الخبز خط أحمر


2021-09-11    |   

الخبز خط أحمر

 

كلمة رئيس نقابة عمال المخابز في بيروت وجبل لبنان شحادة المصري في المؤتمر الصحافي بعنوان “الخبز في عتمة الاحتكارات” من تنظيم النقابة والمفكرة القانونية القانونية، انعقد في مكتب المفكّرة في 9 أيلول 2021.

 

رغيف الخبز بالنسبة إلينا خطّ أحمر لأنّه المادّة الأساسية والحيوية لكافّة المواطنين وقوت العمّال والفقراء والعاطلين عن العمل ولم يعُدْ باستطاعة الفقراء والمحتاجين شراء ربطة الخبز .ويهمّنا أن نوضح للرأي العام ما يأتي:

 

كيف ولماذا تمّ إبعادُنا عن لجنة دراسة وكلفة صناعة ربطة الخبز؟

في 27 شباط عام 2021، شكّل وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة لجنة لدراسة كلفة سعر ربطة الخبز وعيّنني فيها بصفتي رئيس نقابة عمّال المخابز في بيروت وجبل لبنان. شاركتُ في ثلاثة اجتماعات متتالية. وقبل يومين من الاجتماع الرابع الذي تحدّد في 16 آذار، تبلّغت من المديرة العامّة لمكتب الحبوب والشمندر السكري بقرار تأجيل الاجتماع إلى موعد يحدّد لاحقاً بسبب وباء كورونا. وما بدا سبباً صحّياً لاستبعاد النقابة اتّضح فيما بعد أنّه رغبة في الإقصاء وقد بدا ذلك واضحاً حين تمّ الإعلان في أيار عن التسعيرة الرسمية من دون أن نُدعى إلى أيّ اجتماع لاحق.

ونفهم سبب إقصائنا عند العودة إلى وقائع الاجتماعات الثلاثة الأولى التي تسنّى لي حضورها والتي تبيّن بشكل واضح أنّ السبب الحقيقي هو تمرير التسعيرة التي يريدون من دون أن يكون لأحد أن يناقشها.

وفي الواقع في الاجتماع الأوّل، طرح ممثّلو أصحاب الأفران دراسة غير واقعية وغير دقيقة بالنسبة لعدد العمال والأجور وإجازات العمل والإقامات والبطاقات الصحية للعمّال السوريين والأجانب وكلفة الصيانة وكلفة الكهرباء واستهلاك خطّ الإنتاج والأكلاف الإضافية وعدد ربطات الخبز لشوال أو كيس الطحين وزن 100 كلغ .اعترضنا طبعاً على كل هذا.

في الاجتماع الثاني، ما أن جلسنا على طاولة الاجتماع حتّى انسحب ممثلو أصحاب الأفران لرفضهم وجود ممثلين عن جمعية حماية المستهلك. واللافت أنّ وزير الاقتصاد رضخ لمطلب ممثلي أصحاب الأفران وتمّ تأجيل الاجتماع .

في الاجتماع الثالث، حصلتْ المفاجأة بالنسبة لأصحاب الأفران وسائر أعضاء اللجنة بحيث أحضرتُ عدداً من المستندات التي تدحض الأسس التي وضعوها للتسعيرة:

  • فبخلاف ما صرّحوا به بأنّ لا عمال لبنانيين يعملون في الأفران، أبرزت جداول صادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تفيد بأنّ أكثرية (90%) عمّال الأفران المسجّلين في الضمان الاجتماعي لبنانيون. وبخلاف ما صرّحوا به لجهة نفقات الإجازات والإقامات للعمّال الأجانب، أبرزتُ إفادة صادرة عن وزارة العمل لثلاث سنوات 2017-2019 عن عدد الإجازات للعمّال السوريين تُبيّن أنّ مجموع الإجازات الممنوحة والمجدّدة حتى نهاية عام 2019 لا تتجاوز 300 إجازة عمل في كلّ أفران لبنان.
  • وبخلاف ما صرّحوا به لجهة كميّة الخبز التي يمكن أن ننتجها من شوال طحين، طلبت بعجن شوال طحين في أيّ فرن لتحديد عدد ربطات الخبز. فحسب خبرتنا “إنّ كلّ كيس طحين يُنتج نحو 140 ربطة خبز فيما يدّعي بعض أصحاب الأفران أنّ الكيس ينتج 120 ربطة”. ومن جهة أخرى، تدّعي الأفران أنّ كلّ عامل يُنتج 25 شوالاً، فيما نحن نؤكد أنّ العامل ينتج نحو 40 شوال طحين بالكلفة نفسها.
  • كما طالبت بإحضار ثلاثة إيصالات للكهرباء لفرن ينتج فقط الخبز العربي لتحديد كلفة الكهرباء الشهرية ولدحض الكلفة المضخّمة التي وضعوها.

كما طالبت أن يضاف إلى اللجنة أعضاء من أصحاب الخبرة والكفاءة في صناعة الأفران لتحديد كلفة الصيانة واستهلاك خط الإنتاج.

وكلّ هذه المواضيع التي طرحتها تم تأجيلها للاجتماع التالي. وبسبب هذا الاجتماع والمطالب التي طرحتها، وفي نهج مشابه لنهج إقصاء جمعية المستهلك، تمّ إبعادنا عن اللجنة وليس وباء كورونا.

 

وتمثلتْ المفاجأة بصدور تسعيرة ربطة الخبز في شهر أيّار بعد انتهاء اجتماعات لجنة دراسة وكلفة صناعة ربطة الخبز ولم يبقَ في اللجنة سوى الوزير وأصحاب الأفران. وبذلك، جاءت التسعيرة الجديدة مبنيّة على أرقام خاطئة حيث تمّ فيها تضخيم كلفة مجمل عناصر إنتاج الخبز بهدف رفع التسعيرة بما يحقّق أرباحاً طائلة لأصحاب الأفران وبخاصّة الأفران الكبيرة على حساب الفئات الأكثر فقراً وهشاشة وهدر حقوق العمّال .

وفي اليوم الثاني لصدور التسعيرة، التقيت الوزير في مكتبه بالوزارة معاتباً على إقصائنا عن اللجنة فقال لي إنّ السبب وباء كورونا وحقوق العمال محفوظة وطلب منّي تقديم مذكّرة بمطالب العمّال. وفي اليوم نفسه قدّمت المذكرة بمعاناة وحقوق العمال علماً أنّه منذ استقلال لبنان وصدور قانون العمل اللبناني ولغاية اليوم لم يطبّق قانون العمل على عمال الأفران أي 8 ساعات عمل يومية وراحة أسبوعية وإجازة سنوية ومرضية وأيام فرص وأعياد وبدل نقل ومنح تعليمية حسب القوانين المرعية الإجراء. ولم تؤخذ مطالبنا بعين الاعتبار وبقيت حبراً على ورق.

في 14 تموز، عقدت مؤتمراً صحافياً وشرحتُ فيه بالتفصيل التجاوزات في الدراسة والأرقام غير الدقيقة ودعيتُ وزير الاقتصاد إلى تصحيح الخلل في الدراسة وتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والكفاءة لدراسة ميدانية على أرض الواقع وبكل شفافية تضمّ كلّ من له علاقة بصناعة الخبز وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه. وللأسف، بعد بيانات صحافية عدّة ومطالبتنا بالدراسة لنبني على الشيء مقتضاه، لم نجد آذاناً صاغية لحماية رغيف خبز الفقراء وعرق العمّال بل اتفاق الوزير وتضامنه مع أصحاب الأفران لرفع سعر ربطة الخبز أو إنقاص وزنها. وبقيت الدراسة سرّية وقيد الكتمان بحجّة أنّها للوزارة وأصحاب الأفران. وطلب منّي مدير عام مكتب الحبوب والشمندر السكري جريس برباري أخذ الدراسة من أصحاب الأفران إذا وافقوا على إعطائي إيّاها.

وعليه، تعاونّا مع المفكرة القانونية للجوء إلى القضاء للحصول على الدراسة التي بُنيَت عليها التسعيرة على أساس قانون حق الوصول للمعلومات، بهدف إطلاع الرأي العام على الأسس الخاطئة الواردة فيها. وستتولّى المفكرة القانونية شرح الوجهة القانونية للشكوى.

 

وثمة أمور أخرى يقتضي أن يعلم الرأي العام بها أودّ لفت النظر إليها:

  • أنّه منذ الانفجار الكارثي لمرفأ بيروت، تدفّقت المساعدات إلى لبنان ومنها مساعدات وهبات الطحين للمتضرّرين والفقراء ولتوزّع مجاناً والتي تقدّر بآلاف الأطنان. وزّعت هذه الهبات على الأفران بنسبة 25% من حصّة كلّ فرن من الطحين المدعوم لصناعة الخبز العربي. من هنا بدأ تخزين الطحين ونشطت السوق السوداء والطحين المدعوم لصناعة الخبز وطحين الهبات أصبح يباع للأفران وبخاصّة أفران المعجّنات والكعك وبأضعاف السعر الرسمي الذي يصدر أسبوعياً عن وزارة الاقتصاد والتجارة. وقد أدّى هذا الاحتكار والتخزين إلى الغلاء الفاحش ورفع جنوني لأسعار منتجات الأفران مثل الكعك والخبز الإفرنجي والكرواسون إلى آخره.. حتى طال منقوشة ذوي الدخل المحدود والعامل والفقير بشكل جنوني من دون حسيب أو رقيب .
  • أنّ الدعم شمل مواد لصناعة الخبز مثل الخميرة والسكر والزيت وخاصة الزيت الذي لم يدخل بصناعة الخبز وكانت كميات من هذه المواد المدعومة لا تصل إلى مستحقّيها وبخاصّة الأفران الصغيرة .

من هنا نقول لوزير الاقتصاد: أنتَ المسؤول الأوّل عن تأمين المواد الضرورية للمواطنين وحمايتها وبخاصّة المواد الغذائية ورغيف الخبز .ونتوجّه بالسؤال: من ينهب الطحين المدعوم وكمية الطحين المدعوم 27000 ألف طن طحين شهرياً وأيضاً المازوت للأفران ويبيعه في السوق السوداء لصالح كارتيلات الطحين والنفط ومن يفتعل الأزمات المنظّمة لطوابير المواطنين أمام الأفران والتلويح بالتوقّف عن العمل كلّ مدّة لعدم وجود الطحين أو المازوت وعدم إنتاج الخبز وباقي منتوجات الأفران متوفّرة وبسعر جنوني؟

يجب اتّخاذ القرارات الحاسمة لمحاسبة وتوقيف المحتكرين والمستغلّين وتجّار الأزمات وبخاصّة تجّار السوق السوداء وكشفهم أمام الرأي العام ومحاسبتهم وزجّهم في السجون، بحيث أصبح دخل الفرد والحدّ الأدنى للأجور لا يتجاوز 35 دولاراً شهرياً .

وإنّنا سنتابع موضوع رغيف الخبز وأجور العمّال والحصول على الدراسة لتصحيح الخلل لصالح كلّ صاحب حق وحماية رغيف الخبز وعرق العمّال.

وسنبقى في طليعة المدافعين عن حقوق ومطالب العمّال ورغيف خبز الفقراء  .

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، قطاع خاص ، حقوق المستهلك ، لبنان ، مقالات ، الحق في الصحة والتعليم ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني