ذي محلّ وغير ذي تأثير بشأن وجوب إشعار الضحايا بحقوقهم تقيدا بالمقتضى القانوني أعلاه".

وقد خلصت إدارية الرباط أن المحكمة الابتدائية حينما قضت بإدانة المتهم المتسبب في حادثة السير التي كانت المدعية ضحية لها، من دون أن تكون المعنية بالأمر قد قدمت مطالبها المدنية التي يمكن لها أن ترفعها أمام نفس المحكمة أثناء سريان الدعوى العمومية، فإنه يثبت تفويت فرصة الاستفادة من هذه المسطرة التي تقر مجموعة من الامتيازات الخاصة، من أبرزها عدم لزوم تنصيب محام وعدم وجوب أداء الرسوم القضائية باعتبارها مقتضيات غايتها تسهيل ولوج الضحايا إلى العدالة. كما رأت المحكمة أن الخطأ المذكور يتصل بمرفق القضاء وهو ينسب للشرطة القضائية والنيابة العامة التي تختص بالإشراف عليها ومراقبة قانونية المحاضر المحررة من طرفها. وفضلا عن ذلك، رأت المحكمة أن ثمة ضررا معنويا تكبدته المدعية وهو ناتج عن خرق بعض الضوابط التي من بين أهدافها ترسيخ شعور الضحايا بالطمأنينة وإحساسهم بتحقق حمايتهم من الدولة بمرافقها الإدارية والقضائية المختصة عن طريق نصحهم وتذكيرهم بحقوقهم القانونية وتيسير ولوجهم للعدالة.

وبناء على ذلك قضت المحكمة الادارية : بأداء الدولة – وزارة العدل والحريات في شخص ممثلها القانوني تعويضا لفائدة المُدعية قدره 10.000,00 درهم

 


[1] يتعلق الأمر بحكم المحكمة الإدارية بالرباط  رقم  5588، في ملف عدد :  1169/7112/ 2017 ، بـتـاريخ : 15/12/2017.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني