دعوات للمشاركة في انتخابات المعلّمين رفضاً للمحاصصة التي شلّت النقابة


2022-10-08    |   

دعوات للمشاركة في انتخابات المعلّمين رفضاً للمحاصصة التي شلّت النقابة
من موقع نقابة المعلمين الالكتروني

يخوض المعلمون في المدارس الخاصة يوم الأحد في التاسع من تشرين الأول الجاري انتخابات نقابتهم وذلك في وقت يشهد فيه القطاع التعليمي أزمة غير مسبوقة في ظلّ الانهيار الاقتصادي. الانهيار الذي أفقد رواتب الأساتذة الشهرية والتقاعدية قيمتها وحرمهم من حقّهم في الضمان الصحي، ووضعهم تحت رحمة أصحاب المدارس التي لم يعط بعضها حتى اليوم الدرجات الست المنصوص عليها في قانون سلسلة الرتب والرواتب رقم 46 لعام 2017، التي أصلاً باتت بلا قيمة.

ونتيجة واقع الأساتذة الصعب، يتوقّع إقبال خفيف على الانتخابات وذلك لأنّ عدداً كبيراً من الأساتذة باتوا يحسبون ثمن صفيحة البنزين للوصول إلى مراكز الاقتراع، أو لأنّهم غير متحمّسين لانتخابات نقابة لطالما تحاصصتها أحزاب السلطة وانحازت إلى أصحاب المدارس على حسابهم، أو لأنّ النتائج محسومة سلفاً لصالح السلطة كما يعتبر معظم الأساتذة.

بعد الدورة الأولى لانتخابات المجلس التنفيذي المؤلّف من 12 عضواً، ضمنهم النقيب، والتي عقدت الأحد الماضي ولم يتوفّر فيها النصاب، يتنافس في الدورة الثانية التي تكون قانونية بمن حضر، لائحتان واحدة مكتملة تحت اسم “الصمود النقابي” برئاسة الرئيس السابق لنقابة المعلمين نعمة محفوض وتضمّ 12 مرشحاً بينهم ممثلون عن أحزاب السلطة، ولائحة “صوتك ملكك” غير المكتملة التي تضمّ 6 مرشحات ومرشحاً من مجموعة “نقابيات ونقابيون بلا قيود” برئاسة لونا سمّور.

ليست لائحة لأحزاب السلطة!

يرفض محفوض الذي بقي نقيباً لـ 12 سنة متتالية، وصف لائحته بـ “لائحة السلطة” على الرغم من أنها تضم ممثلين عن أحزابها (الكتائب والقوات والمردة وحركة أمل وتيار المستقبل والجماعة الإسلامية) ويقول في اتصال مع “المفكرة القانونيّة” إنّ لائحته تضمّ 6 نقابيين مستقلّين ومعه يصبحون 7 أي أنّهم الصوت الغالب (المجلس مؤلف من 12 عضواً)، مؤكداً أنّه لا يمكن أن يكون على رأس لائحة لا يكون الصوت الغالب فيها لنقابيين مستقلين.

ويشدد على أنّه لا يمكنه إلّا أن يحافظ على التوزيع اللبناني الطائفي والمناطقي عبر تمثيل تجمّعات المدارس مثل المقاصد والإيمان والمهدي والجمعيات الكاثوليكيّة وغيرها. 

ويشار إلى أنّ التيار الوطني الحر أعلن انسحابه من الانتخابات ترشّحاً وترك لمحازبيه حرّية الاقتراع لمن يجدونه مناسباً.

على رأس قائمة برنامج لائحة “الصمود النقابي” يتحدّث محفوض عن ضرورة الحفاظ على وحدة التشريع بين الرسمي والخاص، مذكراً بأنّ الأستاذ الرسمي حصل العام الماضي على مساعدة اجتماعية قدرها 90 دولاراً وحُرم منها أستاذ المدرسة الخاصة، وبأنّ الموازنة أقرّت زيادة راتب الأستاذ الرسمي ثلاثة أضعاف من دون ذكر أنّ هذه الزيادة تنطبق على الأستاذ في المدرسة الخاصة على الرغم من أنّ رواتب الأساتذة في المدارس الخاصة والرسميّة تخضع لوحدة التشريع.

وفي ظلّ فقدان الرواتب التقاعدية للأساتذة قيمتها، يتطرّق برنامج اللائحة إلى ضرورة الحفاظ على أموال شيخوخة المعلّمين في صندوق التعويضات عبر إجبار الدولة على المساهمة بصندوق تقاعد معلّمي الخاص باعتبار أنّ هذا الصندوق يحمل عن الدولة عبء تغطية شيخوخة الآلاف من العائلات، كما يذكر البرنامج ضرورة العمل على استمرار صندوق التعاضد بتغطية الضمان الصحي للمعلمين.

وفي حين يشير محفوض إلى أنّ زيادة الرواتب ليست حلّاً وإنْ كانت مطلوبة انطلاقاً من أنّ أي زيادة ستفقد قيمتها في ظلّ استمرار الانهيار الاقتصادي وأنّ ما يطلب هو ما يُبقي المعلم على قيد الحياة فقط، يعتبر أنّ المطلوب حل شامل في لبنان لذلك سيسعى من أجل لمّ شمل المعلّمين والتفافهم حول نقابتهم من أجل تثبيت دور نقابة المعلمين على كافة الصعد الوطنية وبشكل فاعل.

ولأنّ نقابة المعلمين لا تستطيع القيام بهذا الدور وحدها سيعمل محفوض وكما يقول على أن تنجح النقابة الجديدة في بناء إطار نقابي موسع يضم النقابات الفاعلة لتعمل معا على إنقاذ البلد واستعادة الدور النقابي.

وتتطرّق لائحة “الصمود النقابي” في برنامجها الإنتخابي إلى أمور تربوية منها ضرورة مساهمة النقابة بكل العمليّة التربويّة من مناهج المركز التربوي والامتحانات والبرامج والتطوير وتفعيل العلاقات مع المنظمات العربيّة والنقابات الدوليّة.

برنامج الطوارئ 

تتفق لائحة “صوتك ملكك” في برنامجها الانتخابي في عدد من النقاط مع برنامج اللائحة المنافسة ولا سيّما في العناوين الملحّة المتعلّقة بقيمة الرواتب وصندوق التعاضد وتعويضات المتقاعدين وذلك منطقي لأنّ الأوضاع الاقتصادية جعلت هذه العناوين ملحّة، ومن هنا تعتبر سمّور أنّ برنامج “نقابيون ونقابيات بلا قيود” هو برنامج الطوارئ بحكم المرحلة وإلاّ فالأمور التي يجب العمل عليها في القطاع التعليمي كثيرة.

في الأولويات، يركّز برنامج لائحة “صوتك ملكك” على موضوع اعتماد سلّم متحرّك للرواتب ولبدل النقل يتناسب مع قيمة التضخّم بصيغة تضمنها القوانين المرعية الإجراء. 

وترى سمّور أنّ الحلول التي تطرحها المدارس كدفع جزء من الراتب بالدولار الطازج أو غيرها لا تشكل، على ضرورتها، حلاً مستداماً لأنّها غير مقوننة وتخضع لاستنسابية تضرب مبدأ العدالة والمساواة بين المعلمين.

ويتراوح الأجر الشهري للأستاذ في المدارس الخاصة كما المدارس الرسمية حسب سلسلة الرتب والرواتب (بحكم وحدة التشريع) بين مليون و60 ألف ليرة و4 ملايين ونصف المليون.

 وكانت بعض المدارس الخاصة عمدت إلى إعطاء نسبة من الراتب أو مبلغ ثابت سنوياً بالدولار أو احتساب الراتب على سعر صرف أعلى من الرسمي.

وترى سمّور أنّ هذه الإجراءات التي قامت بها المدارس، على أهميتها، لا تشكل حلاً مستداماً ولا سيّما أنها غير مقوننة وتخضع لاستنسابية المدارس، ما يطيح بمبدأ العدالة والمساواة بين الأساتذة.

وفي الأمور المعيشيّة أيضاً، يتطرّق برنامج “صوتك ملكك” إلى ضرورة استعادة قيمة أموال صندوق التعويضات المحتجزة في المصارف والتي خسرت قيمتها، عبر إعادة  العمل مع أصحاب الاختصاص والخبرة وباقي النقابات من أجل إيجاد الطرق الناجعة والانضمام إلى كافة التحركات والمبادرات الساعية إلى حفظ  قيمة معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة التي تخص عشرات آلاف العائلات والتي لم تكن يوماً منّة بل اقتطعت من معاشاتهم على مدى سنوات الخدمة.

ونشير سمّور إلى أنّ صندوق التعاضد قام ببعض الإجراءات ليعزز التغطية الصحيّة ولكن التغطية الجيدة تكلّف الأساتذة مبالغ فوق طاقتهم.

إضافة إلى الهمّ المعيشي، يتحدّث البرنامج عن ضرورة تحديث بعض القوانين منها تلك التي تسمح للمدرسة بالاستغناء عن خدمات الأستاذ من دون تعويض طالما أبلغته نهاية شهر تموز مع العلم أنّ المدارس غالباً ما توظّف أساتذتها نهاية حزيران، أي أنّ هذا القانون يضيّع على الأستاذ عاماً كاملاً حتى يجد مدرسة أخرى، بالإضافة إلى المواد التي تسمح للمدرسة أن توقف دفع راتب المعلم أو تصرفه بعد 3 أشهر من المرض بدون أي ضوابط كالأقدمية أو نوع المرض.

كما يتطرّق البرنامج إلى القانون الحالي الذي يسمح  للمدرسة أن توظّف المعلم الحائز على البكالوريا فقط ما يحرم الحائزين على الشهادات العليا من الحصول على فرصة عمل، وقانون التقاعد الذي ينص على شرطين متلازمين (30 سنة خدمة و55 سنة للعمر) للحصول على المعاش التقاعدي ما يشكل بحسب “نقابيات ونقابية بلا قيود” إجحافاً كبيراً للمعلمين الذين يرغبون في الحصول على تقاعد مبكر، والقانون الذي يحرم المعلمة العزباء من أن تحصل على تعويضها إلّا بعد انقضاء 25 سنة خدمة، ما يشكل إجحافاً كبيراً للمعلمات العازبات إذا رغبن في الاستقالة.

ولأنّ تحاصص الأحزاب المقاعد النقابية شلّ العمل النقابي، تطرّق البرنامج إلى ضرورة تعزيز استقلالية العمل النقابي الحر عبر وضع ضوابط على المرشحين فيكون الترشيح والانتخاب وفق المعايير النقابية لا الحزبية، وضرورة حماية حقّ الأستاذ  في الإضراب من دون التعرّض للمساءلة أو المحاسبة من مدرسته.

وفي هذا الإطار تشير سمّور إلى أنّ النقابة بشكلها الحالي هي عبارة عن ممثلين لأصحاب المدارس والأحزاب والطوائف وبالتالي لم تكن يوماً منحازة للأستاذ بل إلى من تمثّل، معتبرة أنّ المشكلة ليس بوجود مديرين ممثلين للمدارس كما جرت العادة. فالمدير قد يكون أستاذاً أيضاً، بل المشكلة أنّه يعيّن من المدرسة ولا ينتخب من الأساتذة فيكون ممثّل المدرسة في اللجنة وليس ممثلّ من يجب أن يمثّلهم أي الأساتذة.

يأمل المتنافسون أن يحرّض واقع الأساتذة المرير على المشاركة في الانتخابات “هناك قسم من الأساتذة الذي يرفض المحاصصة نأمل مشاركته، كما أنّه وبحكم الأزمات قد تكون هناك ردّة فعل تتمثّل برغبة في التغيير، نأمل ذلك” تقول سمّور من دون أن تنفي أنّ بعض الأساتذة مصابون بالإحباط واليأس وقد لا يرغبون في المشاركة في الانتخابات، هذا بالإضافة إلى تحوّل كلفة بدل النقل إلى عائق أمام المشاركة في العمليّة الانتخابيّة “الأحزاب لديها القدرة على تأمين باصات، لديها إمكانيات وهذا يلعب أيضاً دوراً” تضيف.

الأمر نفسه يكرّره محفوض مشيراً إلى أنّ هناك محاولات لتأمين باصات لنقل الأساتذة إلى مراكز الاقتراع وإلى أنّ الأساتذة شاهدوا كيف أدّى خطف الأحزاب للنقابة خلال السنوات الأربعة الماضية إلى شلّ عملها، الأمر الذي يأمل محفوض بأن يشجّعهم على المشاركة من أجل التغيير، على حد تعبيره.

ويُشار إلى أنّ عدد الأساتذة المسجلين في النقابة 12 ألفاً من أصل حوالي 35 ألف أستاذ يمارسون مهنة التعليم في المدارس الخاصة حسب محفوض. ومنذ 2019، هاجر أو ترك التعليم حوالي 5 آلاف أستاذ في التعليم الخاص.

وكان اليأس والإحباط وهجرة الأساتذة واضحاً أيضاً في تراجع الإقبال على الترشّح حتى إنّ “نقابيون ونقابيات بلا قيود” لم يتمكّنوا من تأليف لائحة مكتملة مثل لائحة العام الماضي (11 مرشحاً).  ويشار إلى انتخابات نقابة المعلمين لم تجر العام الماضي بعدما تنبّهت وزارة العمل بعد ثلاثين عاماً من إشرافها على انتخابات نقابة المعلّمين أنّ النقابة تنظّم أمورها منذ تأسيسها بلا قانون داخلي، وبالتالي لا إمكانية لإجراء أيّ انتخابات قبل إقرار هذا القانون والمصادقة عليه، واتهمت حينها الوزارة بتسييس الانتخابات.

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، أحزاب سياسية ، نقابات ، الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني