المفكرة تقابل رولان طوق بشأن ادانة صاحب عمل بإساءة الأمانة لتخلفه عن تسديد أجور عاملة منزلية


2013-08-13    |   

المفكرة تقابل رولان طوق بشأن ادانة صاحب عمل بإساءة الأمانة لتخلفه عن تسديد أجور عاملة منزلية

صدر بتاريخ 10/7/2013حكم عن القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا نادر منصور، في قضية تقدمت بها عاملة في الخدمة المنزلية بوجه ربة عملها لعدم دفعها اجورها المستحقة منذ ثلاث سنوات. وبعد ان ادان الحكم ربة العمل (المتوارية عن الانظار حاليا) بارتكاب جرم “اساءة الامانة” المنصوص عنها في المادة 671 من قانون العقوبات قضى بحبسها شهرين وتغريمها 500.000 ليرة لبنانية، اضافة الى الزامها بأن ترد للمدعية مبلغ 3750 دولار أميركي بالإضافة إلى عطل وضرر بقيمة مليون وخمسماية ألف ليرة لبنانية.
وكما كنا لفتنا في مقال سابق، أتى هذا الحكم نتيجة عمل حقوقي تراكمي في مجال التقاضي دفاعا عن أشخاص مهمشين، ننشر هنا مقابلة أجرتها “المفكرة القانونية” مع المحامي رولان طوق، الذي كان أول من لجأ الى القضاء الجزائي في قضايا تمّنع فيها رب/ة العمل من دفع رواتب العاملة في الخدمة المنزلية.
1- متى تم تقديم أول دعوى اساءة أمانة؟ ولماذا؟
بدأنا العمل على قضايا العاملات في الخدمة المنزلية منذ العام 1994، حيث كانت تصل الى علمنا حالات عاملات في الخدمة المنزلية تشكو من تمنع رب/ة العمل عن دفع الرواتب، أو تعاني من حجز حرية في المنزل بسبب منعها من الخروج، أو عدم السماح لها بالأكل. وكنا وقتها نعالج المسألة على قاعدة ال case by caseأي بالتفاوض مع رب/ة العمل ودون اللجوء الى القضاء. الا أنه تبين لنا خلال العمل على هذه القضايا أن اصحاب العمل يتعاملون مع مساعينا على قاعدة عدم الاكتراث ومنهم من لا يلتزم بما وعد به. لا بل أسوأ من ذلك، فقد قام بعض أصحاب العمل بالتشكي عليّ على أساس أنني أقوم بايواء العاملة التي تركت العمل. هذه الاسباب دفعت بنا الى التقدم بدعاوى أمام القضاء لتكريس الحق وتفعيل حماية العاملات في الخدمة المنزلية. وقد لجأنا في المرحلة الاولى الى القضاء المدني، مستندين على مواد من قانون الموجبات والعقود. الا أنه تبين لنا أن القضاء المدني يستغرق وقتا طويلا للبت بالقضايا المطروحة أمامه كما أن هناك رسوما طائلة مفروضة على هذا النوع من القضايا. لذا تقرر اللجوء الى مجالس العمل التحكيمية وهذا كان في أواخر العام 2000، خاصة أن هذه المحكمة ملزمة بالبت بالدعوى خلال ستة أشهر. وقد اعتبرنا أن لمجلس العمل صلاحية للنظر في قضايا العاملات في الخدمة المنزلية بالرغم من استثنائهن من قانون العمل اللبناني، وذلك سندا لقانون الموجبات والعقود وقد تم قبول الدعوى شكلا من قبل المجلس وأصبح من الطبيعي اللجوء اليه في مثل هذه القضايا. إلا أنه تبين أنه على صعيد الممارسة لا تلتزم هذه المجالس بالمهلة المحددة قانونا، فقد استغرقت الدعوى ثلاث سنوات قبل صدور الحكم، وذلك يعود الى ضغط العمل الكبير على هذه المحاكم.
في أواخر العام 2003، تقدمت بدعوى أمام القضاء الجزائي في قضية عاملة تمنع صاحب العمل عن تسديد أجورها معتبرا ان التمنع عن الدفع يشكل جرم اساءة الامانة المنصوص عنه في المادة 671 من قانون العقوبات اللبناني، على أساس ان صاحب العمل احتفظ بالراتب على أساس الأمانة، وتمنع من ثم عن تسديده رغم مطالبة العاملة به. وكانت هذه القضية مقدمة امام القاضي المنفرد الجزائي في المتن، الذي أصدر حكما أدان به صاحب العمل بجرم اساءة الامانة، ملزما اياه برد الاجور المستحقة تحت طائلة الحبس.
وتقرر التقدم بالدعوى أمام القضاء الجزائي لعدة أسباب، أولها أن هذه المحكمة مخولة ان تصدر أحكاما بالحبس، وهذا الامر يشكل ورقة ضغط إضافية على صاحب العمل فعقوبة الحبس تشكل رادعا مهما، خاصة انها تدرج على سجل صاحبة العمل العدلي وبالتالي تشكل مانعا أمام توظيف صاحب العمل في أي مؤسسة. كما أن المحاكم الجزائية غالبا ما تبت بالدعاوى بشكل أسرع من بقية المحاكم (مجلس العمل او المحاكم المدنية)؛ وهذا الأمر قد تغير مؤخرا بعدما أصبح من الممكن الادلاء بدفوع شكلية امام هذه المحاكم مما يفسح المجال أمام المماطلة، وهنا أشير الى أنه في بعض الحالات تقبل العاملة بالمصالحة بسبب عدم قدرتها على انتظار القضاء، خاصة انها لا تستطيع العمل في لبنان لأن اقامتها أصبحت غير مشروعة.
وعلى إثر هذا الحكم، قمنا بتقديم عدة دعاوى من هذا القبيل أمام محاكم في مناطق مختلفة وذلك لتكريس هذا الاجتهاد، الا ان خسرنا ما يقارب ال 99 % من هذه الدعاوى، حيث اعتبرت هذه المحاكم أن النزاع المقدم امامها ليس نزاعا جزائيا انما نزاع مدني يخرج عن صلاحيتها ويدخل في صلاحية مجالس العمل التحكيمية.
2-هل تم تقديم هذه الدعاوى بشكوى مباشرة امام المحكمة أو عبر النيابة العامة؟
حرصنا على التنويع لمعرفة ان كانت توجد ثغرات، فقمنا بتقديم بعض الدعاوى امام القاضي المنفرد الجزائي مباشرة والبعض الاخر عبر مخافر قوى الامن الداخلي. وتبين أن المرور بالمخفر أصعب، حيث تطلب القوى الأمنية بعد الاستماع الى الافادات، مواجهة بين العاملة وصاحبة العمل. الا انه، في حال حضرت العاملة الى المخفر تقوم القوى الامنية بتوقيفها (وذلك بسبب اعتبار ان اقامتها غير صالحة لأنها تركت العمل) ونحن كنا نرفض ذلك، ولا نقر حتى بمكان تواجدها.
3-هل برأيك اتى الحكم الصادر عن القاضي نادر منصور بجديد من حيث العقوبة؟
طبعا، خاصة انه أقر بعقوبة الحبس وأكد على اعتبار أن فعل عدم تسديد الاجور في كثل هذه الحالات يشكل جرم اساءة الامانة. ألا انه يبقى اجتهاد غير ملزم لبقية المحاكم، وذلك لأن المحاكم العليا في لبنان (مثل محكمة التمييز) لا تدرس اجتهادات المحاكم ولا تقرر أي تفسير وتحليل على المحاكم ان تعتمده. ولذا يجب مراكمة العديد من هذه الاحكام من محاكم في مناطق مختلفة لكي يتحقق تغيير فعلي.
 
حاورته سارة ونسا

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة ، مساواة ، عمل ونقابات ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني