في 2009، نشر نزار صاغية وسامر غمرون، وهما من مؤسسسي المفكرة، دراسة بعنوان: “التحركات الجماعية في لبنان” ضمّ توثيقا لتجارب منسية من تحركات القضاة في فترة (1969- 1982). وقد نشرت هذه الدراسة ضمن كتاب “حين تجمع القضاة” ضم أعمال مؤتمر انعقد في بيروت في 2008 بحضور أكاديميين وقضاة عرب تحدثوا فيه عن تجارب تحركات قضائية في المنطقة العربية، وتحديدا في مصر والعراق وتونس والمغرب والجزائر. وقد لاحظ الكاتبان في مستهل دراستهما أن “مراجعة الخطاب الاصلاحيّ للقضاء في زمن ما بعد الحرب تظهر بوضوح تركيزا على الإصلاحات التي تضعها الدولة أو مؤسّساتها الرسميّة فيما يظهر القاضي دوما محلا لإصلاح يتلقّاه دون أن يكون له أيّ دور فاعل فيه. والواقع أن هذا التوجه لم يكتف فقط بتهميش “التحرّكات القضائية الجماعيّة” كآليّة من شأنها الإسهام في إصلاح القضاء، إنما أيضا –وهنا الغرابة- بطمس ذاكرة القضاء بهذا الشأن، وتحديدا بما يتّصل بالتحرّكات الواسعة التي شهدها في العقود السابقة للطائف”.

منذ نشر هذه الدراسة، تغيرت الأمور كثيرا في المنطقة العربية، وخصوصا في المغرب وتونس، حيث نجح القضاة هنالك، بفعل تحركاتهم الجماعية الحاصلة بعد 2011، في فرض إشكالية استقلال القضاء في الخطاب العام، وفي انتزاع قوانين تعزز ضماناته إلى درجة كبيرة في هذين البلدين.

ومع انخراط القضاة اللبنانيين في أطول اعتكاف في تاريخهم في تموز/آب 2017، عادت التحركات القضائية، بما تستدعيه من أسئلة، لتطفو على السطح، وخصوصا أن السبب الأساسي لاعتكاف اليوم هو الدفاع عن أهم مكاسب التحركات القضائية الحاصلة في فترة (1969-1982)، وهو صندوق تعاضد القضاة وما يتيحه للقضاة من ضمانات اجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والسكن.

وعليه، ارتأت المفكرة القانونية أن تعيد نشر فصول هذه الدراسة في سياق مساهمتها في دعم استقلال القضاء وإعادة إحياء ذاكرته، على أن تستكملها بتوثيق مجمل تحركات القضاة في فترة ما بعد الطائف.

ويلحظ أن الأوراق المنشورة تباعا ستعتمد تعريفا واسعا للتحرّكات الجماعيّة بحيث يشمل أيّ تحرّك يقوم به عدد من القضاة بصفتهم تلك بما يتجاوز ما تفرضه عليهم وظائفهم المحددة قانونا. وتاليا، هو يشمل ليس فقط إنشاء جمعيات أو التجمع، لكن أيضا توقيع البيانات والعرائض. وهذا التوسع في التعريف يسهم برأينا بتكوين فكرة أوضح عن شروط هذه التحركات ولا سيما لجهة مدى حاجة القضاة إليها أو مدى استعدادهم للقيام بها (المحرر).

اللجنة القضائية في تحرك 1980

بعد أيام قليلة من تقديم العريضة التي أعدها خريجو معهد الدروس القضائية، ظهر تحرّك قضائيّ من نوع آخر[1]، بما يوحي بتواصل بين التحرّكين وإن أحجم الأشخاص ممن تمّت مقابلتهم عن تأكيد ذلك.

وقد تمّ الإعلان رسميّاً وللمرّة الأولى عن هذا التحرّك بتاريخ 5 كانون الثاني 1980[2] في اجتماع عامّ عقده حوالي ستّين قاضياً في قصر العدل، بناء على دعوة ما سمّي حينها “اللّجنة القضائيّة المؤقّتة” المؤلّفة من قضاة عدّة أبرزهم غبريال معوشي وحسن قواس ومنيف حمدان وتاليا من قضاة ذات باع وخبرة بخلاف مبادري العريضة، حديثي العهد في القضاء. وآل هذا الاجتماع إلى انتخاب لجنة متابعة والى وضع قائمة من المطالب ومن ضمنها المطالب الواردة في الدراسة موضوع العريضة[3].

وإزاء ذلك، لم تتأخّر ردود فعل “السّلطة” ممثّلة بوزير العدل والإعلام القاضي يوسف جبران الذي كان احتفظ في الآن نفسه، بمنصب رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهي ردود فعل حاولت بشكل عامّ استيعاب التحرك بدعم بعض مطالبه في موازاة الطعن في مشروعيته كأسلوب[4]، على نحو بلغ حدّ التلويح بإجراءات عقابية. ولعلّ أبرز مؤشّرات محاولات الاستيعاب، تبنّي مجلس القضاء الأعلى  والوزير بعض مطالب القضاة الشبان خريجي المعهد التي وردت في الدراسة المشار اليها أعلاه، مما ساهم ربّما في دفع هؤلاء إلى اتخاذ قرار تعليق عضويتهم في اللجنة. بالمقابل، تمّ تعجيل إصدار مرسوم التشكيلات والتعيينات بعد سنوات من الشلل بسبب الأحداث الأمنية على نحو عكس، حسب أعضاء اللجنة و المقرّبين إليها [5]، نيّة “الاقتصاص” من رئيس اللجنة السيّد غبريال معوشي الذي نقل من منصبه كرئيس محكمة الجنايات في بيروت ليصبح مستشارا ثانيا (يسار) لدى محكمة التّمييز، وبأية حال نية السلطة باستعراض قدراتها في المجال القضائي.

وفيما أدّى مرسوم التشكيلات والتعيينات إلى إبعاد قضاة عدة عن التحرك، فإنه بالمقابل ضاعف حدة المطالبة لدى “صقوره”[6] وبشكل خاصّ غبريال معوشي ومنيف حمدان، واللذين وجّها انتقادات إعلاميّة حادّة، تصريحا أو مقالا، لمعارضي التحرك، وعلى رأسهم يوسف جبران ومجلس القضاء الأعلى ولكن أيضا لجنة الإدارة والعدل البرلمانية. وإذ سجل هذا التحرك، بنتيجة تراكم العوامل المشار اليها أعلاه، تراجعا سريعا أخرجه تماما من النقاش العامّ ابتداء من النصف الثاني من سنة 1980، فانه شكّل، بإيجابيّاته وسلبيّاته، أحد التحرّكات القضائيّة البارزة ومؤكّدا إحدى الخطوات التمهيديّة لانطلاق تحرّك أكبر في 1982، بعدما يناهز سنة ونصف من الصمت، مما يوجب الإضاءة على أبرز تفاصيله.

أهداف التحرّك ومطالبه:
في الحادي عشر من كانون الثاني 1980 (أي بعد أقلّ من أسبوع من بدء التحرك)، أقرت اللجنة المنتخبة في اجتماعها المنعقد تحت عنوان “القضاء رسالة وسلطان”، بناء على التكليف المعطى لها، قائمة مطالب التحرك. وأبرز ما جاء في هذه القائمة، الأمور التالية:  “تبيّن أنّ جميع الاقتراحات والدراسة المقدّمة من القضاة الشباب ركّزت على اعتبار أنّ القضاء رسالة وليس مهنة وسلطة وليس وظيفة، وأنّ السبل المؤدّية إلى استقلال القضاء وفقاً لما نصّ عليه الدستور تقضي أوّلا: 1- إقرار المطالب الواردة في الدراسة المشار إليها أعلاه. 2- تعديل جميع القوانين و المراسيم الاشتراعيّة التي ناقضت الدستور في هذا المجال. 3- انتخاب مجلس القضاء الأعلى من القضاة حتى يأتي ممثّلاً لهم في جميع مناطقهم وقادراً على حمل مشعل الرسالة القضائيّة كسلطة سيّدة مستقلّة. 4- حصر التشكيلات القضائيّة بمجلس القضاء الأعلى المنتخب لمنع سوق النخاسة في موسم التشكيلات. 5- رفع مستوى المساعدين القضائيّين لأنّهم يشكّلون اليد اليمنى للسّلطة القضائيّة”[7].

وتاليا، يلحظ أنّ القائمة بيّنت في بنودها 2 و3 و4 مطالب معنويّة متّصلة بمبدأ استقلاليّة القضاء فيما انّ المطالب الماديّة وردت فيها ضمنا (دون أي اشارة صريحة) في البند رقم 1 الذي تبنى “الدراسة” موضوع العريضة والتي لم يُنشر نصها. وقد تبدت نيّة إبراز المطالب المعنوية (مبدأ الاستقلالية) في مجمل بيانات التحرك؛ حتى إذا ما ذكرت المطالب المادية، ذكرت ليس كهدف بحد ذاته إنما كأحد “شروط استقلال السلطة القضائية[8]. وقد أدى هذا الأمر بالواقع إلى قلب الاشكالية المطروحة في دراسة 1979 حيث صورت المطالب المعنوية كارتداد لتحقيق المطالب المادية.

ويجدر الذكر أيضاً أن هاجس التشكيلات كان طاغياً على مطالب اللجنة وتصريحاتها… فهذه التشكيلات هي “نقطة الضعف الأولى في الجسم القضائي… إنّها النافذة التي تطلّ منها السلطة التنفيذيّة …  والتي من خلالها تحوّل الحكومة القاضي إلى مجرّد موظّف”. ولا مشكلة طائفيّة على هذا الصعيد، حسب اللجنة، بل المشكلة هي أنّ ” الزعامات النافذة تصرّ على تحويل التشكيلات إلى موسم حصاد… “. فكان التحرّك القضائي “ثورة” على هذا الواقع المرّ…  وقد أتت تشكيلات شباط 1980 لتعزز هذه الهواجس وفقا لما نقرؤه في ردود فعل قادة التحرك ازاءها، وهذا ما سنعود اليه أدناه.

ويلحظ هنا أن التحرك أبدى تصلبا معينا بحيث حدد مطالبه كأنها وحدة غير قابلة للتجزئة، بمنأى عن أي تمييز بين المطالب الملحة والمطالب التي يمكن تحقيقها لاحقا.

في اساليب التحرك ووسائله:
في هذا الصدد، سنتناول الأساليب والوسائل التي اعتمدها التّحرّك من وجهتيه، الداخلية والخارجية.

الوجهة الداخلية: التنظيم الداخلي واجتذاب القضاة:

أوّل ما نلحظه في هذا الصّدد أنّ أعضاء التحرك اعتمدوا تنظيما متوسّطا بين التجمّع الظرفي وإنشاء جمعية دائمة. فهم انتخبوا في اجتماعهم العام لجنة قضائية مؤلفة من عشرة قضاة[9] (وهو بالمناسبة نفس عدد أعضاء مجلس القضاء الأعلى بما يوحي بأنه مجلس ظلّ) التي سرعان ما انتخبت في اجتماعها الأوّل في قصر العدل في بيروت غبريال المعوشي رئيساً لها وحسن قواس نائباً للرئيس ومنيف حمدان أميناً عامّاً وعادل خليل مقرّراً. واعتماد هذا الشّكل من التجمّع (أي لجنة) يعكس الى حدّ ما شعورا لدى أعضاء التحرك بأنه مؤقّت، بما يتعارض ربما مع أهدافه المعلنة والتي يظهر جليا أنّها تتطلب مثابرة طويلة لتحقيقها.

ورغم غياب أصول تنظيميّة واضحة، يسجّل أمور ثلاثة: الأوّل أنّه باستثناء مقرّرات الاجتماع العامّ، والذي شهد مداولات شارك فيها الجميع، فإنّ اللجنة “المنتخبة” تولّت فيما بعد اتّخاذ القرارات الخاصة بها دون الرجوع إلى الجمعيّة العموميّة، والثاني أن اللجنة التزمت عقد اجتماعات أسبوعية كانت تصدر على أثرها بياناتٍ تُنشَر في وسائل الإعلام[10] والثالث أنّ رئيسها وأمينها العامّ توليا عموما مهام تمثيل اللجنة والدفاع عنها وفقا لما يظهر من تصريحاتهما الإعلامية شبه اليومية في فترة التحرك.

ولغاية اجتذاب القضاة إلى التحرّك، قام أعضاء اللجنة بتحركات عدة. فإلى جانب الزيارات الرسمية التي قاموا بها لقصور العدل في المناطق[11]، وللهيئات القضائية (مجلس شورى الدولة، ديوان المحاسبة)[12]، يسجل محاولة اللجنة إظهار التحرك وكأنه استمرارية للتحركات السابقة، ولا سيما تحرك العريضة وتحرك حلقة الدراسات القضائية[13]، بهدف استمالة القضاة الذين شاركوا فيها. فضلا عن ذلك، وفي الإطار نفسه، بدا خطاب اللجنة خطابا تعبويّا بامتياز قوامه التّمجيد بالذات رفضا لتصرفات السلطة التي تتطلب ثورة.

فإلى جانب إبراز الطّابع المقدّس للقاضي والقضاء، سواء في وصف القضاة ب”أنصاف الآلهة” و”أركان الهيكل” أو في تأكيد رسالتهم وسلطانهم (مشعل الرسالة)[14]، تمّ إبراز الطابع المصيري للتحرّك، والذي وصف غالبا بثورة “إنقاذية” تتصدى لما بات “استعبادا” و”سوق نخاسة” (وهي تعابير درجت اللجنة على استعمالها).

 وفي هذا الصدد، وتجنبا لانقسام القضاة إلى حزبين (حزب مؤيد للتحرك وحزب مناوئ له)، أبدى أعضاء اللجنة –أقله في بداية التحرك- حذرا شديدا في مقاربة مجلس القضاء الأعلى[15]، فتمّ التأكيد على أن “نشاطها (أي اللجنة) ليس تجاوزاً للمؤسّسات القضائيّة الرسميّة”[16] وأنها “ليست ضدّ أيّ كان” وأنها “تلتزم خط مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل” وأن تحرّكها “يهدف إلى تقديم الدعم لهما”[17]. فإذا بدا التوتر واضحا فيما بعد، سعت اللجنة إلى تبريره بنظرية المؤامرة التي تريد أن أحدا ما يصرّ “في أو عبر مجلس القضاء” على موقفه السلبيّ من اللّجنة[18]، قبلما تقارب الأشياء ما يشبه صراعا مفتوحا.

الوجهة الخارجية: الأساليب الآيلة الى تحسيس الرأي العام والضغط على السلطات العامة:

فضلا عن ذلك، برزت مساع لتحسيس الرأي العامّ بأهميّة المطالب القضائيّة ومشروعيتها. وفيما أبدت اللجنة في بداية التحرك اهتماما معينا بالمهن القضائيّة، كما هو حال التضامن مع مطالب المساعدين القضائيّين، فإنّ الأمر بقي خلافيّا بشأن التلاقي مع نقابة المحامين، مما غلّب في العموم التوجه إلى الرأي العام ككل. وقد تمثل ذلك في اللجوء المكثّف إلى الصحف لنشر أخبار اللجنة وبياناتها وتصاريح أعضائها شبه اليومية (وأيضا مقالاتهم[19])، لتنتقل بذلك، للمرّة الأولى في تاريخ القضاء اللبناني، المسائل القضائية إلى الساحة العامة والنقاش العام. وهذا ما أثار بشكل خاص حفيظة مجلس القضاء الأعلى وأسّس لجدلٍ طويلٍ بشأن مشروعيّة التّخاطب مع الرأي العامّ. وقد تميز أسلوب التخاطب الإعلامي بنبرة حادة، لا بل تصرّف بعض أعضاء اللجنة أحيانا كأنهم يملكون الحقيقة كاملة ًويجاهرون بها في وجه السلطة الظالمة، كما حصل مثلا إبان المناقشات الإعلامية التي حصلت مع وزير الداخلية بهيج تقيّ الدين[20]، وبوجه خاص في التصريحات والمقالات الصحفية الحادة لبعض أعضاء اللجنة، ولاسيّما القاضيين المعوشي وحمدان، في إثر نقل معوشي بموجب مرسوم التشكيلات والمناقلات أو في إثر الاستماع إلى بعض أعضاء اللجنة من قبل رئيس هيئة التفتيش القضائي.

وقد ظهرت بوادر تشكيك بجدوى هذا الأسلوب، أو ربّما وعي بمدى خطورته على تماسك التّحرك. وهذا ما  عبّرت عنه ببلاغة كبيرة “مصادر” مقرّبة من اللّجنة[21] وفق ما نقرؤه في هذه الفقرة التي نوردها حرفيا لما لها من دلالة فائقة: “وبدأت الضغوط العمليّة تحاصر اللّجنة من خلال التركيز على حلقاتها الطريّة، فكان لا بدّ من الالتفات إلى الذات، في مراجعة للموقف شاملة، حتى لا تتحوّل اللّجنة إلى قطار، لكلّ راكبٍ فيه محطّة، حتى إذا ما وصل إلى آخر الخط، لم يعد فيه غير السائق و معاونيه… ففي المحطة الأولى نزل القضاة الجدد الذين لهم ظروفهم، التي لها تقديرها من اللّجنة القضائيّة المؤقّتة، وفي المحطّة الثانية، المعروفة بمحطّة نقابة المحامين، حصل تباين حول ضرورة أو عدم ضرورة مراجعة نقابة المحامين بهذا الشأن القضائي الصرف، فنزل راكب آخر. عندها اضطرّ القطار إلى التخفيف من اندفاعه، حتى لا يفقد معظم ركّابه على الطريق…”. وقد أدى تطور الأحداث إلى توسيع الشرخ بين اللجنة ومجلس القضاء الأعلى وتاليا إلى تصعيد المواقف الإعلامية، مما أدّى إلى تفاقم الوجه الصاخب للتحرك وإجهاض المساعي الرامية إلى مصالحة الطرفين [22]. ويجدر الذكر في هذا الباب أن هذه المواقف صدرت عموما إما عن رئيس اللجنة (تهديد بإقامة دعوى ضد مرسوم التشكيلات، دعوة رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى مناظرة تلفزيونية، اتهام لجنة الإدارة والعدل النيابية بخرق مبدأ فصل السلطات على خلفية تصريحاتها بشأن مرسوم التشكيلات، اعتبار مجلس القضاء الأعلى غير قانوني بفعل “شغور” مركز الرئيس بعد تعيين يوسف جبران وزيراً للعدل وللإعلام[23] ألخ..)، أو عن أمينها العام الذي ذهب إلى حدّ مناشدة الوزير جبران بالاستقالة والعودة إلى الجسم القضائي[24].

كما يلحظ، في هذا المجال، أنّ الصحف درجت على نسب عدد من أخبارها إلى “المصادر” المقرّبة من اللجنة، علما أن الأخبار المنسوبة إلى المصادر متنوعة. فمنها ما ينمّ عن مراجعة ذاتيّة للجنة كما هو الخبر المشار اليه أعلاه، ومنها ما ينمّ عن انتقاد للسلطات أو الإعلان عن مواقف تصعيديّة. ويرجح على ضوء ذلك أن يكون الهدف من تجهيل المصدر هو ابقاء الاهتمام والتّواصل الاعلاميّين قائمين، مع السعي، قدر الممكن، إلى تجنب الظهور الإعلاميّ “اليوميّ” لأشخاص ممثلي اللجنة.

تفاعل التحرّك اجتماعيّا: مواقف وردود فعل:

في هذا المجال، سنسعى أولا إلى قياس مدى تفاعل التحرك لدى المهن القضائية ثم في الإعلام ولدى الرأي العامّ وختاما لدى الأجهزة الرسمية.

لدى المهن القضائية الأخرى:

رغم أهمية الحدث، يسجّل أنّ المهن القضائيّة بقيت إلى حدّ كبير حذرة في إعلان مواقف بشأنه، سلبا أو ايجابا. فخلافا لما سيكون عليه الحال في 1982، لم يقم المساعدون القضائيون بأيّ تحرّك مواز رغم إلحاق مطالبهم بمطالب القضاة. إلى ذلك، جرى الحديث إعلاميا، نقلا عن مصادر “اللجنة”، عن دعم المحامين الأفراد، حسب بعض المصادر، مما يؤشر إلى تحفّظ نقابة المحامين في هذا الشأن[25].

لدى الأجهزة الرسمية:

على عكس تأكيدات اللجنة لجهة أنها تدعم السلطة ولا تتجاوزها، بدا الانزعاج وعدم الرضى واضحين لدى مجلس القضاء الأعلى والسلطة التنفيذية. لا بل بدا التوجه لديهما واضحا نحو استيعاب التحرك بل نحو إضعافه وتجريده من مشروعيته، على خلفيّة أن مجلس القضاء الأعلى هو الممثل الوحيد لمصالح القضاة.

والواضح أن محاولات الاستيعاب بقيت قائمة طوال التحرك. وفيما تمثلت تلك المحاولات بداية في اللقاءات بين اللجنة ومجلس القضاء الأعلى ووزير العدل مما يفيد اعترافا معينا بمشروعية التحرك (عبرت اللجنة عن ارتياحها له[26])، سرعان ما أخذت هذه المحاولات منحى مختلفا مفاده مقايضة تبني المجلس بعض مطالب التحرك لقاء وقفه صونا للأعراف والتقاليد القضائية. فدعمه للدراسة موضوع العريضة مثلا جاء في موازاة مناشدة القضاة “التحلّي بالمناقبيّة القضائيّة وبتفادي كلّ ما قد يضرّ بهيبة الجسم القضائي”[27]، وكأنه بذلك يحاول الفصل بين داعمي مبادرة العريضة وداعمي مبادرة اللجنة وتاليا  بين المطالب المادية (وهي مرتكز العريضة) والمطالب المعنوية. وهذا ما قد يكون تسبّب بتعليق قضاة شبّان عضويّتهم في اللجنة بما وصف آنذاك بصراع بين جيلين او بإحدى انتكاسات التحرّك[28].

وفيما بعد، أكّد مجلس القضاء الأعلى والحكومة تفهمّهما للمطالب فيما عبّرا بحدّة لا بل بقسوة متزايدة عن استيائهما إزاء التحرّك. فاذا أعلن وزير العدل يوسف جبران في 22 شباط أنّه يعدّ مشروع قانون يقضي بزيادة رواتب القضاة “زيادة محترمة تجعل القاضي في منأى عن العوز”[29]، فقد أعلن في الوقت نفسه أنّ “الوزارة ستجري تشكيلات قضائيّة لملء المراكز الخالية في سلك القضاء في مهلة لا تتعدى الشهر …لتحريك عجلة القضاء وإعادة الحياة إلى المحاكم”، بالإضافة إلى تقديم بعض مشاريع القوانين التي تصبّ في نفس الاتجاه.

وأهم من مضمون هذا الإعلان، هو توقيته غداة إصدار مرسوم بتشكيلات جزئيّة طالت بقسوة[30] بعض أعضاء اللجنة[31] وأبرزهم رئيسها كبريال المعوشي، مما حمل أعضاء اللجنة الى وصفه أنه بمثابة إشهار لسلاح ومحاولة لإعادة بسط اليد على القضاء[32]. لا بل أن المعوشي صرّح بعد اجتماع اللجنة غداة نقله إلى مركزه الجديد أن هذا الأمر “لم يرد عفواً بل انتقاماً و تشفّياً بسبب مواقف اتّخذ(ها) و منها انتخاب(ه) رئيساً للّجنة القضائيّة المؤقّتة”، كما أشار إلى أنّ “السياسيّين تدخّلوا في توزيع المراكز القضائيّة وكأنّ هذه أصبحت كوتا”، مضيفاً أنّ  “المتضرّرين من استقلال القضاء يستشرسون في محاربة كلّ من يطالب باستقلاله”[33]، ملمّحا  إلى إمكانيّة الطعن بمرسوم التشكيلات أمام مجلس شورى الدولة.

والواقع أن هذه الوقائع كانت بمثابة نقطة انطلاق لردود فعل تصعيدية لدى السلطة مع ما يستتبعها من ردود فعل (لا تقل تصعيدا) لدى اللجنة. فبعد إعلان مجلس القضاء الأعلى عن “البحث” في اجتماعه بتاريخ 27/2/1980 “إدلاء بعض القضاة بتصريحات صحفيّة عقب صدور التشكيلات”لتعارضها مع الأعراف القضائية، أصدر تعميماً ذكّر فيه “جميع القضاة العدليّين ضرورة الالتزام بالمناقبية القضائية والامتناع عن كلّ تصرّف يسيء إلى كرامة القضاء، وعلى الأخصّ الامتناع عن كلّ تصريح صحفيّ”، وأنه سيرتب على “مثل هذا التصرّف النتائج التي يستوجبها قانوناّ”[34]. وبالفعل، واذ امتنع قضاة عن الالتزام بذلك، تم استدعاء عدد منهم أمام هيئة التفتيش القضائي ومنهم المعوشي وحمدان.

في الاعلام والرأي العام والنواب:

في هذا الصدد، نكرر الإشارة إلى أن الصحافة المكتوبة غطّت عموما أعمال اللجنة كافة (بيانات، مقالات، اجتماعات…)، ولو في صفحاتها الداخليّة. أما على صعيد المجلس النيابي، فإن التحرك الأبرز تمثل في تحرك لجنة الإدارة والعدل النيابية التي قررت بتاريخ 27/2/1980 في ختام جلسة خاصّة بحضور ممثّلة وزير العدل على خلفية مرسوم التشكيلات، التقصي عن مدى جدية الاتهامات الموجهة ضد الوزارة بهذا الخصوص. وهذا الأمر بالغ الأهمية ويكاد يشكّل حالة فريدة حتى ولو انتهى التقصي بتصريح رئيس اللّجنة بأنّها اقتنعت بالإيضاحات المعطاة من قبل وزارة العدل وبأن  ” التشكيلات صدرت طبقاً للأحكام و النصوص القانونيّة بما فيها رأي مجلس القضاء الأعلى”، متمنّياً على “الجسم القضائي تجاوز السلبيّات من أجل المضيّ في العمل المفيد والإيجابي لخدمة هذا البلد”. بالمقابل، فيما عدا موقف للكتلة الوطنية في 17/1/1980، لم يثر التحرك أي ردود فعل تذكر لدى الهيئات الاجتماعية أو حتى لدى الأحزاب والطبقة السياسية خارج الحكم. فبعكس ما سيحصل عام 1982، بقي التحرّك عموما عاجزا عن خرق المساحة القضائية الضيقة، فلم يصبح مادة سياسيّة دسمة، وذلك على الرغم من اللجوء الكثيف إلى الإعلام.

في مشروعيّة التحرك:

هنا أيضا، نلحظ جدلا لا يخلو من الحدة. وقد دار هذا الجدل تحت عناوين عدّة أبرزها مدى مشروعيّة التمثيل للجنة ومدى ملاءمته “للأعراف والتقاليد” القضائية.

المشروعية التمثيلية للتحرك:

فعلى صعيد التمثيل، يسجل أن اللجنة القضائية واجهت منذ بداياتها معضلة على مستوى شرعيتها استغلّها أخصامها مراراً للتهجّم عليها. فاللجنة ليس لديها أي صفة قانونية أو تنظيمية، فكيف لها أن تدّعي تمثيل القضاة أو حتى التحرّك باسمهم، خاصّةً وأنها ظهرت وكأنها ناتجةً عن مبادرة بعض القضاة فقط؟ ولم تغب هذه المسألة عن المقالات و التحليلات الصحفية التي كانت تطرح الأسئلة حول “الكيان القانوني” للّجنة و”صحّة تمثيلها للقضاة”[35]. وهذا ما حاول الأعضاء المؤسّسون للجنة تجاوزه في إبراز أسس معيّنة لصفتهم التمثيلية وفقا لما يأتي:

  • اللجوء إلى صيغة الاجتماع التأسيسيّ عبر دعوة جمعيّة عموميّة للقضاة إلى الانعقاد يتمّ من خلالها انتخاب أعضاء اللجنة القضائية التي ستتابع العمل بدلا عن اللجنة المؤقتة المبادرة الى التحرّك، معززةً بالتالي بصفتها التمثيلية. ويُشار هنا إلى أن أعضاء اللجنة اعتبروا أنّ المجموعة الأولى من القضاة كانت بمثابة الجمعية التأسيسية التي من خلالها انبثقت شرعية التحرّك اللاحق[36]، علما أن عدد القضاة الحاضرين لم يتجاوز الستين. ولتعزيز هذا الموقف، عمدت، ليس فقط إلى تبرير نقص العدد بسوء الأحوال الجوية[37]، إنما أيضا إلى ربط هذا التحرك بالعريضة، بما يوحي بأن موقعي العريضة (وعددهم 172) يدعمون التحرك. وهذا ما أكده أعضاء اللجنة في إشارة مباشرةً وواضحة إلى التواقيع تلك[38]، متجاهلين تماما الإنشقاق الذي حصل داخل اللجنة عندما علّق المبادرون لوضع العريضة عضويّتهم في اللّجنة، وهو انشقاق وصفته الصحف آنذاك بصراع بين جيلين[39].
  •  كما نسجل في هذا الباب اشارات عدّة إلى حلقة الدراسات القضائيّة التي كان قد أنشأها قضاةٌ عام 1969[40] واعتبار اللّجنة القضائية الوريث الشرعي والمباشر لتلك الجمعية[41]. وقد تمّ حتى تخطّي فكرة “الوراثة” التي تفترض “وفاة” أو “حل جمعية” إلى الكلام أحياناً عن متابعة عمل بسيطة لا أكثر ولا أقلّ. لا بل ذهب المقرّبون من اللجنة إلى التذكير بعضوية رئيس التفتيش القضائي، القاضي عبد الباسط غندور، في حلقة الدراسات، وكان من أعضائها المؤسّسين وأمينها العام في مرحلة معينة، واعتباره بالتالي عضواً حكمياً في وريثتها اللجنة القضائية، فكيف له إذاً معارضتها أو انتقادها[42]؟  و الوراثة الفكرية والتنظيمية كفيلةٌ أيضاً بتأمين بعض “الحقوق” كحرية “الكلام والتعبير”[43].

هذا مع العلم أنّ الدفاع عن مشروعية اللجنة في تمثيل القضاة ترافق، ولو تلميحا، مع التشكيك بمشروعية مجلس القضاء الأعلى الذي هو بأحسن الأحوال جهاز إداريّ وبأسوأ الأحوال جهاز تابع للسّلطة، وخصوصا أن رئيسه الحالي يتولى في الآن نفسه وزارة العدل.

مشروعية الوسائل والأساليب:

أمّا على صعيد مدى توافق التّحرك مع الأعراف والتّقاليد القضائيّة، نسجل أمورا  ثلاثة:

– الإشارة إلى السوابق في هذا المجال، لا سيّما في ما يخص حلقة الدراسات وتحرّك 1945.
– الادعاء بوجود “ضرورة” تفرض تكتّل القضاة على الوجه الذي تقدّم ولجوءهم إلى نقل مسألة القضاء إلى الحيز العامّ بمعزل عن مدى مشروعية الوسائل المعتمدة بحد ذاتها. فإطلالاتها الإعلامية كانت ضرورة أكثر منه خيار وذلك نتيجة “اليأس من أسلوب المداولات داخل المكاتب”. “فإهمال المطالب هو الذي أحضر دبّ الصحافة إلى كرم القضاء”[44].

وتاليا، بدا اللجوء إلى الاعلام بمثابة تصعيد ضروري يرمي إلى تحسيس الرأي العامّ وذلك للضّغط على السّلطات العامّة لتحقيق المطالب. وقد تمّت الإشارة إلى الدراسة المقدّمة من القضاة خريجي المعهد التي “لم تلقّ أيّ جواب فتحرّكت اللّجنة وتناولت الكرة من يد القضاة الجدد[45]“. كما تمّ أحيانا اللجوء إلى “خبريّات” تناقلتها بعض التحقيقات الصحفية هدفها إزالة التساؤلات حول شرعية اللجنة بفعل المعاناة التي تنقلها وتعبّر عنها. ونذكر على سبيل المثال قصة سارق عصفور الكناري الذي أمضى شهوراً في السجن دون محاكمة[46]…فمن يجرؤ أن يسأل بعد ذلك عن شرعية اللجنة أمام هكذا ظلم؟ هذا علما أنّ التذرّع بالضرورة وبأحوال القضاء لا يشكّل عملا دفاعيّا وحسب تجاه الاتّهامات بتجاوز الأعراف القضائيّة، انما أيضا تهجّما على أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذين يصبحون –هم- بحكم المقصّرين الذين يحجمون عن الدفاع عن مصالح أساسية للقضاة.

 أما على صعيد مشروعية المطالب، فقد بدا أن ثمة توافقا عليها بما يتصل بالشؤون المالية. أما المطالب الأخرى الآيلة إلى تعزيز استقلالية القضاء، فقد بدا وكأنما السلطة تجاهلتها تماما وتعاملت معها على أنها غير جدية.


[1]  مقابلة مع القاضي منيف حمدان.
[2] النهار، 6/1/1980
[3]  مقابلة منيف حمدان.
[4] مقابلة منيف حمدان.
[5] مقابلة منيف حمدان وحسن قواس.
[6]  العبارة هي لمنيف حمدان.
[7] صحف السبت 12/1/1980
[8] وهذا ما أعلنه على سبيل المثال الأمين العام للّجنة القاضي منيف حمدان: “لذلك قرّرنا القيام بهذه الحركة و لن نتراجع عنها إلاّ بترجمة استقلال السلطة القضائيّة ماديّاً و معنويّاً وفق ما نصّ عليه الدستور.النهار 12/1/1980
[9] وهم : غبريال المعوشي (رئيس محكمة جنايات بيروت)، حسن قوّاس (رئيس محكمة جنايات القتل في لبنان)، ميشال مذكور (رئيس محكمة جنايات البقاع)، عبد الكريم سليم (رئيس محكمة استئناف جبل لبنان)، جورج معلولي (مدّعي عام استئناف الجنوب)، منيف حمدان (محامي عام استئنافي في بيروت)، طربيه رحمه (قاضي تحقيق بيروت)، عادل الخليل، فرنسوا ضاهر و خضر زنهور.
[10] السفير، 19/1/1980
[11] الأنوار، 20/1/1980
[12] النهار، 12/1/1980
[13] الأنوار، 27/1/1980
[14]  “إذّاك تنبت لملائكة الأرض أجنحة، فتحلّق في سماء العدالة، حرّة من كلّ قيد، إلاّ قيد الواجب و الضمير، و تعود السلطة القضائية سيف الشرعيّة البتار في وجه الفاسدين و المفسدين…” (الأنوار 27/1/1980).
[15] التقى أعضاء اللّجنة المدعي العام التمييزي القاضي كميل جعجع، الذي كان يقوم بمهام رئيس مجلس القضاء الأعلى، و كذلك رئيس التفتيش القضائي القاضي عبد الباسط غندور(لوريان لو جور، 15/1/1980)،كما يشار إلى أنه تمّت مقابلة وزير العدل يوسف جبران
[16] الأنوار، 15/1/1980
[17] الأنوار، 27/1/1980
[18] الأنوار،27/1/1980
[19] الأنوار في 27/3/1980، الأنوار في 1/4/1980
[20] صحف 15/1/1980
[21] الأنوار، 27/1/1980.
[22] مقابلة مع منيف حمدان.
[23] الأنوار في 27/3/1980.
[24] الأنوار في 1/4/1980.
[25] الأنوار، 27/1/1980
[26] الأنوار، 19/1/1980
[27] لوريان لو جور، 16/1/1980
[28] الأنوار، 27/1/1980 و النهار، 19/1/1980
[29] النهار 23/1/1980
[30]  وقد اكد قسوة التشكيلات ازاء غبريال معوشي   جميع الأشخاص الذين تمّت مقابلتهم، بمن فيهم الذين عارضوا تحرّك اللّجنة في حينه
[31] فقد نُقِلَ الرئيس المعوشي من منصب رئيس محكمة جنايات بيروت إلى مركز مستشار “ثانٍ” في الغرفة السادسة في محكمة التمييز، التي كان يرأسها القاضي ديب درويش، “الأصغر سنّاً و درجةً من المعوشي”. كما أنّ القاضي جورج معلولي، الذي كان عضواً في اللّجنة، قد نُقِلَ من مركز مدّعي عام استئنافي في الجنوب إلى مستشار ثان ٍ في الغرفة الرابعة من محكمة التمييز.مقابلة مع القاضي السابق منيف حمدان في 8/8/2007 .
[32]و قد روى لنا تلك الفترة على الشكل التالي : ” شاء القدر أن تبدأ السلطة التنفيذية بتسريب الأخبار عن عزمها على إجراء التشكيلات القضائية، فراح معظم القضاة يتجنّبون الاتصال برئيس اللّجنة (المعوشي) و بأمينها العام (حمدان)[32]، كما يضيف : وقد بدأ أخذ وردّ مع السلطة التنفيذية عبر التشكيلات القضائية. فقبل التشكيلات كان مكتب حمدان خالياً سوى من بعض القضاة الشجعان، فلم يكن معظم القضاة يجرؤ على دخوله[32]. فأمام هذا الواقع وجد أعضاء اللّجنة “من الحكمة التريّث في اندفاع العمل إلى أن يأتي الوقت المناسب”.
[33]نهار السبت 23/2/1980
[34]نهار الخميس 28/2/1980
[35]الأنوار، 27/1/1980.
[36]مقابلة مع القاضي السابق فرنسوا ضاهر تاريخ  13/8/2007.
[37]أنظر أعلاه.
[38]الأنوار، 15/1/1980.
[39]الأنوار، 19/1/1980، و القضاة المنسحبون هم: فرنسوا ضاهر، خضر زنهور، عمر الناطور، سليمان أيّوب، شكري صادر وعادل الخليل.
[40]أنظر أعلاه.
[41]النهار، 12/1/1980 و الأنوار، 27/1/1980.
[42]الأنوار، 27/1/1980.
[43]الأنوار، نفس العدد.
[44]الأنوار، 27/1/1980.
[45] الأنوار، 27/1/1980.
[46] الأنوار، 27/1/1980.