“خليل” يترجم توصية المجلس الدستوري بصورة مجتزأة: حفظ أوراق انتخابات رئاسة الجمهورية دون رئاسة مجلس النواب


2023-08-24    |   

“خليل” يترجم توصية المجلس الدستوري بصورة مجتزأة: حفظ أوراق انتخابات رئاسة الجمهورية دون رئاسة مجلس النواب
رسمة رائد شرف

قدّم النائب علي حسن خليل في تاريخ 13 تموز 2023 اقتراحا يرمي إلى تعديل المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب بحيث لا يتمّ إتلاف أوراق الاقتراع فورا كما جاء في النصّ الحالي لكن بعد مرور أربع وعشرين ساعة تعقب إعلان النتائج. ويضيف الاقتراح أنّه في حال الطعن بانتخاب رئيس الجمهورية أمام المجلس الدستوري، يجب حفظ أوراق الاقتراع لحين صدور قرار هذا الأخير. وتشرح الأسباب الموجبة الغاية من هذا الاقتراح إذ تعتبر “أن إجراء التحقيقات في أيّ طعن يتطلب مراجعة أوراق الاقتراع” ما يوجب حفظها وعدم تلفها مباشرة بعد الانتهاء من جلسة الانتخاب.

ويأتي هذا الاقتراح ترجمة للتوصية التي أصدرها المجلس الدستوري بتاريخ 11 تموز 2023 حول الموضوع نفسه، وإنما بصورة منقوصة بحيث حصرها بحفظ أوراق انتخاب رئيس الجمهورية من دون التطرق إلى حفظ الأوراق المتصلة بانتخاب رئيس مجلس النواب. وكانت المفكرة القانونية ناقشت هذه التوصية في مقال خاص حول ضرورة عدم إتلاف أوراق الاقتراع فورا من أجل تمكين المجلس الدستوري من ممارسة رقابته بشكل فعال وضمان نزاهة العملية الانتخابية.

وإذا كنا نكتفي بالإحالة إلى هذه المقالة من أجل تحليل مضمون الاقتراح الحالي، لكن من الضروري إبداء بعض الملاحظات الإضافية عليه. وأبرزها الآتية:

اقتراح تعديل النظام الداخلي ليس اقتراح قانون

الاقتراح الذي تقدم به النائب علي حسن خليل يحمل عنوان “اقتراح قانون معجل مكرر”، كذلك الأسباب الموجبة تستعيد هذه الصفة إذ تشير أن هذا الاقتراح يدخل ضمن فئة اقتراحات القوانين المعجلة المكررة.

ولا شك أن هذا التوصيف هو خطأ شائع يقع فيه العديد من النواب كون النظام الداخلي لا يدخل ضمن فئة القوانين ولا يتعلق بصلاحيات مجلس النواب التشريعية. وبالتالي لا يمكن منح اقتراح تعديل النظام الداخلي صفة القانون نظرا لعدم توفر الشروط الدستورية التي تنطبق على القوانين، ولعل أبرزها ضرورة إصدار رئيس الجمهورية للقانون الذي يقره مجلس النواب، بينما النظام الداخلي لا يصدره رئيس الجمهورية ولا علاقة للسلطة التنفيذية فيه بأي شكل من الأشكال.

وتنسحب هذه الملاحظة على المادة الثانية من الاقتراح التي تنص على التالي: “يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية”. فمن الناحية الشكلية لا توجد ضرورة لنشر تعديلات النظام الداخلي في الجريدة الرسمية، هذا فضلا عن كون هذا التعديل لا يدخل ضمن فئة القوانين كما شرحنا أعلاه. 

لا أصول مستعجلة لتعديل النظام الداخلي للمجلس 

نقطة إضافية مهمة يجب التشديد عليها تتعلق حتى بصفة الاستعجال المكرر نفسها. فاقتراح تعديل النظام الداخلي لا يندرج ضمن فئة اقتراحات القوانين وبالتالي لا يمكن تقديمه بصفة الاستعجال المكرر. لكن عدم وجود أصول خاصة في النظام الداخلي حول كيفية تعديله وإلغاء لجنة النظام الداخلي سنة 2000 بات يحتم طرح كل اقتراح حول النظام الداخلي مباشرة على الهيئة العامة من دون دراسته في اللجان مسبقا بسبب عدم وجود لجنة مختصة. لذلك بات يتمّ تقديم اقتراحات تعديل النظام الداخلي تحت فئة “المعجل المكرر” الخاصة بالقوانين كي يطرح الأمر مباشرة على مجلس النواب ومن خارج جدول الأعمال، أي أن المسار برمته بات رهينة مشيئة رئيس مجلس النواب الأحادية. وهو الأمر الذي يعيد التذكير بضرورة تعديل النظام الداخلي وإعادة استحداث لجنة خاصة تتولى دراسة كل الأمور المتعلقة بالنظام الداخلي.

ماذا عن انتخابات رئيس مجلس النواب؟ 

أما في المضمون، فإن الاقتراح جاء منقوصا بحيث أنه حصر حفظ أوراق الاقتراع في حال تم الطعن بانتخاب رئيس الجمهورية وذلك خلافا لتوصية المجلس الدستوري. إذ أن صلاحية هذا المجلس تشمل انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب عملا بالمادة 19 من الدستور والمادة 23 من قانون انشاء المجلس الدستوري الصادر في 14 تموز 1993. لذلك يكون الاقتراح منقوصا كونه لا يشير أيضا إلى ضرورة حفظ أوراق الاقتراع عند انتخاب رئيس مجلس النواب ما يجعله مخالفا للدستور ولقانون إنشاء المجلس الدستوري وتوصية المجلس الذي ادّعى الاقتراح تلبيتها على حدّ سواء.

يمكنكم هنا الاطلاع على اقتراح تعديل المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب

انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، إقتراح قانون ، لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني