طعن بقانون موازنة 2024: دعوة المجلس الدستوري للاجتهاد لإنهاء شذوذ الموازنة


2024-02-29    |   

طعن بقانون موازنة 2024: دعوة المجلس الدستوري للاجتهاد لإنهاء شذوذ الموازنة

قدّم صباح اليوم النواب حليمة القعقور وأسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد وبولا يعقوبيان وسينتيا زرازير وسجيع عطية والياس جرادي ونبيل بدر وعماد الحوت طعنا جديدا بقانون موازنة العامّ 2024 أمام المجلس الدستوري، وهو طعن أعدّته “المفكرة القانونية” بالتنسيق مع بعض النواب المبادرين إليه. وإذ يشكل هذا الطعن الطعن الخامس على قانون موازنة 2024، بعد أربعة طعون قدّمها تباعا نواب كتلة الجمهورية القوية ونواب كتلتي الكتائب وتجدّد وتحالف التغيير وعدد من النواب التغييريّين وعدد من نواب الشمال. وفي حين تطرّق الطعن إلى مخالفات دستوريّة عدّة، أهمّها مخالفة القانون لمبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والضريبية وفصل السّلطات وحرمان المواطنين من ممارسة الحقوق المكرّسة دستورا وتضمين الموازنة مواد لا علاقة لها بقانون الموازنة، فإنّه يتميّز بشكل خاص في مقاربته لمسألة غياب قوانين قطع الحساب بصورة تهدف إلى إعادة الانتظام المالي مقترحا دورا مختلفا ومبادرا للمجلس الدستوري.

نظرة مختلفة إلى معضلة قطع الحساب

في حين ذهبتْ الطعون السّابقة نحو المطالبة بإبطال الموازنة لعدم إقرار قطع الحساب عن العام 2022، اعتمد هذا الطعن مقاربة مختلفة تماما، الهدف منها ليس فقط الإضاءة على خطورة هذه المخالفة، إنما الأهم إرساء قواعد من شأنها السماح بتجاوزها. وعليه، وبعدما سجّل الطعن أن التأخر عن إنجاز قوانين قطوعات الحساب طوال 3 عقود بات يستخدم كذريعة متكررة لتبرير عدم إنجاز قطع حساب عن السنوات الأخيرة، طالب موقّعوه المجلس الدستوري بأن يضع خارطة طريق تؤدي إلى فصل إنجاز قطع حساب عن سنة 2023 عند وضع موازنة 2025 عن إنجاز قطع حساب للسنوات الممتدة من 1994 حتى 2022 من دون أن يعني ذلك بالضرورة تخليا تامّا عن استحقاق وضع قطع حساب لحاجات المحاسبة والمساءلة، وذلك تحت طائلة إبطال قانون موازنة العام 2025 المقبلة. 

ويستند هذا التوجّه على سابقتيْن قانونيتيْن في لبنان استُغني فيهما عن إعداد حسابات عن سنوات خلت لتسهيل إعداد قطوعات الحساب للسنوات الماضية، وذلك بهدف إضفاء صدقية على أرقام الموازنة، حيث لا يُفترض أن تتأثر الأخيرة سوى بحسابات السنوات القليلة الماضية وليس بحسابات عشرات الأعوام السابقة، خصوصا في ظلّ انهيار سعر الليرة اللبنانية ما يجعل الرجوع إلى حسابات السنوات البعيدة أمرا لا فائدة منه سوى تعطيل قطوعات الحساب عن السنوات القليلة الماضية. كما يستند هذا التوجّه إلى أمثلة تقدّمية قامت بها المحكمة الدستورية في كولومبيا حين اتّخذت خطوات إيجابية قوامها وضع برنامج لمعالجة قضايا هيكلية بعد إعلانها عن وجود أوضاع منافية للدستور، كما اتخذت تدابير وأوامر لاحقة لضمان استجابة السلطات السياسية لأوامرها وتذليل العقبات أمام ذلك.  

وبذلك، يُعبّد هذا الطعن الطريق أمام المجلس الدستوري لوضع حدّ لانعدام الانتظام المالي الذي نشهده منذ 30 عاما، لا بل يُطلق يديه للتخلّص ممّا وصفه في قراراته السابقة بالحالة الشاذة.

يضاف إلى ذلك أن مقدّمي الطعن طالبوا المجلس الدستوريّ بإبطال المادة 95 من القانون المطعون فيه التي تكلف الحكومة إنجاز قطوعات الحساب عن السنوات الثلاثين الماضية خلال سنة واحدة، على خلفية أنها تشكل تغطية متكررة ليس فقط لمخالفة الدستور في هذا القانون، بل أيضا لمخالفة الدستور عند إقرار موازنة 2025. فضلا عن أنها تشكل استعادة قانونية للذريعة التي باتت السبب الفعلي لتأبيد المخالفة في هذا الخصوص.    

طعن لاستعادة انتظام العمل التشريعي

يتبيّن من جرّاء التقارير الصحفية، وبشهادة أغلب الحاضرين في الهيئة العامة لمجلس النواب أو الحاضرين من الصحافيين على شرفة مجلس النواب، أنّ النص النهائي لقانون الموازنة العامة قد احتوى تحويرا لحقيقة مقررات الهيئة العامة، وبكلمة أخرى تحويرا للإرادة العامة المتمثلة في هذه المقرّرات. وقد صبّ هذا التحوير في معظمه بخدمة أصحاب النفوذ أو أو أصحاب الأموال. فقد شوّهت النسخة النهائية للقانون ما تمّ إقراره في الهيئة العامة لجهة نسبة الضريبة المفروضة على شركات الأموال (أقرّت الهيئة العامة نسبة 25% بينما النسخة النهائية للقانون أبقتها على 17%)، أو لجهة وضع نصوص لم تصوّت عليها الهيئة العامّة كربط الضرائب والغرامات المفروضة على المستفيدين الكبار من عمليات صيرفة أو المستوردين المستفيدين من الدعم بقرار من وزير المالية ما يُمهّد لتعطيل فرض هذه الضرائب. لا بل أكثر من ذلك، وفي حين أنّ المهمّة الأساسية لقانون الموازنة هي تحديد النفقات والإيرادات المرتقبة للعام 2024، فيتبيّن أنّه لم يتم الإعلان عن الأرقام النهائية خلال الجلسة بعد التعديلات التي وردت على القانون ولم يتم التصويت عليها فعليا.

إزاء ذلك، يطلب مقدمو الطعن من المجلس الدستوري علاوة على تصحيح هذه المواد عبر طلب المحاضر الصوتية لهذه الجلسة، وعلى ضوء خطورة التحوير الحاصل، أن يعمد المجلس الدستوري إلى تفسير مبدأ علنية الجلسات على أنه يفرض نقلها مباشرة لتفادي أي تحوير مستقبلي لأعمال المجلس النيابي.

ختاما، تجدر الإشارة إلى أنّ مقدّمي الطعن طلبوا بشكل خاصّ إبطال المواد 87 (إجراء تسوية ضريبية) و86 (تخفيض نسبة الضريبة على أرباح التفرّغ على العقارات) و51 (تجزئة ضريبة الأملاك المبنية على كل عقار على حدة) و91 (تعديل آلية تحديد رسوم الجامعة اللبنانية وتشريع قرارات تعديل الرسوم السابقة المخالفة) و56 (تأجير أملاك الدولة الخصوصية) و69 (إعفاء السيارات الكهربائية والهجينة المستوردة من رسوم عديدة لمدّة 5 سنوات) والفقرة 24 مكرر ب من المادة 66 من القانون المطعون فيه (زيادة رسوم استخراج صور عن إخراجات القيد ووثيقة الولادة والوفاة والزواج والطلاق). 

للاطلاع على نص الطعن

انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، تشريعات وقوانين ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني