جرحى وموقوفون: ارتفاع الدولار يلهب طرابلس


2021-06-28    |   

جرحى وموقوفون: ارتفاع الدولار يلهب طرابلس
مواطن طرابلسي يقطع الطريق بجسده (الاثنين 28/6/2021)

على وقع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، تجدّدت الانتفاضة الشعبية في طرابلس السبت 26 حزيران. وأخذت التحرّكات مساراً تصاعدياً، حيث أقفل متظاهرون الطرقات ومحلّات الصرافة وتحويل الأموال وأدّت محاولتهم لإغلاق أحد المطاعم إلى وقوع إشكال كبير تخلّله إطلاق رصاص وسقوط جريح هو أحد الموقوفين الذين أخلي سبيلهم مؤخراً في أحداث طرابلس في كانون الثاني الماضي. ووقعت اشتباكات في أكثر من منطقة في طرابلس بين المتظاهرين والجيش أدّت إلى سقوط جرحى.  والأحد أوقفت القوى الأمنية 10 أشخاص على الأقلّ بينهم موقوف سابق ومصوّر وقاصران. 

جرح محمد الباي بعد شهرين من إخلاء سبيله

بدأت الاحتجاجات السبت مع قطع الطرقات عند مداخل مدينة طرابلس، عند أتوستراد البدّاوي، دوّار بيستاشيو “مدخل الميناء” وجسر البالما وساحة النور.

وبعدها توجّهت مجموعة من المتظاهرين إلى إقفال محلّات الصرافة وتحويل الأموال في منطقة التلّ. كما شهد شارع رياض الصلح، وطريق الميناء اشتباكاً بين متظاهرين حاولوا الضغط على أصحاب مطعم أبو صبحي للوجبات السريعة لإقفاله وعمّال في المطعم بادروا للدفاع عن المؤسّسة. وتطوّر الاشتباك إلى إطلاق نار لم يعرف مصدره حتى الآن ما أدّى إلى إصابة الشاب محمد الباي الذي لم يمرّ شهر على إخلاء سبيله في أحداث طرابلس الأخيرة في كانون الثاني 2021. ونقل الباي إلى المستشفى الحكومي، حيث تؤكّد والدته أنّه أصيب برصاصتين في كتفه، وانتظر لساعات داخل طوارئ المستشفى قبل قدوم الطبيب لإجراء العملية. تطمئن السيدة أمل أنّ ابنها بحالة مستقرّة، مؤكدة أنّ “الشباب ينزلون لأنّ الغلاء لم يعد يحتمل، ولا يجدون لقمة الطعام فيما يكدّس آخرون الثروات، ويعيشون بطريقة معتادة وكأن البلاد لا تمر بأزمة”. تتحدّث أمل الباي عن استمرار حماسة ابنها واندفاعه إلى الساحات وهو لم يمرّ شهران على إخلاء سبيله بعد تجربة قاسية في رومية بسبب مشاركته في احتجاجات طرابلس في كانون الثاني الماضي.

ومع وصول القوى الأمنية إلى محيط المطعم، حصلت مواجهات بينها وبين المتظاهرين، وحصل تقاذف بالحجارة والغاز المسيل للدموع، واستمرّت المواجهات مع محاولة القوى الأمنية إخراج المتظاهرين من المنطقة التجارية.

نقيب محامين سابق شاهد يتعرّض لإطلاق رصاص

وعلى هامش المواجهات وفي منطقة قريبة جداً من مطعم أبو صبحي، تحدّث النقيب السابق للمحامين في الشمال فهد مقدّم عبر منشور على فيسبوك (تواصلت “المفكرة” لاحقاً معه للتأكّد من أنّه مصدر المنشور) عن تعرّضه لما وصفها “محاولة قتل” بعد إطلاق الرصاص باتجاهه أثناء وقوفه على شرفة منزله، “من قبل عناصر عسكرية”. 

ويقول النقيب السابق إنّه أثناء مراقبته للأحداث من شرفة منزله، شاهد عناصر عسكريين يتعرّضون بالضرب العنيف لأحد الشباب وعندما حاول نهيهم عن ذلك بالكلام، بادر أحدهم إلى إطلاق الرصاص باتجاهه. ويقول مقدم في اتّصال مع “المفكرة” إنّه تقدّم اليوم الاثنين بشكوى لدى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ضدّ الفاعلين – الذين تمكّن من تصويرهم بالفيديو. ويضيف أنّه سينشر الفيديو على صفحته على فيسبوك في وقت لاحق اليوم أيضاً.

اندفاع نحو المؤسّسات الرسمية

وفي وقت لاحق ليل السبت، اندلعت مواجهات بين متظاهرين والقوى الأمنية بعد مهاجمة البوابة الحديدية لسراي المدينة ومركز المحافظة. واتّجه عدد كبير من المتظاهرين إلى مركز مصرف لبنان، حيث أزالوا العوائق الحديدية الخارجية.

وحال تدخّل الجيش دون دخول المتظاهرين إلى المراكز الرسمية. وانتقلت المواجهات إلى الشوارع الجانبية. وفي منطقة التلّ سقط عدد من الجرحى من المتظاهرين بسبب التراشق بينهم وعناصر القوى الأمنية بالحجارة والغاز المسيل للدموع. وبحسب بيان لقيادة الجيش، أصيب تسعة عسكريين بجروح في التلّ، “بعدما أقدم شبّان يستقلون دراجات نارية على رمي قنابل صوتية باتجاه قوّة من الجيش كانت تعمل على حفظ الأمن أثناء احتجاجات شهدتها المنطقة”.

وجاء في البيان أيضاً أنّ عسكرياً أيضاً أصيب بجروح في ساحة النور شارع الجميزات بعد تعرّض قوّة من الجيش للرشق بالحجارة.

جولة على منازل النوّاب وجرحى في إطلاق نار

كما توجّه عدد كبير من المتظاهرين إلى بيوت نوّاب المدينة، وتكرّرت المطالبة باستقالتهم، وتنقّلت التظاهرات من أمام منزل الوزير فيصل كرامي، إلى منزل أشرف ريفي، وسمير الجسر، ومحمّد كبّارة.

وأمام منزل النائب كبّارة، وقع إطلاق نار وتعدّدت الروايات حول ما جرى حيث اتّهم متظاهرون “حرس أبو العبد (لقب النائب كبّارة)، بأنّهم أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين” بمجرّد وصولهم فيما انتشرت رسائل صوتيه عبر واتساب تقول إنّ أشخاصاً مندسّين ملثّمين أطلقوا الرصاص باتجاه الحرس الذين ردّوا بالمثل، ولم تستطع “المفكرة” التأكّد مما جرى من مصدر ثالث. وسقط بالنتيجة عدد من الجرحى تمّ نقلهم إلى المستشفيات. وعرف من بين المصابين بلال رجب الذي نقل إلى مستشفى السلام. وتؤكّد مصادر طبية أنّه “أصيب بطلق ناري حي ومتفجّر استقرّ داخل جسمه. واضطرّ الفريق الطبّي لإجراء عملية لإخراجه”.

ومع تصاعد المواجهات، صبّ البعض جام غضبهم على أحد فروع بنك عودة الذي تعرّضت واجهته للتحطيم. فيما انسحب آخرون باتّجاه ساحة النور بفعل كثافة القنابل المسيلة للدموع.

توقيفات جديدة

وأمس الأحد، تراجعت حدّة المواجهات، وحافظ المحتجّون على مواقعهم الأساسية، وبالتحديد عند نقطة البالما وساحة النور التي شهدت تحرّكين، الأوّل يرفض المواجهة مع الأجهزة العسكرية “لأنّها من عامّة الناس، وهي لا ذنب لها، تنفّذ الأوامر فقط. ولا بد من صب الغضب تجاه السياسيين الفاسدين” بحسب عبد (21 عاماً) أحد المشاركين. وفي تحرّك آخر، نزلت مجموعة من الأهالي لتعبّر عن رفضها للعنف المفرط ضدّ المتظاهرين.

والأحد أيضاً تحرّكت الأجهزة الأمنية والمخابراتية لتنفيذ توقيفات، وبحسب المحامي أحمد البياع المتطوّع للدفاع عن الموقوفين بلغ عددهم 10 حتى الآن، بينهم قاصران، وعُرف من الموقوفين محمد العمر الذي كان يصوّر التظاهرات ونور شاهين وهو موقوف سابق على خلفية تظاهرات جرت العام الماضي. وتؤكّد مروى زيلع والدة نور شاهين لـ”المفكرة” أنّه أوقف أثناء زيارته لرفيقه المصاب والمتواجد في مستشفى النيني، وأنّه ابتعد منذ فترة عن المشاركة في التظاهرات. وتحمّل الدولة مسؤولية ما بلغه الشبّان من غضب ونفور، لأنّهم عاطلون عن العمل وغير قادرين على تحصيل حاجاتهم الأساسية، وهذا الأمر عايشه ابنها الذي بعد إخلاء سبيله في آذار 2020 لم يحصل على فرصة عمل، بحجّة أنّ لديه إشارة على سجلّه العدلي وما زال ملاحقاً ولم يحاكم بعد.

وتضيف أنّها حاولت التواصل مع جهات مختلفة من بينها حقوقية للتعرّف على مكان ابنها، إلّا أنّه وكما تقول “ما زال مبكراً تحديد مكان تواجده”. وفي اتّصال مع “المفكرة” يوضح البياع  أنّ التوقيفات حصلت على يد مخابرات الجيش، وأنّه بعد أخذ وردّ مع المخابرات والشرطة العسكرية ومحاولتهما التنصّل من تقديم معلومات عن الموقوفين والسماح للمحامين بمقابلتهم، أُبلغ فريق المحامين الذي توّجه إلى ثكنة القبة أنّه سيتم التحقيق مع الموقوفين اليوم مساءً لدى الشرطة العسكرية. وتبعاً لإصرار المحامين على تطبيق المادة 47 المعدّلة من أصول المحاكمات الجزائية التي تؤكّد على حضور المحامي التحقيق الأوّلي، تعهّدت الشرطة العسكرية بأن تبلغ الموقوفين لدى حضورهم بحقّهم في توكيل محامي والتواصل مع أهاليهم. 

واليوم جرت وقفات تضامنية عدّة للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، قضاء ، لبنان ، قضايا ، مقالات ، أطراف معنية ، حراكات اجتماعية ، أجهزة أمنية ، انتفاضة 17 تشرين ، محاكم عسكرية ، أحزاب سياسية ، حركات اجتماعية ، حرية التعبير ، حرية التجمّع والتنظيم ، استقلال القضاء



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني