النيابة العامّة العسكرية تتجاوز صلاحيّاتها للتحقيق في برنامج “مرحبا دولة” 

النيابة العامّة العسكرية تتجاوز صلاحيّاتها للتحقيق في برنامج “مرحبا دولة” 
حاطوم بعد خروجه من شعبة المعلومات (الصورة من صفحة الزميلة نانسي السبع)

مثل الصحافي والمنتج فراس حاطوم أمام شعبة المعلومات لدى قوى الأمن الداخلي، اليوم الخميس 4 نيسان 2024، للتحقيق معه بإشارة من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي، وذلك على خلفية الشكوى المقدّمة من المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي، اعتراضًا على المسلسل الكوميدي “مرحبا دولة” الذي ينتجه حاطوم وتبثّه المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI. وتبيّن أنّ التحقيق تناول ظهور شخصيّات بلباس قوى الأمن الداخلي في البرنامج استنادًا للمادة 144 من قانون القضاء العسكري التي تُعاقب بالسجن من شهرين إلى سنتين كل من يقدم على انتحال صفة عسكريّة أو يرتدي أحد الألبسة العسكرية. 

وبعد خروجه من التحقيق الذي استمرّ لنحو ثلاث ساعات، شرح حاطوم لـ “المفكرة” أنّ التحقيق اقتصر على “أسئلة حول الأسلحة المستخدمة في البرنامج والأزياء التي يرتديها الممثلون، فأوضحت لهم أنّ هذه الأزياء موجودة في المستودع وهي مخصصّة للتمثيل وليست المرّة الأولى التي يتم استخدامها في التمثيل التلفزيوني، إضافة إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يظهر فيها زي قوى الأمن الداخلي في المسلسلات”. كما أكدّ حاطوم للمحققين أنّ “الأسلحة المستخدمة هي أسلحة بلاستيكية معدّة للتمثيل”. 

واستغرب حاطوم أن يتمّ انتقاء مسلسل “مرحبا دولة” من بين عشرات المسلسلات التي يظهر فيها شخصيّات بلباس قوى الأمن الداخلي، واضعًا الأمر في إطار الاستنسابية. وأكدّ حاطوم بأنّه تمّ تركه رهن التحقيق على أن يقوم بتسليم الملابس والأسلحة البلاستيكية المستخدمة في المسلسل لشعبة المعلومات. 

كذلك أكدّ وكيل حاطوم المحامي أشرف صفي الدين لـ “المفكرة” أنّ “محضر التحقيق لا يزال مفتوحًا ومن المرجّح استدعاء آخرين من ضمن فريق عمل البرنامج”. وأوضح صفي الدين أنّ “استخدام الأزياء العسكرية في المسلسلات سُمح به بشكل عرفي منذ أكثر من 50 عامًا، ولم يتمّ تطبيق المادّة 144 على البرامج التلفزيونية”. 

وأبعد من ذلك، يظهر أنّ القاضي فادي عقيقي قد تجاوز صلاحياته القانونية من خلال استدعاء حاطوم للتحقيق لدى شعبة المعلومات، إذ أنّه من الثابت قانونًا واجتهادًا أنّ المخالفات التي ترتكب في إطار البرامج التلفزيونية تخضع لقانون المطبوعات وفقًا لقانون البث التلفزيوني والإذاعي (المادة 35). لذا، فهي تخرج عن صلاحيات القضاء العسكري، ويعود التحقيق فيها حصرًا إلى قاضي التحقيق. وقد دان تجمّع نقابة الصحافة البديلة هذا الاستدعاء لاعتباره مخالفًا لقانون المطبوعات.

وكانت قوى الأمن الداخلي قد أصدرت بيانًا في 25 كانون الثاني 2024 اعتراضًا على برنامج “مرحبا دولة” بعد عرض الحلقة الأولى منه، معتبرةً أنّه “تضمّن إهانات موجهّة لهيبة الدولة وهيبة قوى الأمن الداخلي”، إضافة إلى أنّه “استباح الحرم الأخلاقية والنقابية”. وعلى أثرها طلبت وزارة الداخليّة والبلديّات من هيئة القضايا في وزارة العدل اتخاذ إجراءات قانونية في حقّ البرنامج. 
وإلى جانب هذه الشكوى الجزائية التي وصلت إلى النيابة العامّة العسكرية، لجأت الدولة إلى القضاء المستعجل في محاولة لمنع بثّ البرنامج الكوميدي، إلّا أنّ قاضية الأمور المستعجلة في بيروت كارلا شوّاح تصدّت لهذا الأمر. فأصدرت قرارًا في 25 كانون الثاني 2024 قضى برد طلب الدولة اللبنانية (وزارة الداخلية) استنادًا لاعتبارات عدّة، منها عدم وجود أيّ سند قانوني لفرض الرقابة المسبقة على الحرية الإعلامية المصانة بموجب الدستور، لا بل أنّ هكذا رقابة تمسّ الحرية الإعلامية في عمقها. ويدخل هذا القرار ضمن التيّار القضائي الذي يتشدّد في الاستجابة لطلبات منع النشر المسبق، والذي كانت “المفكّرة” قد فصّلت حججه القانونية في “المرافعات النموذجية دفاعًا عن حرية التعبير” التي نشرتها في عام 2020.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، محاكم عسكرية ، قرارات قضائية ، لبنان ، مقالات ، إعلام



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني