خطة طوارئ للكهرباء تحت إشراف لجنة وزارية: 41 منطقة تحتاج إلى “خطة أمنية استثنائية” لنزع التعدّيات


2023-01-20    |   

خطة طوارئ للكهرباء تحت إشراف لجنة وزارية: 41 منطقة تحتاج إلى “خطة أمنية استثنائية” لنزع التعدّيات

انتهتْ أزمة إدخال بواخر الفيول بعد إقرار سلف الخزينة المطلوبة في مجلس الوزراء، والتي تبلغ قيمتها 306 مليون دولار. إلا أنّ هذه الأزمة يمكن أن تتكرّر في أيّ وقت. فالمجلس لم يُوافق بشكل نهائيّ سوى على سلفة واحدة بقيمة 62 مليون دولار لتغطية شراء 66 ألف طن من الغاز أويل وعلى 54 مليون دولار بدل كلفة عقود التشغيل والصيانة وقطاعيْ النقل والتوزيع. بالمقابل، ترك أمر الموافقة على سلفتيْن بقيمة 42 مليون دولار (لتغطية شراء كمية 28 ألف طن من الفيول أويل من شركة فيتول البحرين) و142 مليون دولار (لتأمين اعتمادين مستندييْن أو أكثر مؤجّليْ الدفع لستة أشهر لتغطية شراء كمية 66 ألف من دون  مادة الفيول أويل وكمية 102 ألف طن من مادة الغاز أويل)، وهي سلفتان معلّقتان على موافقة لجنة وزارية يرأسها رئيس مجلس الوزراء رئيساً وتضمّ نائب رئيس الحكومة ووزراء الطاقة والمالية والأشغال والدفاع والداخلية والعدل والثقافة والسياحة والصناعة. وقد أنيط بهذه اللجنة تقييم مراحل تنفيذ خطة الطوارئ لقطاع الكهرباء وتأمين مرتكزات تطبيقها، على أن تقدم مؤسسة كهرباء لبنان لها تقريراً دورياً يتضمن عرضاً لسير الأعمال وتطوّر تنفيذ خطة الطوارئ، لاسيما في الشق المتعلق بالجباية ووجهة إنفاق السلف. هذا يعني ببساطة أنّ أي خلاف سياسي يمكن أن تكون نتيجته عرقلة حصول المؤسسة على سلفة.

بعد أن نشرت المراسيم في عدد خاص من الجريدة الرسمية تجنباً للمزيد من غرامات تأخير تفريغ البواخر (طلب المجلس من وزير الطاقة مفاوضة الشركة بهدف إعفاء لبنان من الغرامات)، سيوقع وزير المالية على السلفة التي أقرت على أن يصدر مصرف لبنان بعدها اعتماداً مستندياً مؤجل الدفع لمدة ستة أشهر. بعد ذلك، ستبدأ إجراءات إفراغ الباخرة، التي يفترض أن تحسّن التغذية بشكل طفيف، بعدما شهدت بعض المناطق انقطاعاً مستمراً للكهرباء منذ ثلاثة أيام. أضف إلى أنّ المؤسسة لم تتمكّن من تأمين التغذية للمرافق الرئيسية كلها، إذ لم يزد الإنتاج عن 90 ميغاواط (30 ميغاواط من معمل الزوق القديم و60 ميغاوط من المعامل المائية)، فيما يحتاج استقرار الشبكة لألف ميغاواط في الحد الأدنى. وأكثر من ذلك، فإن مخزون الفيول الحالي لا يكفي لأكثر من ثلاثة أيام، حتى بوتيرة الإنتاج الحالية.

في الجلسة التي أقرّت فيها خمسة مراسيم تتعلق كلها بقطاع الكهرباء، قدّم المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك الذي حضر برفقة عضو مجلس الإدارة طارق عبدالله (دعي كل أعضاء مجلس الإدارة إلى الجلسة ولم يعطهم وزير الطاقة الإذن بالحضور إلا قبل يوم من انعقاد الجلسة) مطالعة ذكر فيها أن المسألة ليست مسألة سلفة وحسب بل هي تتعلق بتنفيذ خطة متكاملة سبق أن تم تنسيقها مع البنك الدولي، وتعتمد على 3 ركائز: 

  • التزام مصرف لبنان بتحويل كل ما يصله من أموال من المؤسسة إلى الدولار حتى لو كان ذلك وفق ما أعلنه مصرف لبنان، أي على سعر صيرفة زائد 20 %. 
  • رفع التغذية إلى ما بين 8 و10 ساعات بما يسمح للمشتركين بالتخلّي عن المولدات، ويسمح بالتالي بتخطّي الاستهلاك عتبة ال 100 كيلو واط المسعّرة على أساس 10 سنت للكيلو واط، بما يزيد من نسبة التسعير على سعر 27 سنتاً، ويحقق بالتالي التوازن المالي المنشود.
  • المؤازرة الأمنية لعمليات نزع التعديات وتخفيض العجز غير الفني. وفي هذا الصدد كان لافتاً أن حايك أبلغ مجلس الوزراء أنه لا يمكنه التعهّد بإعادة السلفة قبل تعهّد الجهات المعنية، أي وزارات الداخلية والدفاع والعدل بشكل خاص، بدعم المؤسسة لنزع التعديات وتخفيف الهدر. وقد وزّع حايك على الوزراء خارطة القرى والأحياء التي يتطلب نزع التعديات فيها إلى “خطة أمنية غير اعتيادية بمؤازرة كثيفة من الجيش وقوى الأمن الداخلي” (8 قرى في الشمال و32 قرية في البقاع، إضافة إلى حي في بيروت)، مشيراً إلى أن مجموع الطاقة المستهلكة في هذه المناطق يبلغ 191.5 ميغاواط مقابل 158 ميغاواط من الطاقة المهدورة. 

وفيما يدرك الوزراء أن مؤسسة كهرباء لبنان غير قادرة على تسديد السلفة خلال عام (يتطلب زيادة المدة عن 12 شهراً موافقة مجلس النواب)، يُتوقع أن تحول هذه السلفة لاحقاً إلى قرض طويل الأمد، علماً أن وزارة الطاقة كانت أشارت في كتابها إلى مجلس الوزراء أن مجلس إدارة المؤسسة كان قد رأى في قراره الصادر في آب أن السبيل الأنسب لنجاح الخطة وعدم إرهاق مالية المؤسسة يكمن في إصدار مساهمة أو قرض لتغطية الاحتياطات وأن وزارة المالية لم تر حلاً سريعاً لتأمين التمويل الضروري إلا عبر إصدار سلفة خزينة لا تتخطى 12 شهراً. 

تجدر الإشارة إلى أن خطة الطوارئ كانت مبنية على أساس الحصول على 600 مليون دولار لتأمين 8 إلى 10 ساعات تغذية في اليوم. لكن عندما خفّض مصرف لبنان المبلغ إلى 300 مليون دولار، انخفض معدّل التغذية المفترض إلى ما بين 4 و5 ساعات تغذية يومياً، إلا أن مصادر المؤسسة لا تزال غير قادرة على ضمان حتى هذا القدر المتدني من التغذية. فتفريغ الشحنة الأولى سيُساهم في رفع التغذية لكن من دون التمكّن من تأمين ثبات التغذية قريباً. كما أن إشكالاً آخر لم تحسمه المؤسسة بعد. فإذا كانت قد بدأت تطبيق التعرفة الجديدة في الأول من تشرين الثاني، وإذا كان مقرراً بدء الجباية في شهر شباط، فإن هذه الفواتير لن تُشكّل سوى أعباء إضافية على الأُسر التي بدلاً من أن تتخلّص من فواتير المولّدات مقابل زيادة التغذية والتعرفة الرسمية، ستكون مضطرة إلى دفع فواتير المولدات المرتفعة أصلاً إلى جانب فواتير الدولة التي تبلغ قيمة المبلغ المقطوع فيها نحو 400 ألف ليرة شهرياً، ويضاف إليها كلفة الاستهلاك. 

وفيما لم تقرر كهرباء لبنان كيفيّة التعامل مع الأمر، عاد الحديث عن احتمال تفعيل استجرار الغاز المصري إلى لبنان، انطلاقاً من أن تمويل البنك الدولي لعقود الغاز المصري والكهرباء الأردنية كان مشروطاً بعودة التوازن المالي إلى المؤسسة بالتوازي مع إجراء التدقيق المطلوب في ماليتها، وكذلك تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء. وبالتالي، فإن رفع التغذية وتخفيف الهدر يشكلان إشارة إيجابية لتحرّك ملف الغاز. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، مؤسسات عامة ، تشريعات وقوانين ، مرسوم ، قرارات إدارية ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني