أصدرت اليوم القاضية عبير صفا قرارا بالغ الأهمية بتسليم كمية مازوت محجوزة (عشرة آلاف ليتر) مناصفة للمستشفى الحكومي رفيق الحريري والجامعة الأميركية مقابل تسديدهما السعر الرسمي للمازوت. القرار صدر في سياق دعوى عامة جزائية ضدّ شخص ادّعت عليه النيابة العامة بعدما ضبطت لديه كميات من المازوت المخزنة. لم تنتظر القاضية صفا انتهاء المحاكمة كما يحصل عادة، بل عمدت من تلقاء نفسها إلى اتخاذ قرار بتسليم البضاعة المحجوزة للمستشفيين مع حفظ حق الشخص المدعى عليه بثمنها وفق السعر الرسمي والذي يستوفى من هذين الأخيرين.

وقد بررت القاضية صفا قرارها ب “ما تشهده البلاد من أوضاع اقتصادية واجتماعية وصحية صعبة وسيئة لا تنفكّ من التوالي والتفاقم والاشتداد يوما بعد يوم بحيث أضحت القطاعات كافة تعاني من أزمات عدة تتعلق بشح وغلاء المواد الأساسية التي من شأنها تأمين مقومات العيش الكريم للمواطنين بشكل لائق غير مهين وبالأخص أزمة شح مادة المازوت أو بيعها بأسعار تفوق أضعاف السعر الرسمي”. وقد أضافت إلى ذلك أنها تأخذ قرارها المذكور “درءا لأي خطر لا يجوز أن يطال أي من المواطنين فكيف المرضى منهم، وإيمانا واحتراما لمدى أهمية القطاع الصحي وحاجته لتقديم الخدمات الصحية بعد توافر المواد الأساسية لذلك”. وقد بررت القاضية اختيار مستشفى الجامعة الأميركية إلى جانب المستشفى الحكومي بالإعلان الصادر عن مركزه الطبي بضرورة إمداده بشكل عاجل بمادة المازوت إنقاذا لعدد كبير من المرضى المعرضين لخطر داهم في حال عدم تأمينه.

قرار بالغ الأهمية في هذا الظرف، يتميز ليس فقط في مضمونه، بل أيضا في آلية اتخاذه حيث أنه صدر قبل انتهاء المحاكمة، وعفوا بمبادرة من القاضية من دون أي طلب مسبق. من هذه الزاوية، هو قرار يفتح أفقا جديدا أمام الدور الذي بإمكان القضاء تأديته في خضم هذه الأزمة التي تكاد تتحول إلى مجزرة.