بيان ائتلاف استقلال القضاء حول ملاحقة نسرين شاهين: كرامة المقامات ضدّ كرامة شعب بأكمله أو التربية على شو؟

بيان ائتلاف استقلال القضاء حول ملاحقة نسرين شاهين: كرامة المقامات ضدّ كرامة شعب بأكمله أو التربية على شو؟
ائتلاف استقلال القضاء في لبنان

شهدنا منذ الصباح ملاحقة رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي نسرين شاهين والتلويح بإبقائها موقوفة على خلفية رفضها إزالة منشور لها انتقدت فيه وزير التربية عباس الحلبي ورئيس  حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك تبعًا لشكوى تقدّم بها الحلبي في وقت سابق. علمًا أنّ التلويح بالتوقيف استمرّ ساعات قبل أن يتمّ الإفراج عنها رغم رفضها إزالة أي من محتوى تصريحاتها.   

وقد جاء في التصريح موضوع الملاحقة: “جديد الثنائي ميقاتي والحلبي بطلا التعدّي على الأنظمة والقوانين والمراسيم في الحكومة وبلا منازع. الزبائنية السياسية والتوظيف العشوائي يعود من أوسع أبوابه بقرار تعاقد مع 800 أستاذ من خارج جدول الأعمال. من جهة يهددون الأساتذة. من جهة يدخل المستزلم بدل الكفؤ الذي تهجّر أو ترك الوظيفة. من جهة يوظفون من يطيعهم. من جهة يرشون بفتات من المال العام. من جهة الله يلعنهم واحد واحد هنّي وكل مين يسكت أمام اللي عم يصير”. 

ويلحظ أنّ نسرين تواجه منذ أشهر وزير التربية الحلبي في عدد من الملفات التربوية، وأنّها تعرّضت من قبل لعقوبة مقنّعة منه تمثلت في وقف التعاقد معها، وأنّها نجحت في الحصول على قرار من مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ قراره من دون أن تنجح في إقناع الحلبي بضرورة تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضده. 

وعليه، يهمّ ائتلاف استقلال القضاء تسجيل الأمور الآتية: 

  • يشكّل تصريح نسرين نقدًا مباحًا لأداء النظام السياسي برمّته. فلم يعد خافيًا أنّ السياسة التربوية في لبنان باتت مشوبة بتعيين المحسوبين والزبائن والتابعين في الهيئات التعليمية على حساب معايير الكفاءة والمساواة. ولم يعد خافيًا أنّ مؤدّى هذه السياسة إضعاف المدرسة الرسمية وتقويض حق التعليم. ونحن تعمّدنا إعادة نشر التصريح تبيانًا لخلوّه من أيّ مادة جرمية. أمّا اللعنة التي تضمّنها فلا تعدو كونها شعارًا سياسيًا يعبّر عن سخط المواطنين ولسان حالهم منذ أوّل أيام الانهيار وفق ما كرّسه عدد من المحاكم الجزائية (يراجع أحكام القاضيتين عبير صفا وناديا جدايل بشأن محاكمة حراك 2015)،     
  • يتعارض مجرّد التلويح بالتوقيف مع القانون اللبناني من زوايا عدّة أبرزها الآتية: (1) أنّ التوقيف في قضايا القدح والذم من قبل النيابة العامّة يشكّل ممارسة غير قانونية كونه يتعارض مع المادة 107 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تمنع التوقيف في الجرائم التي لا تتجاوز العقوبة فيها سنة حبس وهي حال القدح والذم والمدعى به في المادة 386 من قانون العقوبات. (2) أنّ النيابة العامّة تجاوزت صلاحياتها من خلال تخيير نسرين بين حرّيتها والإبقاء على المنشور موضوع الشكوى، بما يشكّل حكمًا مسبقًا يخرج من صلاحيات النيابة العامة التي لها أن تدّعي فقط من دون أن تصدر أحكامًا ولها أن تلاحق من دون أن ترهّب أو أن تخيّر المواطنين بين حرّيتهم الشخصية أو حرية التعبير، 
  • يفترض أن تنحصر صلاحية النيابة العامة التمييزية في التحقيق في القضايا الخطيرة. فما معنى إذا أن يتمّ زجّها، وأن تنخرط في ملاحقة قضايا قدح وذمّ وهي بطبيعتها قضايا غير خطيرة؟ لا يفهم ذلك إلّا من زاوية أنّها تحوّلت إلى نيابة عامّة في خدمة أصحاب المقامات والامتيازات، بحيث تحرّك ترسانتها دفاعًا عن مصالحهم وخلافًا لمبدأ المساواة.   
  • إنّ ملاحقة نسرين والتلويح بتوقيفها تأتي على ضوء كلّ ما تقدم من تاريخ مواجهة بينها وبين وزير التربية بمثابة مسعى للقضاء على مقاومتها ولثني سائر الأساتذة عن حذو حذوها فضلًا عن كونها رسالة تخويف موجّهة إلى المواطنين كافة بوجوب الالتزام بحدود المقامات. من هذه الزاوية، يبدو الدرس الذي رأى وزير التربية بالتفاهم مع النائب العام التمييزي ضرورة في تلقينه هو وجوب احترام المقامات، بحيث يتحوّل أي نقد لهم إلى اتهام ضدّ صاحبه، وهو درس يتعارض تمامًا مع أهداف المناهج اللبنانية التي تقوم على بناء المواطن الحرّ الملتزم بقيم العدالة وحقوق الإنسان. 

وعليه، يبدي ائتلاف استقلال القضاء المواقف الآتية: 

  • إسقاط كلّ التتبعات ضدّ نسرين شاهين لخلوها من أي مادة جرمية، 
  • دعوة جميع أعضاء الهيئة التربوية للانتصار لقضية نسرين شاهين ولأهداف المناهج التربوية، في اتجاه بناء مواطنة قائمة على الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، مواطنة تقوم على أنقاض أصنام المقامات التي آن أوان تحطيمها. 
  • مطالبة رئيس التفتيش المركزي بفتح تحقيق فوري في ما أثارته نسرين في تصريحها حول قرب التعاقد مع 800 أستاذ على أساس المحسوبية والزبونية تمهيدًا لاتخاذ المواقف اللازمة.  
انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، المرصد القضائي ، حرية التعبير ، الحق في التعليم ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، محاكمة عادلة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني