عندما تحرم الدولة نفسها من الموارد، باسم التقشّف


2021-10-06    |   

عندما تحرم الدولة نفسها من الموارد، باسم التقشّف

رغم تضارب التقديرات حول حجم التهرّب الضريبي في تونس، يتّفق الجميع على أنّ الضرائب التي يتمّ استخلاصها أقلّ بكثير مما يمكن، وأنّ عددا هامّا من المُطالبين بالأداء لا يقومون بواجبهم الجبائي كما ينبغي. محاربة آفة التهرّب الضريبي وتحصيل الموارد الضائعة التي نحن في أمسّ الحاجة إليها، لا يحتاج فقط إلى تشريعات، وإنّما أيضا إلى إدارة جبائية قويّة وفعّالة، مجهّزة بأفضل الإمكانيات البشرية والمادية. لكن، رغم التحسّن النسبي للمجهود الرقابي، والذي ساهم فيه إحداث منحة المراقبة والاستخلاص لفائدة أعوان وزارة المالية، لا تزال مصالح الرقابة الجبائية، التابعة للإدارة العامّة للأداءات، تعمل بإمكانيات متواضعة. إذ لم تُستثنَ هذه المصالح من سطوة السياسات التقشّفية، ومنها تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية. ويظهر أثر هذه السياسات خاصّة في المراكز الجهوية لمراقبة الأداءات، كما يثبته تقرير محكمة المحاسبات حول أحد أهمّ هذه المراكز من حيث عدد المطالبين بالأداء، وهو مركز صفاقس 1، حيث حرم النقص في الأعوان، والشغور الذي شمل حتى رئاسة المركز، الدولة من موارد مهمّة كانت تغطّي كلفة هذه الانتدابات وتزيد. فبغضّ النظر عن مدى وجاهة الخطاب الذي يختزل الوظيفة العمومية في عبئها المالي، فإن هذا المنطق لا يمكن أن يشمل مصالح المراقبة الجبائية، حيث يُشكّل انتداب الكفاءات استثمارا يحقّق موارد مالية مستقبلية. لا يتعلّق الأمر فقط بعدد الأعوان وكفاءتهم، وإنما أيضا بالاستثمار في التكوين المستمرّ لهم، وتوفير أفضل الأجهزة والبرمجيات التي تسمح بترشيد مجهود الرقابة الجبائية من أجل تحقيق نتائج أفضل في أقلّ وقت وجهد.

 

نشر هذا المقال في العدد 22 من مجلة المفكرة القانونية، تونس. لقراءة العدد انقروا على الرابط:

الجباية غير العادلة

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، أجهزة أمنية ، حقوق المستهلك ، مقالات ، تونس ، الحق في الصحة والتعليم ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، مجلة تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني