قانون المالية لسنة 2022 “مُستثنى” من حالة الاستثناء


2022-02-08    |   

قانون المالية لسنة 2022 “مُستثنى” من حالة الاستثناء

“من أعلى فندق فخم، تُفرض دون رحمة سياسات كان المرء سيفكر مرتين قبل انتهاجها لو أنه يعرف الكائنات البشرية التي سوف يقوم بتدمير حياتها”.

جوزيف ستيغلتز، مفكر اقتصادي ونائب رئيس البنك الدولي السابق

على عكس المعمول به منذ عقود، وفي تماه مع السياق السياسي العام منذ 25 جويلية 2022، بإعلان رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن “حالة الاستثناء”، يصدر قانون المالية لسنة 2022 في شكل مرسوم رئاسي لأوّل مرة في تاريخ تونس المُعاصر. تغيير اتصل بشكل القانون، لكنّ الجوهر مثّل امتدادا لخيارات وسياسات معظم قوانين الماليّة التي تمت المصادقة عليها طيلة عقد من الزمن. 

ميزانية الإكراهات” كما سمّتها وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، والتّي تأتي في مرحلة هي الأصعب على المستوى الاقتصاديّ في تونس، فرضتْ على التونسيّين سلسلة من الإجراءات ستعتصر ما تبقّى في جيوبهم الفارغة أصلا بإجراءات جبائيّة جديدة تعكس هاجس تعبئة الموارد القائم كما كان دائما على ساق واحدة وعلى حساب فئات دون غيرها. وكما حدث طيلة العشريّة الأخيرة، ستتواصل سياسة التسوّل لكنّ في ظرف سياسيّ مُحرج وفي موقع ضعف وتسليم تام أمام المانحين الدوليّين. ولكنّ هذا المرسوم، الذي أسقط على التونسيّين لأوّل مرة منذ سنوات، دون أن نقاش مجتمعي أو سياسي حول مسودّته، يحمل في طيّاته كلّ أسباب التوتّر والاحتقان الاجتماعي في شكل إجراءات ستكون حتما محور صراعات مع عدّة أطراف اجتماعيّة.

المرسوم الأوّل في الزمن الأصعب

كان جليّا أنّ المرسوم المتعلّق بقانون المالية لسنة 2022، لن يحمل في طيّاته طوق النجاة لبلد يعاني اختلالا حادا في موازناته ويطرق جميع الأبواب بحثا عن مانحين أو مقرضين لتوفير مصاريفه الاعتياديّة كأجور موظّفي الدولة على سبيل المثال. فموازنة سنة 2022 ترى النور في الزمن الأصعب اقتصاديّا بعد سنتين من وصول وباء كوفيد إلى تونس في نهاية شهر فيفري 2020، وسياسة حكومية بحثت عن كنس المشاكل تحت السجّاد والهرولة نحو التداين المُشط لسدّ عجز الميزانية.

هذا المرسوم الذي رسمت ملامحه إطارات وزارة الماليّة وصادق عليه رئيس الجمهورية في 28 ديسمبر 2021، يبدو وكأنّه يحاول أن يحفظ توازن بلد يسير مترنّحا على الحبل، في ظلّ مؤشرات اقتصاديّة كارثيّة، مستندا إلى فرضيّة الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي الذي يجري الاستعداد للتفاوض حوله من موقع هو الأسوأ منذ سنة 1986. إذ أن الإحصائيات ترسم في التقرير الخاص بميزانية الدولة لسنة 2022، صورة واضحة المعالم حول حقيقة الوضع الاقتصاديّ في السنة الجديدة، حيث لم تتجاوز نسبة النموّ الاقتصادي نسبة 2.6% في نهاية الثلاثي الثالث من سنة 2021 على عكس التصوّر الرسمي في قانون المالية السابق الذي رفع السقف إلى مستوى 4%. أما على صعيد المبادلات التجاريّة، فقد حافظ الميزان التجاريّ على حالة العجز المزمنة، مسجّلا تدهورا بنسبة 25.6% وتراجعا في نسبة تغطية الواردات الصادرات بين نوفمبر 2020 ونوفمبر 2021. حيث بلغت صادرات البلاد خلال هذه الفترة 42070 مليون دينار مقابل واردات بقيمة 56723 مليون دينار. وضعيّة رفعت حجم العجز من 11667 مليون دينار إلى 14654 مليون دينار خلال نفس الفترة. وقد مثّل القطاع الفلاحي والصناعات الغذائيّة أكبر المتضرّرين بانخفاض صادراتهما بنسبة 9.3% بين سنتي 2020 و2021.

إضافة إلى حالة العطالة على مستوى الاستثمار العمومي، نشرتْ الهيئة التونسية للاستثمار أرقاما مفزعة. حيث تراجع عدد المشاريع المصرح بها لدى الهيئة، والتي تفوق كلفتها 15 مليون دينار، الى 25 مشروعا مقابل 58 مشروعا في سنة 2020 إلى حدود شهر ديسمبر 2021. كما انخفضت نوايا الاستثمار للمشاريع بنسبة 42% بقيمة جملية بلغت 1620.8 مليون دينار في 2021 مقابل 2818.05 مليون دينار في 2020. هذا التراجع انعكس سلبا على عدد الوظائف المحدثة، حيث انخفض عدد مواطن الشغل في ذات الفترة بنسبة 24% مقارنة بسنة 2020. 

انكماش الاستثمار الخاص وغلق باب الانتداب في الوظيفة العمومية منذ سنة 2016، انعكس على مؤشّر البطالة التي ارتفعت ليبلغ عدد المعطلين عن العمل في نهاية سنة 2021، 762.6 ألف مقابل 746.4 ألف معطل عن العمل في نهاية سنة 2020. وعليه، تكون نسبة البطالة قد تطوّرت من 17.9% سنة 2020 إلى 18.4% في نهاية سنة 2021.

تردّي الوضع الاقتصاديّ، وارتفاع نسبة المقصيّين من دورة الإنتاج تزامن مع ارتفاع نسبة التضخّم إلى 6.6% مع نهاية شهر نوفمبر 2021، مقابل 5.9% كمعدّل عام سنة 2020. وقد استأثرت مجموعة مواد التغذية والمشروبات غير الكحولية على النصيب الأعلى من المساهمة في المستوى العام للتضخم بنسبة 29%، تليها مجموعة السكن والطاقة المنزلية بنسبة 14% ثمّ مجموعة الملابس والأحذية التي سجّلت أسعارها تضخّما بنسبة 11% وأخيرا ارتفعت أسعار النقل مقارنة بسنة 2020 بنسبة 10%. أمّا سعر صرف الدينار، وإن شهد تحسّنا طفيفا مقابل الدولار، لتبلغ سعر الوحدة منه 2.748 دينار في نهاية شهر نوفمبر 2021، مقابل 2.821 خلال نفس الشهر من السنة السابقة، إلاّ أن سعر صرف الدينار مقابل الأورو، العملة الرسمية للشريك التجاريّ الأهم لتونس، فقد تراجع بنسبة 3.2%، حيث بلغ سعر الأورو3.300 دينارا في نهاية سنة 2021 مقابل 3.197 دينارا مع نهاية سنة 2020.

إذن، يجرّ قانون المالية لسنة 2022، تركة ثقيلة راكمتها السياسات المالية والاقتصاديّة لعشريّة امتازتْ بسوء التصرّف في الملّف الاقتصاديّ ليبلغ العجز المتوّقع في السنة الجديدة 6.2% أي ما يعادل 8548 مليون دينار. ولكنّ حكومة الرئيس، التّي هندست ملامح موازنة السنة الجديدة، لم تجمح بعيدا عن التصورات القديمة لإدارة هذا الملّف، مستنسخة الملامح الأساسية الكبرى لقوانين المالية السابقة، ليكون الشكل لا غير هذه المرّة استثناء في زمن التدابير الاستثنائيّة.

هاجس تعبئة الموارد؛ اعتصار جيوب التونسيين “لتفيض خزائن الدولة”

على خطى سابقيه، وترجمة للخطاب الرسميّ الذي يحصر الأزمة المالية التي تعيشها البلاد في شحّ موارد الدولة، ارتكزت فلسفة التعبئة في قانون المالية 2022 على رفع ميزانية الدّولة لسنة 2022 ب 57291 مليون دينار، أي بزيادة 3.2% أو 1771 مليون دينار مقارنة بالنّتائج المحيّنة بقانون المالية التعديلي لسنة 2021. 

لتعبئة خزائن الدولة، كما يحلو لرئيس الجمهورية تسميتها، لم تشذّ وزارة المالية بشكل عام عن عادتها السنوية في الضغط أكثر فأكثر على الفئات الاجتماعية المعتادة، أي الموظّفون والأجراء. إذ تعوّل في القانون الجديد على تطوير المداخيل الجبائية ب 4275 مليون دينار، أي بنسبة 13.9% مقارنة مع السنة الفارطة لتبلغ قيمتها 35091 مليون دينار. في المقابل تتوقّع وزارة المالية تراجع المداخيل غير الجبائية ب 36 مليون دينار، أي بنسبة 1.1% وتراجع الهبات ب 70 مليون دينار إضافة على تقهقر موارد الخزينة ب 2398 مليون دينار. 

إذن، يبدو جليّا أنّ الموارد الجبائية ستمثّل حجر الأساس في تعبئة مداخيل الدولة، حيث تمثّل 61.3% من إجمالي الموارد المنتظرة. ولتحقيق هذا الهدف، تخطّط وزارة المالية للترفيع في الآداءات المباشرة التي تمثّل 42% من اجمالي المداخيل الجبائية لتبلغ 14570 مليون دينار أي بزيادة تقدّر بنسبة 10.3% مقارنة بسنة 2021. وسيتحمّل الأجراء والموظّفون النّصيب الأكبر من جهود التعبئة، حيث تمثّل الضريبة على الدخل التي تشمل رواتب الموظّفين والأجراء 72.7% من حجم الأداءات المباشرة بقيمة جملية تناهز 10459 مليون دينار وبزيادة تقدّر ب 949 مليون دينار مقارنة بالسنة السابقة. في نفس السياق، بلغت قيمة الأداءات المفروضة على الشركات البترولية وغير البترولية 4112 مليون دينار بزيادة لن تتجاوز 408 مليون دينار، أي أقلّ من نصف المردود المنتظر من الضريبة على الدخل. 

أمّا على مستوى الأداءات غير المباشرة، فتمّت برمجة سلسلة من الزيادات ستشمل التبغ والمشروبات الكحولية والمحروقات-الذي سينعكس الترفيع في أسعارها على كلّ القطاعات والخدمات-بنسبة 13.4% مقارنة بسنة 2021. كما سيشمل هذه الزيادات المعاليم الديوانية والأداء على القيمة المضافة.

من جهة أخرى، نصّ قانون المالية على عدّة إجراءات جبائية جديدة على غرار إحداث معلوم طابع جبائي على تذاكر البيع المسلّمة من قبل الفضاءات التجارية بقيمة 100 مليم، الترفيع في تعريفة معلوم الجولان على السيارات، اقتطاع 5% على كلّ مبلغ تفوق قيمته 3 آلاف دينار يتم دفعه نقدًا لدى المحاسبين والترفيع في مبلغ فوائض حسابات الادخار الخاصة وفوائض القروض الرقاعية أي القروض طويلة المدى والمستخدمة عموما في تمويل المشاريع الكبرى.

الدولة تتعامى عن مليارات تحت ساقيْها

السعي لتعبئة موارد الدولة وتشديد الضغط الجبائي الذي سيرتفع من 24.4% سنة 2021 إلى 25.4% خلال سنة 2022، ظلّ أعرجَ، مستندا إلى اعتصار الفئات الاجتماعية الوسطى والفقيرة، في مقابل تقديم “هدايا” إلى الشركات وسخاء غير مفهوم عبر التفريط في موارد كبيرة متأتية من الخطايا الديوانية أو الجبائية. فقد نصّ قانون المالية على التخلّي عن خطايا التأخير وخطايا الاستخلاص ومصاريف التتبع المتعلقة بالديون الجبائية وإعادة جدولة هذه الديون لفترة تصل الى خمس سنوات وهو ما يعد تشجيعا على التهرب الضريبي. كما تمّ التخلي عن الخطايا الديوانية بنسبة تتراوح بين 90 % و95 %. هذا وقد مكّنت أحكام الميزانية المؤسسات المصنفة “مصدّرة كليّا” من الترفيع في نسبة التسويق المحلي لمنتجاتها من 30% الى 50% مع احتفاظها بكل الامتيازات المالية والجبائية. سخاء الدولة شمل لوبيات التجارة الموازية والتهريب عبر تحريرهم من كل الأداءات والمعاليم والخطايا بمجرد إيداعهم لمبلغ مالي في حساب بنكي أو بريدي ودفع ضريبة تحررية بـ 10% من المبلغ المذكور.

إجراءات تبدو غير منطقيّة من قبل حكومة الرئيس قيس سعيّد، في وقت تعاني فيه الدولة من عجز سيفوق 8000 مليون دينار، وتستعدّ لمفاوضات عسيرة مع صندوق النقد الدولي. هذا الإصرار على الحلول الصعبة لتعبئة موارد الدولة يقابله تجاهل لحجم الموارد المهدورة المتمثّلة في الحوافز الجبائية. حيث يكشف تقرير حول النفقات الجبائية والامتيازات المالية، ملحَق بقانون الماليّة لسنة 2021، أنّه تمّ منح امتيازات جبائيّة سنة 2019 بقيمة 4712 مليون دينار أي ما يعادل 11.15% من ميزانية الدولة لتلك السنة، ليتمتّع أصحاب المؤسسات خصوصا في القطاع الصناعي ووكلاء بيع السيارات بأكثر من نصفها. هدر المال العمومي لا يتوقّف عند السخاء الرسميّ في قضيّة الجباية، بل يشمل ضعف هياكل الدولة وأدوات وزارة المالية في تحصيل الديون المستوجبة. إذ يكشف التقرير السنوي العام الثاني والثلاثون الصادر عن محكمة المحاسبات بتاريخ 12 فيفري 2021، أنّ قيمة بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة، والتي تمثل مستحقات الدولة لدى المطالبين بالأداء، قد بلغت إلى حدود نهاية ديسمبر 2019 ما قيمته 10252 مليون دينار. فيما لم تتجاوز نسبة استخلاص هذه الديون 8.1% خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2013 و2019. بل يورد التقرير المذكور أنّ هناك 101 ألف مدين لدى الدولة تتعلّق بهم ديون جبائية غير مستخلصة بقيمة تفوق 1418 مليون دينار، غير موجودين في العناوين المصرّح بها ولا تتوفّر حولهم أيّ معلومات تسمح بتعقّبهم.

المديونية؛ أو الهروب إلى “خانة اليّك”

رغم الاستعراضات الكلاميّة حول مفهوم السيادة والنديّة في التعامل مع الهيئات الماليّة الدوليّة، والموجّهة أساسا إلى الاستهلاك المحليّ بين جموع أنصار الرئيس، تستعدّ تونس لجولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد الدوليّ للحصول على قرض جديد بعد قرض “تسهيل الصندوق الممدد” الذي تحصلت عليه تونس في 15 أفريل 2016 بقيمة 2.8 مليار دولار.

ويقدّم التقرير الخاص بمشروع قانون المالية لسنة 2022، صورة واضحة لحجم الأزمة التي تعيشها المالية العمومية نتيجة تراكم ديون البلاد. حيث ستبلغ قيمة خدمة الدين العمومي 14351 مليون دينار مقسّمة إلى خدمة الدين الداخلي بقيمة 8264 مليون دينار وخدمة الدين الخارجي بقيمة 6087 مليون دينار. وأمام نيّة الحكومة اللجوء مجدّدا للاقتراض لسدّ جزء من عجز الميزانية، يُتوّقع أن يرتفع حجم الدين العمومي الدولة في نهاية سنة 2022 إلى 114142 مليون دينار مقابل 107844 مليون دينار في نهاية سنة 2021  أي بزيادة تقدّر ب 6298 مليون دينار، وهو ما يمثّل 82.57% من إجمالي الناتج المحلّي. هذا وتبلغ نسبة القروض الخارجية 63.9% من القيمة الجملية لديون البلاد.

وقد كشفت وثيقة مسرّبة عن طريق منظّمة أنا يقظ، عن ثمن هذا القرض الذي ستفاوض حوله حكومة نجلاء بودن، والذي يسطّر أبرز “الإصلاحات” المُطالبة تونس بتنفيذها خلال الفترة القادمة. هذه الإجراءات تتمحور أساسا في تقليص كتلة الأجور وتجميدها خلال السنوات الخمس القادمة، رفع الدعم أو ترشيده بحسب الخطاب الرسمي فضلا عن تخفيف الضغط الجبائي أكثر عن المؤسسات وهيكلة المؤسسات العمومية. برنامج يعتبر امتدادا لمختلف برامج الإصلاح الهيكلي منذ سنة 1986 وصولا إلى الاتفاق الأخير سنة 2016. لكنّ الشيء المختلف هذه المرّة هو أنّ هذه المفاوضات ستبدأ وتونس تعيش أسوأ حالاتها الاقتصاديّة منذ عقود. فعندما تحصلت البلاد على أوّل قسط من قرض “تسهيل الصندوق الممدد”، كانت مختلف المؤشرات الاقتصادية أفضل من الراهنة. حيث كانت نسبة النمو حينها في مستوى 2.5%، كما لم يتجاوز عجز الموازنة العمومية 3.9%. أمّا على صعيد حجم الدين العمومي، فلم يكن يتجاوز حينها 53.4% من اجمالي الناتج المحلي مع نسبة بطالة تقدّر ب15.4%، في حين كان سعر صرف الدولار يناهز 1.9 دينار سنة 2016، مقابل 2.86 سنة 2022. 

كما ستضعف التصنيفات السلبية موقف الحكومة التونسية بعد أن شهدت سنة 2021 أسوأ تصنيف للبلاد من قبل وكالات التصنيف العالمية منذ سنة 1994. حيث خفّضت وكالة موديز (Moody’s) للتصنيف الائتماني، التصنيف السيادي لتونس من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية سلبية في 14 أكتوبر 2021، تماما كما فعلت سابقا وكالة التصنيف الائتماني فيتش رايتنغ (Fitch Ratings) في 7 جويلية 2021، حين قامت بتخفيض الترقيم السيادي لتونس من B إلى -B مع آفاق سلبية.

إذن، بأكثر من 25 ألف عائلة معوزة جديدة، تتبرّع لها الدولة بمائتي دينار شهريا لمواجهة الفقر، وبطبقة متوسّطة تتآكل بشكل متسارع، ومراكز نفوذ مالية تتعزّز وقطاط سمان تنعم بسخاء الحكومات، قدّمت حكومة الرئيس قيس سعيّد ملامح سياستها المالية للسنة المقبلة التي لم تحد عن سابقاتها على مستوى البحث عن حلول ترقيعيّة وترحيل الأزمات إلى المستقبل. فإضافة إلى ارتفاع الجباية والأسعار وتعمّق معضلة المديونية، سيتمّ عدم تفعيل القانون عدد 38 لسنة 2020 والمتعلق بانتداب من طالتْ بطالتهم من حاملي الشهادات العليا، إضافة إلى عدم تعويض أي شغور خلال السنة والتأكيد على تغطية الحاجيات من الموارد البشرية باعتماد إعادة التوظيف سواء بين الإدارات والهياكل الوزارية أو في إطار العمل على تطبيق برنامج الحراك الوظيفي بين الإدارات المركزية والمحلية. كما تنوي الحكومة في سياق ما اعتبرته ضغطا على المصاريف، إلى تشجيع الأعوان العموميين على التقاعد المبكّر، في خطوة سترحّل الأزمة المالية إلى الصناديق الاجتماعية التي تعيش تحت وطأة أزمة مالية مزمنة، بديون بلغت 9363.2 مليون دينار سنة 2020، لتفتح فصلا جديدا في ملّف المؤسسات العمومية المتهالكة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مصارف ، منظمات دولية ، تشريعات وقوانين ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني