قتيل على “حاجز” لحرس بلدية بيروت: هل من حقّهم إقامة حواجز؟


2024-03-01    |   

قتيل على “حاجز” لحرس بلدية بيروت: هل من حقّهم إقامة حواجز؟
محمد إلى يسار الصورة وربيع إلى يمينها

لم يكن الشابان ربيع عدنان (17 عامًا) ومحمد الحريري (22 عامًا) من الجنسية السورية يعرفان أنّهما على موعد مع حادث يودي بحياة محمد في صبيحة الجمعة 23 شباط الجاري. فقد كانا منطلقين على دراجتهما النارية إلى عملهما، صديقان في ريعان الشباب، يخططان لمشروع “على قدّهما” بعد انتهاء دوام العمل. إلّا أنّهما في الطريق واجها نقطة تفتيش تابعة لفوج حرس بيروت البلدي عند مستديرة “الأونيسكو” قرب وزارة التربية في بيروت، وحين حاولا الاستدارة والرجوع لتفاديه اعترضهما أحد العناصر، فانقلبت الدرّاجة ومات محمد على الفور فيما نقل ربيع إلى المستشفى.

ويؤكد ربيع أنّ العنصر الذي اعترض الدراجة كان متواريًا بين السيارات وقد ركل عجلتها الخلفية ممّا أدى إلى اختلال توازنها ووقوعها أرضًا بمن عليها على حد قوله. ويتبيّن من فيديو تمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر جانبًا من المكان الذي وقع فيه الحادث أنّ عنصر الفوج يعترض طريقهما من دون أن يظهر جليًا إن كان قد ركل الدراجة أم لا. ويرفض ربيع رفضًا قاطعًا ما يتمّ تداوله من ادعاءات بينها ما ورد في بيان فوج حرس بيروت، بأنّه وصديقه محمد خلال محاولتهما تفادي الحاجز اصطدما بدراجة نارية ثانية ما أدى إلى وقوعهما ووفاة صديقه.

وعلى إثر الحادثة، تناولت وسائل إعلامية قيام مخابرات الجيش اللبناني بإلقاء القبض على عناصر من فوج حرس بيروت. كما أوقفت  النيابة العامة الاستئنافية في بيروت أحد العناصر وادّعت عليه بجرم التسبّب بالموت عن إهمال أو قلّة احتراز بناء على شكوى من والد ربيع، وفقًا لوكيلته المحامية هلا حمزة.

ويلفت محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود في لقاء مع “المفكرة” إلى أنّه “بسبب ارتفاع معدلات الجريمة كان لا بدّ من التحرّك لضبط الأوضاع ضمن الإمكانيات المتوفرة”، رافضًا التعليق على الحادثة كونها باتت في عهدة القضاء، مبديًا أسفه لما جرى. إلّا أنّه في الوقت نفسه وجّه اللوم إلى الضحية على “هروبه” من نقطة التفتيش “حتى لو كان مخالف ليه بدو يهرب؟”، مؤكدًا بأنّ الحملة تستهدف جميع المخالفين وليس السوريين فقط.

وبعيدًا عمّا إذا كان الحادث تسبّب به عنصر من الحرس أم لا وهي مسألة أصبحت في عهدة قضاء التحقيق بانتظار صدور القرار الظنّي، فإنّ السؤال الأول الذي يطرح هو ما المسوّغ القانوني الذي أجاز لعناصر فوج حرس بيروت البلدي تنظيم حاجز أو نقاط تفتيش علماً أنّه تم تكليفها مؤخرًا من قبل وزير الداخلية لمواجهة “ظاهرة التسوّل” فيما تم تكليف قوى الأمن الداخلي بـ “إطلاق حملة لقمع وتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريون لا يحملون الإقامة اللبنانية”؟

والسؤال الثاني الذي لا يقلّ أهمية عن مسألة الصلاحيات، هو هل لدى عناصر فوج الحرس البلدي التجهيزات اللازمة والمؤهّلات الكافية والمناسبة لإقامة حواجز أو نقاط تفتيش بطريقة تحمي سلامة الناس والمرور؟

وقد أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان مقتل أحد عناصر الفوج، حسن العاصمي، الذي لقي حتفه في شهر كانون الثاني العام 2023، بعد أن أطلق عليه النار أحد سائقي الدراجات النارية (سوري الجنسية) أثناء محاولة توقيفه، علمًا أنّ فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي تمكنّ من إلقاء القبض على مطلق النار. 

وعلى أثر حادثة “الأونيسكو” انطلقت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تدافع عن فوج الحرس والمحافظ وصلت إلى حد تنظيم وقفة تضامنية أمام مبنى البلدية، وفي المقابل أثارت الحادثة إدانات من جهات حقوقية، فأصدر مركز وصول لحقوق الإنسان بيانًا اعتبر فيه أنّ “حادثة القتل العمد” تشكّل “جريمة مروعة وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان”، ووضعها في سياق الممارسات التمييزية بحقّ اللاجئين السوريين، مطالبًا السلطات اللبنانية بفتح تحقيق فوري بالحادث ومحاسبة المسؤولين وباتخاذ خطوات جادة لضمان احترام حقوق السوريين.

“انتبه رِجْعُولك”

بخدّ متورّمٍ ويد مكسورة، يجلس ربيع عدنان في منزل ذويه ينتابه الحزن واللوعة على فقدان صديقه وزميل عمله محمد، وربيع نزح من سوريا إلى لبنان في العام 2016 طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره كبر في شوارع بيروت وبات يعلَم “نظامها”. امتهن طلاء الجدران وبات “معلّمًا” مياومًا، وكان محمد أحد أعز أصدقائه يذهبان إلى العمل سويةً ويعودان سوية على دراجة ربيع. يروي أنّه في يوم الحادثة كانا ذاهبين إلى العمل عند الساعة الثامنة والنصف صباحًا، توقّفا في طريقهما ليشتري العصير، فاستلم محمد قيادة الدراجة عن ربيع “كنت عم بشرب عصير فقلّي خلّيني سوق، أنقذني محمد من الموت”. يتابع أنّه قبل وصولهما الى مستديرة الأونيسكو فوجئا بنقطة تفتيش تابعة لفوج حرس البلدية فاستدارا بالدراجة محاولين تفاديها، وسمع ربيع أحد العناصر يتكلّم عبر الجهاز اللاسلكي قائلًا “انتبه رجعولك”. ويفسّر ربيع أنّ “العنصر عند الحاجز كان يتحدّث عبر اللاسلكي إلى عنصر آخر كان متواريًا عن الأنظار وكان واقفًا قبل الحاجز بحوالي 100 متر، وأبلغه بعودتنا باتجاهه. فأطلّ العنصر من بين سيارات متوقفة وقام بركل عجلة الدراجة الخلفية فوقعنا أرضًا. أنا جيت على وجهي ورفيقي على رأسه”. ويضيف أنّه بفعل الارتطام فقد وعيه ولم يستفيق إلّا على صوت المسعف، بعدها نقل إلى مستشفى المقاصد، فيما نقل جثمان صديقه محمد إلى مستشفى الزهراء.

ويوضح ربيع أنّهما سارعا إلى تفادي الحاجز فور رؤيته ليس لكونهما لا يحملان إقامات شرعية في لبنان، بل لأنهما لا يمتلكان المال الكافي لتخليص الدراجة وفكّ حجزها في حال مصادرتها. ويؤكّد أنه سبق لدرّاجته أن صودرت مرّتين، وقام بفك حجزها متكبّدًا مبلغًا لا يقل عن 100 دولار عن كلّ مرة. ويؤكد أنه في المرتين السابقتين لم يسأله أحد عن أيّ أوراق ثبوتية ولا عن أوراق الدراجة النارية، بل سارع العناصر إلى مصادرة الدراجة فورًا: “ما حدا بيسألك عن أوراقك ولا أوراق الموتسيكل دغري بينطّوا عليك بيسحبولك المفتاح  وبياخدوا الموتسيكل”، يقول.

ويؤكد ربيع أنّ دراجته ليست مسروقة، وأنّه يمتلك أوراقًا تثبت شراءه لها من معرض لبيع الدراجات، وهي حاليًا الآلية المعتمدة لثبات عدم سرقتها في ظلّ إضراب موظفي النافعة.

ويُشير بيان مركز وصول إلى تكرار الممارسات التمييزية بحق السوريين من قبل شرطة البلديات إذ “تؤكد شهادات ضحايا من اللاجئين السوريين تعرضهم للتوقيف والحجز الاحتياطي والعنف وسوء المعاملة من قبل عناصر شرطة البلدية، بالإضافة إلى حجز دراجاتهم النارية من دون مبرر قانوني، وطلب مبالغ مالية للإفراج عنها.”

حول هذا الأمر يروي أحمد (سوري الجنسية) تجربته مع حجز دراجته النارية قائلًا: “أنا مقيم شرعي في لبنان ومعي إقامة، والدراجة النارية فيها أوراق بيع شراء من المعرض، ما سجّلتها لأنّو ما في نافعة”. ويضيف أنه في كلّ مرّة يضطرّ فيها للعبور على نقطة تفتيش، يقفز أحدهم ويسحب المفتاح منه بطريقة خاطفة، وأنّ أحدًا من العناصر لم يسأله عن أوراقه الثبوتية ولا أوراق الدراجة، بل يتم مصادرتها بشكل تلقائي. ويؤكد أحمد أنّ تكلفة فك حجز الدراجة كبير جدًا، “أول الشي رحت على البلدية دفعت للصندوق 3 مليون ليرة، ورجعت عالبورة دفعت شي مليون و800 ألف، ليلة الحجز بتكلّف 20 دولار، ليلتين 50 دولار”. كذلك يحتاج “السوري” لفك رهن دراجته إلى الاستعانة بمواطن لبناني يدّعي أنّ ملكية الدراجة تعود إليه، وهذا يتقاضى أيضًا حوالي 20 دولارًا، “يعني لضهّر الموتسيكل بدفع 100 دولار”.

عن هذا الأمر، يوضح مصدر في بلدية بيروت إنّ امتلاك صك البيع لا يكفي ليُجيز لصاحب الدراجة التنقّل بها، وأنّ الدراجة النارية غير المسجّلة يجب ركنها أمام المنزل ويمنع التجوّل بها، ويضيف أحد عناصر حرس البلدية أنّ تحرير الدراجة يكون على شرط توقيع  تعهّد بعدم قيادتها من جديد ريثما يتمّ تسجيلها في النافعة، وهو ما يضع المواطنين والمقيمين أمام صعوبات للتنقّل بسبب استحالة التسجيل حاليًا. 

ومن مشاهداته، يقول أحمد إنّ البلديات وقوى الأمن الداخلي يتشدّدون فقط مع حاملي الجنسية السورية، و”بيمرق البنغلادشي والأثيوبي واللبناني وما حدا يوقفهم أو بيسألهم عن أوراقهم”، وهو ما يتماشى مع ما جاء في بيان مركز وصول الذي يشير إلى أنّ “الممارسات التمييزية” تكرّرت “على حواجز تابعة للقوى الأمنية أو لعناصر شرطة البلديات الأخرى، ويتمّ التمييز بين المخالف اللبناني والسوري الذي غالبًا ما يتعرّض لإساءات لفظية مع حجز آليته و/أو أوراقه القانونية وتوقيفه”.

ربيع مصابًا بجروح بعد الحادث

شكوى ضدّ كلّ من يظهره التحقيق

بعبارات تبكي القلوب يرثي والد محمد الموجود في سوريا، ابنه عبر اتصال مع “المفكرة” قائلًا: “محمد صاحب الروح الحلوة والقلب الطيّب، آخر العنقود وروح البيت”، وهو لغاية اللحظة لم يصدّق الخبر”ابني رايح يشتغل، رايح يأمن حاله لأن بدو حياة حلوة مش رايح يموت”. ويضيف “أنا عندي 5 أولاد، محمد هو الصغير وقلبي معلّق فيه، راح ما عرفنا كيف وليش”.

ويتابع الوالد المكلوم أنّه لم يرَ محمد منذ حوالي السنة والنصف حين قرر القدوم إلى لبنان للعمل، مضيفًا أنّ حلم محمد كان بسيطًا جدًا وهو شراء دراجة نارية في سوريا يعمل عليها كسائق توصيلات، وأنّه تمكّن من تجميع حوالي 400 دولار مع صاحب عمله إلّا أنّهم وبدل استخدامها لتأمين مستقبله، تمّ دفعها للمستشفى لإخراج جثمانه، حيث تجاوزت قيمة الفاتورة 700 دولار، وقال إنّ “أصحاب ابني جمعوا المبلغ المتبقي من جيوبهم الخاصة، وإلّا ما تمكنّا من إخراج الجثمان”.

ويتابع أنه حضر إلى بيروت وتوجّه إلى مستشفى الزهراء حيث قام بتخليص الأوراق والمعاملات في السفارة و”رجعنا عالحدود بس ما رضيوا يمرّقوا الجنازة والسيارة لي فيها التابوت، ضلّينا واقفين عالحاجز ساعة ونص”، مؤكدًا أنّهم اضطروا لدفنه ليلًا كون الجثمان أمضى أكثر من ست ساعات في الطريق.

ويؤكد والد ربيع بدوره أنه تكبّد تكاليف المستشفى وحده: “دفعت 600 دولار للمستشفى”، وأنّه تقدّم بشكوى لدى مخفر الرملة البيضاء، مطالبًا بحق ولده ربيع وحق صديقه الذي توفي خلال الحادثة، مؤكدًا أنه لن يتنازل عن الدعوى.

وقد أوكلت رابطة العمال السوريين في لبنان المحامية هلا حمزة بالقضية، وقد أفادت في اتصال مع “المفكرة”، أنّ أهل ربيع ادعوا على كلّ من يظهره التحقيق، وأنّ المحضر تحوّل على النائب العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر الذي أحاله بدوره إلى قاضي التحقيق الأوّل بلال حلاوي. وتُعرب حمزة عن استغرابها ادعاء النيابة بتهمة التسبّب بالموت عن “إهمال أو قلّة احتراز” (المادة 564 من قانون العقوبات)، بينما يجب أن تكون بتهمة “قصد احتمالي بالموت”. ويعتبر القانون أنّ القتل يكون مقصودًا في حال توّقع الفاعل حصول الموت نتيجة أفعاله وقبل بالمخاطرة (المادة 189 من قانون العقوبات).

وتعتبر المحامية حمزة أنّه لا يحق لحرس البلدية ملاحقة “الناس” بل حدودها تسطير مخالفة، مؤكدةً أنّ هدف نقاط التفتيش التي يضعها فوج حرس بيروت أو شرطة البلديات الأخرى لم يعد ضبط الأمن، بل من أجل تحصيل الأموال لصناديق البلديات في ظلّ الأزمة الاقتصادية. ويوضح مصدر في بلدية بيروت ل “لمفكرة” أنّ أوراق الحجز التي يسطّرها فوج الحرس توضع لدى صندوق البلديات، ويستوفى من أصحاب الدراجات النارية مبلغٌ ماليٌ  بقيمة ثلاثة ملايين ليرة لبنانية تذهب لصندوق البلدية بشكل مباشر.

وتضيف المحامية حمزة أنه مؤخرًا باتت شرطة البلديات تستهدف “السوريين” بكثرة، كي تزيد مداخيل البلدية من دون أن تثير حفيظة “اللبنانيين”، في إشارة إلى ارتفاع منسوب النقمة على السوريين لدى بعض فئات اللبنانيين في ظلّ استفحال الأزمة. وقد حاولت “المفكرة” معرفة عدد أوراق الحجز التي يحرّرها فوج الحرس يوميًا (كون الحاجز يومي)، إلّا أنّ المصدر رفض إعطاء رقم محدد مؤكدًا أنّ الأعداد كبيرة جدًا.

هل من حقّ حرس بيروت إقامة حواجز؟ 

يقول مصدر في فوج حرس بيروت لـ “المفكرة” إنّ تحرّك الفوج لتنظيم نقاط تفتيش في بيروت ينطلق من روحية وأهداف ما وصفها “خطّة” وزير الداخلية، في إشارة إلى كتابين صادرين عن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، بسام المولوي، اللذين يتعلّق كل منهما بموضوع وكانا موجّهين كلّ إلى جهة، الأوّل إلى قوى الأمن الداخلي في موضوع الدراجات النارية والثاني إلى محافظ بيروت القاضي مروان عبود في موضوع التسوّل. ففي تشرين الأوّل 2023، أصدر وزير الداخلية كتاباً بشأن “إطلاق حملة لقمع وتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريون لا يحملون الإقامة اللبنانية”، لكنّه كان موجّهًا إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وليس إلى شرطة البلدية. أمّا الحرس البلدي، فقد أوكل بحسب الكتاب الذي وجّهه الوزير إلى محافظ بيروت القاضي مروان عبود، مهمة “تكثيف الدوريات الأمنية بالتنسيق مع قيادة شرطة بيروت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للعمل على إزالة ظاهرة التسوّل، لاسيّما عند إشارات المرور من قبل أطفال غير لبنانيين في مختلف شوارع العاصمة”.

ويضيف المصدر أنّ “الخطة” المفترضة تركّز على الدراجات النارية وسائقيها كونها وسيلة أساسية ومعتمدة لتسهيل الجريمة برأيه: “الدراجة النارية بتنقل اللصوص، بتنقل أدوات الجريمة، بتنقل المخدرات وغيرها”، في تقاطع مع السبب الذي أعطاه المولوي للحملة على الدرّاجات النارية في كتابه وهو “ازدياد حركة الدراجات النارية وقيادتها من قبل أشخاص سوريين واستغلال البعض منهم هذا الأمر للقيام بأعمال سرقة أو إطلاق نار أو ترويج مخدرات”. لذلك وانطلاقًا من “الخطة”، يقوم فوج الحرس بتثبيت نقاط تفتيش يومية في شوارع مختلفة في بيروت للتدقيق بالأوراق الثبوتية للشخص وقانونية سير الدراجة، بحسب المصدر نفسه.

تؤكد المحامية غيدة فرنجية من “المفكرة” أنّ قانون البلديات لا يمنح صلاحية لشرطة البلدية بإقامة حواجز على الطرقات العامّة”، وأنه استنادًا لـ “المادة 220 من قانون تنظيم الأمن الداخلي رقم 17/1990 فإنّ “هذا الحق محصور بشكل أساسي بعمل قوى الأمن الداخلي، ويشترط أن يكون الهدف من هذه الحواجز هو تفتيش المركبات وركّابها واستجلاء هوياتهم”. وتضيف فرنجية أنّ القانون يسمح لقوى الأمن الداخلي باستعمال “العوائق المادية في هذه الحواجز من أجل إيقاف المركبات التي لا ينصاع سائقوها لإشارات التنبيه والإنذار، أما شرطة البلدية فصلاحياتها في هذا الإطار تنحصر بشكل أساسي بتنظيم السير لتأمين سلامة المرور وضبط مخالفات السير من دون إقامة الحواجز”.

ويوضح المصدر من داخل فوج الحرس أنّ عناصر الفوج لا يحق لهم كتابة محاضر كونهم ليسوا ضابطة عدلية، بل يحق لهم فقط إصدار “ورقة حجز احتياط واحتراز”.

من جهة ثانية يؤكد مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ”المفكرة” أنّ “فوج الحرس ليس ضابطة عدلية، ولكن ربما سمح المحافظ لفوج الحرس بوضع نقاط تفتيش بسبب قلّة إمكانيات قوى الأمن الداخلي نتيجة الأزمة”،  ويعتبر المصدر أنّ طريقة عمل عناصر فوج الحرس بهذه الطريقة تعرّضهم وتعرّض حياة الناس للخطر، ففوج الحرس لا يمتلك لا التجهيزات الكافية ولم يخضع للتدريبات المناسبة على كيفية وضع حواجز التفتيش ولا للتعامل مع الحالات والمخالفات بخاصّة الدراجات النارية التي هي من الأصعب. ويوضح أنّه لا بدّ من دراسة مكان نقطة التفتيش، حيث يجب أن تقام في طريق ضيقة ومزدحمة يتمّ فيها “حصر المخالفين” ومنعهم من الالتفاف والهرب، كذلك على العناصر أن يكونوا مجهّزين بمعوقات وحواجز تمنع هروب المخالفين والرجوع “عكس السير” كما حصل مع الشابين ربيع ومحمد. وكل ذلك يفتقده جهاز فوج حرس بلدية بيروت بحسب المصدر من الفوج لـ “المفكرة” الذي يؤكّد أنّه لو تواجدت هذه التجهيزات في مكان الحادثة لما وقعت وتسبّبت بوفاة أحدهم.

وفي هذا السياق، يؤكد المحافظ عبود لـ”المفكرة”، أنّ تجهيز الحرس الذي يتجاوز عديده 600 عنصر يحتاج إلى أكثر من 500 ألف دولار، وهو أمر مستحيل في ظل الضائقة المالية والأزمة الاقتصادية. وعن سبب تنظيم حواجز رغم قلّة التجهيزات، يردّ عبود أنّه لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي ولا بد من العمل ضمن الإمكانيات المتوافرة. من جهة ثانيةٍ يرفض القاضي جميع حملات التشهير بحقه والتي تتهمه بالعنصرية، مؤكدًا أنّ هناك “خطة” لضبط الوضع في المدينة يتم تنفيذها، في إشارة إلى كتابَي وزير الداخلية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، تحقيقات ، سلطات إدارية ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني