بيان ائتلاف استقلال القضاء بشأن حكم الهيئة المختلطة في استئناف بيروت: لا لشيْطنة الحرية

بيان ائتلاف استقلال القضاء بشأن حكم الهيئة المختلطة في استئناف بيروت:  لا لشيْطنة الحرية
ائتلاف استقلال القضاء في لبنان

منذ بدء معركة الحريات تبعًا لقرار مجلس نقابة المحامين في بيروت في 3 آذار والتعميميْن الصادريْن عن وزير العدل هنري خوري في 24 نيسان 2023، دأب المسؤولون عن قمع حريات المحامين والقضاة على شيطنتها، بهدف تشريع كل أشكال التنكيل بها. وقد بلغ هذا الخطاب أوْجه في الندوة التي عقدتها نقابة المحامين في 10 أيار وضمّت النقيب ناضر كسبار ووزيري العدل والثقافة هنري خوري ومحمد مرتضى، بالإضافة إلى ممثل عن وزير الداخلية بسام المولوي. فتحتَ شعار “الحقّ والحرّية قيمتان وجوديّتان مسؤولتان”، أجمعت المحاضرات كلّها على التحذير من مخاطر الحرية وصولًا إلى تزيين الرقابة المسبقة عليها. وعليه، تردّدت بشكل واسع كلمة “فوضى” التي باتت تستعمل لانتقاد كل ما يمسّ بالنظام السائد statu quo كما ردّد النقيب كسبار مجددًا ومجددًا عبارته المأثورة “كم من الجرائم ترتكب باسم الحرية؟”. بعد يومين فقط، أصدرت الهيئة المختلطة الناظرة في القضايا النقابية في محكمة استئناف بيروت (وهي الهيئة المؤلفة من 3 قضاة ومحامييْن من أعضاء مجلس النقابة ويرأسها القاضي أيمن عويدات) حكمًا ذهب في الاتجاه نفسه أي في اتجاه شيطنة الحرّية تبريرًا للرقابة المسبقة عليها. وما فاقم من ذلك أنّ الهيئة استكملت ذلك من خلال إعلاء شأن “الرقيب” (نقيب المحامين في هذه الحالة) من خلال افتراض حرصه على حسن استخدام صلاحية الرقابة المسبقة الممنوحة له بما تقتضيه مختلف المصالح المشروعة، ومنها مصلحة المحامي الذي تمارس عليه الرقابة (!!). واللافت أنّ الحكم ورّط نقابة المحامين في باريس في انتهاك الحرية، من خلال تصوير أنّها تعتمد القيود نفسها، في تحوير تام لواقع الحال حيث كانت هذه النقابة ألغت آلية الإذن المسبق منذ عشرين سنة وتحديدًا في 1994 عملًا بمبادئ حرية التعبير. 

تبعًا لذلك، أخذ “الائتلاف” علمًا أنّ 10 محامين قدّموا أمس الخميس 18 أيار طعنًا أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز على خلفية الأخطاء الجسيمة المرتكبة فيه.

وعليه، يهمّ الائتلاف إبداء المواقف الآتية: 

  1. نعتبر أنّ الدفاع عن حرية التعبير وبخاصة لدى المهن القانونية مركزيٌّ في عملنا كـ “ائتلاف”، طالما أنّه أحد أبرز شروط النضال من أجل وضع حدّ للفوضى الكبرى التي هي نسف أسس دولة القانون وتعميم نظام الإفلات المعمم من العقاب ومعه شريعة الغاب. أيّ حديث عن فوضى أخرى بهدف تقويض سبُل الحدّ من هذه الفوضى إنّما ينمّ عن إرادة في قلب الأولويات وحجب المشاكل الحقيقيّة بمشاكل متخيّلة والأخطر التضييق على أدوات مكافحة الفساد بهدف إبقاء نظام الإفلات من العقاب على حاله.  
  1. نعتبر أنّ الهيئة المُختلطة لدى محكمة الاستئناف قد أخلّت بوظيفة القضاء الأساسيّة التي هي حماية الحقوق والحريات، وذهبت أبعد من ذلك في اتجاه اجتراح حيثيّات تمهّد لمزيد من قمع الحريات. وما أسهم في جسامة هذا الإخلال هي التركيبة الهجينة لهذه الهيئة، التي تضمّ اثنين من أعضاء المجلس، أي ممّن شاركوا في اتّخاذ القرار المطعون فيه ممّا يجعلهم في موقع الخصم والحكم في آن. وعليه، نضع هذا الحكم كدليل إضافي على فشل العديد من الهيئات القضائية في الدفاع عن المجتمع، وكمحفّز للإسراع في إقرار قانون استقلالية القضاء. كما ندعو بالمناسبة نفسها إلى تعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة على نحو يعيد للهيئة حياديّتها ويضمن شروط المحاكمة العادلة، منعًا لتكرار انحيازات وأخطاء جسيمة كهذه. 
  1. ندعو إلى مواصلة المواجهة للقرارات المقيّدة للحرية من خلال اعتماد كل الطرق القضائية والدولية المتاحة، بما فيها اللجوء إلى المقررين الخاصين للأمم المتحدة في مجالات حرية التعبير واستقلالية القضاة والمحامين وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، علمًا أنّ الائتلاف سيدعم أي مبادرة في هذا الاتجاه.  
  1. نطالب مجلس نقابة المحامين بالتعامل جدّيًا مع الأخبار الواردة في بعض الصحف اللبنانية (الأخبار، 16 أيار) لجهة ممارسة نقيب المحامين ناضر كسبار وبعض أعضاء مجلس النقابة ضغوطًا على القضاء لإرغام الهيئة المختلطة على رد الطعون، بالنظر لخطورة هذه الممارسات على الثقة العامّة بالقضاء والمحاماة في حال صحّتها. 
  1. أخيرًا، نطالب نقابة المحامين في باريس بموقف واضح، بعدما تمّ توريطها في أحد أبرز انتهاكات حرية التعبير في لبنان. 

لقراءة البيان باللغة الانكليزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

حرية التعبير ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني