بيان لائتلاف استقلال القضاء: المرفق القضائي أمام خطر داهم

بيان لائتلاف استقلال القضاء: المرفق القضائي أمام خطر داهم

انتشرت في وسائل الإعلام في 24/11/2021 معلومات حول تقدّم أربعة قضاة باستقالاتهم إلى مجلس القضاء الأعلى. لم يعلن هؤلاء عن أسباب استقالاتهم التي يبدو أنّه تمّ تقديمها بصورة جماعية، وتالياً لا تتوفّر حتى الآن معلومات موثوقة حول نوايا أصحابها، وما إذا كانت نهائية أم قُدّمت على سبيل الضغط أو لفت النظر إلى تردّي الأوضاع التي وصل إليها المرفق العام القضائي. فبالإضافة إلى تدنّي قيمة رواتب القضاة (التي أصبحت تقارب 250 دولاراً كمتوسّط) على غرار عموم الموظّفين العموميين والكثير من العاملين في القطاع الخاص، يعاني المرفق القضائي من مجموعة من العوامل السلبية المتمثّلة في شحّ الموارد المادية (كهرباء، ورق للمحاكم، …) إضافة إلى إضرابات الموظفين العامّين احتجاجاً على أوضاعهم المادية. هذا فضلاً عن تعرّض العديد من القضاة لحملات منظّمة من التّحقير والتّخويف عن غير حقّ، وذلك على خلفيّة عدد من القضايا أهمّها قضية تفجير المرفأ والقضايا المتّصلة بحاكم مصرف لبنان والمصارف.

تستدعي هذه الاستقالات الملاحظات الآتية:

1- أنّها تأتي بمثابة إنذار بليغ على ما قد يتسبّب به الانهيار المالي والاقتصادي من انهيار داخل أحد أهم المرافق العامّة وهو المرفق العام القضائي. وهو إنذار موجّه بشكل خاص إلى القوى السياسية الحاكمة والتي ما زالت تراكم إشارات العجز واللامسؤولية حيال إحدى أكبر الأزمات المالية والاقتصادية في العالم. كما أنّها تأتي بمثابة إنذار على خطورة استمرار الحملات المُمنهجة ضدّ كلّ قاضٍ يتجرّأ على نظام الحصانات والإفلات من العقاب والتي تجلّت في أوضح صورها بمناسبة قضية تفجير المرفأ،

2- أنّها تعكس، علاوة على ذلك، مشاعر العجز والحنق لدى العديد من القضاة حيال العوامل المادية والمعنوية التي تمنعهم من أداء وظيفتهم القضائية بصورة مناسبة وتجعلهم في حالة حرج أمام الرأي العام التوّاق إلى العدالة بعد عقود من المظالم، 

3- يرجّح أن يكون أكثر القضاة تأثّراً بهذه العوامل السلبية القضاة الأكثر حرصاً على الحفاظ على أخلاقيّاتهم القضائية سواء لجهة الاستقلالية أو النزاهة. وهذا الأمر يتأتّى عن اعتماد هؤلاء بشكل أساسي وربما حصري على رواتبهم الأساسية وذلك بخلاف القضاة المنخرطين في الفساد الذين تزخر حساباتهم بمنافع غير مشروعة. كما يتأتّى عن أنّ هؤلاء هم الأكثر عرضة للتحريض والترهيب والتحقير بفعل استقامتِهم ورفضِهم الإذعان لمنظومة الإفلات من العقاب. وعليه، يُخشى أن تكون الاستقالات باكورة لاستقالات جماعية أخرى تنتهي إلى “تطهير” القضاء من أفضل نسائه ورجاله.

وعليه، يعلن ائتلاف استقلال القضاء الأمور الآتية:

أوّلاً، التنديد باستمرار القوى الحاكمة في سياسة الإنكار، متجاهلة الانهيار المالي والاقتصادي وتداعياته فضلاً عن الحاجة الملحّة لتدابير طارئة لضمان استمرارية المرافق العامّة الأساسية وفي مقدّمتها المرفق العام القضائي، 

ثانياً، التحذير من مغبّة استمرار الحملات المُمنهجة والهادفة إلى ثنْي القضاة عن القيام بوظائفهم وصولاً إلى حماية نظام الإفلات من العقاب. فبمعزل عن المكاسب السياسية التي قد يحقّقها آنياً مُطلقو هذه الحملات، فإنّ الأفق الوحيد لها هو تدمير المؤسّسات والمزيد من العصبية واللادولة ممّا سيرتدّ عاجلاً أم آجلاً على أغلب هؤلاء،

ثالثاً، توجيه تحية تقدير لجميع القضاة الذين صمدوا حتى الآن في مواجهة جميع أساليب الإغراء والترهيب والتطييف والتمييز والإفساد خلال سنوات وربما عقود عملِهم الماضية، مقدّرين عالياً استمرار صمود الكثيرين منهم في الظروف الحاضرة والتي تزداد قسوة أكثر من أي وقت مضى.  

لقراءة البيان باللغة الانجليزية اضغطوا على الرابط

Statement by the Independence of the Judiciary Coalition: The Justice System Is in Imminent Danger

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، لبنان ، حقوق العمال والنقابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني