تحريك دعوى المر ضد حملة مقاطعة إسرائيل: حرية التعبير في عهدة القضاء اللبناني


2013-04-18    |   

تحريك دعوى المر ضد حملة مقاطعة إسرائيل: حرية التعبير في عهدة القضاء اللبناني

القضية التي رفعتها شركة يتولى ادارتها جهاد المر ضد ناشطي حملة مقاطعة إسرائيل وشركاء لهم على خلفية دعوتهم الى مقاطعة حفل موسيقي لفرقة "بلاسيبو"، كانت أمس في إحدى أبرز محطاتها، إذ أقيمت جلسة أمام محكمة بيروت الناظرة في القضية تبعها مؤتمر صحافي للاضاءة على الأبعاد السياسية والاجتماعية والقانونية لهذه القضية في مسرح دوار الشمس.
وترجع هذه الدعوى المقدمة أمام المحكمة التجارية في بيروت في 2011 على أساس أن المدعى عليهم قد تسببوا من خلال دعوتهم المشار اليها أعلاه بأضرار كبيرة للشركة قدرتها الجهة المدعية بمبلغ 180 ألف دولارا أميركيا، تبعا لتراجع مبيع بطاقات الحفلة، مع المطالبة بالزام الناشطين المدعى عليهم بتسديدها كتعويض عطل وضرر. وكانت الدعوة الى المقاطعة قد استندت الى قيام فرقة بلاسيبو باحياء حفلة في إسرائيل، وصرح أحد أعضائها للإعلام الإسرائيلي تصريحاً داعماً للخطوة الإسرائيلية ضد "أسطول الحرية"، بل الهجوم الإسرائيلي على السفينة في المياه الإقليمية على نحو أدى إلى مقتل نشطاء.
خلال جلسة المحاكمة، تقدم وكيل الجهة المدعى عليها بطلب تصحيح الخصومة، على أساس أن حملة داعمي مقاطعة اسرائيل ليست شخصا معنويا بل هي تكتل يضم آلاف الأشخاص هم جميعهم مسؤولون عن الدعوة الى المقاطعة مما يفرض ادخالهم جميعا في الدعوى لتوفر الصفة والمصلحة. وبالطبع، من هذه الزاوية، يشكل طلب تصحيح الخصومة محاولة للاستفادة من الادعاء ضد "حملة" لنقل هذه الحملة من الفضاء العام الى مسرح المحكمة، على نحو لا بد أن يؤدي الى تقويتها. وفي هذا الاتجاه، قدم الوزير السابق شربل نحاس طلب تدخل في المحكمة على أساس أنه عضو في هذه الحملة.  وعلى ضوء الأنباء عن انعقاد مؤتمر صحافي، طلب وكيل المدعي "إبعاد" الإعلام عن مجريات القضية، لكن رئيس المحكمة لم يعر الطلب أي اهتمام طالبا من الفرقاء حصر أقوالهم أمام المحكمة ب"القانون".
بعد انتهاء جلسة المحكمة، عُقد مؤتمر صحافي شارك فيه الوزير السابق شربل نحاس والكاتب سماح ادريس والمحامي نزار صاغية. وقد استضاف مسرح داور الشمس المؤتمر، بما يشكل اعلاناً صريحاً بأن هذه الدار الثقافية تشارك في معركة حملة مناهضة التطبيع مع إسرائيل.
المؤتمر ساهم في إعادة تسليط الضوء على القضية، بحيث سارع إدريس الى الاعلان عن أن طلاب جامعة سيدني صوتوا أخيراً على قرار قضى بالمقاطعة الثقافية الأكاديمية لإسرائيل. كما ذكّر ادريس بأن التحرك أو المؤتمر الداعي لمقاطعة حفلة "بلاسيبو" نُظم في صيف عام 2010، ورُفعت الدعوى ضده وضد أطراف آخرين منهم "مركز حقوق اللاجئين الفلسطينيين- عائدون" و"حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان" إضافة إلى "حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها"  (BDS)لبنان. ولفت ادريس إلى أن المر اعتبر في الدعوى بأن المدعى عليهم "يُرهبون" الناس وأنهم "يطعنون" بوطنية عائلة سياسية محترمة، فيما أن هذه الدعوى تشكل بحد ذاتها محاولة لترهيب الناشطين من خلال الايحاء بأن دعواتهم للمقاطعة قد ترتب بذمتهم تعويضات طائلة وموجعة قد تصل الى مئات آلاف الدولارات الأميركية. ومن هذه الزاوية، رأى أن رفع الدعوى ضده وضد ناشطي الحملة يهدف إلى خنق حرية التعبير من جهة، وهو مسعى لفرض سلم قيم تتسامح مع التطبيع مع إسرائيل. كما أعلن ادريس بأن ناشطي الحملة سيستمرون في نضالهم، بل أن الخطوات أو الآفاق المقبلة ستتركز على إطلاق حملات ضد شركات داعمة لإسرائيل، ومنها شركة "جي فور أس" المتخصصة بنظم الحماية والأمن وذلك بسبب لتورطها في إدارة مقرات الشرطة الإسرائيلية وبعض مراكز الاحتجاز والاستجواب الإسرائيلية المعروفة بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين، وهذا ما كشفته، بل أثبتته تقارير أجنبية.
المحامي صاغية قال إن "القضاء مدعو لتكريس حرية التعبير في الدعوة الى مقاطعة اسرائيل صونا للحقوق المدنية والسياسية"، وأن هذه الدعوى تعكس التجاذب بين توجهين وهو تجاذب مرشح لمزيد من التأزم: "التوجه المواطني الداعي الى توسيع دائرة المقاطعة الشعبية لجهات مؤيدة لاسرائيل، ومن جهة أخرى التوجه نحو زيادة التعامل التجاري والاستثمار مع هذه الجهات بدافع الربح والذي بات يظهر سأما حقيقيا ومتصاعدا ازاء أي دعوة للمقاطعة". كما لفت إلى أن دعوى أخرى كانت قد رفعت أمام محكمة المطبوعات في بيروت ضد صحيفة لقيامها بنشر بيان لحملة مقاطعة إسرائيل يدعو الى مقاطعة منتجات شركة تجارية أقامت لها فروعا في مستوطنات في اسرائيل. والمقلق بحسب صاغية أن الحكم الصادر عن محكمة المطبوعات عد بأن الصحيفة قامت بفعل ذم بحق الشركة. على أي حال فإن هذا الحكم طعن به أمام محكمة التمييز التي ستقول كلمتها في هذا الشأن 9 أيار المقبل. والعامل الحاسم وفق صاغية في " في هاتين الدعويين هو مدى مشروعية الدعوة الى المقاطعة، وأكثر تحديدا مشروعية الدعوة الى المقاطعة بحد ذاتها، طالما أن الدعوتين في الدعويين المقدمتين قد اتخذتا طابعا سلميا مآله دعوة الرأي العام الى المقاطعة من دون أي تهديد أو ترهيب أو وعيد". وقد ذكر بقرار صادر عن القضاء الفرنسي في قضية مقاطعة لإسرائيل، واعتبر الحكم الفرنسي "الدعوة الى مقاطعة منتوجات إحدى الدول (اسرائيل) من قبل مواطن ليست فعلا معاقبا عليه في القانون الفرنسي" انما هي مجابهوة فكرية في أزمة لها أبعاد سياسية وانسانية فائقة.
 أخيراً كانت كلمة للوزير السابق شربل نحاس الذي أكد على دور القضاء في هذه المسألة، بحيث يتوقف عليه أن يعتمد التراتبية التي تقدم المبادئ القانونية الأساسية على المصالح الخاصة والشرانق التي "يسجن فيها الأذلاء أنفسهمط، منوها أن القضاء يفقد سبب وجوده في حال التخلف عن القيام بهذا الدور. نحاس الذي كان تدخل في الدعوى التي رفعها المر، شرّح في مداخلته – مرة جديدة- تركيبة المصالح اللبنانية التي تقدم المصالح التجارية على المصلحة الوطنية.
استحقاقان اذا بشأن قضية الدعوة الى المقاطعة: 9 أيار وهو موعد اصدار محكمة التمييز حكمها في الطعن المقدم ضد الحكم الصادر عن محكمة المطبوعات في بيروت، و5 حزيران حيث ستواصل المحكمة المدنية في بيروت النظر في القضية المرفوعة ضد ناشطي الحملة الذي ينتظرون أن يتم من خلال القضاء تكريس حرية التعبير والمصلحة الوطنية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، لبنان



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني