الأرض تكافح الاحتلال: أيال وايزمان مفككًا وناقدًا لهندسة الاحتلال الصهيوني


2023-11-02    |   

الأرض تكافح الاحتلال: أيال وايزمان مفككًا وناقدًا لهندسة الاحتلال الصهيوني

ربّما لا يبدو إسم “أيال وايزمان” مألوفا للجمهور العريض من المتابعين لتطوّرات الأحداث الأخيرة في الأراضي المحتلّة، إلاّ أنّ الجانب الأعمّ من المختصّين في القضية الفلسطينية والملمّين بتفاصيل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيّة على وجه الخصوص، على اطلاع عميق بما قدّمه من مشاركات علميّة ساهمت في تعرية الممارسات العنصريّة الإسرائيلية وما اتّبعته من استراتيجيات لتحويل الأرض والإنسان إلى مجرّد أداة تخدم المشروع الكولونيالي المسيطر على المجال الجغرافي.

وايزمان هو مهندس معماريّ من حيث التكوين، وناشط في مجموعات السلام، عمل أستاذا جامعيّا في جامعة لندن وأستاذا زائرا في جامعة برينستون الأمريكية المرموقة، يُعرف بمواقفه المناهضة للاحتلال الصهيوني ولديه عدد من المقالات العلمية حول أساليب دولة الاحتلال في سياسات التوطين والتحكّم في المجال وتهجير الفلسطينيين، ويبقى أهم أعماله وأكثرها قيمة وجهدا علميا، مؤلّفُه “أرض جوفاء: الهندسة المعماريّة للاحتلال الإسرائيلي” الذي نُشر سنة 2007 باللغة الإنجليزية ونُقل إلى اللغة العربية عبر الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر ومدارات للأبحاث والنشر، وبترجمة باسل وطفة سنة 2017. لا يُعدّ هذا الكتاب عملا عاديّا في مجال استقصاء الأبعاد المعمارية والهندسية للاستيطان الإسرائيلي، بل هو قراءة متكاملة في السياقات السياسية التي أثّرت في عملية الاستيطان وتضافر مختلف القوى ضمنها، بين أحزاب سياسية ومجموعات اجتماعيّة وشركات اقتصاديّة، ثمّ يمتدّ إلى مناقشة الجذور الفكرية والفلسفية للمعمار الاستيطاني الإسرائيلي وتأثره بالاستراتيجيات العسكريّة عبر توظيفه لمجموعة من التفاصيل الدقيقة التي تشمل الطوبوغرافيا والأنماط المعمارية والرمزية الدينيّة لبعض المواقع. فالمِعمار هو كُنه العملية الاستيطانية. وعلى حدّ قول وايزمان في مقدّمة كتابه، فإن الاحتلال الإسرائيلي يكتسي “خصائص معماريّة، ويُفهم حيّزه المناطقي بناء على ذلك كتشكيل معماريّ يلخّص الطرق التي يقوم عليها فهمه وتخيّلُه، تنظيمه وآلية عمله”. المعماري المحتلّ ليس بالضرورة مهندسا، فقد يكون سياسيا أو ضابطا عسكريا، بل وحتى ناشطا في الجمعيّات المساندة للاستيطان، حيث تصيح الهندسة المعماريّة برمّتها نتاجا جامعا لمساهمات كلّ هؤلاء.

تهويد القدس: مشروع معماريّ أيضا

يتناول “وايزمان” في كتاباته ما استنبطهُ المحتلّ من أساليب لانتزاع الأرض وتوظيف بعض الإجراءات القانونيّة لدفع المالكين الأصليّين للتنازل عنها. ومن الأمثلة التي ارتكز عليها ضمن مقاربته تلك، ما أحدثتْه السلطات الإسرائيليّة في القدس عقب الاستيلاء على الجزء الشرقيّ من المدينة سنة 1967. فقد شرعت مُباشرة، سنة 1968، في خطّة شاملة لتوحيد المدينة عبر بناء اثني عشر حيّا يهوديّا يشكّل حزاما كاملا من النسيج المعماريّ الموحد الذي يُحاصر الأحياء الفلسطينية ويقسمها إلى نصفين. وقد أدّت شبكة الطرقات والبنية التحتيّة التي تصل هذه الأحياء مع المستوطنات الإسرائيلية خارج منطقة القدس الشرقيّة إلى عزل الفلسطينيين عن مراكزهم الدينية وضرب التواصل بين شمال الضفة الغربيّة وجنوبها.

وبالتوازي مع ذلك، اعتمد الاحتلال الإسرائيلي أيضا على طريقة غريبة نوعا ما لإحداث طابع خاصّ للمناطق اليهودية داخل المدينة، عرّفها وايزمان بأسلوب “حَجَر القُدس”. فقد خضعت جلّ الأحياء الجديدة في القدس لنموذج من الإكساء الحجري للمباني المُماثل للنمط المعماريّ الذي أحدثه المهندس البريطاني “وليام ماك لين” في مباني مدينة القدس منذ سنة 1918 حينما كلّفته الإدارة الاستعماريّة بتصوّر معماريّ جديد للمدينة، حيث أصبح البناء الحجري طابعا مميّزا للمساكن هناك. إلا أنّ نموذج “حجر القدس” قد أدّى في المثال الإسرائيلي وظائف أخرى تتناسق مع مفهوم التوسّع الاستيطاني، إذ اعتُبر بمثابة البصمة البصريّة الدالّة على حدود المدينة وإسباغ طابع من التبعيّة على الأحياء البعيدة عن مركز مدينة القدس، بما يُساهم في إظهارها وكأنها جزء عضويّ من المدينة وإضفاء صبغة مزعومة من القداسة اليهوديّة عليها.

يُشير “وايزمان” إلى أن هذه التقنية المعماريّة كانت إحدى الوسائل التي اعتمدها المحتلّ الإسرائيلي لتهويد القدس وتوسيع مجال المدينة الجغرافيّ إلى أقصى مدى يمكن لها أن تبلغه، كما كانت ورقة استعملها السياسيّون الإسرائيليون في مفاوضات السلام المتعاقبة حول حدود منطقة القدس. وفي نفس السياسة المعماريّة، اعتمد المخطّطون الإسرائيليون على سياسة الترحيل الصامت للفلسطينيين من المدينة، عبر الحفاظ على ما أسموه بـ “التوازن السّكاني” الذي يقتضي تحديد نسبة العرب في القدس بـ 28% مقابل 72% لليهود، وكان للتخطيط العمرانيّ دور حاسم في تثبيت هذه المعادلة عبر تقييد التوسّع العمرانيّ للأحياء الفلسطينية، حيث لا تُسند سوى أقلّ من عُشُرِ تراخيص البناء للعرب مقارنة بالتراخيص الموجّهة لليهود (1500 رخصة بناء لليهود كلّ سنة مقابل 100 رخصة للعرب)، كما عمدت إلى زرع أحياء يهودية مثل “رامات أشكول” و”التلة الفرنسية” لفصل أحياء شعفاط والشيخ جراح الفلسطينية عن بقية مناطق المدينة القديمة للقدس ومنع السكان الفلسطينيين من إنشاء مزيد من الطوابق في بعض مناطق المدينة ودفع بعضهم إلى النزوح نحو مدن أخرى في الضفة الغربيّة. إلّا أنّ هذه السيّاسة الاستيطانية المعماريّة في القدس لم تكن سوى مثال واحد من عديد الأمثلة التي يستدلّ عليها وايزمان في دور الهندسة المعماريّة كعنصر محرّك ضمن استراتيجيات الاحتلال.

الاستيطان في الضفة الغربيّة: الهندسة المعماريّة العسكريّة

لا يمكن، حسب تحليل وايزمان، فصل عمليّة الاستيطان في الضفّة الغربيّة عن المنطق العسكري للاحتلال ودوره في توظيف المستوطنات كنقاط رقابة متقدّمة للمجال الجغرافيّ. وبذلك أصبح الجنرال العسكريّ مساهمًا رئيسيّا في الهندسة المعماريّة بل وعنصرا حاسما في كلّ ما يتعلّق باستراتيجيات الاستيطان واعتماد المستوطنات كخطّ دفاعي أو هجومي، يخدمُ العمليّات العسكريّة.

يركّز وايزمان في هذا الإطار على شخصيّة أرييل شارون تحديدا، بوصفه لاعبا أساسيا في التخطيط الاستيطاني بالضفة الغربيّة منذ سبعينات القرن الماضي. فقد كان شارون مسكونا بمُعارضة التخطيط العسكري لكبار القيادات في الجيش الإسرائيلي وخصوصا “حاييم بارليف” ومشروع خطّ “ماجينو” الإسرائيلي (المعروف بـ”خطّ بارليف” في قناة السويس) وفكرة الدفاع الساكن، وكان يُفضّل عوضا عن ذلك فكرة النظام العسكريّ المرن الذي يعتمدُ على الدفاع في العمق عبر محطّات عسكريّة مستقلة في المناطق العالية، وهو ما يُشكّل أحد النماذج التطبيقية لمفهوم الاقتراب غير المباشر في العلوم العسكريّة (the strategy of indirect approach). وبمجرد تولّي شارون لحقيبة شؤون المستوطنات في حكومة حزب الليكود الأولى سنة 1977، بدأ في تنفيذ نفس هذه المقاربة العسكريّة ضمن المستوطنات، وقد تحالف في سبيل تحقيق ذلك مع منظمة “غوش أمونيم”، وهي منظمة استيطانيّة ومجموعة ضغط ناشطة داخل السلطة، وكان الهدف من هذا التحالف تقوية مركز شارون سياسيا داخل الحكومة، وخدمة مصالح المجموعة الاستيطانية عبر غضّ الطرف عن استيلائها على الأراضي التي تقيم عليها المستوطنات ثمّ التعامل مع ما فعلته كأمر واقع.

وقد لعبت التكتيكات القانونيّة حسب وايزمان دورا كبيرا في هذا التصعيد الاستيطانيّ، عبر المعايير التي اعتمدتها محكمة العدل العليا الإسرائيلية وما حصل فيها من تلاعب، خصوصا في استعمال طابع “الاستغلال المؤقت” للمناطق أو الأبنية التي تحتلّ أماكن استراتيجية لخلق وضع من المؤقتيّة الدائمة. وهو ما نُلاحظه في فقه قضاء المحكمة العليا (مثلا قضية “بيت إيل” سنة 1978) والاعتماد على الضرورات الأمنية كمعيار لاستغلال الأراضي، فالمؤقتية على حدّ قول “أودي أوفير” أصبحت “قانون الاحتلال الآن (…) فالمُحتلّ منفلت متهوّر، لا حدود لسيادته تقريبا، لأنه حينما يكون كلّ شيء مؤقتا في الغالب، فأيّ شكل من أشكال العنف يغدو مقبولا، لأنّ المؤقتيّة تمنحه الإذن بذلك كما يبدو، الإذن الذي خلقته دولة الطوارئ”. ولم تقتصر الحيل القانونية على التوظيف المشطّ لمفهوم الأمن، بل تمّت العودة كذلك إلى نصوص قانونيّة قديمة مثل قانون إصلاح الأراضي العثماني لسنة 1858، الذي ينُصّ على مصادرة الدولة للأراضي الخاصّة التي لم يتمّ استغلالها زراعيّا لمدة ثلاث سنوات، حيث عُرفت تلك الأراضي بـ “المخلول”. وقد استغلّت السلطة الإسرائيلية هذه التقنية القانونية للسيطرة على عدد من المناطق المرتفعة في الضفة الغربية التي تندرجُ ضمن هذا التوصيف القانوني.

ومن الناحية “المشهديّة” إن جاز التعبير، كانت المستوطنات تلعبُ دورا أمنيا في مراقبة كافة المجال المحيط بها، حيث تُعرّف المستوطنات الجبليّة ب”المطلّ” (mitzpe) باللغة العبرية، ويخضع ترتيب البيوت فيها إلى مجال رؤية محوري يشرف على الساحات العامة داخل المستوطنة من جهة ومحيط المستوطنة من جهة أخرى. وساهم اختراع بعض القصص حول مواقع توراتية قديمة في بعض المستوطنات كعامل لتحفيز عدد من المجموعات اليهودية الأرثوذكسيّة للاستيطان هناك. وقد تعزّز هذا التوغّل الاستيطاني بتبعات إنشاء الجدار العازل حول الضفّة الغربيّة، الذي أفرز وضعا كارثيّا لدى بعض القرى الفلسطينيّة. فالجدار كان حسب وايزمان مجموعة متقطعة من الحواجز المطوّقة ذاتيّا، وأفضى إلى حصار عشرات القرى الفلسطينية داخل جيوب غرب الجدار، وشرقي الخط الأخضر، أعلن عنها كمناطق عسكريّة مغلقة، وتفصلها حواجز إضافية عن الخط الأخضر، كما أن سُكانها أصبحوا ضمن المقيمين المؤقتين الذين يُمنعون من دخول مناطق الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر على حد سواء بدون تصريحات خاصّة. وقد أنتجت هذه الاستراتيجية الاستيطانية واقعا هجينا ساهم في مزيد المعاناة للفلسطينيين في المعابر وفي شلّ حركة الاقتصاد الفلسطيني والمضيّ أكثر في ضرب الوحدة الاجتماعية.

تحليل وايزمان لنموذج الحرب المدينيّة: أية دروس يمكن تطبيقها اليوم على حرب غزّة؟

في تحليله للتكتيكات العسكريّة المتّبعة منذ الانتفاضة الثانية، يخلصُ وايزمان إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي اعتمد ما يُعرف بـ “الهندسة العكسيّة” في عملياته بالضفة الغربيّة. حيث أدى تواجد الجنود الإسرائيليين داخل المدن ومناوراتهم ضمن الأجزاء الداخلية في المنازل إلى إيجاد نمط جديد من التدخّل يعتمد على إيجاد فتحات داخل الجدران يتسلل الجنود من خلالها. وقد تمّ تطبيق هذه التكتيكات العسكريّة في عمليات الاجتياح داخل مخيّم بلاطة في الضفة الغربيّة سنة 2002، ثمّ في اقتحام مخيّم جنين على إثر ذلك، حيث أصبح هذا التكتيك العسكريّ المعروف باسم “الانثيال السربيّ” محلّ نقد في ظلّ الخسائر البشرية الكبيرة التي مني بها جيش الاحتلال. وكان هذا التكتيك العسكريّ يعتمد على نموذج إلكتروني ثلاثي الأبعاد لكامل المنازل في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتضمّن كافة التفاصيل حولها بما في ذلك مواقع النوافذ والأبواب، وهو ما أنتج تدميرا كبيرا ومُمنهجا للبنية التحتية في المناطق الفلسطينية التي شملها الغزو البرّي، استغلّته السلطات الإسرائيلية في ما بعد من خلال عمليّات إعادة بناء المناطق المُستهدفة بطريقة تضمن إحداث بيئة شفافة وقابلة للاختراق من قبل الجيش الإسرائيلي بطريقة أكثر “سلاسة”.

لكنّ المجال الذي توسّع استخدامه أكثر، وخصوصا بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزّة، فيظلّ من دون شكّ استراتيجيا “الاحتلال من الجوّ” الذي تطوّرت مفاهيمه ليُصبح تكريسا لمبدأ “التكنولوجيا بدلا عن الاحتلال” كما عبّر عن ذلك قائد سلاح الجو السابق لجيش الاحتلال “دان حالوتس”. اعتمد هذا المبدأ على مجموعة من المفاهيم التي يشير إليها وايزمان، مثل الدفاع الجوي في العمق، السماوات المكشوفة، الإغلاق المطبق جوا والرادار البانورامي. حيث يصبح الهدف إحداث أكبر قدر ممكن من عمليّات القتل وسط الفلسطينيين. وكانت هذه الاستراتيجية تهدف حسب الإسرائيليين إلى إحداث فوضى في الهرمية المؤسساتية لدى الطرف الفلسطيني المقابل وإيجاد ما يُعرف بـ “الصدمة العمليّاتية” التي تمنع التفكير العمليّاتي المتّزن، ولتُصبح غزّة بالتالي أكبر مختبر عالمي لتجارب الاغتيال المُنفذ من الجوّ. فكلّ عملية اغتيال موجّه حسب وايزمان هي عملية واسعة النطاق، ينخرط فيها المئات من الاختصاصيين من مختلف الفروع العسكريّة والأجهزة الأمنيّة ويتمّ فيها مشاركة المعلومة الحينية بين مختلف المخبرين والقادة والطيارين العسكريين وتوظيف وسائل استخباراتية مختلفة وخصوصا منها الطائرات بدون طيار. ومن هذا المنطلق أصبحت عمليّة القتل بمثابة الركيزة للمشروع السياسي الإسرائيلي حاليّا.

إلاّ أن هذه الاستراتيجيات العسكريّة الإسرائيلية كما يبين ذلك وايزمان، قد أظهرت إخفاقات عديدة، بدأت خصوصا في المواجهة مع حزب الله سنة 2006، حيث اعتمد مقاتلو الحزب على “الانثيال السيلي” أيضا ليُحدثوا تفكيكا منهجيا للأساليب العسكرية الإسرائيلية عبر استخدام الفتحات داخل الجدران نفسها لمهاجمة القوات الإسرائيلية. أحد علامات الفشل المهمّة لهذه الاستراتيجيات، يبيّنُها وايزمان في مقال له سنة 2021 بعنوان “رؤية من النفق: حرب إسرائيل متعددة الأبعاد” حول المحاولات الإسرائيلية لاستهداف بنية المقاومة الفلسطينية في غزّة أثناء انتفاضة 2021. حينما حاول “أفيف كوخافي” رئيس الأركان الإسرائيلي إيهام حماس بهجوم برّي على القطاع في 13 ماي، وكان الهدف من ذلك إحداث خدعة تكتيكية لتشجيع مقاتلي المُقاومة على التحصّن في الأنفاق ومهاجمتهم جوّا عبر قنابل مضادّة للتحصينات. وكشف عدد من المصادر أن هذه الخطّة المسمّاة بـ “البرق الخاطف” قد تمّ التحضير لها منذ سنوات. إلاّ أن العملية، التي أحدثت دمارا كبيرا في المباني داخل قطاع غزّة، لم تمكّن من المساس ببنية الأنفاق وقوة حماس القتالية بل ساهمت على العكس في نقل الاحتجاجات إلى عدد من المدن الفلسطينية داخل الخط الأخضر.

وفي العموم، يُجابه تحليلُ إيال وايزمان عبر أدلة علميّة وهندسية مفصّلة، فكرة التفوق العسكري الصهيوني، ويُشير دائما إلى أنّ الاستراتيجيات العسكرية الصهيونية مهما بلغت من تعقيد تقني وأطر منهجية وفلسفية أحيانا (يتحدث وايزمان عن تأثير فلسفة ما بعد الحداثة والنظرية النقدية على فكر أفيف كوخافي العسكري مثلا)، فإنّها ظلّت قاصرة عن تحجيم الفعل السياسي المقاوم. إذ أنّ إسرائيل تُطبق اليوم بعض تكتيكات عمليّة “البرق الخاطف” سابقا ولكن بمدى أوسع ولأهداف تدميرية أوضح، غير أنّ السيطرة الجويّة التي بالغتْ في توظيفها خلال العمليّة الحالية لم يثبت بعد أثرها الفاعل في المسّ بالبنية التحتية للقوى المقاومة في غزة. ولا يخفى أن الأداة المثلى في مقاومة “العقيدة العمليّة متعدّدة الأبعاد”، هي الأنفاق، التي تحوّلت كنطاقٍ جغرافي وهندسي محرّر، يُثبت مقولة أنّ “الأرض تُحارب مع صاحبها الحقيقي”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الحياة ، مقالات ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني