حوار مع محمد الشريف فرجاني حول “جمهوريّة سعيّد الجديدة”: مشروع ثورة محافظة تلغي البُعد الديمقراطي للثورة التونسيّة


2022-09-28    |   

حوار مع محمد الشريف فرجاني حول “جمهوريّة سعيّد الجديدة”: مشروع ثورة محافظة تلغي البُعد الديمقراطي للثورة التونسيّة


إذا كانت القراءة القانونيّة التفصيليّة والتقنيّة لنصّ دستور سعيّد ضروريّةً، فهي لا تقوم مقام القراءة السياسيّة التي تضع النصّ في سياقه التاريخي الوطني والعالمي، وتبحث عن تأصيله الفكري وتسائلُ موازين القوى التي قادتْ إليه. وبحثًا عن هذه القراءة، التقتْ المفكرة القانونية، بتاريخ 1 سبتمبر 2022، بمحمد الشريف فرجاني، أستاذ العلوم السياسيّة بجامعة ليون 2 بفرنسا، المختصّ في قضايا علاقة الديني بالسياسي، والسجين السياسي بين 1975 و1980 على خلفيته نضاله في حركة آفاق- العامل التونسي اليساريّة. بالإضافة إلى المقالات العلميّة، نشر فرجاني العديد من الكُتب، آخرها الصادر بالفرنسيّة بعنوان “النيوليبراليّة والثورة المحافظة” (نيرفانا، 2021) (المحرّر).

المفكرة القانونيّة: ماهيَ قراءتك، بصفة عامّة، لدستور قيس سعيّد، في الشكل والمضمون؟

الشريف فرجاني: أودّ الانطلاق من ملاحظةٍ هامّة. مقاربتي هي مقاربةٌ أكاديميّة، وأنا أفضّل دائمًا الحفاظ على المسافة التي تقتضيها هذه المقاربة. هناك بالأساس نوعان من الدساتير: النوع الأول هو الدساتير التي تهدف إلى تقييد نفوذ القائمين بالحكم، عبر الفصل بين السلطات لكي تحدّ بعضها البعض، والتأكيد على أولوية حقوق الإنسان والمواطنة، التي على السلطة، أيّا كانتْ، ضمانها واحترامها. ومن ضمن هذه الحقوق، الحريات الأساسية، الفردية والجماعية، الضرورية لمشاركة المجتمع في تقرير مصيره بنفسه. هذه الخصائص هي من مقوّمات الدساتير الديمقراطيّة، بغضّ النظر عن طبيعة نظام الحكم (ملكية دستورية، جمهورية برلمانية، جمهورية رئاسية أو مزيج بين النظاميْن البرلماني والرئاسي). النوع الثاني من الدساتير هي تلك التي هدفها الأساسي إطلاق نفوذ القائم بالسلطة، باعتباره صاحب السيادة، باسم الشعب أو باسم الله أو أيّ سلطةٍ علويّةٍ أخرى. فلا شيء يجب أن يحدّ من قدرته على اتّخاذ القرارات وعلى إنفاذها بحزم. وهي بذلك مناقضةٌ للديمقراطيّة.

دستور قيس سعيّد ينتمي للصنف الثاني من الدساتير، الذي يتطابق مع فكر كارل شميت. وقد سبقَ لي أن أشرْتُ إلى العلاقة بين نظريّات هذا المفكّر وتصوّرات قيس سعيّد منذ ترشّحه للرئاسة. شميت هو صاحب كتاب “نظرية الدستور” الصادر سنة 1928، أي بعد استيلاء موسوليني على السلطة وقبل قيام هتلر بنفس الشيء. وقد نظّر لهذيْن الانقلابيْن على الديمقراطية الناشئة في إيطاليا وألمانيا. فهو يعتبر أنّ صاحب السيادة (souverain) هو من بيده تقرير حالة الاستثناء، من دون أيّ تقييد سواء بالمداولات البرلمانية أو بضغط الأحزاب والمجتمع المدني، التي يرى فيها إضعافًا للسلطة. ولا يمكن أن نفهم طبيعة دستور قيس سعيّد دون أن نعود إلى تصوّرات كارل شميت، سواء في طريقة التأسيس أو في مضمونه. كارل شميت عندما كتب نظرية الدستور كان يتحدث عن “الدولة الجديدة”، ونموذجه هو ما يسميه ب “الديمقراطية التسلطيّة”  (démocratie autoritaire)، التي تتحوّل فيها ممارسة الشعب لسيادته، إلى إعلان ولائه وتأييده للقائد الذي أدرك كنْه هوية الشعب وتاريخه، في نوعٍ من “ديمقراطية الولاء والتأييد” (démocratie plébiscitaire). حديث سعيّد وأنصاره عن “الجمهورية الجديدة”، وهو شعارٌ نجده أيضا عند عبد الفتاح السيسي، يذكّر، شعارًا ومضمونًا، بـ”الدولة الجديدة” التي نظّر لها شميت. فمن حيث الشكل، جاء الدستور بقرارٍ من الرئيس الذي قرّر وحده حالة الاستثناء. ومن حيث المضمون، قام النصّ بإطلاق نفوذ صاحب السيادة على حدّ تعبير كارل شميت، من دون أن يكون لأحدٍ حقّ مساءلته ومحاسبته لأنه وحده قادرٌ على معرفة ما يريده الشعب.

المفكرة: لكن ألا تتميّز حالة الاستثناء التي يعرّف من خلالها شميت السيادة، مع الوضعيّة المؤطرة دستوريّا، كما في الفصل 80 من دستور 2014 الموافق للفصل 48 من دستور جمهورية فايمار، بحيث أنّ الأولى نافية لكلّ النظام القانوني وهي تأسيسيّة بطبعها، وهي بذلك دكتاتورية سياديّة، في حين أنّ الثانية تبقى خاضعة للشروط والحدود الدستورية، وهي بذلك دكتاتورية مفوّضة؟ إلى أيّ مدى يمكن اعتبار المسار التأسيسي لسعيّد تطبيقًا لنظرية شميت، وذلك على افتراض أنّ قيس سعيّد قرأ له أصلًا، وهو ابن المدرسة القانونية الكلسينيّة (نسبة لهانس كلسن)؟

فرجاني: أنا لا أعرف قيس سعيّد. والمشكلة أنّه لم يكتبْ كثيرًا وبالتالي لا يمكن أن نعتمد على كتاباته كي نعرف مدى اطلاعه على نظريّة شميت. السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل أنّ في ما يقوله وفي ما يمارسه قيس سعيّد منذ استلامه السلطة، تلاقٍ مع ما جاء في نظرية كارل شميت أم لا؟  قد يكون قيس سعيد لم يقرأ شميت، ولكن ربّما يوجد حوله أشخاصٌ متأثّرون بنظرية شميت، سواءً من اليمين القومي أو الديني، أو من اليسار. حيث أنّنا نجد تأثيرًا لكارل شميت لدى من نظّروا للشعبويّة اليساريّة مثل طوني نغري وشانطال موف، في ما يتّصل بنقد الديمقراطية الليبرالية الشكلية، الخ. وشميت هو مرجعٌ للحركات الشعبوية الرافضة للديمقراطيّة التمثيليّة وهو مرجعٌ لقوى أقصى اليمين وكلّ تعبيرات “الثورة المحافظة” المدافعة عن سيادة الرجل الأبيض في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية. وسواء قرأ قيس سعيّد كارل شميت أو لم يقرأه، فإنّ طريقة وضع الدستور الجديد، والنظام السياسي الذي يؤسس له، يلتقيان مع ما نظّر له شميت، أي تجسيد السيادة في شخص القائد الذي يعتبر نفسه ممثّلا لإرادة الشعب وصوته الأوحد.

دستور سعيّد هدفه إطلاق نفوذه طبق نظرية شميت وإذًا غير ديمقراطي

المفكرة: من بين أكثر ما أثار جدلًا في الدستور، الفصل الخامس، الذي يعتبر تونس “جزءًا من الأمة الإسلاميّة” ويُوجب على الدولة “العمل على تحقيق مقاصد الإسلام”، والتي لا تختلف، حسب تصريحات سعيّد نفسه، عن مقاصد الشريعة. هل يمثّل قيس سعيّد بهذا الشكل تعبيرة سياسيّة جديدة للإسلام السياسي؟

فرجاني: قبل أن أجيب على هذا السؤال أودّ الإشارة إلى خاصية من خصائص الدساتير غير الديمقراطيّة. فهي عوض أن تركّز على تحديد هوية الدولة، أي طبيعتها وأهدافها، تتعدى ذلك إلى تحديد هوية الشعب، التي لا يمكن تحديدها لأنّها مفتوحة على التطوّر عبر التاريخ وحسب الظروف، وهي في حركية دائمة. الأنظمة الكليانية هي التي تسعى لضبط هويّة الشعب، وفي ذلك خطرٌ على الحريات والحقوق، التي تصبح مقيّدة بهويّة “الأمّة”، سواء من منظورٍ قوميّ عرقيّ أو من منظورٍ دينيّ.

من هذه الزاوية، دستور قيس سعيد ينخرط ضمن الدساتير غير الديمقراطية التي تعوّم هوية الدولة في هوية الشعب، وهو ليس استثناءً. كل الدساتير التي وضعتها البلدان العربية والإسلامية بعد استقلالها شعرت بالحاجة إلى تحديد هوية الشعب خوفًا من النزعات القبليّة والعرقيّة والدينيّة، فهي ترى في الاختلاف خطرًا لا ثراءً.

صحيحٌ أن قيس سعيّد لا يفرّق بين مقاصد الإسلام ومقاصد الشريعة، لأن الشريعة في الأصل تعني الدين. ولم تختزل في الفقه وفي القوانين المبرّرة باسم الدين إلا منذ القرن 19، وبالتالي ليس هناك فرقٌ بين مقاصد الشريعة ومقاصد الإسلام. ومن خلال الفصل الخامس من دستوره، حقّق قيس سعيد ما عجزتْ النهضة وحلفاؤها عن تحقيقه بين 2011 و2013. وقد نجح في ذلك بفضل احتكار السلطة وفرض خياراته الفرديّة، وازدرائه، مثل شميت، للمداولات البرلمانيّة ولدور الأحزاب ولكلّ تمشٍّ تشاركيّ مع أيٍّ كان. أمّا من ارتضوا المشاركة في هذه المهزلة، مثل الصادق بلعيد وأمين محفوظ ومحمد صالح بن عيسى وغيرهم من الذين ظنّوا أنه بإمكانهم التأثير على قرار الرئيس، فقد اكتشفوا، بعد فوات الأوان، كم كانوا واهمين.

الفصل الخامس من الدستور، بالإضافة إلى التمشي العامّ الذي يعتمده سعيّد، يؤكّد العلاقة بين تعبيرات الثورة المحافظة، التي يمثّل كلٌّ من سعيّد والإسلام السياسيّ وجهين لها. فالثورة المحافظة اتّخذت منذ ظهورها في فترة ما بين الحربيْن العالميّتيْن، أشكالاً متنوّعة، منها تعبيراتٍ دينيّةً محافظة، وتعبيراتٍ قوميةً شوفينيةً محافظة، وأخرى تجمع بين الإثنين؛ كما هو الحال اليوم في روسيا والمجرّ وبولونيا وحتّى في الولايات المتحدة وكذلك في الهند. ويندرج توجّه قيس سعيد في هذه التعبيرات التي تجمع بين الهوية القومية المحافظة والهوية الدينية السلفيّة. والصراع بين سعيّد والنهضة هو صراعٌ بين توجّهيْن وتعبيرتيْن للثورة المحافظة، والعداء بينهما من قبيل ما يعبّر عنه المثل التونسي، “صاحب صنعتك عدوّك”. المسألة إذن ليست في انتماء قيس سعيّد أم لا إلى الإسلام السياسي، وإنما في علاقته بالثورة المحافظة التي تجمعه مع حركة النهضة على الرغم ممّا بينهما من عداء. يكفي، كي نفهم ذلك، أن ننظر إلى ما يجري اليوم في مصر، وما جرى سابقًا مع الحركات القومية الشوفينية في العالم العربي، التي قامتْ على أساس معاداة الحركات الدينية وانتهت عبر سيّاسة “سحب البساط” إلى تحقيق مطالب “الإسلام السياسيّ” من دون حركات “الإسلام السياسيّ” أو على حسابها.

الدساتير غير الديمقراطية تركز على تحديد هوية الشعب وليس هوية الدولة

المفكرة: هل يعكس دستور سعيّد، باعتباره تونس “جزءًا” من الأمّة العربيّة ومن الأمّة الإسلاميّة، إنكارًا لفكرة “الأمّة التونسية”؟

فرجاني: المشكلة ليست في الاعتراف أو بلا وجود “أمّة تونسيّة”. وبورقيبة كان يتحدث عن الأمة التونسية والأمة العربية والأمة الإسلامية في نفس الوقت. صحيحٌ أنّ سعيّد حصر انتماء تونس في البعد العربيّ والإسلامي، فلم يتحدّث عن انتماء تونس للمتوسّط أو إلى أفريقيا، فضلاً عن تجاهل الانتماء الإنساني والكوني. السؤال الأهمّ: هو هل أن الشعب التونسي له حقّ تقرير مصيره بنفسه ديمقراطيًا أم لا. أنا أعتقد أنّه، في دستور سعيّد، وفي سياساته وتوجّهاته، ليس للشعب التونسي الحقّ في تقرير مصيره بطريقة ديمقراطية. وكما سبق لفيكتور هيجو أن قال: “الشعب والله وقع دائما الكلام باسمهما”. من خصائص قيس سعيّد أنه يتكلم على الدوام باسم الله والشعب والتاريخ، ولكنّه لا يصغي إلا لنفسه ولا يقول ولا يقرّر ولا يفعل إلا ما يريد هو. فلا وجود إلاّ لسلطته هو، بقطع النظر عن مسألة “الأمّة” التي لا تغيّر في الأمر شيئًا.

المفكرة: يبدو النظام السياسيّ لدُستور سعيّد مستوحًى بشكلٍ مباشر من دستور 1959 في نسخته الأكثر رئاسويّة. في الآن ذاته، نجد من بين أبرز داعميه، لا فقط الأجهزة الصلبة للدولة، وإنما أيضا رموز تاريخية لنظام بن علي. هل أنّ سعيّد هو بصدد الانتصار للثورة و”تصحيح مسارها” كما يقول، أم أنّ ما يجري الآن هو تصفيّة لها عبر تفكيك أبرز منجزاتها، وهي الحريات العامّة والفصل بين السّلط؟

فرجاني: علاقة قيس سعيّد بالثورة هي نفس علاقة النهضة بها، علاقة لاحقة، بدأت بعد رحيل بن علي وبعد تحوّل الثورة إلى واقع. لا يُعرف لقيس سعيد قبل 2011 أيّ إسهام في النضال ضدّ دكتاتورية بن علي، بل إنّه انخرط، كمدرّسٍ للقانون الدستوريّ، في التبرير للتمديد لبن علي لولايات رئاسيّة جديدة (عبر التعديل الدستوري لسنة 2002). وحركة النهضة أيضا لم تشارك في الثورة، بل كانت تبحث عن خيوطٍ لإعادة الربط مع النظام في السنوات الأخيرة. ثمّ عندما أصبحت الثورة واقعًا، لا يمكن كسب مشروعيّة سياسيّة من دون الاعتراف بها وتبنّيها. اندرج فيها سعيّد، مثله مثل الإسلام السياسي، لا للعمل على تحقيق أهدافها وإنما لإفراغها من محتواها والارتداد عليها ولو بالاعتماد على أجهزة نظام بن علي ورموزه. النهضة أيضا اعتمدتْ ليس فقط على أجهزة “الدولة العميقة” التي كانتْ تدّعي محاربتها، بل على محمد الغرياني آخر أمين عام للتجمع الدستوري الديمقراطي وعلى الكثيرين من أمثاله. وقيس سعيّد يحمل شعار الثأر للثورة من عشريّة الانتقال الديمقراطي التي تنكّرت لها، ولكنه بصدد القضاء على منجزاتها. فهل أصدر، منذ احتكاره كلّ السّلط، قرارًا واحدًا في اتجاه تحقيق أهداف الثورة المرتبطة بالشغل والكرامة والحريّة؟ إنّ مدار كلّ قراراته هو تركيز سلطة فرديّة، مُعتمِدًا في ذلك على الأجهزة الصلبة للنظام الذي قام عليه نفوذ بورقيبة ونفوذ بن علي، وكذلك سلطة النهضة وحلفائها، إضافةً إلى عددٍ من رموز هذا النظام.

المفكرة: لكنّ الفرق الجوهري هو أنّ حركة النهضة، بقطع النظر عن ممارساتها وعن النوايا التّسلطية التي يمكن أن تُنسب لها، وجدتْ نفسها في ملعبٍ فيه حدٌّ أدنى من الفصل والتوازن بين السلط وفق دستور 2014، وأمام انتخاباتٍ ديمقراطيّةٍ تنافسيّة وتوازناتٍ سياسيّة لم تسمح لها بالسيطرة تمامًا على الحُكم ولا بالانحراف التي نعيشه اليوم، حيث أصبحنا أمام حُكم فردي مطلق؟

فرجاني: يجب أن نذكّر دائما بأنّ دستور 2014 لم يكن دستور النهضة، وإنما دستور التوازنات والتوافقات في المجلس الوطني التأسيسي وفي الحوار الوطني. دستور النهضة هو المشاريع التي حاولت تمريرها منذ 2012 وصولًا إلى 1 جوان 2013. وبما أنه دستور جاء في إطار مداولات المجلس التأسيسي والحوار الوطني، وفي ظلّ موازين قوى لا تسمح لأيّ طرف بصياغته وفق إرادته، فقد تضمّن تنازلاتٍ لمطالب المجتمع المدني وللقوى المتشبّثة بأهداف الثورة وبقيّة القوى المجتمعية والسياسية التي فرضت على النهضة نهج الحوار والتوافق. أمّا دستور سعيّد فقد جاء مختلفًا ليس فقط عن دستور 2014، بل وحتى عن دستور 1959، بما أنّه لم يقم على أيّ مداولاتٍ أو حوارٍ أو تشاركيّة، وإنّما على قرار “صاحب السيادة”، النابع عن إرادته المنفردة.

المفكّرة: ألم يكن هذا التوجّه الدستوري محمولًا في لحظة 25 جويلية في حدّ ذاتها وما أعقبها من إجراءات؟ أليس نظام الحكم الفرديّ تتويجًا طبيعيّا لمسار احتكار السلطة؟ وهل كان يُنتظر من قيس سعيّد، بعد إمساكه بكلّ السلطة، أن يتخلى عنها طواعيّةً ويؤسّس لدستورٍ ديمقراطيّ مبنيّ على مسارٍ تشاركيّ؟

فرجاني: شخصيًا، عبّرت عن تخوّفاتي من 25 جويلية، رغم أنّي رأيتً فيها وضع حدٍّ لعشريّةٍ من العبث السياسيّ. ما يجب التأكيد عليه هو أنّ ما قام به قيس سعيد في 25 جويلية هو انقلاب، ولكنّه لم يكن انقلابًا على وضعيّة ديمقراطيّة تحترم الحدّ الأدنى من مقوّمات دولة القانون، كما تسوّق لذلك النهضة وحلفاؤها في الداخل والخارج. وحسب رأيي، كلّ لحظةٍ تاريخيّة بإمكانها أن تؤدّي إلى الشيء ونقيضه. 25 جويلية كان بإمكانه أن يكون منطلقًا لإعادة مسار الانتقال الديمقراطيّ لو لم تكن هناك أوهامٌ حول قيس سعيّد، كالاعتقاد بأنّه سينزع إلى الحوار والتشاركيّة من تلقاء نفسه ومن دون أن يُفرض عليه ذلك. في تقديري، كان بإمكان الاتّحاد العامّ التونسيّ للشغل، رغم التناقضات التي تشقّه، أن يكون العمود الفقري لقوةٍ اجتماعيةٍ سياسيّة تفرض على قيس سعيد نوعًا من التشاركية قبل الوصول إلى ما وصلنا إليه. كما أنّ القوى الديمقراطية التي تؤمن بالثورة، وترفض العودة إلى ما قبل 25 جويلية وإلى ما قبل 2011، كان بإمكانها لو توحّدت وتجنّدت كما في سنة 2013، أن تتصدّى لقيس سعيّد وتمنعه من تمرير مشروعه. ولكنّها للأسف انقسمتْ بين مُراهنين على صدق نوايا قيس سعيّد وعلى معاداته للنهضة، ومُراهِنين على العودة إلى ما قبل 25 جويلية، وانقسمتْ في ما بينها فسمح ضعفها لقيس سعيّد بفرض مشروعه، الذي كان واضحًا منذ ترشّحه إلى الرئاسة. وهكذا أتاح 25 جويلية لسعيّد الفرصة لتنفيذ ما لم يكن قادرا على تنفيذه في ظلّ التوازنات السياسيّة في ما بين انتخابه و25 جويلية 2021. وقد أخطأت القوى الاجتماعية والسياسية في فهم “مقاصد” قيس سعيّد لأنّها لم تكن واعيةً بخطورة مشروعه الذي هو مشروع ثورةٍ محافظة وليس مشروعًا ديمقراطيًّا، حتى لو حمل شعار “الديمقراطيّة الحقيقيّة”. وقد كان موسوليني يتحدث عن “الديمقراطية الحقيقية” لضرب الديمقراطية، مثلما فعل بعده هتلر ومثلما نجد ذلك في تنظيرات شميت. والديمقراطية لا تحقّق بمجرّد رفع شعاراتها، وإنّما من خلال التمشّي الذي يكون فيه للشعب وقوى المجتمع، ومن بينها الأحزاب والأجسام الوسيطة، حقّ المشاركة السياسيّة. مشروع سعيّد يُلغي دور الأجسام الوسيطة ودور المجتمع المدنيّ والتعبيرات عن إرادة الشعب، كما لو يمكن اختزالها في إرادة الرئيس الحاكم بأمره. وبذلك لا يمكن لهذا المشروع إلاّ أن يكون مشروعًا تسلّطيًا فرديًا دكتاتوريًا، وقد استطاع التقدم في اتجاه تحقيقه بسبب ضبابية الرؤية لدى القوى الديمقراطية والاجتماعيّة وما نتج عنها من انقسامات.

المفكّرة: يعتبر البعض أنّ مكاسب الحرّية المفتكّة بعد الثورة لا يمكن التراجع عنها، مهما كان النظام السياسيّ الموجود. هل تشاطر هذه القناعة؟ أم ترى أنّها نابعة عن تصوّرٍ خطّي للتاريخ وعن ثقةٍ مبالغٍ فيها في قدرات المقاومة؟

فرجاني: شخصيّا، لا أؤمن بأيّ حتميّة تاريخيّة، سواء في هذا الاتجاه أو ذاك. التاريخ تصنعه القوى المجتمعية والسياسية المجنّدة من أجل أهدافٍ معيّنة، وموازين القوى بين من يدافع عن المكاسب ويسعى للحفاظ عليها وتدعيمها، ومن يسعى إلى التراجع فيها وإلى ضربها. مصير الحريّات التي تمّ افتكاكُها بالتعبئة والنضالات ضد دكتاتورية بن علي، ولم تنجح حركة النهضة في الالتفاف عليها، يمكن أن يتمّ التفريط فيها إذا ما تراجعت المقاومة والتعبئة التي فرضتها ضدّ بن علي وضدّ الإسلام السياسي. لا شيء مكتوبٌ مسبقًا، التاريخ يبيّن أن الثورات عادةً ما تتبعها انتكاساتٌ وتراجعاتٌ تعقبها حركات مدٍّ جديد، ويمكن للحريات أن تتراجع ثمّ تعود، أو العكس. الحقوق والحريات التي تحقّقت في الفترة الماضية، لم تأتِ كمنّة من الباجي قائد السبسي أو من حركة النهضة أو من بقيّة القوى الحاكمة، وإنّما تمّ افتكاكُها خصوصًا في الفترة الانتقاليّة الأولى، أي في الفترة الفاصلة بين 14 جانفي و23 أكتوبر 2011.

المفكّرة: يقوم خطاب الرئيس وأنصاره على اعتبار الانتقال الديمقراطي الذي يرمز له تاريخ 14 جانفي،  انحرافًا بالثورة ذات المضمون الاجتماعي، التي يرمز لها تاريخ 17 ديسمبر، وسرقةً لها من طرف الأحزاب. في مقالٍ لك صدر في 2011، أشهرًا قليلة بعد رحيل بن علي، كنتَ اعتبرْتَ أنّ الانتفاضة الاجتماعيّة تطوّرت إلى “ثورةٍ ديمقراطيّة”، واستندتَ في ذلك إلى الخطوات الأولى من مسار الانتقال الديمقراطي. ما هو رأيك اليوم في هذه المقابلة السائدة بين الثورة ذات المضمون الاجتماعي والانتقال الديمقراطي الذي “احتواها وأفرغَها من جوهرها”، والتي تنفي أنّ الديمقراطيّة، رغم كلّ ما شاب المسار الانتقالي من مطبّات ونقائص، هي أحد استحقاقات الثورة؟

فرجاني: أنا لست ممّن ينكرون أنّ ما حدث في تونس ثورة، أو ممّن يقولون أنّها كانت تحمل في طيّاتها بُعدًا معاديًا للديمقراطية. أنا قلت منذ البداية أنّ مطلب الحرّية هو أحد شعارات هذه الثورة. فهي كانت تهدف إلى ضرب منظومة الفساد (“التشغيل استحقاق يا عصابة السراق”)، وترفض التمديد لولاية جديدة لبن علي وتطالب بالتداول على السلطة (“لا تمديد ولا توريث”). هذه بالنسبة لي تعبيرات عن تطلّع إلى الديمقراطية. وهذا التطلع إلى الديمقراطية تجسّد عبر الإنجازات التي تحقّقت في الأشهر الأولى بعد الثورة، كحرّية الصحافة وتنظّم الأحزاب وإطلاق سراح المساجين السياسيين، إلخ. ما حصل بعد ذلك هو الانتقال من التطلعات الديمقراطيّة والاجتماعية للثورة إلى صراعٍ حول الهوية، ساهمتْ فيه التيّارات الاسلامية والقوميّة وحتى اليسارية. 14 جانفي 2011 ليس انقلابًا على 17 ديسمبر 2010، والقراءة القائلة بذلك هي قراءةٌ تمويهيّة تمهّد الطريق للمشروع الاستبداديّ الذي يريد أن يلغي الديمقراطيّة من الثورة، وفي نفس الوقت، يدّعي أنّه بصدد تحقيق “ديمقراطيّة حقيقيّة”.

المفكرة: سبق وأن استعملتَ لفظ “حزبقراطيّة” للحديث، بشكل عرضي، عن منظومة الحكم في العشرية الماضية. ألا ترى أنّ أحد أهم مواطن ضعف التجربة الديمقراطية كان على العكس في ضعف الأحزاب السياسيّة، في نتائجها الانتخابيّة وانتشارها  حتى أصبحت الإدارة هي التي تمارسُ فعليّا الحكم؟

فرجاني: يجب تنسيب ما يقال عن ضعف الأحزاب. فقد كانت النهضة متغوّلة على بقيّة الأحزاب وعلى الإدارة نفسها. عندما استعملت عبارة حزبقراطيّة، كان ذلك في عهد الترويكا، في علاقة بالتنظيم المؤقّت للسّلط الصادر في 16 ديسمبر 2011، والذي أرسى نظامًا برلمانيًّا مطلقًا، أو ما يطلق عليه في القانون الدستوري، بالنظام المجلسي (régime d’assemblée)، كلّ السلطة فيه تعود إلى التحالف البرلماني الحاكم. حينها لم تجدْ الأحزاب المهيمنة على المجلس أمامها سلطةً مؤسساتيّةً مضادّة، فكانت وجهًا لوجهٍ مع الشارع والقوى الاجتماعيّة. لا شكّ أنّه، بعد 10 سنوات من الممارسة البرلمانيّة العبثيّة، اهترأتْ شعبيّة الأحزاب التي فقدتْ مصداقيّتها، فانتصر قيس سعيد من دون الاعتماد على حزبٍ سياسيّ. وهو، بحكم غياب قوّةٍ حزبيةٍ أو اجتماعيةٍ يمكن له أن يعتمد عليها، ذهب إلى الأجهزة الصلبة للدولة ليُرسي دعائم حكمه الفرديّ. بل هو سجين هذه الأجهزة التي قد تُملي عليه ما يفعل، مثلما هو سجين تحالفاته الخارجيّة. ما حدث أخيرا في التيكاد يبيّن أنّ سعيّد ارتمى في أحضان الجزائر، كما ارتمى قبل ذلك في أحضان مصر السيسي، وربّما سيبحث عن أحضان قوى دوليّةٍ أخرى كروسيا والصين، وهي قوى لا تسعى لتحقيق الديمقراطية في تونس أو في أفريقيا، وإنما لضمان مصالحها على حساب خصومها. كلّ الأنظمة غير الديمقراطية، التي تفتقر إلى مساندة شعبية داخلية، تعتمد على القوى الخارجيّة وعلى الأجهزة الصلبة للدولة آملة في إدامة حُكمها. أمّا شعارات الشعب والسيادة، فهي فقط للاستهلاك الداخلي.

المفكّرة: في كتابك “النيوليبرالية والثورة المحافظة”، أبرزتَ كيف أنّ القوى الأكثر محافظة، حين تتولّى الحُكم، تمارس السياسات الأكثر نيوليبرالية. هل تعتبر قيس سعيّد، نموذجًا عن ذلك؟ أليس الحكم الفردي الشعبوي والخطاب الأخلاقي- الديني حول الاقتصاد، أفضل طريقةٍ لتمرير “الإصلاحات الهيكلية” المطلوبة من صندوق النقد الدولي، والتي لم تسمح موازين القوى بين السلطة والفاعلين الاجتماعيّين، وربما أيضا الحسابات السياسيّة والانتخابيّة للأحزاب الحاكمة قبل 25 جويلية، بتمريرها؟

فرجاني: من المهمّ التأكيد على التزاوج بين النيوليبرالية والثورة المحافظة. وقد كان الشيلي مع بينوشي و”فتيان شيكاغو” مخبرًا لهذا التزاوج، بدعم من الكنيسة الكاثوليكية في إطار صراعها مع “لاهوت التحرير” والحركات اليساريّة في أمريكا اللاتينية. انتصر هذا التزاوج فيما بعد مع تاتشر في المملكة البريطانية المتحدة، ثم مع ريغان في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتعوْلم بعد ذلك على أساس مع ما يسمّى بتوافق واشنطن الذي اعتمدته المؤسسات المالية الدوليّة، والذي يقوم على حرية تنقل الأموال والبضائع وتفكيك كلّ الحواجز والقوانين التي كانت تحمي الاقتصادات الضعيفة في مواجهة السوق الرأسمالية المتغوّلة. وباسم الحريات الاقتصاديّة وسياسات “الإصلاح الهيكلي”، وقع ضرب الدور الاجتماعي للدولة، في تونس وفي غيرها من الدول الضعيفة. لكنّ نظامي بورقيبة (في السنوات الأخيرة) وبن علي، رغم استجابتهما لهذه الدوكسا المهيمنة والتراجع الكبير للدور الاجتماعي للدولة في مرافق السكن والنقل والصحة والتعليم، لم يستكملا تحقيق السياسات النيوليبراليّة في تونس. كذلك حركة النهضة وحلفاؤها، ورغم مضيّها في تطبيق توصيات المؤسسات المالية الدوليّة، فعلتْ ذلك بوتيرة منخفضة، في ظلّ التوازن الذي أرساه الاتحاد العامّ التونسي للشغل والمجتمع المدني. ولكنّ انعدام مثل هذا التوازن، إذا ما تمّ إرساء دكتاتوريةٍ فرديّة، بإمكانه أن يسمح بفرض هذه “الإصلاحات” بطريقةٍ أسهل وأسرع مما وقع إلى حدّ الآن ويؤدّي إلى استكمال تفكيك المكاسب الاجتماعيّة. وهذا ما يفعله السيسي في مصر حاليًّا.

خطاب قيس سعيّد في علاقة بالتشغيل ينخرط تمامًا في هذا التصوّر، حيث يلقي كلّ المسؤولية على الأفراد كي يقيموا مشاريعَ أو “شركاتٍ أهليّة”، ولا يتكلّم عن دور الدولة في ذلك من خلال سياساتها الاقتصادية والاجتماعيّة. كلّ قوى الثورة المحافظة، في كلّ مكان، من بوتين في روسيا إلى مودي في الهند، مرورًا بالإسلام السياسي في البلدان التي نُكبت بانتصاره، تطبّق السياسات النيوليبرالية، وتنحصر مشكلتها مع العولمة في بعدها الثقافي الرامي إلى فرض نمط العيش الأمريكي.

إنّ الرأسماليّة في حاجةٍ إلى الثورة المحافظة بخطابها الأخلاقيّ والدينيّ، حتّى تحقّق الحدّ الأدنى من إنسانيّة الإنسان التي تغيب تمامًا في علاقات السوق، كي لا يتحوّل إلى قنبلةٍ موقوتة. وهذا هو المعنى العميق لمقولَة ماركس حول الدين بوصفه أفيون الشعوب، باعتباره يساعد على التخفيف من وطأة البؤس الناجم عن الاستغلال الرأسمالي الذي يفقده إنسانيته، باختزاله في وظيفته كمنتج-مستهلك، ولا يبقى له إلا الدين يبحث من خلاله عن معنى لوجوده، ويصرفه عن البحث عن مقاومة المتسبّبين في بؤسه، ويتحوّل بذلك الصراع ضدّ الاستغلال الاجتماعي، إلى صراعٍ دينيّ على غرار ما نشهده اليوم من حروب دينيّة أو طائفيّة، فضلًا عن الحروب العرقيّة والقبليّة وعن التقوقع على “هويّاتٍ قاتلة” وفق تعبير الروائي أمين معلوف.

المفكرة: أنت تستعمل أكثر براديغم “الثورة المحافظة”، لكن هنالك من يستعمل أكثر براديغم “الشعبويّة” لفهم ظاهرة قيس سعيّد، الذي يتحدث عن الشعب ككيانٍ واحد وصافٍ مقابل نخبةٍ فاسدة. إلى أي مدى ترى المقارنة بين سعيّد وزعماء شعبويين آخرين في أمريكا اللاتينيّة وحتى في أوروبا، نزعوا هم أيضا إلى تغيير الدستور وإضعاف السلط المضادّة، مقنعةً؟ هل نحنُ إزاء تعبيرة تونسيّة عن ظاهرةٍ عالميّةٍ تجتاح وتهدّد كلّ الديمقراطيّات؟ هل أنّ فشل الانتقال الديمقراطي يعود أيضًا إلى أنّنا، إن صحّت العبارة، دخلْنا الديمقراطية في الزمن الخطأ؟

فرجاني: تعرّضت في كتابي الأخير إلى العلاقة بين الثورة المحافظة والشعبوية. تعبيرات الثورة المحافظة، مثل باقي التعبيرات السياسية، يمكنها أن تكون شعبويّة أو لا، كما يمكنها أن تكتسب هذه الصفة عبر الزمن أو أن تفقدها. الشعبويات اليمينية واليساريّة انتشرت اليوم لأنّ الديمقراطية في أزمة، سواء في الدول التي انتصرت فيها منذ قرون، أو في غيرها. وحتى نفهم ذلك، يجب التذكير بأنّ الديمقراطية قامتْ تاريخيًّا على مبدأيْ الحرّية والمساواة، ولكن ليس للجميع. الديمقراطيّة الأثينيّة كانت امتيازًا لأقلّية لا تتجاوز 15 بالمائة من المتساكنين، فكان العبيد والنساء والأجانب يوفّرون حاجيات الرجال الأحرار حتى يتمكّن هؤلاء من التمتّع بالحياة الديمقراطية وينعموا بالحرّية. وكذلك حال الديمقراطيات الحديثة التي تظهر ولم تزدهر إلا في البلدان التي كانت لها مستعمراتٌ تستغلّ ثرواتها وشعوبها المقصيّة من الديمقراطية ومن الحرية ومن المساواة ومن حقوق الإنسان. أزمة الديمقراطيات تعود في جزءٍ منها إلى تقلّص الريع الكولونيالي، والشعوب التي تتطلع اليوم إلى الديمقراطية تصطدم بواقع هذه الأزمة المترتّبة عن كون الديمقراطية قامت إلى حد الآن على أساس استغلال غالبية البشرية وإقصاء أكثريّة سكّان العالم. المسألة ليست إذن وصولًا متأخّرًا للديمقراطيّة بقدر ما هي قضية بناء ديمقراطية لا تقوم على استغلال أحد ولا تقصي أحدًا. وهذا هو التحدّي الكبير للقوى الديمقراطية: كيف يمكن بناء ديمقراطية لا تقوم على الإقصاء أو الاستغلال؟ وكيف الوصول إلى تحقيق هذا الحلم في ظلّ عولمة محكومة بقوانين النيوليبرالية التي تقوم على تهميش الأغلبية لصالح أقلّية تستحوذ على الثروة. هذا هو مدار النضالات الديمقراطيّة في المستقبل. هل بإمكاننا أن نتوحّد من أجل فرض ديمقراطيةٍ كونيةٍ فعلًا لا زيفًا، ديمقراطيّة لا تقوم على إقصاء أحد ولا على استغلال أحد؟ قد يبدو ذلك مستحيلًا اليوم ولكنه مع ذلك حلمٌ مشروعٌ تتطلع إليه كلّ شعوب العالم، والطريق إليه يمرّ عبر الربط بين النضال من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، والنضال ضدّ النيوليبراليّة وزواجها مع الثورة المحافظة.

نشر هذا المقال في العدد 25من مجلة المفكرة القانونية – تونس. لقراء مقالات العدد اضغطوا على الرابط ادناه

 جمهوريّة الفرد أو اللاجمهوريّة

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات ، مجلة تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني