في اليوم العالمي للمفقود، أهالي المفقودين في لبنان: وينن بدنا نعرف وينن


2017-09-08    |   

في اليوم العالمي للمفقود، أهالي المفقودين في لبنان: وينن بدنا نعرف وينن

بتاريخ 6/9/2017، أحيت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين لبنان “اليوم العالمي للمفقود” الذي يصادف في 30 آب ولكن تم تأجيله بسبب المستجدات في قضية العسكريين المخطوفين في جرود عرسال.

والإحتفال الذي جرى في “بيت المحامي” كان مناسبة للتذكير بأن اللجنة عرضت منذ زمن  “خارطة الحل لإنهاء معاناة الأهالي”، والمتمثلة “بجمع عينات الأهالي البيولوجية وحفظها، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة، وهذا لا يحتاج إلا إلى قرار رسمي جدي”. كما جرى التذكير بالعريضة الوطنية التي سبق أن “جالت على الناس وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وجمعت آلاف التواقيع وما زالت مفتوحة أمام الجميع”. وقد لفتت رئيسة لجنة  أهالي المخطوفين والمفقودين وداد حلواني إلى أن اللجنة التقت عددا من الأحزاب، فحصلت على تواقيع بعضهم وما تزال تنتظر جوابا من آخرين. كما أن بعض الأحزاب لم يحدد موعداً بعد للقاء اللجنة”. كما أشارت إلى أنه “تمّ إرسال هذه العريضة إلكترونياً إلى 31 نائبا وطبعاً نستثني النائبين حكمت ديب وغسان مخيبر اللذين وقعا حضوراً، لكن جاءنا الرد بتوقيع نائب واحد واليوم وصلنا أن نائبا آخر وقع”.

سبعة وعشرون عاماً مرت على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، ولا يزال جرح أهالي المفقودين ينزف، ينكأ فيه تخاذل الدولة اللبنانية بجميع مسؤوليها وقادتها وأحزابها دون استثناء. ومن المعيب بحق قضية عمرها من عمر الحرب التي بات معظم قادتها في موقع السلطة اليوم، ألا يوقع سوى أربعة من أصل 125 نائب في البرلمان على عريضة تطالب بأبسط الحقوق الإنسانية حق الأهالي بمعرفة مصير أبنائهم أحياءً كانوا أم أمواتاً.

بداية  الإحتفال كانت مع النشيد الوطني، فدقيقة صمت عن أرواح كل مفقودي الحرب في لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا وفي كل العالم.

أبو ديه ممثلاً نقيب المحامين

ألقى المحامي وليد أبو دية كلمة ممثلاً نقيب المحامي في بيروت أنطونيو الهاشم، فسأل أبو دية: “أما حان الوقت لكشف مصير هؤلاء المفقودين والمخفيين قسرا ضنا بآلام أهاليهم؟ لا نعتقد أن في هذا الطلب استحالة: فكل دول العالم، بل معظمها عانت وعاشت حروبا عبثية أقسى من تلك التي مررنا بها، إلا أنها راهنت على حل مسألة مفقوديها وأسراها ونجحت في كشف مصيرهم. فما الذي يحول دون كشف مصير أبناء وأحباء بعد أكثر من أربعة عقود على بدء الحرب اللبنانية العبثية؟ إننا نقول بالفم الملآن إن الخطأ في مواقف القيمين على السلطة زاد ويزيد من بؤس الأهالي، فقضيتهم كرامة وطن، ومسؤولية الجميع دون استثناء، فهل في الأفق قرار رسمي بالمماطلة؟ وهل كتب لملف مفقودي الحرب في لبنان، ملف المفقودين والمخفيين قسرا، أن يبقى دون حل؟

واعتبر أن هناك تقدما خجولا في هذه القضية تمثل “بانتزاع قرار قضائي صدر عن مجلس شورى الدولة كرس حق الأهالي في معرفة مصير ذويهم والاطلاع على كامل وثائق التحقيق الذي أجرته السلطات اللبنانية في هذا الشأن، والتي اضطرت على أثره إلى تسليم ملف التحقيق للجنة، وقد تبين أنه فارغ وليس فيه معلومات حتى الساعة“. ولفت إلى أن “قضية المفقودين أولوية لدى بعض النواب، وهذا محرج لعدد منهم ممن شاركوا لسوء الحظ في الحرب الاهلية التي عصفت”. وأكد أبو دية أن “الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التي أنشئت بموجب القانون رقم 62 تاريخ 3/11/2016 لا توجب التخلي عن المطالبة بانشاء الهيئة الوطنية الخاصة بالمفقودين، بل الإصرار على إنشائها إلى جانب إقرار المشروع المعلق والقاضي بتحليل علمي لجميع أهالي المفقودين وحفظ عيناتهم البيولوجية قبل وفاتهم”.

وختم مؤكداً أن البدء بحل ذلك المعضلة يكون من خلال أمرين:

  1. جمع وحفظ العينات البيولوجية من أهالي المفقودين والمخفيين قسرا، تمهيدا لإجراء فحص جيني بغية التعرف إلى هؤلاء، أحياء كانوا أم أمواتا.
  2. إنشاء هيئة وطنية مستقلة، مطلقة الصلاحيات، تكون مهمتها حصراً البحث عن المفقودين والمخفيين قسراً.

المفكرة القانونية حيت المقاومة الأصيلة المتمثلة بأهالي المفقودين

بدوره تحدث محامي لجان أهل المفقودين، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية نزار صاغية، موجهاً التحية لأهالي المفقودين. شارحاً الخطوات العملية في مسار القضية لافتاً الى أن “القضاء استجاب لطلابات الأهالي وأعلن بحكم مبدئي حق المعرفة للأهالي، وعلى أساس هذا الحكم وما قام به أهالي المفقودين من عمل، تم وضع مسودة مشروع قانون استجاب لها عدد من النواب وعلى رأسهم النائب غسان مخيبر، وصار هناك تقديم اقتراح قانون تم إقراره في لجنة حقوق الإنسان واليوم يدرس في لجنة الإدارة والعدل. والمطلوب من الجميع بذل الجهد اللازم حتى يسري هذا القانون، لأنه المدخل الأساسي لحل الموضوع بشكل علمي ومنهجي ولتأسيس هيئة وطنية  للكشف عن مصير جميع المفقودين دون أي تمييز بين مفقود وآخر”.

ولفت إلى أن “الحق بالمغرفة لا يعني أهالي المفقودين وحسب وإنما يضع المجتمع أمام مرآة له حتى يرى ما العمل في ماضي الحرب”. وتابع: “إن أهالي المفقودين هم  حقيقة المقاومة الأصيلة في لبنان، لأنه ربما تكيّف الجميع مع ترسبات الحرب وما بقي منها من زعامات وقيادات. فيما بقي أهالي المفقودين يذكرون بأن الماضي ليس جميلة في المطلق، وأن هنالك الكثير من الأشياء البشعة التي يجب أن نتذكرها دائماً حتى نصبح مجتمعا أفضل”.

وأكد أن”الأهالي لم يطالبوا يوماً بمحاسبة أحد، ولكن جل ما كانوا يقولونه أنه يجب أن نتذكر الماضي ونعرف ماذا حصل فيه، فكانت مقاومتهم أصيلة مقاومة تنظر الى المستقبل دون أن تنسى الماضي”.

وشدد على ضرورة أن يبقى “المجتمع متضامناً مع الأهالي في هذا المسار من خلال مشروع القانون والقضايا الأخرى التي ما تزال عالقة أمام القضاء”.

وختم متناولاً موضوع المفقودين اللبنانيين في سوريا حيث قال أن”الحرب لم تساعد على جلاء حقوقهم” مطالباً بأن “يكون هناك جهد إضافي من قبل الدولة لمعرفة مصير هؤلاء الأشخاص”،

معبرا عن التنسيق الذي سينشأ حتما بين ذوي المفقودين اللبنانيين وذوي المفقودين في الحرب السورية والتي سببت ملفا اكثر ثقلا بكثير من الملف اللبناني في هذا الشأن.

حلواني: بئس حكام في بلد يجعلون أبناءه يحلمون بقبر لحبيب فقد

الكلمة الأخيرة كانت لرئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين وداد حلواني التي بصلابتها المعهودة أطلت وكررت ما تؤكد عليه دائماً “بالنسبة إلينا مفقودونا “ما غابوا عنا ولا يوم، كل يوم هوي يومن لحد ما نعرف وينن، لنعرف إذا كانوا بعدن أحياء أو ماتوا.
وأوضحت أن تأجيل الإحتفال بيوم المفقود 30 آب تم “بسبب المستجدات الصادمة عن العسكريين الاسرى”، وقالت:”انحيازنا الى أهالي العسكريين انحياز كلّي وبديهي، مثلهم تأرجحنا بين الشك واليقين، وذهلنا عندما جزم مسؤول امني رسمي، بقلب بارد، بأن رفات الجرود هو للعسكريين (الاشارة إلى معرفته المسبقة بتصفية العسكريين، وقراره حاسم قبل صدور نتائج فحوص الحمض النووي). وما يوجع أكثر أنه لم تترك ولو لحظة صمت حدادا على الضحايا، لم تترك لحظة صمت احتراما لحزن أهاليهم المعتق منذ 47 شهرا.” وقد وجهت التعازي للأهالي قائلةً:”الخطب جلل والمجزرة “عا قد الجبل وجرودو اذا مش اكثر”. بئس حكام في بلد يجعلون أبناءه يحلمون بقبر لحبيب فقد”.

تابعت: “في مناسبة هذا اليوم العالمي ، نؤكد تمسكنا بحق معرفة مصائر أحبتنا، وهو حق لن نتخلى عنه ولن نساوم عليه مهما تمادى المسؤولون في غيهم. نحن لن نستسلم. خارطة حل قضيتنا بمساريها الاثنين، جمع وحفظ عينائنا البيولوجية، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة علمية بسيطة وبديهية، تطبيقها لا يحتاج إلا إلى قرار رسمي جدي قرار لا يحتاج تفعيله العملي الى أكثر من 24 ساعة، خصوصاً أنه لا يتقاطع وخلافات او توافقات الحكام السياسية والطائفية، ولن يحاسب أحدا على ارتكابات الماضي، ولن يهدد السلم الأهلي المنقوص، هو حل ينهي معاناتنا ويعزز السلم الحقيقي في البلاد”.

وذكرت حلواني بالعريضة الوطنية التي تم إطلاقها بذكرى الحرب الأهلية في 13/4/2017 وقالت: “عريضتنا الوطنية جالت على الناس وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، جمعت آلاف التواقيع وما زالت مفتوحة أمام الجميع. وللعريضة لقاء خاص بها سوف نحدده في وقت لاحق نعرض فيه كل التفاصيل المتعلقة بمساره، محصلة التواقيع عليها، تفاعل المسؤولين بشأنها.. تسمية الأسماء بأسمائها.. لكن هذا لا يمنع من إعلامكن أننا في هذا السياق قمنا بعدد من الزيارات لرؤساء الأحزاب. وحظينا بتواقيع خمسة. ما زلنا ننتظر حسم تردد إثنين منهم. والى من تبقى من رؤساء أحزاب، نذكرهم بوجوب تحديد مواعيد لنا للقاء بهم. بيكفي نطرة. في السياق نفسه، وعبر البريد الالكتروني، أرسلنا العريضة إلى 31 نائبا، للأسف وقعها نائب واحد”.

وأشارت الى أن “الانتخابات النيابية على الأبواب، ولا يستخف أحد بعدد أصواتنا. طائفتنا “مش حبتين”، هي من كل الطوائف، عابرة للطوائف والمذاهب والمحافظات والاقضية. ويهمنا أن نعلم جميع المرشحين المعلنين والذين سيترشحون أننا اتخذنا قراراً واضحاً وصريحاً مفاده أن كل شخص من طائفتنا لن يعطي صوته، ولا صوت أي من أفراد عائلته ولا أصوات من يمون عليهم من الأقرباء والأصدقاء والجيران، لأي مرشح، لأي اسم تفضيلي ولأي لائحة، لا يتضمن برنامجه موقفاً واضحاً صريحاً وجدياً من قضيتنا والتعهد بالعمل على فرض تنفيذ الحل المطلوب”.

وقالت: “لقاؤنا اليوم يشيه استراحة محارب. يبدو أن مطالبتنا الدؤوبة للحكام بالحل، جعلتنا نغفل أهمية الفن ودوره الفاعل في تظهير قضيتنا ونشرها. نغفل أننا في زمن الصورة والصوت، رغم أن الصورة سبق أن وصلتنا عبر أفلام وثائقية تبنت قضيتنا، باكورتها فيلم أحلام معلقة”، للمخرج الذي رحل مؤخراً جان شمعون، ثم وثقت القضية سينمائياً ومسرحياً”.

لا فليّت ولا ضليّت

وقبل أن تختم حلواني الاحتفال أعلنت عن إطلاق فيديو كليب تضمن أغنية للمفقودين بعنوان “لا ضليّت ولا فليّت” كتبت كلماتها الشاعرة سوسن مرتضى ولحنها الفنان أحمد قعبور وغنتها الفنانة شنتال بيطار. آملة “أن تعرض الأغنية على كل محطات التلفزيون المحلية والدولية . وأن تدمن كل المحطات الإذاعية على بثها “بركي الصوت بودي”.

أما كلمات الأغنية فتقول:

 لا ضليّت ولا فليّت وتيابك بقيت بالبيت.. تسألني عنك كل يوم… وين بهل أرض اختفيت..لا ضليت ولا فليّت

وجك صوتك كلك هون.. ما غابوا عني ولا يوم.. والضحكة الحلوة عالبال وعيونك بالعتمة ضو..

لما اندهلك عم تسمع عم تتعذب عم تتوجع..بعدك عم اتفكر فيي.. وبعدك صوبي عم تتطلع..

مافيي إلا ما أذكر..ما فيي إلا ما أنطر..مش كل لي فللوا راحوا…مش كل لي بقيوا ضللوا..

ننساهم مش رح ننساهم..لازم تا ننسى نتذكر.. وينن بدنا نعرف وينن..حتى من الماضي نتحرر..

هي كلمات موجعة تحاكي آلآم الأهالي، وقد أدتها بيطار على نحو مميز ترك أثره عميقاً لدى الحضور، الذين ساده وجوم وحزن عارمان.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، عدالة انتقالية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني