بعد مرور أشهر على عرقلة التحقيق، وتضييع الوقت، لم تعد جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، تجد أمامها سوى واقعاً واضحاً من شربكة قضائية فاضحة خارجة عن إطار الملف الأساسي الذي يجب أن يكون من الأولويّات التي يسعى لأجله القضاء بشفافية ونزاهة.

ثلاثة ‎عناوين أساسية حملها الأهالي في وقفة نفّذوها اليوم الثلاثاء أمام العدلية هي: نعم لتثبيت المحقق العدلي ‎طارق بيطار، نعم لاستعجال البتّ بطلبات الردّ ولا لممارسة الضغوط على قضاة ‎محكمة التمييز.

وبحسب ما جاء في بيان للأهالي، نجح المدَعى عليهم في إغراق الملف بزواريب ودهاليز سياسية وقضائية أتت نتيجتها ما يفوق الخمسة عشر دعوى كان هدفها تعطيل سير التحقيق بقضية المرفأ. إن كان من خلال طلبات الرد، والرد على الرد، والرد على رد الرد ونحن ننتظر”.

سئموا لكنّهم لم ييأسوا

إذاً من الواضح أنّ الأهالي الذين انتظروا طويلاً النتائج التي ستصدر عن القضاء، سئموا من هذا الانتظار لكنهم لم ييأسوا. فقد قرأ جورج بزجيان بيان الأهالي الذي جاء فيه أنّ “الموضوع سيأخذ وقتاً أكثر مما توقّعنا. وهذا مستغرب ومعيب. كفاكم متاجرة بدماء ضحايانا وشهدائنا”.

واعتبر أنّه “آن الأوان للقضاءِ أن يأخذَ حلاً جذرِياً ويُحَّكِم ضميرَهُ بِدءاً من محاكم التمييز وصولاً إلى محاكم الاستئناف، كي يستمرَ التحقيق ونصِل للحقيقة”.

وشدّد على أنّ “المطلوب اليوم من القضاء، أن يأخُذَ الموقف المناسب ليُستكمَلَ التحقيق، وأن يكونَ على قَدرٍ عالٍ من الوطنية والإنسانية والشفافية، وأن يعمَلَ  بما يُمليهِ عليهِ ضميرَهُ المهني بكلِّ صدقٍ وأمانة”.

ولمن كان وراء تعطيلِ ووقفِ التحقيق، يتوجه بزجيان بالقول: “إنّكم ارتكبتم جريمةٍ أخرى بحقّنا وبحقِ ضحايانا وشهدائنا. ولن يَرحَمُكم التاريخ. ووعدنا لكم بأنّنا لن نيأس ولن نَكِلَّ وسنبقى مستمرينَ بالمطالبة بالحقيقةِ والعدالة، لنُحاسِبَ كُلَ من اقتَرَفَت يداهُ جُرماً بحقِ ضحايانا وشهدائنا. ونطالِب المَعنيين بالقيامِ بواجِباتِهم القانونية والوظيفية بتَنفيذِ جميع المُذكرات الصادرة بحق المتهمين دونَ تلكُّؤ لسوقِهم الى العدالة”. وختم “لا تتذرّعوا بحججٍ واهية لضربِ التحقيقِ والمحقق العدلِي للهُروبِ من المحاسبة والمسؤولية حِفاظاً على كَرامَة ما تبقّى مِن دولةٍ ووطَن”.

الأهالي: لن نستكين

رندة غزيّل والدة الضحية محمد علاء الدين دمج لا تريد سوى العدالة لابنها. وتقول: “أريد أن أعرف من هم وراء تفجير بيروت. لا أستطيع الاستمرار بحياة طبيعية والمجرمون ما زالوا أحراراً ولم يحاسبوا على فعلتهم”. وتؤكّد أنّها “مع القاضي بيطار حتى آخر نفس، طالما هو على الطريق الصحيح. لم نعد نخاف من أي شيء. دمنا فداء لاولادنا”. 

وتتوجّه ميراي خوري والدة الضحية إلياس خوري إلى “كلّ قاض لا يريد أن يلطّخ ضميره بهذه الجريمة، داعية إياه إلى أن يحكم بالعدل”. وتقول: “ليخف على أولاده كي لا يخسرهم بالطريقة نفسها التي خسرنا فيها أولادنا”. وتسأل محامي الدفاع عمّن أسمتهم المجرمين “هل هذا هو قسمكم لتحقيق العدالة وهو تضييع التحقيق؟” 

مصطفى صبح والد الضحية زياد صبح (أبو يوسف) يشير إلى أنّ حياته باتت بلا بهجة ولا طمأنينة. ولن يهدأ باله إلّا إذا كُشفت الحقيقة وتحقّقت العدالة. ويدعو القاضي بيطار إلى الاستمرار في التحقيق “نحن معك وما تردّ على حدا”.  

ريما الزاهد شقيقة الشهيد أمين الزاهد تلفت إلى أنّ “السيّاسيين يمرّرون الوقت كي نمل. ليطمئنّوا فنحن لن نهدأ ولن نيأس مهما ماطلتم”. سيسيل رزق شقيقة الضحية جوزيف تسأل “قتلتونا وتريدون منّا السكوت؟ سخرتم كلّ الأجهزة لمآربكم الشخصية واستعملتم سلطتكم كي تمتنعون عن تنفيذ المذكّرات القضائية. لن نسكت ونريد تطبيق العدالة والمحاسبة”.

رسائل مصوّرة لقضاة محكمة التمييز

وحمل الأهالي المعتصمون ومعهم مجموعة من جمعية نون النسويّة لافتات وصوراً لرئيس وأعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز، كتب في أسفلها رسالة لكل منهم. فتحت صورة القاضي سهيل عبّود كُتب: أنت الركيزة التي نعوّل عليها. كُن السدّ بوجه كلّ محاولات ضرب القضاة الشرفاء الذين لم يلوّثوا أيديهم بطلبات الرد ورد الرد. أضرب بيد من قضاء.

وتحت صورة القاضي روكز رزق كُتب: العدالة تناديك، الضمير يناديك. أنصر الضحايا. حكّم ضميرك. أما تحت صورة القاضية سهير الحركة فكُتب: أنت حاملة أمانة ما تفرّطي فيها، إحكي ضميرك وانتفضي للعدالة. وتحت صورة القاضي عفيف الحكيم: الثورة القضائية ناطرتك ما تخون الضحايا. ما تخون شعبك حكّم ضميرك. أمّا تحت لافتة القاضي جمال الحجّار المرفوعة من دون صورة فجاء: لم نجد صورة لك ولكنّنا لم ننس ما صنعته يداك في 18/2/202 (في إشارة إلى قراره نقل ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت من يد القاضي فادي صوّان إلى قاضٍ آخر).