شبكة مدى تطالب وزارة التربية باعتماد العقد الطلابي في الجامعات: حركة طلابية علمانية مستقلة معارضة


2018-03-19    |   

شبكة مدى تطالب وزارة التربية باعتماد العقد الطلابي في الجامعات: حركة طلابية علمانية مستقلة معارضة

في منتصف صيف 2017، بادر عدد من الطلاب إلى تشكيل شبكة مدى، وهي مبادرة طلابية علمانية شبابية ومستقلة عن الأحزاب السياسية، وتسعى حالياً إلى توسيع انتشارها بين الجامعات، بهدف استعادة الدور السياسي والإجتماعي للطلاب وشعارها هو "علمانية، ديمقراطية، عدالة إجتماعية". أطلقت شبكة مدى الطلابية حملة "صوتي عالي"، فبدأت بخوض أول معاركها في قطاع التعليم. وعليه، دعت لتوقيع عريضة لمطالبة وزارة التربية بفرض العقد الطلابي على الجامعات لضمان حقوق الطلاب خلال فترة الدراسة. وهي دعوة موجهة لجميع المعنيين من المواطنين وليس فقط للطلاب، وذلك خلال مؤتمر دعت إليه الشبكة في قاعة فابريكا في الأشرفية-بيروت نهار السبت 17 آذار 2018. وقد تلا الطلاب بياناً عرضوا من خلاله البنود الأساسية للعقد الطلابي الذي يطالبون بتطبيقه، وهذه الحقوق هي بشكل أساسي ثلاثة:

أولاً، ضرورة منح حرية المشاركة بصنع القرار داخل الجامعة  لطلاب خصوصاً القرارات المتعلقة بهم. إذ هم يرون أن "الطلاب في جامعات كثيرة يعانون من مشاكل تتعلق بحريات العمل المطلبي والنقابي والسياسي، ويأخذون ذلك على واقع "المحاصصة في توزيع السيطرة الحزبية على الكليات مثل حالة الجامعة اللبنانية، وغياب أي نظام لترخيص المجموعات والنوادي الطلابية والقيام بالنشاطات".

 وثانياً، إجراء إنتخابات واضحة للمجالس الطلابية. وعلى وجه الخصوص الجامعة اللبنانية التي أجرت آخر إنتخابات لها منذ 10 سنوات. بالإضافة إلى المطالبة بتوسيع صلاحيات هذه المجالس إذ تبدو في وضعها الحالي شكلية أكثر منها فاعلة. ويشرح أحد الطلاب للمفكرة أن "صلاحيات المجالس محصورة في تنظيم الاحتفالات والمؤتمرات وتأمين تمويلها، دون التأثير على قرارات إدارات الجامعات المتصلة بحقوق الطلاب مثل زيادة الأقساط، بسبب النظام المقيد للمجالس الطلابية المعتمد فيها".

وثالثاُ، وهو البند الأبرز، ضمان عدم زيادة الأقساط التي يدخل على أساسها الطالب في سنته الأولى في الجامعة ومنع إدارة الجامعة من رفعها خلال فترة استكمال الدراسة. إذ يؤكد الطلاب على أن "نسبة زيادة الأقساط بين العامين 2013 و2017 لامست 18.67% فيما أن نسبة التضخم التراكمي كانت 5.19%، ما يدل على أن الزيادة لم تكن مبررة".

لذا، يعرف الطلاب العقد على أنه شكل من أشكال الإتفاق على موجبات معينة بين طرفين أو أكثر. وفي حين أنه لا يوجد في جميع الجامعات اللبنانية نص تعاقدي واحد يعطي للطالب خلال فترة دراسته الحقوق والضمانات الخاصة به، يرى الطلاب أنه في الفترة الماضية، لوحظ "وجود مشاكل تتعلق بالحقوق الأساسية التي من المفترض أن تكون مؤمنة للطالب عند إلتحاقه بأي جامعة".

وإذ يأخذ الطلاب في بيانهم على القانون الانتخابي الجديد الذي وضع سن 21 كحد أدنى للإقتراع، فإن إنطلاقة هذه الحملة تتزامن مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية بهدف رفع الصوت أمام السلطات واستهداف المرشحين للإنتخابات النيابية لإيواء مطالبهم الحقوقية. "إذ أن هذا القانون حرم عددا كبيرا من الطلاب من الإقتراع وأبقاهم محرومين من المشاركة السياسية. لهذه الناحية، يتطرق البيان إلى المشاكل السياسية التي يواجهها لبنان "منذ إنتهاء الحرب اللبنانية وتأثيرها على نظام التعليم وعلى الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد". لذا، يقدم الطلاب أنفسهم "كحالة سياسية معارضة للواقع السياسي القائم على الزبائنية والمحاصصة الطائفية إذ تساهم هذه العوامل في قيد حرية التعبير بضوابط الطوائف والأحزاب والمليشيات والأجهزة الأمنية". في السياق نفسه، يحمل الطلاب هموما إجتماعية برفضهم "التهميش الاجتماعي للمرأة واللاجئين والعمال الأجانب". فتكون هذه العوامل وغيرها الحافز الذي حث هؤلاء الطالبات والطلاب لإنشاء حركة سياسية معارضة قائمة على مبادئ علمانية.

 

الواقع المأساوي للجامعة اللبناني

في السياق عينه، حازت الجامعة اللبنانية الحيز الأكبر من رؤية أعضاء شبكة مدى لواقع التعليم، إذ  تكلموا في بيانهم عن حرمان الطلاب فيها من المشاركة في الحياة السياسية عن طريق الإنتخابات. كما تجتمع مواقفهم على أنه منذ وقت طويل "تعتمد الأحزاب اللبنانية سلطة الأمر الواقع في فرض نفسها على رئاسة المجالس الطلابية في الجامعة اللبنانية". كما أنه برأيهم إن "قطاع التعليم في لبنان بوضع مأساوي، خصوصاً إهمال الطبقة السياسية حصة الجامعة اللبنانية بكل الموازنات التي أُقرت". والحال أن "الإنفاق على التعليم الرسمي لا يتعدى الـ 2.5 بالمئة من الناتج المحلي بينما المعدل العالمي هو 4.7 بالمئة" بحسب أبحاث قام أعضاء شبكة مدى. لذا يعتبر الطلاب والطالبات أن ذلك ساهم في إبقاء "الجامعة مقسمة على فروع لمراعاة الإعتبارات الطائفية مما أدى إلى توجه 62 بالمئة من الطلاب إلى التعليم الخاص". يضيف البيان، هذا الإهمال أدى إلى "تكريس المحاصصة بفروع الجامعة اللبنانية وتسبب بهيمنة الأحزاب على حرم الجامعة وقمعها لحرية التعبير والعمل النقابي داخل الجامعة".  

 

ما هي  شبكة مدى؟

تحت شعار "العلمانية، الديمقراطية والعدالة الإجتماعية" انطلقت شبكة مدى كمبادرة من النوادي العلمانية في جامعتي القديس يوسف  (USJ) والأميركية  في بيروت  (AUB) في صيف عام 2017، هدفها البحث عن مناصرات طلابية مستقلة عن الأحزاب السياسية بين كافة الجامعات اللبنانية، والتي تلتقي عند رؤية سياسية موحدة. وتسعى الشبكة في مسارها الأول إلى تشكيل نوادي علمانية مصغرة في الجامعات، مع العلم أن هذه النوادي ليست تابعة لبعضها إنما تتلاقى عند الأهداف نفسها وفقاً لما يؤكد عليه الطلاب.

تتحدث رئيسة النادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت فرح بابا عن بداية هذه المسيرة إذ تلفت إلى أن "النادي العلماني في الأميركية والنادي العلماني في اليسوعية بادرا إلى الإجتماع واقتراح فكرة إنشاء شبكة طلابية على نطاق وطني والخروج من انطوائية الحركات المستقلة داخل جامعات محددة". ولعله من أبرز ما دفع الناديين على هذه المبادرة هو "ما شهده تاريخ المجالس الطلابية المنتخبة أو غير المنتخبة في الجامعات، التي بقيت صلاحياتها محدودة ولم يكن لهم التأثير القوي على قرارات إدارية عدة تمس الطلاب"، وفقاً لبابا. في السياق نفسه، تلفت بابا إلى أن هناك مجموعات طلابية في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU وأخرى في جامعة اللويزة NDU، تعمل لأجل تشكيل نوادٍ علمانية مصغرة. كما بادر طلاب من الجامعة اللبنانية الدولية LIU وجامعة الهايكازيان لدعم الشبكة، مع العلم أن الهايكازيان تمنع تشكيل التجمعات السياسية في قانونها الداخلي. ويُلحظ أن الطلاب المستقلين تمكنوا من إثبات وجودهم السياسي في بعض الجامعات وذلك في انتخابات المجالس الطلابية العام الماضي، نذكر منها نجاح 6 أعضاء من النادي العلماني في الجامعة الاميركية  AUB والقديس يوسف USJ 5 أعضاء.

أما فيما يتعلق بالورقة السياسية التي تؤمن بها الشبكة، تلخصها البابا متحدثة عن الواقع الطائفي في لبنان الذي برأي الشبكة كان السبب وراء "تراجع النمو الإقتصادي وإهمال حقوق المرأة وترسيخ العنصرية لا سيما تجاه اللاجئين بالإضافة إلى رفض سياسة تهميش دور أي من الفئات الإجتماعية". وعليه، "فإن للشبكة توجهات علمانية وحقوقية على كافة الأصعدة الإجتماعية والسياسية، إذ  تضمن السعي وراء تحقيق العدالة الإجتماعية ودعم مجتمع الميم والمرأة في لبنان، كما تنظر إلى مفهوم الدولة التي لها وحدها الحق في حمل السلاح". كما تؤكد بابا أنه مع بداية تشكيل النادي العلماني في الجامعة الأميركية، "إصطدمنا مع طلاب يرفضون بعض المبادئ مثل دعم مجتمع الميم والتطرق إلى ملف الأسلحة غير الشرعية، إلّا أننا أكدنا أننا لا نخفض من سقف خطابنا السياسي، مع تأكيد الإستمرار بالحوار مع الجميع دون التراجع عن مبادئنا".

من جهته يعدد باتريك أزرق مجموعات العمل في شبكة مدى والتي يتم إنتخاب ممثليها كل ستة أشهر، وهي مكونة من ستة مجموعات. مجموعة التواصل التي تعمل على نشر المعلومات وتشكيل المؤتمرات والتخطيط لها وتفعيل حضور الشبكة في الإعلام وعلى مواقع التواصل الإجتماعي. مجموعة السياسة التي تضع الرؤية السياسية للشبكة، ومجموعة الإدارة، ومجموعة العمل النقابي التي يقوم دورها على البحث وجمع المعلومات، ومجموعة التوعية outreach ودورها التواصل مع المجموعات  والنوادي الطلابية في كافة الجامعات. أخيراً مجموعة التوجيه Steering group التي وظيفتها إتخاذ القرارات المتصلة بعمل الشبكة.   يقول أزرق أن "الشبكة تعمل على دراسة أوضاع المجموعات الطلابية الراغبة بالإنضمام إلى الشبكة والتأكد من جدية توجهاتها وضمانة أن لا تكون تلك المجموعات تخضع لأي أوراق حزبية لا توائم مبادئ الشبكة".

من جهتها، تعتبر طالبة الحقوق في كلية الحقوق والعلوم السياسية الفرنكفونية Filiere هنادي ناصر أن النوادي العلمانية في الجامعات تمكنت من النجاح  نظراً لحاجة الطلاب المستقلين لمن يمثلهم ويتبنى مطالبهم". أما جان قصير فيؤكد أن الشبكة حالياً تجمع نحو 300 عضواً غالبيتهم منظمون تابعون للنوادي العلمانية ونحو 50 منهم طلاب وطالبات انضموا للشبكة بشكل فردي غير منظم، بالإضافة إلى وجود أعداد أخرى من الداعمين للشبكة".

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني